احتفالاتنا.. أخلاق تغرس وقيم تكرّس
اليوم الوطني بالنسبة لنا في قطر ليس مجرد ذكرى تمر، أو احتفالات تقام، أو مسيرات تطوف الشوارع، أو إجازات تمنح..
اليوم الوطني بالنسبة لنا في قطر أخلاق تغرس، وقيم تكرس، ومبادئ ترسخ، وثوابت ومنطلقات يتوارثها جيل بعد جيل، لا يمكن التزحزح عنها، أو المساومة عليها، أو التنازل عنها.
نعم هناك احتفالات، لكن ماذا تحمل هذه الاحتفالات من رسائل ومعان كبرى في التكاتف والتعاون والتعاضد والولاء والعزة..
احتفالاتنا تغرس قيما وأخلاقا في هذا الجيل، مستمدة من تاريخ حافل، ومسيرة عبر عقود حملت نماذج من الرجال يستلهم جيل اليوم منهم هذا الإرث العظيم..
عندما نحتفل اليوم، فاننا بذلك نسترجع مسيرة أسسها المغفور له الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الذي أسس وأرسى قواعد هذه الدولة الحديثة، ونخلد هذه الذكرى منذ 1878، وحمل الراية من بعده أحفاده الكرام، ليحمل الراية اليوم سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي تسلم الراية خفاقة من سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظهما الله ورعاهما، ليكمل هذه المسيرة المظفرة، التي تزداد ألقا في كل يوم، وعزة في كل لحظة.
نحتفل لنتذكر بهذه القيم التي طالما تحدث عنها سمو الأمير المفدى في كل خطاباته، ويؤكد عليها في كلماته، وكلنا يتذكر كلمات سموه عندما تولى مقاليد الحكم في أول خطاب له عندما قال “عرف القطريون من قديم الزمان بحسن أخلاقهم وكرمهم وتواضعهم، وإقلالهم الكلام، وإكثارهم العمل، ونصرتهم المظلوم.. “..
وفي موضع آخر من خطاب لسموه يشير إلى أننا ” ننطلق من مبادئنا ومصالحنا وكرامتنا ومن مصالح الأمة التي ننتمي إليها وكرامتها “..
نحن في 18 ديسمبر نشحذ الهمم لنواصل على نهج الأولى، وطريق الأوفياء، بناء هذا الوطن كل في مجاله، من خلال الإخلاص في العمل، والتركيز على الإنتاجية، وتقديم الصورة المشرفة عن هذا الوطن وقيادته وأهله..
لا يجب علينا حتى ونحن نحتفل في هذا اليوم أن نقدم على ارتكاب أخطاء، أو القيام بسلوكيات ليست من عاداتنا ولا من قيمنا وأخلاقياتنا ومبادئ عرف بها القطريون، ولا من الثوابت التي قام عليها هذا الوطن.
الوطن بحاجة إلى عمل وعطاء وإخلاص وتضحيات، وهذا لن يتأتى بسلوكيات استهلاكية، أو أقوال غير مقرونة بأفعال، أو تنظير بعيد عن أرض الواقع، أو أعمال غير منضبطة بانتاجية حقيقية، أو صرف أموال يصل إلى مستوى البذخ أو يزيد، بدعوى أن لدينا فوائض مالية، كلها تصرفات ليس لها مكان في سير بناة هذا الوطن.
نحتفل اليوم لنجدد العهد والولاء لهذا الوطن وقيادته، ولنمضي سويا على قلب رجل واحد، نصطف صفا واحدا، تحت راية واحدة..
حب الوطن.. هو الالتزام بالعمل، هو السلوك القويم في الداخل والخارج، هو القدوة الحسنة، الابتعاد عن السلبية في التعامل مع قضايا الوطن، وتقديم المصلحة الجماعية على المصالح الضيقة.. مصلحة الوطن فوق كل شيء..
جميل أن نحتفل بيوم الوطن، وأن تشكل احتفالاتنا مظاهر لافتة، لكن الأجمل أن نترجم هذا الحب وهذه الاحتفالات إلى أفعال تنهض بالوطن، وأعمال تخدم الوطن..
الوطن ليس يوما واحدا نحتفل به، بل هو حياة نعيشها، وروح تسري، وقلب ينبض..
بناء الوطن مسؤولية جماعية، كل في مجال، وكل في اختصاصه، مهما علا المنصب أو صغر، كل مسؤول..
بالمناسبة حتى الاحتفال باليوم الوطني، فهو ليس فقط مسؤولية لجنة منظمة، أو وزارة أو مؤسسة، أو فريق عمل معين، أو أفراد معينين.. الاحتفال باليوم الوطني مسؤولية جماعية، كل يقدم ما لديه حسب قطاعه ومجاله وتخصصه حتى يكتمل العقد، ويكتمل البنيان.
نحتفل بهذه المناسبة العزيزة لنؤكد على اللحمة الوطنية، والجسد الواحد، والأسرة الواحدة في هذا المجتمع، بمن فيهم من يعيشون معنا في هذا الوطن، وعلى هذه الأرض الطيبة، الذين يشاركوننا حياتنا وبناء دولتنا ومجتمعنا، فهم شركاء معنا، ويحتفلون معنا في هذا اليوم.
نحتفل بيوم الوطن لنقول للوطن: إننا أوفياء وعلى العهد باقون، وعن منجزاتك مدافعون، ولحماك صائنون، وعلى نهج الأولى سائرون..
وقفة..
“ستبقى قطر كعبة المضيوم.. عبارة قالها مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ورددها سمو الأمير الوالد، وسوف تبقى على هذا العهد في نصرة المظلومين”..
تميم بن حمد آل ثاني
أمير دولة قطر