الأرض اللبنانية لم تعد مستباحة
ليس مستغربا إقدام “اسرائيل” على عدوان جديد ضد أي دولة عربية، فالعقلية “الاسرائيلية” لا تفكر سوى بالحرب والقتل والتشريد..، هكذا كانت، وهكذا ستظل، وهي سمات راسخة بمسيرة هذا الكيان منذ لحظة ولادته غير الشرعية على الارض العربية.
عدوان “اسرائيل” بالامس على لبنان الشقيق يأتي في هذا النسق، أرادت من خلاله الدولة العبرية ان تغطي على الذكرى الرابعة لهزيمتها على يد المقاومة الباسلة في عدوان 2006، لتقول انها مازالت تسيطر على الارض، ولديها القدرة على اعلان ساعة الحرب متى شاءت، إلا انها تفاجأت برد الفعل من قبل الجيش اللبناني في هذه المرة، الذي تصدى بكل بسالة للعدوان “الاسرائيلي”، على الرغم من تسليحه المحدود مقارنة بما تمتلكه “اسرائيل” من ترسانة عسكرية ضخمة.
تخطئ العقلية “الاسرائيلية” ان هي اعتقدت ان لبنان مازال يشكل الحلقة الاضعف عربيا، وانها مازالت قادرة على اللعب على الارض اللبنانية بكل حرية، تدخل متى تشاء، وتخرج متى تشاء، دون ان يكون هناك رد فعل يطيح بـ “رقاب” و”رؤوس” الجنود “الاسرائيليين”، ودون ان تكون هناك ضريبة تدفعها، فهذه المرحلة قد انتهت، وبات على “اسرائيل” ان تدفع ثمن مغامراتها في أي ارض عربية، فما حدث في 2006 عند عدوانها على لبنان، وفي عدوانها على غزة عام 2009 خير شاهد على ذلك.
ارادت القيادة “الاسرائيلية” ان تشتت الانتباه عن هزيمتها في 2006، وان تمر هذه الذكرى المؤلمة عليها دون انتباه، فسعت الى الاقدام على هذا العدوان، الذي من المرجح انه يمثل “جس نبض” لمدى جاهزية لبنان جيشا ومقاومة لمواجهة أي مغامرة “اسرائيلية” تستهدف هذا البلد العربي العزيز، ولتكون “بروفة” اولية لسيناريو عدوان قادم، سعيا لتغيير خارطة المنطقة برمتها، بدءا من لبنان، مرورا بعواصم عربية واسلامية اخرى.
لقد “اغاظ” التضامن العربي الاخير مع لبنان، بدءا بزيارة سمو الامير المفدى للبنان وجنوبه المقاوم، واهله الابطال، مرورا بزيارة خادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الاسد، وانتهاء بالقمة الثلاثية التي عقدت في بيروت وجمعت بين كل من خادم الحرمين الشريفين والرئيسين السوري واللبناني؛ هذا التضامن العربي مع لبنان اغاظ العدو الاسرائيلي، فكان هذا العدوان، متبجحا بتبرير وقح للدخول الى الاراضي اللبنانية، فكان ان تصدى له الجيش هذه المرة، قبل المقاومة البطلة، التي اذاقت العدو مرارة الهزيمة في 2006.
لبنان اليوم ليس “صيدا” سهلا للاسرائيليين، كما يظن قادة الصهاينة، وبات على “اسرائيل” ان تعلم ان مرحلة احصاء الجثث العربية فقط دون ان يكون هناك احصاء لجثث الاسرائيليين قد انتهت، وان الجرائم التي كانت ترتكبها بحق الشعوب العربية دون مساءلة ودون رد لم تعد كما كانت، ولم تعد الارض العربية مستباحة امام الاعتداءات الاسرائيلية كما كانت في السابق،..، نعم قد تكون السماء العربية الى الآن تسيطر عليها “اسرائيل” لكنها ليست وحدها تحسم المعركة،..، المعركة تحسم على الارض، و”اسرائيل” عاجزة عن ذلك.
العدوان “الاسرائيلي” يبرهن من جديد وللمرة المليون ان “اسرائيل” عدو لا يمكن الوثوق به، ولا يؤتمن جانبه، ولا يحترم المواثيق والقرارات، فهناك قرار اممي 1701 بانهاء الحرب بين لبنان واسرائيل بعد عدوان 2006، الا ان الاخيرة لم تحترم هذا القرار منذ صدوره، وواصلت خرقها للقرار طوال السنوات الماضية، وتوجت ذلك بعدوان الامس، وهو امر غير مستبعد بالنسبة للتكوين “الاسرائيلي”، وللطبيعة الاجرامية التي عرفت عن هذا الكيان.
لذلك فان سلاح المقاومة يجب ان يكون منتبها، جنبا الى جنب مع سلاح الجيش في لبنان، ولا يجب التفريط بسلاح المقاومة، في وقت مازالت الارض اللبنانية محتلة، والعدو جاثما عليها، ولا يزال الخطر “الاسرائيلي” يهدد لبنان في أي لحظة.
المواقف العربية يجب ان تتخطى في دعمها للبنان بيانات الشجب والاستنكار، وان تكون هناك مواقف على الارض داعمة للبنان الشقيق كما فعلت قطر والسعودية وسوريا، من اجل ان يفهم العدو ان لبنان ليس وحده في الساحة.. فهل سنرى عملا عربيا متضامنا مع لبنان يتجاوز بيانات الشجب والاستنكار للعدوان الاسرائيلي؟!..
هذا هو الامل الذي يراود كل مواطن عربي من المحيط الى الخليج.