سلاح المقاطعة بأيدينا فلماذا لا نشهره بوجه رافعي الأسعار؟
مطلوب عقوبات رادعة بحق «الخارجين عن القانون»
صحيح ان وزارة الاعمال والتجارة توعدت “الخارجين على القانون” برفع الاسعار باجراءات عقابية رادعة، وهذا امر يحسب للاخوة بالوزارة وعلى رأسهم سعادة الشيخ جاسم بن عبدالعزيز آل ثاني وزير الاعمال والتجارة، وكذا للإخوة بادارة حماية المستهلك الذين لا يألون جهدا في المتابعة وتنفيذ القرارات..
الا انه من المؤكد ان هناك من الشركات من ستسعى الى رفع الاسعار وستجد لذلك تبريرا، وربما تتحايل على القوانين عبر طرق غير شرعية، بل ما اسهل ان تأتي تلك الجهات بفواتير من بلد الصنع تشير الى رفع الاسعار، او القول بأن عملة البلد الذي تصنع به تلك السلع قد ارتفعت، وبالطبع عندما تنخفض العملة لا يتم تخفيض السلعة.
اعتقد ان هناك امرين احدهما من مسؤولية المواطن والمقيم، والآخر من مسؤولية وزارة الاعمال والتجارة ممثلة بادارة حماية المستهلك.
ما يخص المواطن والمقيم هو العزوف عن شراء أي سلعة يتضح انه تم رفع اسعارها بناء على زيادة الرواتب الاخيرة، ومن المؤكد انه بعدم شرائها لن يموت المستهلك، بل ستموت السلعة، التي لن تجد من يشتريها، وسيتأثر اصحاب المحال والشركات التي عملت على رفع الاسعار.
هناك بدائل كثيرة امام المستهلك، فليس بالضرورة ان يشتري تلك السلعة التي تم رفع اسعارها من اجل الكسب السريع، ويجب الا نقلل من الادوار التي تقع مسؤوليتها على الافراد.
في كثير من الدول يلعب المستهلك دورا رئيسيا في ايجاد التوازن في الاسعار، على شرط ان يكون ايجابيا، وللاسف الكثير منا يتحدث بانفعال، ويبدي “معارضة كلامية” على كثير من الامور بما فيها بالطبع الاسعار، لكن لا يتحرك فعليا، بل يترك الامور ويقبل على شراء تلك السلع التي يتحدث عنها بسلبية، ويطالب بمقاطعتها، في الوقت الذي لا يقوم هو بالعمل نفسه، وهذه مفارقة وازدواجية عجيبة.
هناك تجارب ناجحة للافراد في العديد من الدول بالتزامهم بمقاطعة الشركات التي تستغل الظروف، وتقوم برفع الاسعار، حتى في الدول القريبة منا رأينا مقاطعة للعديد من الشركات بعد ان اقدمت على رفع الاسعار، ونجحت هذه المقاطعة في اعادة العمل بالاسعار السابقة.
سياسة “أرخصوها” التي دعا اليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمكن ان تؤتي ثمارا ايجابية اذا ما تم الالتزام بها تجاه كل جهة قامت برفع الاسعار.
ولا يجب ان نقلل من دورنا، والا نستهجن هذه المقاطعة ولو كانت بحجم ريال واحد، وألا ننظر لأنفسنا دون الآخرين، بمعنى ان هذا الريال اذا ما تجمع لألف شخص فهذا معناه ان هناك ألف ريال قد خسرتها تلك الشركة في اليوم، هذا مثال بسيط، فالارقام من المؤكد انها اكبر من ذلك بكثير،..، يجب الا نستخف بدورنا على صعيد المقاطعة، فلكل واحد منا دور حيوي وهام يمكن ان يزلزل ركائز أي شركة تحاول استغلال المستهلك برفع اسعارها.
المهم ان تكون هناك ارادة حقيقية لدى المستهلكين في عدم التعامل مع الجهات التي تحاول التلاعب بالاسعار، او رفعها، او فرض رسوم اضافية تحت أي مبرر…، يجب ان نكون ايجابيين، وتكون لدينا ارادة قوية، ولا نصاب بالاحباط، حتى ولو كان عدد الملتزمين بالمقاطعة قليلا، فالدائرة سوف تكبر بمرور الوقت، وسوف تتسع دائرة المقاطعة والرفض كلما صبرنا اكثر، فالعديد من الشركات التي ترفع اسعارها تراهن على الوقت، وأن المستهلكين ليس لديهم نفس طويل في المقاطعة، وسرعان ما يتراجعون عن مواقفهم،..، هذه القاعدة نريد ان نكسرها، بحيث تكون لدينا ارادة، ويكون لدينا اصرار في مواصلة حصار هذه الجهات، وعدم التعامل معها، واستبدالها بخيارات اخرى من السلع وما اكثرها، وعدم الاحباط حتى وإن رأينا تراجع بعض الافراد من المستهلكين في منتصف الطريق.
اما مسؤولية وزارة الاعمال والتجارة والجهات المعنية بالرقابة على الاسعار، فإنها هي الاخرى عليها مسؤولية كبرى، تتمثل اولا بتطبيق عقوبات جادة وصارمة بحق كل من يثبت انه قد تلاعب بالاسعار، وقام بزيادتها رغبة بأرباح اكبر واسرع، وألا يتم استثناء جهات دون غيرها في تطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بذلك.
ونحن على ثقة بأن وزارة الاعمال حريصة جدا على مصلحة الوطن والمواطن والمقيم، ولن تسمح لأي جهة كانت باستغلال زيادة الرواتب لرفع اسعار سلعها، وستضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه رفع الاسعار.
ايضا هناك امر هام وهو القيام بنشر قوائم بأسماء الجهات التي قامت برفع اسعارها، وان يتم اعلان ذلك في الصحف، مع توقيع عقوبات عليها، ونشر تلك العقوبات، وفي حال عادت من جديد يتم إغلاق تلك الجهة أيا كان صاحبها.
يجب الا تكون هناك مجاملة على حساب رزق المستهلكين من المواطنين والمقيمين، خاصة وأن اسعار العديد من السلع الاستهلاكية تحديدا هي الأرخص في دول الجوار، فلماذا هذا الغلاء الفاحش في العديد من السلع في قطر، هذا قبل الزيادة، فما بالكم اليوم اذا ما اقدمت تلك الجهات على رفع اسعارها؟.
ضبط الاسعار مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية المعنية بذلك، وبين المستهلكين، ولا يجب ان نلقي بتبعية ذلك فقط على الجهات الرسمية، فاليد الواحدة كما يقولون لا تصفق،..، يجب ان نقوم بالادوار المطلوبة منا على اكمل وجه، قبل ان نطالب الجهات الرسمية بذلك.. يجب ألا نوجد لانفسنا الأعذار في ممارسة حق المقاطعة للجهات التي ترفع الاسعار دون سبب اللهم إلا ان الدولة رفعت الرواتب..
نحن نستطيع ان نمارس ضغوطا حقيقية على أي جهة رفعت اسعارها، بحيث تتراجع عن ذلك او يكون مصيرها “الموت البطيء”.
في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه اشتكى إليه عدد من الفقراء من ارتفاع سعر اللحم، فما كان من عمر إلا ان قال لهم: أرخصوه. فتعجب الفقراء، وقالوا كيف: نرخصه يا امير المؤمنين ونحن لا نملك منه شيئا؟ فرد عليهم الفاروق رضي الله عنه بالقول: لا تشتروه، عندها سوف تنخفض الاسعار. استحضرت هذه الواقعة في ظل دعوات باتت تنتشر لمقاطعة بعض الجهات والشركات والمطاعم والمحال التي اقدمت على رفع اسعارها بعد الاعلان عن زيادة الرواتب، فما كان من عدد من هذه الجهات الا ان سعت الى رفع اسعارها، بتبرير او بغير تبرير.
ولنا كلمة