مقالات

يوم حزين للصحافة الخليجية

في ظل ثورة الاعلام والاتصال، وتكنولوجيا المعلومات، فان التحديات تتعاظم امام الصحافة، التي مطلوب منها مواكبة ركب التطور، فالمنافسة اليوم في ظل فضاء مفتوح، يغص بالآلاف من الفضائيات العالمية، من بينها  اكثر من 400 فضائية عربية، تنقل ما يدور بالكرة الارضية اولا بأول، اضافة الى الانترنت ووسائط الاتصال الحديثة المختلفة، وبالتالي فانه في هذه الاجواء لابد على الصحافة ان تغير من استراتيجية التعاطي مع الاحداث العالمية، فلم يعد الحدث بحد ذاته ينتظره القارئ في اليوم التالي، كونه اصبح فعلا ماضيا، انما بات يبحث ما وراء الخبر، وقارئ اليوم اكثر وعيا وادراكا لما يدور حوله، ولا يمكن استغفاله مع الاعتذار لاستخدام هذه الكلمة او تمرير اخبار او احداث بصورة سطحية او اطروحات بدائية، فالقارئ اليوم ذكي جدا ويميز جيدا بين ما هو نافع وضار، بين ما هو غث وسمين، وبالتالي فان على الاعلام اجمالا احترام عقلية القارئ، وتقديم اعلام يرتقي بالجمهور، واعلام نظيف وبناء.

بالطبع نحزن لتوقف اية وسيلة اعلامية، وحزننا يكون اكبر لاغلاق اية مطبوعة وتوقف نبضها، وتشريد زملاء لنا، بعد ان كانوا يعملون تحت مظلة واحدة.

هذا الحزن مع كل صحيفة تتوقف في اي مكان كانت، فما بالنا اذا كان هذا التوقف لصحيفة خليجية لطالما جمعتنا اجتماعات ولقاءات وطموحات ببناء منظومة اعلامية خليجية، تتعاضد وتتكاتف في السراء والضراء.

ايا كانت الاسباب التي دعت لتوقف هذه الصحف، حتى وان كانت وجيهة، او لها ما يبررها، فان النتيجة واحدة.. خسرنا صوتا يحمل هموم المواطن، ويدافع عن قضاياه، ويعبر عن آماله، ويمثل لسان حاله…

نعم هناك اسباب اقتصادية دفعت لتوقف “الوقت” و”اوان”، وقبلهما صحيفة كويتية اخرى هي ” الصوت”، لكن يجب علينا ان ننظر بموضوعية وشفافية هل الساحة المحلية في اي دولة تقبل مزيدا من الصحف، كما هو الحال في الشقيقة الكويت، التي ارى انها “متخمة” بالصحف، فبعد ان كانت الساحة تضم 5 صحف الى عام 2006 تقريبا، اذا بها اليوم قرابة 20 صحيفة بما فيها الصحف التي اغلقت، فهل جاءت هذه الاصدارات على اسس اقتصادية مدروسة ام هي مشاريع قائمة لاهداف اخرى؟.

من المؤكد ان اي مطبوعة شأنها شأن اي مشروع استثماري لا تحقق ربحية، او على اقل تقدير لا تصرف على نفسها في مراحلها الاولى، سيتم اعادة النظر من ملاكها، وهذا امر طبيعي، خاصة وانها قائمة على اسس تجارية وتعتمد على الايرادات، وليست مشروعا خيريا، الا انه في نفس الوقت من المهم المواءمة بين الجانب الربحي وبين تأدية رسالتها في المجتمع، والقيام بالادوار الايجابية في خدمة قضايا الجمهور، فوسائل الاعلام والصحافة تحديدا شريك اساسي في اي تنمية بالمجتمع وتقدمه وازدهاره، هذه الشراكة تفرض على الصحافة ان تكون جزءا اساسيا من المجتمع، وليست عنصرا ” غريبا ” في كيانه.

نعم هناك ازمة مالية عالمية اصابت اقتصاديات كل المؤسسات بالعالم، بل ان دولا لم تنج منها كما هو حال اليونان، التي تجاوزت ديونها المائة مليار يورو، وهبت اوروبا جميعها لنجدتها، والا كان مصير الدولة الافلاس.

والصحف هي اكثر المؤسسات تأثرا بالازمة المالية، لكونها مرتبطة بكل المؤسسات، ومرتبطة بالسوق الاعلاني، واي تأثر يحصل في هذا القطاع فان ذلك يؤثر بالطبع على المؤسسات الصحفية، وطبعا السوق الاعلاني شهد انخفاضا، واقدمت المؤسسات والشركات على ” ضبط ” الاعلانات فيها، وتقليص الموازنات الخاصة بذلك، وهو ما انعكس على الصحافة.

في اليوم العالمي لحرية الصحافة كان الامل ان نتحدث عن مشاريع اعلامية، وعن حريات صحفية مسؤولة، ولكن كان الخيار ان نتقبل العزاء في غياب صحف زميلة عن الساحة، وتوقفها عن الصدور، ونأمل الا تأتي هذه الذكرى في العام المقبل ويصادفها عزاء آخر في وسيلة اعلامية اخرى.

 

بالامس كان يوما حزينا بالنسبة للصحافة الخليجية، على الرغم من ان الامس الثالث من مايو يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، الا انه في هذا اليوم ” نكست ” اعلام صحيفتين خليجيتين بعد صدور تراوح ما بين 3 و 5 سنوات.

بالامس توقفت عن الصدور كل من صحيفتي ” الوقت ” البحرينية بعد 5 سنوات من صدور عددها الاول، و”اوان” الكويتية بعد اقل من 3 سنوات من صدورها، في تزامن غريب، والسبب الازمة الاقتصادية والعجز عن ايجاد تمويل لهما.

هذه ” النكسة ” تؤكد ان هناك تحديات تواجه الصحافة اليوم، ففي ظل هذه المنافسة الكبيرة بين مختلف وسائل الاعلام، بات على الصحافة ضرورة تجديد نفسها، والبحث عن اساليب جديدة واكثر حداثة ومواكبة في الطرح والتناول والعرض. فالوقت لم يعد في صالح الصحافة ” الراكدة “، او المتوقفة على الرصيف، انتظارا لوصول القطار.

 

ولنا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x