الرئيس عبد الله جول: السياسة التركية – القطرية متطابقة حيال قضايا العالم
رحب فخامة الرئيس التركى عبدالله جول بالزيارة الرسمية التى سيقوم بها غدا حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى امير البلاد المفدى الى انقرة.
وقال فخامته فى حوار مع ” الشرق ” ان قيادتى البلدين يحرصان دائما على التشاور والتنسيق حيال مختلف القضايا لتعزيز التعاون الثنائي، وبحث آخر المستجدات على الساحة الاقليمية والدولية، وتطورات المنطقة. ووصف العلاقات الثنائية بانها ممتازة، مشيرا الى ان العلاقات السياسية بين البلدين متطابقة فى معظم القضايا الدولية والاقليمية، مثمنا دور قطر البارز فى مختلف المحافل، موضحا ان هناك تنسيقا دائما بين الجانبين. وفيما يتعلق بالشق الاقتصادى اشار جول الى ان بلاده مهتمة باقامة علاقات اقتصادية مميزة مع جميع الدول الخليجية وفى مقدمتها قطر، والوصول بهذه العلاقات الى علاقات استراتيجية وهو ما تحقق بالفعل، مشيرا الى ان بلاده ترحب بالاستثمارات، وتقدم تسهيلات عديدة، وتوفر امكانيات كبيرة للمستثمرين، واصفا المناخ الاستثمارى فى تركيا بانه قوى جدا. وفيما يتعلق بالثورات التى تجتاح عددا من الدول العربية قال الرئيس التركى ان التغيير آت لا محالة، وان حركات التصحيح التى تتم فى المنطقة قد تأخرت أكثر مما ينبغي، واضاف ” لقد قلنا دائماً ان الاصلاح يجب ان يكون داخلياً ونابعاً من آمال الشعب وتطلعاته المشروعة وان التدخلات الخارجية ستكون البديل فى حالة عدم اتمام ذلك كما ينبغى “. كما تحدث الرئيس التركى عن الانتخابات الاخيرة التى شهدتها بلاده، والعلاقة مع الاتحاد الاوروبي، والاحداث الجارية فى سوريا.. وفيما يلى نص الحوار:
***
اعرب الرئيس التركي عبدالله جول عن خشيته من تفاقم الاوضاع في سوريا، مشيرا الى ان الموقف بات واضحا لجميع الاطراف. وقال في تصريحات خاصة لـ ” الشرق ” من انقرة ان خطاب الرئيس بشار الاسد امس كان بمثابة تقييم للموقف من قبله، داعيا الى ضرورة التحرك بأسرع وقت ممكن، والا فان التحرك سيكون متأخرا. واشار الى انه في حال استمرار اراقة الدماء فان سيناريوهات سيئة حسب وصف الرئيس جول يمكن حدوثها، داعيا لاخذ الحيطة والحذر وحل جميع الموضوعات، مشددا على ضرورة ان تكون هناك مبادرات فعلية وصحيحة، وتقنع الشعب وتلبي متطلباته، واضاف ” والا فان الامور سوف تستمر للاسوأ وستصبح حالة مستعصية “. وقال: المفروض ان يسود السلام والاستقرار سوريا وان تجاب المطالب الشعبية وتلبي مطالب الشعب وتقنع المجموعات في الشعب السوري وتظهر جدية هذه الاصلاحات، وهذا يمكن ان يكون من الرئيس بشار الاسد، وفي هذه الحالة يجب ان يتخذ خطوات تلبي مطالب الشعب السوري. وردا على سؤال عما اذا كانت تركيا سوف تستمر في استقبال النازحين السوريين قال جول: اولا نحن لا نرغب بمغادرة احد بلده وداره، لكن في حال استمرار قدوم النازحين الينا فاننا بالتأكيد لن نستطيع رفضهم، كون ذلك يمثل حالات انسانية، واذا ما تفاقمت الحالة الانسانية واتجهوا الى حدودنا فلا يمكن رفض هذه الطلبات. على صعيد آخر كشفت صحف تركية امس عن قيام الاجهزة الامنية التركية بالقبض على عدد من عملاء المخابرات السورية الذين تم ارسالهم الى الاراضي التركية للقيام بمظاهرات تأييد للرئيس بشار الاسد، ردا على المظاهرات التي تشهدها العديد من المدن السورية المنددة بالقمع الحاصل في سوريا.
◄ فخامة الرئيس، سيقوم سمو امير قطر بزيارة رسمية الى تركيا غدا الجمعة.. كيف تصفون علاقاتكم مع قطر فى هذه المرحلة؟
► بداية ارحب بأخى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى امير دولة قطر فى بلده تركيا، ونحن سعداء بهذه الزيارة، وهناك تواصل دائم فيما بيننا، فالعلاقات التى تربط بيننا علاقات قوية جدا، خاصة علاقاتى الاخوية مع سمو الامير، فنحن فى تشاور دائم لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وبحث آخر المستجدات على الساحة الاقليمية والدولية والاوضاع بالمنطقة، سواء عبر الزيارات المتبادلة او من خلال الاتصالات والتنسيق فى مختلف المجالات، وهو ما انعكس ايجابيا فى علاقاتنا القائمة، والتى نعتبرها نموذجية فى العلاقات بين الاشقاء والدول.القيادتان فى البلدين الشقيقين يحرصان على التشاور الدائم فى مختلف المجالات.
◄ العلاقات القطرية التركية
◄ ما أبعاد العلاقات التى تربط دولة قطر بتركيا؟
► العلاقات التركية — القطرية ممتازة من جميع الوجوه، وهناك استشارات دائمة بين البلدين على مختلف الأصعدة وفى كل المجالات، وكما تلاحظون فان السياستين التركية والقطرية متطابقتان فى معظم القضايا الدولية والاقليمية ولذلك فنحن نثمن عاليا دور قطر البارز فى المحافل الدولية والاقليمية ونعمل على التنسيق معها فى جميع المجالات.
◄ ربما التعاون الاقتصادى احد ابرز المجالات التى يمكن لدول الخليج وقطر تحديدا التعاون بشأنها مع تركيا.. كيف ترون هذه العلاقات؟
► الاقتصاد التركى كما تعلمون وحسب الارقام يزداد قوة ومتانة يوما بعد يوم، وهناك نمو كبير فى القطاع الاقتصادى ونحن من البلدان النادرة جدا التى بها المخاطر قليلة جدا والعوائد عالية جدا، وهو ما يبحث عنه أى مستثمر خارجي، الذى يركز عادة على موضوعين، الاخطار الموجودة بالسوق والعنصر الثانى العائد المالي.
وحقيقة نحن مهتمون باقامة علاقات اقتصادية مميزة مع جميع دول الخليج ودولة قطر تحديدا، وانا شخصيا عندما كنت رئيسا للوزراء او وزيرا للخارجية اوليت اهتماما كبيرا لاقامة علاقات مميزة واستراتيجية مع دول الخليج، وما كنا نطمح اليه فى الوصول بهذه العلاقات الى علاقات استراتيجية فقد وصلنا الى ذلك.
مناخ الاستثمار فى تركيا قوى جدا، وهناك فرص كبيرة فى مختلف المجالات وفى مختلف المدن التركية كذلك، والمستقبل جيد جدا امامنا، خاصة مع توافر كل الامكانيات والضمانات والتسهيلات.
والوضع الاقتصادى اليوم فى تركيا قوى وجعلها فى مصاف الدول الكبرى، واؤكد لكم ان المسيرة الاقتصادية سوف تستمر بشكل قوى ومتصاعد فى تركيا خلال المرحلة المقبلة.
رياح التغيير
◄ كيف ترون رياح التغيير التى تهب فى المنطقة وما توقعاتكم بالنسبة لكل ما يحدث الآن؟
► لقد ذكرت فى مناسبات كثيرة ان التغيير آت لا محالة، وان حركات التصحيح التى تتم فى المنطقة قد تأخرت أكثر مما ينبغي، فبعد انتهاء الحرب الباردة هبت رياح التغيير فى كل أرجاء العالم ولكن قسماً من الانظمة فى هذه المنطقة لم تع الحقيقة وتأخرت فى مواكبة سير حركات الاصلاح، لقد قلنا دائماً ان الاصلاح يجب ان يكون داخلياً ونابعاً من آمال الشعب وتطلعاته المشروعة وان التدخلات الخارجية ستكون البديل فى حالة عدم اتمام ذلك كما ينبغي.
الانتخابات التركية
◄ خاضت تركيا مؤخراً انتخابات جديدة نود ان نطلع على تقييمكم لها؟
► العملية الديمقراطية راسخة فى تركيا منذ عقود، وفى أحلك الظروف لم نتوان عن الاحتكار الى صناديق الاقتراع فى هذا البلد، ولذلك نرى المعايير الديمقراطية صمام أمان للحفاظ على مقومات الرقى والاستقرار والنهضة الاقتصادية والثقافية، وكما تلاحظون فان الجدل الذى يجرى فى تركيا يكون دائماً على المضى للأمام واجراء الاصلاحات الدستورية التى تهم حقوق الانسان والنهضة الاقتصادية وبناء البلد وفق أسس سليمة.
العلاقة مع الاتحاد الاوروبي
◄ وماذا عن الاتحاد الأوروبي.. هل هناك تراجع فى مسألة الانضمام للاتحاد أو تبديل هذا المسار؟
► كلا، تركيا ماضية فى الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبى بعزم وثبات، وهذه المسيرة هى مسيرة طويلة كما تعلمون فقد سبق ان رفض طلب دول كبيرة منضوية فى الاتحاد الأوروبى مرات عديدة قبل ان يتاح لها الانضمام، ما يهمنا فى هذه المسيرة هى المعايير التى تتيح للمواطن التركى العيش برفاه وأمن وسلام والارتقاء بالبلد الى أعلى المستويات، طموحاتنا لا تقف عند وجودنا فى مجموعة العشرين فى العالم فقط ولكن تتعداها لنكون بين العشر الأوائل فى هذه المجموعة وان ينعم المواطن بكل ما نتمناه له.
الموقف من سوريا
◄ كثر الحديث عن تفاوت فى الموقف ازاء ما يحدث فى سوريا.. ما حقيقة هذا الأمر؟
► لقد تحدثنا مع القيادة السورية حتى قبل ان تبدأ أحداث تونس ثم مصر، لقد ذكرنا لهم وجوب تسريع حركة الاصلاح فى هذا البلد الذى نعتبره مهماً بالنسبة للمنطقة.
لقد قلنا ان القادة يجب ان يكونوا السباقين فى الاصلاح وتلبية المطالب الشعبية، وبعدما بدأت الأحداث توالت اتصالاتنا وقمنا بالنصح والحث على تسريع وتيرة الاصلاح والظهور أمام الشعب بجدول زمنى يطبق فوراً لهذا الغرض، لكن الأحداث أصبحت مقلقة لنا جميعاً واعترانا الألم والأسى لما يحدث من اراقة الدماء واستعمال العنف بدل الاحتكام الى الحوار والوسائل الديمقراطية.
سيناريوهات سيئة
◄ هل انتم متفائلون بحل سلمى للاوضاع فى سوريا يعيد لها الاستقرار؟
► عودة الاستقرار الى سوريا هذا ما نريده، وعدم الاستقرار يعنى اراقة دماء كثيرة وحدوث المزيد من الانقسامات، وهذه هى السيناريوهات السيئة التى لا نريد ان نراها.
يجب اخذ الحيطة والحذر لهذه الامور، والعمل على حل جميع الموضوعات، ويجب ان تكون هناك مبادرات فعلية وصحيحة تقنع الشعب وتلبى متطلباته، والا فان الامور سوف تتجه للاسوأ، وسوف تصبح حالة مستعصية.
المفروض ان يسود السلام والاستقرار سوريا وان تجاب المطالب الشعبية وتلبى مطالب الشعب وتقنع المجموعات فى الشعب السورى وتظهر جدية هذه الاصلاحات، وهذا يمكن ان يكون من الرئيس بشار الاسد، وفى هذه الحالة يجب ان يتخذ خطوات تلبى مطالب الشعب السوري.
سنواصل استقبال النازحين
◄ قلتم انكم جاهزون للتعامل مع الملف السورى اجتماعيا وامنيا وعسكريا.. ماذا تقصدون بذلك؟
► طبعا مسألة النازحين على الحدود التركية نتعامل معها بشكل جيد، ولا نتمنى لاحد مغادرة داره وبلده، ونحن نتحمل مسؤولياتنا تجاه هؤلاء على اكمل وجه.
◄ هل ستستمرون فى استقبال النازحين السوريين؟
► طبعا اذا كان هناك المزيد منهم سوف نواصل استقبالهم، فليس من المنطق رفضهم، فهذه حالات انسانية لم نكن نتمناها ولم نكن نرغب بمغادرة احد لبلده، ولكن اذا تفاقمت الحالة الانسانية واتجهوا الى حدودنا فلا يمكن رفض استقبالهم.