واقعة وزارة الثقافة والمتمثلة في دعوة فاطمة ناعوت، التي طالما ازدرت الدين الإسلامي، واستهترت بالثوابت الإسلامية، ولا تترك فرصة إلا وتطعن في الإسلام ورموزه،..، ثم إلغاء الدعوة بعد رفض قاطع من الرأي العام بالسماح بدخول مثل هذه “النوعيات” تحت أي من المسميات، تجعلنا نتوقف عند الكيفية التي تتم من خلالها دعوة المشاركين أو الضيوف لحضور فعاليات تقام بالدوحة؟
واقعة وزارة الثقافة ليست هي الأولى في دعوات توجه من قبل وزارات ومؤسسات وقائمين على مؤتمرات وفعاليات مختلفة لشخصيات هي محل اعتراض الرأي العام المحلي، بسبب توجهاتها التي لا تتفق أبداً مع توجهات المجتمع القطري، ولا تتفق أصلاً مع الشريحة الأكبر لشعوب هذه الأمة، ولا أريد هنا ذكر هذه الجهات الرسمية، وإن كان البعض منها قد استدرك الأمر، وقام بإلغاء دعوات وجهت إلى شخصيات بعد ضغط شعبي عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهو أمر يحسب لهذه الجهات بما فيها بالطبع وزارة الثقافة التي تتفاعل إيجابياً مع آراء ومطالب الرأي العام.
خلافنا مع بعض الشخصيات التي تدعى لفعاليات تقام بالدوحة، ليس لكوننا نختلف معها فكرياً، والبعض منها يسيء إلى قطر وقيادتها بشكل سافر، ولا يستنكف عن التعدي على الحرمات، حاملاً حقداً دفيناً على كل ما هو قطري.. ليست هذه منطلقاتنا في الاختلاف، فقد تعلمنا في قطر ألا يشكل الاختلاف في وجهات النظر منطلقاً للإساءات للطرف الآخر، مهما اختلفنا في ذلك، ولم تعترض قطر يوماً ما على أي نقد موضوعي وجه لها، طالما كان نقداً موضوعياً، بل ترحب بذلك، وتؤكد أنها ليست معصومة من الخطأ، ما دامت هي تعمل، وتقدم مبادرات من أجل خدمة قضايا الأمة..
خلافنا مع الذين يسيؤون إلى قطر، بعيداً عن الاختلاف في الرأي أو وجهات النظر، ولأنهم مفلسون تجدهم يشتمون ويتلفظون بألفاظ شائنة وبذيئة، ولا يترددون في الطعن بالأعراض؛ لأنهم هزموا في ساحة الحوار أو الفكر والنقاش الموضوعي لتوجهات وسياسات ومبادرات قطر..
وقبل هذا نختلف مع هذه الفئة لتطاولها على الدين، وطعنها في الثوابت الإسلامية، وإساءتها للمعتقدات..، فلا يمكن لمجتمعنا أن يقبل هذه النوعية بدعوى الانفتاح، وحرية الفكر، وتشجيع الإبداع،.. في حين هي تضرب ثوابت الأمة، وتسعى إلى هدم قواعدها.
لا نريد أن تتحول المؤتمرات والفعاليات المختلفة التي تقام بالدوحة إلى ساحة لتوجيه الدعوات لكل من “هب ودب”، دون أن نعرف من هم القادمون إلينا، وللأسف إن من يشرف على توجيه الدعوات في كثير من الأحيان ليس ملماً بالحدث، ولا يعرف عن الشخصيات المدعوة غير الاسم، وربما حتى الاسم لا يعرفه، إنما هي قوائم من الأسماء “متوارثة” منذ سنوات، جيلاً عن جيل، أو علاقات شخصية تربط البعض بأولئك، دون النظر إلى مواقف هذه الشخصيات التي تم توجيه الدعوة لها للحضور إلى الدوحة، وهي بذلك تسيء إلى هذه الدولة وإلى شعبها وعطاءاتهم الخيرة.
نعم نحن مع الانفتاح، ولسنا منغلقين فكرياً، ولكن لا نقبل أبداً دعوة من يجاهر جهاراً نهاراً بالطعن في الثوابت الإسلامية، ويسيء إلى دولتنا وقيادتها، حاملاً أحقاداً على قطر، ولا يتردد في الإساءة لها، وإذا ما رأى مصلحة، فإنه لا يتردد في “التلون” بالإشادة بها.
ما كان يمكن إخفاؤه في الماضي، لم يعد اليوم بالإمكان ذلك، في ظل هذا الفضاء المفتوح، وهذه الثورة المعلوماتية والتقنية، وهذا الإعلام السيار، وبالتالي أصبحت المواقف واضحة، والصف قد حصحص، ولم تعد الشعوب العربية في المجمل يمكن استغفالها أو خداعها بقليل من الكلمات.
دعوة فاطمة ناعوت هي بالفعل محل استغراب من الجميع، وليس هناك ما يبرر دعوتها في جميع الحالات، ولا أعتقد أن حضورها سيضيف شيئاً إلى معرض الدوحة للكتاب، بل سينعكس سلباً، وسيمثل نقطة “سوداء” في سجل معرض الكتاب.
الأمر الآخر، يجب على كل الجهات التي تقوم بتنظيم مؤتمرات أو اجتماعات أو ندوات.. أن تنتقي من الشخصيات ما يمثل “شامة” بيضاء في سجل هذه الجهات، خلقاً وفكراً وعلماً وعطاءً..، فالعبرة ليست مجرد “كم” من الحضور، أو دعوات مخصصة لتلك الفعالية، وبالتالي توجيه الدعوة لأي شخصية، بغض النظر عن تاريخها ومواقفها وأدائها..، إنما نوعية من أصحاب الفكر والعلم والخلق، ممن لهم بصمة في أي فعالية يشاركون فيها، فقد تجاوزنا الكم إلى البحث عن الكيف.
ونتمنى من جميع الجهات التي تقوم بتنظيم الفعاليات والمؤتمرات والبطولات، أن تسند مهام اللجان إلى أفراد وشخصيات لهم علاقة فعلية بدور واختصاصات اللجنة التي يتولون أمرها، وليس مجرد مناصب يتولون أمرها.
يجب أن يحسن استثمار هذه الفعاليات لإبراز الوجه الحضاري لدولتنا، وما اختيار الشخصيات المدعوة إلا جزء من ذلك، إضافة إلى أن المدعوين لا يجب الاكتفاء فقط بدعوتهم دون أن يجدوا برامج معدة لهم، لإطلاعهم على جوانب النهضة التي تعيشها الدولة.
ففي كثير من الأحيان تتم دعوة الضيوف، دون إعداد أي برنامج لهم ما بعد الفعاليات التي يدعون من أجلها، فتجدهم من المطار إلى الفندق، ومن الفندق إلى المطار، دون أن يروا شيئاً من قطر، وهو أمر باعتقادي غير مقبول.
لذلك كل الأمل أن نعيد التفكير في آليات وطرق الدعوات التي توجه للشخصيات بمن فيهم الاعلاميون لحضور الفعاليات التي تقام بالدوحة، وألا تظل بعض الوزارات والمؤسسات التي تنظم أو تستضيف المؤتمرات تردد “هذا ما وجدنا عليه آباءنا الأولين”..
.. ولنــا كلمة