عبدالله بن حمد العطية: تركت مجلس الوزراء التزاماً بالشفافية والفصل بين السلطات
استقبلنا كعادته بابتسامة وترحاب كبير فقد كانت الشرق أول صحيفة قطرية وعربية تلتقي به في هذا الحوار المطول.. عندما طلبنا مقابلته والتي رتب لها مدير مكتبه النشط سعادة الأخ عبدالعزيز بن أحمد المالكي لم يتردد أبدا وقال أنا إنسان شفاف و«الشرق» بادرت.. حياكم الله.. إنه سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية الذي بدأ ضربة البداية لتأسيس الهيئة والتي صدر أمر أميري بانشائها بالقرار رقم (76) لعام 2011.. يحق لنا أن نطلق على «أبوحمد» رجل المهمات الصعبة كما يسميه الكثيرون. . ثاقب النظر.. متواضع ومباشر..
خلال توليه وزارة الطاقة والصناعة قاد القطاع
ومؤسساته بجدارة محققا نجاحات مشهودة محليا وإقليميا وعالميا.. شكل رقما مميزا خلال مشاركاته الخارجية في كثير من المؤتمرات المتخصصة.. بعدها انتقل رئيسا للديوان الأميري مساهما في ترتيب البيت من الداخل.. وتلتقي به «الشرق» في مفصل ومهم جدا من مسارات الدولة وفي تجربة جديدة أحد أضلاعها (الشفافية والنزاهة) ليصب فيها خبراته الإدارية والفنية وقدراته الذهنية والتي اكتسبها خلال مساراته العملية.. وبو حمد معروف عنه الحيوية والجدية والصرامة.. تلك التجارب ستساهم لا محالة في تسهيل أداء الهيئة والتي قال إنها تشكل تحديا كبيرا له خلال إجابته الصريحة والشفافة..
تحدث العطية لـ «الشرق» عن قضايا كثيرة وشائكة مشخصا رؤيته لمستقبل أداء الهيئة تأسيسا وحاضرا ومستقبلا واضعا النقاط فوق الحروف مؤكدا أن الهيئة تأسست برغبة من سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد الأمين وتتركز مهمتها على تعزيز الرقابة الإدارية الصارمة ومحاربة الفساد وتحقيق طموحات سموالأمير بوضع قطر في صدارة الدول العشر الأولى عالميا في مجال الشفافية، وأضاف: نسعى لتقديم قطر كأفضل بلد في مستوى النزاهة والشفافية.
مشددا بأنه ترك مجلس الوزراء التزاما بالشفافية والفصل بين السلطتين الرقابية والتنفيذية وأنه سيتفرغ لعمل الهيئة بالكامل ولن يكون جزءا من الجهاز الحكومي ومجلس الوزراء وقال: منحني الأمير درجة رئيس الوزراء مما يعطي الهيئة القوة وهي ثقة أعتز بها، وأن الهيئة ستتحرك عبر إدارات متخصصة حتى لا تدخل في دوامة البيروقراطية، وقال إن أبواب الهيئة ستكون مفتوحة لتلقي الشكاوى والمعلومات بعيدا عن القضايا الشخصية وأن العمل سيرتكز على السرية والكتمان والعلمية وسرعة اتخاذ القرار. وشدد جازما
***
◄ إلى أين وصل جهود تأسيس وبناء الهياكل الإدارية والفنية للهيئة؟
► اجتماعاتنا تتواصل ليلا ونهارا وبإيقاع سريع لاستكمال الهياكل الإدارية والتنظيمية واللوائح الإدارية والفنية والأدوات التشريعية المتعلقة باختصاصات الهيئة.. ونحن نبدأ من الصفر ونتوقع بدء الهيئة لنشاطها خلال شهرين بعد استكمال تلك الهيكل.
والهيئة تأسست برغبة من سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد الأمين بهدف إنشاء هيئة للرقابة الإدارية والشفافية تتركز مهمتها على محاربة الفساد ووضع الأمور في نصابها، وكما تعلموا قطر في آخر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية احتلت المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط وهدفنا الأساسي الآن هو كيفية تحقيق طموحات الأمير المفدى بأن تكون قطر في صدارة الدول العشر الأولى عالميا في مجال الشفافية العالمية وقد حدد المرسوم الأميري اختصاصات الهيئة بصورة واضحة.. وأقول: نحن الآن في مرحلة بناء الهيئة من الصفر وإعداد الهيكل التنظيمي واللوائح ونتوقع أن يتبلور الجسم والهياكل بشكل كامل قريبا لتباشر أجهزتها الفنية والإدارية نشاطها الفعلي.
حدد القرار الأميري بأن الهيئة مسؤولة عن التحري عن أسباب القصور في العمل والإنتاج والمخالفات الإدارية والمالية والفنية ولتعزيز شفافية العمل سيكون هناك خط ساخن وموقع الكتروني فعال وحيوي لتلقي الشكاوى والمعلومات الموثقة.. ولكننا نؤكد بأن تلك الشكاوى يجب ألا تكون “كيدية ” أو شخصية ويجب أن تكون مدعومة بكافة الوثائق والمستندات التي تمكننا من التحرك على أسس حقيقية ضمن اختصاصات الهيئة.
◄ وماذا بخصوص الحفاظ على سرية المصادر التي تمدكم بالمعلومات؟
► سوف نحمي سرية المصدر والمعلومات حماية كاملة لأنها تشجع الآخرين للتفاعل مع الهيئة حتى تتمكن من إنجاز مهامها بصدق وإخلاص ومهنية عالية واحترافية وكل شخص لا يرغب في إعلان اسمه فنحن نحترم تلك القناعة.
◄ وماذا عن سلطة التفتيش والتدقيق على الوزارات والهيئات والمؤسسات خاصة أن بعض الجهات قد تكون لها حساسية من جهات خارجية تراقبها ؟
► لنكون واضحين بأن الهيئة ليست جهة خارجية والهيئة تتبع لسمو الأمير مباشرة ونشاطها محدد بالمرسوم الأميري الذي نشر في كافة وسائل الإعلام وبصلاحيات وأهداف واضحة.. والهيئة أضحت الآن ضمن منظومة الرقابة الإدارية للدولة.. وكل دول العالم لديها مثل هذه الأجهزة الرقابية والإدارية والمالية للحد من عمليات الفساد والاستغلال السيئ للسلطات الإدارية.
◄ وإذا ما حاولت جهة ما عرقلة عمل الهيئة أو أخفت المعلومات والبيانات؟
► هناك نص واضح وصريح في القرار الأميري.. المادة الثامنة والرابعة عشرة تنص على مد الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة بأي معلومات أو بيانات أو دراسات تطلب منها والإضلاع على البيانات والمعلومات مهما كانت درجة سريتها مع مراعاة القواعد القانونية للكشف على الحسابات بالبنوك والمؤسسات المالية والرقابة والتحري بالوسائل الفنية والمهنية المختلفة واستدعاء من يرى سماع أقوالهم وطلب وقف أو إبعاد الموظف مؤقتا عن العمل أو الوظيفة إلى جانب طلب معاقبة الموظف تأديبيا إذا أخفى بيانات عن عضو الهيئة أو امتنع عن تقديمها أو رفض اطلاعه عليها.. ونحن نرى بأن الأمور يجب أن تكون إيجابية ولا نريد أن نأخذ الوجه السلبي ويجب على الجميع التعاون مع الهيئة.. لأن عدم التعاون يضع الشخص تحت مظلة المساءلة القانونية.. والمثل يقول “لا تخاف ولا تبوق “.. ونأمل أن يكون الشعار هو التعاون الإيجابي ودعم أنشطة الهيئة.. وفي النهاية الهيئة هي عين تعطي المجتمع والأفراد والمؤسسات المزيد من الثقة.. ونأمل أن تتفاعل الوزارات والمؤسسات مع الهيئة التي نأمل أن تكون عونا لهم ولمساعدتهم لخلق قنوات متينة.. وأعتبر ذلك قمة التواصل الحضاري.. وآمل أن تقتنع المؤسسات والوزارات بأن الهيئة ليست ضدهم بل هي مؤسسة داعمة لهم وبهم.
◄ هل لديكم أي إحصاءات بحجم المخالفات المالية أو الفساد؟
لا نريد أن نستبق الأمور.. ونحن الآن في مرحلة بناء ► الهياكل التنظيمية للهيئة والاستعانة بالأشخاص المتخصصين في مجالي الرقابة الإدارية والمالية.. ونحن نفترض حسن النوايا ولا نريد استباق الأحداث.. وسنتعامل بشفافية بما نحصل عليه من معلومات حول أية عمليات فساد أو انحراف إداري وسنقوم بتقييمها ومعرفة مدى كفايتها، وإن كانت تستحق فتح قضية فلن نتوانى في ذلك أبدا.. وإذا رأينا أن المعلومات واهية وغير مكتملة أو كيدية أو ” نشم ” منها أنها ذات صبغة شخصية سنكون حذرين جدا في التعامل مع تلك المعلومات.
سأتفرغ لعمل الهيئة بالكامل
◄ هل ستُنشَأ محاكم خاصة لمحاسبة المتورطين أم ستتم عبر المحاكم الحالية؟
► الهيئة إذا رأت أن هناك فسادا في قضية معينة ستقوم بتحويل تلك الملفات إلى النيابة العامة لأن الهيئة ليست قضائية.. ونحن نؤمن بضرورة الفصل بين الهيئات الرقابية والتنفيذية.. حيث لا يجوز الجمع بين السلطة التنفيذية والرقابية والقضائية في مظلة واحدة… وإنني كرئيس للهيئة سوف أتفرغ لعمل الهيئة بالكامل حتى لا أكون جزءا من الجهاز التنفيذي بما في ذلك مجلس الوزراء الموقر.. وحتى نكون هيئة رقابية فاعلة يجب أن نكون بعيدين عن المظلة التنفيذية.. وإلا ستكون هناك مشكلة فكيف تكون أنت جزءا من مجلس الوزراء أو الجهاز التنفيذي وتراقبه وفي الوقت نفسه تكون قاضيا ومحاميا.. وكافة العاملين بالهيئة يجب أن يتحصنوا تماما ويتفرغوا لعمل الهيئة حتى نبعد أي نوع من الشكوك والريبة والشبهات من أنشطة الهيئة.. ونشكر سمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد على هذه الثقة الكبيرة بتولي رئاسة هذا الجهاز ونعاهد قيادتنا الرشيدة والجميع بأننا سنبذل قصارى الجهد وما تمليه علينا ضمائرنا لإنجاز المهام الموكلة إلينا بمهنية وأمانة وتحقيق رقابة حقيقية فاعلة وشفافة لأن ذلك ينعكس إيجابيا على استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال ويمنح الثقة والاستقرار لاقتصادنا الوطني وتحسين التصنيف العالمي للدولة.. كما يجب علينا التفاعل مع منظمة الشفافية العالمية والمنظمات الأخرى لاسيَّما وأن تلك التصنيفات الدولية تتغير سنويا صعودا وهبوطا وعلينا تقديم قطر كبلد متطور وأكثرها نزاهة وشفافية.. كما يجب ألا يشعر الناس بأن الرقابة التي نقودها ” عدوة ” لهم بل هي جزء داعم للمؤسسات والهيئات وشركات النفع والمساهمة العامة لاسيَّما وأن المظلة التي أعطيت للهيئة بالمرسوم الأميري مظلة كبيرة وشاملة وفي النهاية نشاطنا يتم عبر تحرك في إطار حلقة واحدة متكاملة لا يمكن فصل الحراك المالي عن الحراك الإداري فهما وجهان لعملة واحدة. . والانحراف المالي عادة يأتي من خلال بوابة الانحراف الإداري.
◄ هل الهيئة مستعدة لتقديم المشورة أو الدعم للجهات الأخرى؟
► نحن مستعدون لتقديم كل الدعم لتطوير الأنظمة الإدارية والمالية للمؤسسات وخطط التدريب والتأهيل لتمكين تلك المؤسسات من التفاعل مع الرقابة الإدارية والمالية، كما يمكننا تقديم النصح والإرشاد لها متى ما طلبوا ذلك.
العلاقة مع النيابة العامة والقضاء
◄ كيف ستكون العلاقة بينكم وبين النيابة العامة والقضاء ؟
العلاقة مع النيابة العامة يجب أن تكون لصيقة، والهيئة عندما تتأكد من وقوع مخالفات جسيمة وموثقة سنقوم بدفع تلك الملفات إلى النيابة العامة وهي التي ستحرك القضايا أمام المحاكم.
– وماذا عن ديوان المحاسبة ودوره؟
► دور ديوان المحاسبة هام للغاية لأنه معني بالتدقيق المالي وسوف يكون بين الهيئة والديوان تعاون كبير للغاية ونستعين به في كثير من الأنشطة من خلال قراءته ورقابته المالية.. ولن يكون هناك ازدواجية في دور الهيئة والديوان بل سيكون دورهما مكملين لبعضهما البعض.
◄ بعض الدول أدخلت نظم إقرارات الذمم المالية لشاغلي الوظائف الدستورية والقياديين فهل يا ترى سيتم تطبيق مثل هذه المبادئ؟
► أذكر عندما توليت مسؤولية قطاع الطاقة ابتكرنا إقرارا أسميناه ” تضارب المصالح والأخلاقيات ” وطلبنا من جميع العاملين من الوزير إلى أصغر موظف في شركات الطاقة التوقيع عليه وكانت التجربة جيدة للغاية .. وتضارب المصالح يعني كيفية التعامل بين المؤسسة التي تعمل فيها والمؤسسات التجارية التي تخصك وهذه الخطوة تمنع أي انحراف إداري أو مالي والتعاون مع أية شركات وهمية أو شركات بأسماء آخرين،
وسوف نحاول الاستفادة من تلك التجربة وتطبيقها داخل الهيئة وهي مسألة هامة وتعتبر واحدة من شروط منظمة الشفافية العالمية حتى لا يستغل الموظفون والمسؤولون وظائفهم في تحقيق مكاسب شخصية أو مكاسب للشركات التي يملكونها.
◄ معنى ذلك أن ما قمت بتطبيقه في قطاع النفط سيتم تفعيله في الهيئة؟
► علينا أن نكون واقعيين.. الكثير من الدول والمؤسسات الإقليمية والعالمية طبقت ذلك ونحن لم نأت بشيء جديد وقد طبقنا التجربة في أكثر من 70 مؤسسة تعمل في قطاع الطاقة والبتروكيماويات وكهرماء وشركة الكهرباء والماء ويعمل في تلك الشركات أكثر من 50 ألف موظف وهي تعتبر من أهم مؤسسات الدولة ذات الثقل الاقتصادي الأكبر وقد حققت التجربة نجاحا كبيرا.
لا نتعامل بالشكليات
من مبادئ الشفافية معرفة حسابات وثروات وأملاك الوزراء وأصحاب المراكز المهمة في الدولة قبل تولي أي منصب
◄ هل هناك نية لتطبيق مثل هذه الآليات ؟
► في المستقبل قد يتم التفكير في مثل هذه الآليات.. وكل وزير أو مسؤول يتولى منصبا عاما يجب أن يحدد” ما له وما عليه ” وهذه المبادئ طبقت في بعض الدول.. ولنكن واقعيين فإن تلك المبادئ في بعض الدول كانت شكلية.. والعديد من الدول الأوروبية التي كانت تتشدق بتلك الأفكار والمبادئ وبالنزاهة والشفافية حاصرتها عشرات الفضائح على أعلى المستويات..
ويجب أن نكون حذرين للغاية من ” الشكليات ” لأننا إذا دخلنا فيها ” سوف نغتص ” علينا التعامل بواقعية وبطريقة أكثر براغماتية والشخص الذي يدعي بأنه سيقضي على الفساد هذا مستحيل.. ولكننا سنعمل على تقليص بؤر الفساد إلى أقصى حد كما يجب علينا توعية الناس بذلك وإقناعهم بأن الانحرافات والفساد المالي قد يسبب لهم مشاكل كبيرة ويجب التعامل بواقعية ويجب ألا تتعامل المؤسسات والوزارات ومؤسسات النفع العام مع الهيئة بالشكليات..لأن الهيئة قانونها واضح وجلي وهي تتبع مباشرة لسمو الأمير المفدى الذي يحرص على أن تقوم الهيئة بدورها الاستراتيجي بالكامل وعلى الجميع التعاون مع الهيئة.
الهيئة لن تكون خصما وحكما
◄ هل تتوقعون إجراءات صارمة على المخالفين والمتورطين؟
► بالطبع وذلك عندما تحول الملفات المخالفة إلى النيابة العامة وتحولها بدورها إلى المحاكم ليقول القضاء كلمته.
◄ كيف ستعلمون الناس بالأحكام الصادرة ضد المتورطين؟
► سنكون شفافين في عملنا وبعد أن تقول المحاكم كلمتها في القضايا المرفوعة لأن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته ”
ونحن كهيئة حتى لو تحققنا مائة بالمائة بالوثائق في النهاية يجب أن يكون هناك حكم قضائي.. لأننا لسنا قضاة والهيئة تقدم كل تقاريرها وإثباتاتها إلى النيابة العامة ليعالجها القضاء وبآلياته وقوانينه.. والكل يجب أن يحترم قرار القضاء الذي نثق في نزاهته، ومن الضروري الفصل بين السلطات ولا نستطيع أن نعلن نتائج التحريات والتقارير قبل أن يقول القضاء كلمته ويفصل في الملفات المطروحة أمامه.. ونحن لا نريد التعدي على حقوق الآخرين ولا نريد أن تكون الهيئة ” خصما وحكما ” في وقت واحد.
◄ الشخص الذي تثبت إدانته هل سيتم فصله من وظيفته أو سجنه؟
► مائة بالمائة.. ما دام القضاء أصدر حكما في التجاوزات بالفصل أو السجن أو.. أو.. وهذا معمول به في كل العالم خاصة إذا تمت إدانة شخص في قضايا الذمم..
وكانت هناك حالات في قطاع الطاقة أحيلت إلى المحاكم وأخذوا جزاءهم وإذا أدنت شخصا ما بانحراف مالي وإداري ولم يأخذ جزاءه فأنت تطبق المثل القائل: “أنت تستعين بالذئب لحراسة أغنامك” وهذا لا يجوز أبدا وليس منطقيا..
◄ إذا ظهر الثراء على شخص ما بعد توليه منصبا ما كيف سيتم التعامل مع مثل هذه المسائل؟
► من السهولة التحقق من مثل هذه الوقائع وسوف نعتمد على المعلومات من الآخرين وعبر القنوات المختلفة والتفاعل مع المجتمع..
وهل الشخص المعني استطاع التكسب من أنشطة الوزارة وعلى سبيل المثال قام بشراء أو بيع أسهم أو عقار وغير ذلك من خلال استغلال منصبه أو وظيفته.. وأؤكد بأننا لن نكون ظلمة أو مشككين في ذمم أحد ولكن عندما تأتينا معلومات موثقة بأن شخصا ما استغل وظيفته أو مشاريع وزارته أو مؤسسته هنا يأتي التحرك والتأكد أولا من المعلومات والبيانات.
◄ هناك بعض المسؤولين يتولون مناصب متعددة كيف سيتم التعامل مع هذه الحالات؟
► إذا كان ذلك الشخص يمثل الدولة أو مؤسسات وشركات مساهمة عامة نعتبر الأمر طبيعيا وموجودا في الكثير من الدول في المنطقة لأنه يمثل الدولة وليس شخصه.. وأنا شخصيا لا أؤيد أن يجمع شخص ما بين المناصب الحكومية والعمل التجاري أو يملك شركات خاصة حتى لو كانت مدرجة في البورصة وليست شركات لها علاقة بالحكومة.. لأن هذه المسائل تثير علامات استفهام كبيرة ولا تجوز أبداً حتى لا يكون الشخص المعني معرضا لأي شبهات.
الصحافة عين لنا
◄ كيف ترون العلاقة بين الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى خاصة فيما تثيره من شكاوى وقضايا تتعلق بالفساد والتجاوزات الإدارية والمالية؟
► الصحافة ستكون عينا لنا وفي المرسوم الأميري المادة الرابعة تشير إلى بحث ودراسة ما تنشره الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام من شكاوى أو تحقيقات تتناول نواحي الإهمال أو القصور أو سوء الإدارة أو الاستغلال. والمرسوم الأميري يؤكد الحرص الكبير لدور الصحافة باعتبارها إحدى أدوات الرقابة فيما تثيره من قضايا استغلال السلطات أو الانحرافات وسوف تهتم الهيئة بها كثيرا وتتابعها عن كثب.
◄ والهيئة هل ستحمي الصحافة من بعض الجهات التي تضيق الخناق عليها وعدم مدها بالمعلومات أو بسحب الإعلانات عنها في حال إثارتها لبعض القضايا والأخبار التي لا تستثيغها؟
► هذه الظاهرة مع الأسف منتشرة في كل العالم حتى في أمريكا وأوروبا، فالصحافة تواجه العديد من الضغوطات… لكن الصحافة يجب ألا ترتهن لضغوطات الإعلانات والمعلنين والقانون منحها القوة لمواجهة ذلك وما تنشره الصحافة سنقوم بتحليله، وهي مسؤولية تتعلق بمهنية ومصداقية الصحافة حيث ينبغي التأكد من المعلومات المنشورة.. والمرسوم الأميري شدد بقوة على دور الصحافة كمؤسسة رقابية فعالة وإيجابية وأمل أن يملك قيادات وأصحاب الصحف القوة النفسية والخارقة لمواجهة الضغوطات الإعلانية وخسائرها لأن ذلك ربما يقود الصحافة إلى التردد في النشر.. ونأمل أن تلعب الصحافة دورا مهما في الرقابة باعتبارها عين المجتمع واليوم نحن فخورون بالتطور الكبير الذي شهدته صحافتنا المحلية… وسمو الأمير منذ تقلده مقاليد الحكم ألغى الرقابة الحكومية وأضحت الرقابة الآن ذاتية.. حتى الصحف التي تهاجم قطر توزع في الدوحة وقطر تعتبر الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تسمح بذلك ولا تصادر الصحف أبداً، مما يؤكد أن قطر لديها حرية كبيرة في التعاطي الصحفي والإعلامي.. ونقرأ في صحفنا عبر الكتاب والمحللين والتحقيقات انتقادات شديدة لأعلى مستويات الدولة وأنا أعتبرها ظاهرة صحية.. وأقول بصدق بأن تأثير الصحافة اليوم أضحى كبيرا وهاما.. وكل مؤسسات الدولة والوزارات تتابع ما تكتبه الصحف من ملاحظات وانتقادات وتعمل تلك المؤسسات لتحسين خدماتها حتى لا تتعرض لهجوم وانتقادات من الصحافة.
الجهاز الإداري لن يكون فضفاضا
◄ هل من المتوقع أن تصدر الهيئة تقارير دورية عن أنشطتها وواقع مؤسسات الدولة مثل تقارير منظمة الشفافية العالمية؟
► ليست هناك دولة تنشر تقارير عن مناشطها ولكننا نتوقع من المنظمات الدولية المتخصصة أن تنشر تقاريرها الدورية لأنك مهما نشرت من تقارير فإن تلك المنظمات والدول لن تصدقك… وهي التي تقوم بعمليات التقييم لمناشطك ولكنك مهما قمت بتقييم نفسك ستكون دوما في محل شكوك لدى تلك المنظمات … وسوف نعتمد دوما على ما تصدره المؤسسات العالمية المتخصصة المعترف بها من تقارير وهي تملك أدوات وآليات للتقييم معتمدة على الزيارات الميدانية والجولات من الخبراء ومعرفة واقع القوانين والأجهزة القضائية وعلينا أن نترك لتلك المنظمات العالمية والمحايدة عمليات التقييم.
جميعا لتحقيق الأهداف والإستراتيجية التي حددها سمو الأمير المفدى للهيئة في المرسوم الأميري.
لا خلافات شخصية مع أحد
◄ هناك تخوفات من أن تتحول الهيئة إلى سيف مسلط على رقاب الوزارات والهيئات وتصفية الحسابات الشخصية؟
► هذا كلام غير صحيح.. أتمنى من الأشخاص الذين يروجون مثل هذه الأقاويل أن يتعقلوا ونحن منذ فترة نرفع شعار “لا تخاف ولا تبوق” لا تنحرف ولا تستغل ولا تخف.. وعلى من سنكون سيفا مسلطا؟ كيف نحسم أي قضية من دون إفادات وثبوتات وأدلة وإن كانت هذه الوثائق موجودة فعليا.. نعم سنكون سيفا مسلطا على الفساد والمخالفين والمنحرفين… وليس على أي أمور أو خلافات شخصية… والحمد لله، ليس عندنا خلافات شخصية أو تصفية حسابات مع أحد أو أي جهة… وتأكدوا أن النيابة العامة والمحاكم لن ترفع لها أي قضايا إلا مكتملة ومدعومة بالوثائق والإثباتات الواقعية الحسية.. ولا نستطيع أن نحيل للمحاكم قضايا وحسابات شخصية.
◄ وكيف ستضبطون سلوك موظفيكم حتى لا تكون هناك تجاوزات وما الجهة التي ستراقب أداء الهيئة؟
► القضايا التي تثيرها الهيئة ستحول إلى النيابة العامة.. وهي التي ستراقب تلك الملفات والوثائق وستحول الملفات إلى المحاكم وهي بدورها تراقب عمل الهيئة.. والهيئة لا تريد أن تصنع أبطالا وتتورط في الملفات والقضايا غير الموثقة والمثبتة لتخسرها في نهاية المطاف.. وأي خسارة تعني أن الهيئة فقدت مصداقيتها وصنعت أبطالا بلا ثمن أو تكلفة… الهيئة رقابية وليست الحكم والخصم.. وهي لا تتخذ الأحكام.. في قطر للبترول كانت هناك إجراءات محددة، وإذا حدثت مشكلة تتم إحالتها من إدارة الرقابة الداخلية إلى الشؤون القانونية للتأكد من قانونية الشكوى والقضية.. ويتم تشكيل لجنة خاصة ثم تحال إلى الجهات المختصة وقد رفع بعض الأشخاص الذين أدينوا شكاوى ولجأوا إلى المحاكم ولكنهم خسروها، لأنها كانت مثبتة بالأدلة والوثائق.. وأقول: إن الهيئة دورها رقابي بالدرجة الأولى وليس قضائيا.. وعندما تكتمل الملفات في قضية ما تحال إلى النيابة العامة والتي بدورها تحرك القضية بعد دراسة كل الملفات والتثبت منها.. وفي حال ضعف البيانات في أي قضية تتم إعادتها إلى الهيئة لتكملة الوثائق..
◄ البعض يتخوف من تحول الهيئة إلى جهة لتوظيف الأفراد ومجرد مؤسسة حكومية بلا فاعلية؟
► “شوف أنا ما عندي توظيف ولا أؤمن بالواسطة أبدا.. ولم أتدخل أبداً في توظيف أحد.. والهيئة مؤسسة تخصصية بها لجان عمل تقوم بتسكين الموظفين وفقا لتخصصاتهم وخبراتهم وليست لتعيين الأقارب والأصدقاء”.. وكنت في قطر للبترول متشددا كثيرا في قضية التصنيف الوظيفي والتعيين.
المحسوبية وتعيين الأقارب
◄ ولكن بعض المؤسسات تركز على تعيين الأقارب وتحولت إلى ما يشبه الشركات الخاصة، ما دور الهيئة في معالجة مثل هذه التجاوزات؟
► أقول: هذا خطأ، والهيئة جهة رقابية إدارية لن تسكت عن تلك الخروقات والتجاوزات
وهدفنا الأساسي الأول هو الرقابة الإدارية.. وإذا رأينا أن بعض الهيئات والمؤسسات تتراكم فيها المحسوبية وتعيين الأقارب.. فهذا ما نسميه الانحراف الإداري والمرسوم الأميري واضح كالشمس والهيئة سوف تقوم بالتحرك لمحاصرة تلك الانحرافات بناء على الشكاوى والإثباتات لدراسة الأمر ورفعه إلى الجهات المختصة.
◄ هل ستكون للهيئة فرق للرقابة والتفتيش على المؤسسات والوزارات للتأكد من التزامها بضوابط الهيئة، خاصة وأن موظفي الهيئة مخولون بالضبط القضائي؟
► طبعا.. الهيئة ملزمة بمتابعة تطبيق المؤسسات والوزارات للوائح والقوانين من خلال مرتكزين.. الرقابة الإدارية والشفافية والتأكد من أن هناك أنظمة متطورة لا تسمح بالانحراف أو استغلال الوظيفة والمنصب وتعيين الأقرباء والمعارف دون الاهتمام بالكيف وليس الكم.. والتركيز على جودة الأداء والكفاءة.. وهي من الاختصاصات الأساسية للهيئة.. والرقابة الإدارية جزء مهم للغاية من عملها.. والجميع يجب أن يعلم بأننا سوف نكون متجردين من العواطف وسنؤدي عملنا باحترافية ومهنية عالية… ويجب عدم فهم ذلك بأنه تسلط من الهيئة وأؤكد بأننا لن نجامل أحدا وغض البصر على جهة معينة وترك جهة أخرى.. وسوف نكون عادلين وذوي شفافية في التقارير التي نصدرها.
ونأمل من الآخرين التعاون مع الهيئة التي لن تكون مجرد واجهة أو جهاز بيروقراطي يتحرك ببطء ومتخم بالموظفين.. الكفاءة والسرعة ستكونان منهجنا في العمل.. نتحرك وفقا للقانون واللوائح التي منحها لنا سمو الأمير ولن نتجاوز أبداً نصوص المرسوم الأميري.
◄ الجولات والزيارات للمؤسسات هل ستكون مفاجئة أو بترتيب خاص مع الجهات المعنية؟
► الزيارات المفاجئة غير مجدية.. ونحن نريد التأكد من المعلومات التي تصلنا عبر التدقيق والتحري والبحث في الملفات والمعلومات.. والقانون واضح لأن الجهات الخاضعة للرقابة يجب أن تمد الهيئة بأي معلومات وبيانات أو دراسات تطلب منها وعدم إخفاء تلك المعلومات لأن الإخفاء جريمة.. ونحن لا نحتاج لزيارات مفاجئة لأننا نطبق القانون ونحترمه.
خروجي من مجلس الوزراء تطبيق عملي
◄ كيف ترى دور المسؤولين التنفيذيين في الوزارات والمؤسسات في دعم دور الهيئة؟
► الهيئة لن تباشر مهامها “بطريقة بوليسية” ونحترم السلم الوظيفي للمؤسسات والقانون يعطينا الحق في الاستماع إلى أقوال أي موظف مهما كان وضعه في السلم الوظيفي.. والقانون واضح وشامل ولا يحتاج إلى مزيد من التفسيرات وسوف نطبقه “بحذافيره” ونتفاعل مع الاختصاصات الممنوحة لنا في المرسوم الأميري ويجب، كما قلت، الفصل بين الهيئة الرقابية والسلطة التنفيذية ولا ينبغي ولا يجوز أن يكون رئيس الهيئة جزءا من الجهاز التنفيذي أو نائب رئيس وزراء.. لذلك فإن خروجي من مجلس الوزراء هو تطبيق عملي للشفافية لأنه لا يمكن وضع “رجل هنا وأخرى هناك” والمسألة في هذه الحالة ستكون غير منطقية أو واقعية.. ويجب تحييد الأجهزة الرقابية من الأجهزة التنفيذية.. لا يمكن أن أكون نائب رئيس وزراء وفي الوقت نفسه مسؤولا عن الرقابة على الجهاز التنفيذي… وسمو الأمير كرم رئيس الجهاز برتبة رئيس وزراء.. وفي ذلك تكريم معنوي قوي وكبير للجهاز، حيث أضحى رئيس الهيئة برتبة رئيس وزراء.. وهي ثقة أعتز بها وتكفيني كلمات سمو الأمير خلال تكريمي.. حيث كانت بالنسبة لي أكثر من أي شيء آخر مما أعطى الجهاز القوة والقدرة على التحرك وأصبح رئيس الجهاز يملك القوة الإدارية والمعنوية والنفسية.. ويجب أن نحترم الفصل بين الجهازين الرقابي والتنفيذي وهو أمر واقعي وعملي يحقق الاستغلالية التامة للجهاز والقوة الإدارية التي منحها له القانون.. ويجب علينا أن نتفاعل مع كل ذلك والتفرغ لمهام الجهاز بالكامل، وخروجي من مجلس الوزراء جاء التزاما بالشفافية للتفرغ لإدارة الهيئة ومنح سمو الأمير لرئيس الهيئة درجة رئيس وزراء يحمل مدلولا كبيرا مما يعطي الهيئة قوة دافعية.
◄ هل سيكون هناك مجلس لإدارة الهيئة برئاستك؟
► لا لن يكون هناك مجلس إدارة للهيئة.. لأن الهيئة ليست شركة عامة.. وستضم فقط إدارات تخصصية تملك حرية الحركة والعمل… حتى لا ندخل في دوامة “البيروقراطية “.. لأن عمل الهيئة يجب أن يرتكز على السرية والكتمان والتعامل مع القضايا بأسلوب علمي وضمان سرعة اتخاذ القرارات.
◄ أبواب رئيس الهيئة هل ستكون مفتوحة؟
► أبوابنا ستكون مفتوحة دوما، وأكرر: ستكون مفتوحة بشرط ألا تقحم الهيئة في قضايا شخصية… وطوال عملي في مواقع مختلفة أبوابي كانت مفتوحة منذ أن بدأت حياتي العملية في وزارة المالية إلى الداخلية إلى وزارة الطاقة… نرحب بكل من لديه معلومات تحقق المصلحة العامة.. وإذا كانت أبواب الهيئة مغلقة فستكون هناك مشكلة كبيرة.