من لها إلا حمد بن خليفة
ليست المرة الأولى التي يقدم سمو الأمير المفدى- حفظه الله ورعاه- درسا بليغا، وليست المرة الاولى التي يسجل سموه موقفا عمليا رائعا في التضامن مع الأشقاء ومساعدتهم، بل نجدتهم في الأزمات والمحن والظروف الصعبة التي تمر بها أوطانهم.
زيارة سمو الأمير المفدى إلى جزر القمر، هذا البلد الفقير، بل الأفقر في العالم العربي، دليل آخر على حرص سموه لخلق روح من التضامن والتكاتف والتعاضد بين الأشقاء، لطالما غابت عن الأمة في مراحلها المختلفة، ليعمل سمو الامير اليوم جاهدا لاحياء هذه الروح، وبعثها من جديد في صور من التلاحم قل نظيرها.
لقد لمست عن قرب خلال وجودي في جزر القمر أثناء زيارة سمو الأمير- حفظه الله ورعاه- الى هذا البلد، كيف كان شعور المواطنين القمريين بزيارة الأمير لهم، وفرحتهم الكبيرة بهذه الزيارة، التي تعد أول زيارة لزعيم عربي إلى جزر القمر منذ الاستقلال عام 1975، أي منذ 35 عاما.
في اليوم السابق لزيارة الأمير قمت بجولة في العاصمة “موروني” التي تفتقر لكل شيء إلا لطيبة أهلها، فكانوا إذا ما عرفوا أنني من قطر قالوا مباشرة بكلمات عربية البعض منها “مكسرة” نظرا لتحدث الغالبية منهم بالفرنسية “نحن نحب أميركم كثيرا، ونحب بلدكم قطر.. أميركم الوحيد الذي أتى ليساعدنا..”.
لقد أتت اللفتة الكريمة من سمو الأمير بتسديد رواتب الموظفين في جزر القمر عن التسعة أشهر الماضية، التي لم يتسلموا فيها رواتب، والتي تقدر بحوالي 20 مليون يورو، لفتة عظيمة من رجل عظيم، وربما تساءل البعض كيف كان يعيش هؤلاء القوم طوال الاشهر الماضية دون رواتب أو دخل رسمي؟.. حياتهم أبسط من البسيطة، وكانوا يعتمدون على الزراعة والفواكه التي حباهم الله بها في كل أرجاء جزر القمر، التي لا تجد بها بقعة ليست بخضراء.
هكذا هو حالهم في الرواتب، فلم يتسلموا رواتب متتالية، انما قد يتسلمون راتبا كل خمسة أو ستة اشهر، وأحيانا كل عشرة أشهر، راتب واحد فقط عن الأشهر التي تنقطع فيها الرواتب.
هذا الموقف النبيل من سمو الأمير بتسديد رواتب الموظفين في جزر القمر عن الأشهر التسعة الماضية، ليس بالأمر الجديد وليس بالغريب كذلك على سموه، الذي طالما كانت له وقفات ومواقف.. أفعال قبل الأقوال.. يبادر ولا ينتظر.. سباق إلى الخير.. أياديه البيضاء طالما ساعدت المحتاجين في كل قارات العالم..، يقدم كل ذلك دون من أو جزاء أو شكور.
رواتب المعلمين والموظفين في غزة الأبية كان سموه الوحيد بين الزعماء العرب الذي تحرك من أجل تسديدها حتى تستمر الحياة في هذه المدينة المحاصرة، ويستمر الموظفون في عملهم دون توقف، أكثر من 42 مليون دولار هي رواتب موظفي قطاع التعليم في غزة بادر سموه -حفظه الله ورعاه- بتبني تسديدها.
سيذكر التاريخ، وستذكر الأجيال، ان هذه المواقف العظيمة ليس لها إلا رجل عظيم.. انه حمد بن خليفة آل ثاني..، لله دره من زعيم نذر نفسه لخدمة أمته، وجعل قضاياها تتصدر أولوياته واهتماماته.
من من المسؤولين العرب دافع عن غزة واستنفر الطاقات لصد العدوان.. ومن من المسؤولين العرب سعى جاهدا للملمة جراح دارفور، وكفكفة دموع النساء، وإطعام الجياع في هذا الاقليم المضطرب وعمل على اعادة الاستقرار اليه.. ومن من المسؤولين العرب زار جزر القمر، هذه الدولة العربية الفقيرة المنسية، وتضامن مع أهلها بالفعل وعلى أرض الواقع، وساهم في رفع المعاناة عن اهلها.. من من المسؤولين العرب زار لبنان وقت الخطر.. إلا أمير قطر.
لم تكن زيارة سمو الأمير- حفظه الله ورعاه- الى جزر القمر بروتوكولية، بل هي زيارة شعبية تضامنية قبل كل شيء، زيارة تلمس خلالها الأمير معاناة السكان، وكانت لفتة رائعة من سمو الأمير في مطار “موروني” عندما أصر بعد الوصول والاستقبال، على السلام ومصافحة كل من حضر لاستقبال سموه، حتى أولئك المواطنين البسطاء الواقفين عن بعد، ذهب سموه إليهم ليصافحهم غير متقيد بالبروتوكول الرسمي مبتسما في وجوههم، ليقول لهم أنا معكم.. كم هو رائع هذا الموقف من سمو الأمير المفدى.
هذه المبادرات التاريخية، وهذه المواقف العظيمة لسمو الأمير المفدى- حفظه الله ورعاه- أكبر من أن تعبر عنها كلمات، أو تخطها أسطر، أو تتحدث عنها ألسن،..، لكن التاريخ لن ينسى هذا العمل الجبار، وهذه الجهود الكبيرة، التي يقوم بها سموه من أجل خدمة أمته والانسانية جمعاء.