مقالات

فتح السوق وكسر الاحتكار

المنافسة الدائرة حاليا بين “كيوتل” و”فودافون” ظاهرة ايجابية، لا تخدم الجمهور فحسب، بل تحرك سوق الاتصال بصفة خاصة، وتعزز الحركة الاقتصادية بصورة عامة.

الحراك الاقتصادي لا يقوم مادام هناك احتكار لقطاعات في السوق، بل كلما فتح السوق امام المنافسة، تعززت قوة الاقتصاد، وكلما كانت هناك مساحات من التحرك بين الشركات في القطاع نفسه، كان ايضا هناك افكار خلاقة تبحث عن الابداع في مجال التسويق والمنافسة الشريفة.

ففي حالة وجود احتكار لقطاع ما، فان الحال سيبقى على ما هو عليه دون تفكير في البحث عن اساليب تسويقية وترويجية، ولن يسعى القائمون على الشركات في هذا القطاع نحو ابتكار اسلوب جديد للترويج لمنتوجاتهم، وهو ما سيؤدي عادة الى ركون قاتل في اي قطاع لا يشهد منافسة قوية وحقيقية بين الداخلين فيه.

فتجربة “كيوتل” و”فودافون” تدفعنا للحديث عن ضرورة توسيع التجربة لفتح قطاعات اخرى ما زالت مغلقة امام المنافسة الجادة، ربما ابرزها قطاع السيارات وقطع الغيار، الذي بحاجة الى دراسة متعمقة لفتحه امام المنافسة، وكسر الاحتكار القائم حاليا.

اليوم هناك اموال كبيرة تضخ لاسواق دول الجوار، والسبب ارتفاع اسعار بعض السلع، والذي يرجع في الغالب الى غياب المنافسة في السوق المحلي لوجود الاحتكار، حتى السيارات فهناك العديد من المواطنين يلجأ لأسواق خليجية لشراء سيارات منها، وهناك معارض تقوم حاليا باستيراد سيارات وبيعها في السوق المحلي بأسعار هي اقل من اسعار الوكالات الموجودة عندنا، والامر ينطبق كذلك على قطع غيار السيارات، التي هي الاخرى يلجأ المواطنون فيها الى اسواق دول الجوار للشراء منها، وهو ما يعني خروج اموال كبيرة للخارج دون ان يستفيد القطاع الاقتصادي المحلي منها.

ووجود احتكار في اي قطاع ربما يفرض واقعا غير صحي في علاقة هذا القطاع بالمستفيدين منه، ففي كثير من الاحيان يتم اتخاذ قرارات قد لا تكون في صالح الجمهور لكن الاخير يخضع لها لأنه لا خيار امامه الا الرضوخ لها، فليس لديه بديل آخر، بينما في حال وجود اكثر من وكيل فان الخيار سيكون متاحا امام الجمهور لاختيار الافضل، ومن يقدم خدمة اجود، وهو ما سيدفع في المقابل الشركات او الوكلاء للتنافس فيما بينهم لتقديم افضل الخدمات مع اسعار تنافسية، وهو ما يحدث اليوم في سوق الاتصالات، الذي يشهد لأول مرة حالة من التنشيط والتحريك لم تكن قائمة في السابق.

لماذا نترك اموال قطرية تخرج وتضخ في اسواق خليجية ونحن نتفرج؟ لماذا لا يحدث العكس بمعنى ان نستقطب اموالا من مجتمعات خليجية تأتي لتشتري من سوقنا المحلي بدلا من ان ينتقل المواطن لأسواق تلك الدول حاملا معه مبالغ طائلة من اجل شراء سلع وبضائع مختلفة طوال العام؟.

سنشهد خلال الايام القليلة المقبلة رحلات الاسر الخليجية لأسواق مجاورة لشراء بضائع ومواد غذائية استعدادا لشهر رمضان المبارك، فلماذا يحدث ذلك؟.

عندما استشهدت بقطاع السيارات فهو نموذج ربما لقطاعات اخرى ايضا بحاجة للالتفات اليها، وفتح سوقها بما يتيح منافسة شريفة بين الشركات الموجودة، كما هو الحال بسوق الاتصالات، وما يشهد من منافسة صحية بين “كيوتل” و”فودافون” حركت “المياه الراكدة” في هذا القطاع، وهو ما يمكن تعميمه بصورة اكبر، والاستفادة من هذه التجربة الايجابية وغيرها لخلق سوق تنافسي يستقطب اموالا من الخارج.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x