تبنت “دار الشرق” للطباعة والنشر والتوزيع، ممثلة في “جريدة الشرق”، توجهات المسؤولية الاجتماعية منذ نحو عامين، وشرعت منذ ذلك الحين في وضع هذه التوجهات على أرض الواقع، فأصدرت أول كتاب من نوعه في منطقة الخليج حول ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات في دولة قطر، بعنوان (الكتاب الأبيض)، وحظي ذلك الإصدار بإقبال كبير من الشركات والمؤسسات الحكومية والخيرية، لإبراز تجاربها وممارساتها في هذا الشأن، كما احتوى الكتاب على مادة تحريرية عكست الآراء وأبرز الخبرات المحلية والعالمية.
كان ذلك في عام 2013، وعندما جاء عام 2014 تم تطوير الفكرة لتشمل أيضاً ممارسات وتجارب الشركات والجهات الحكومية في واحد من أبرز أركان المسؤولية الاجتماعية، وهو حقوق العمال، وأيضا حظي الكتاب، والذي تم نشره في الأول من مايو 2014 بمناسبة يوم العمال العالمي، بإقبال كبير من الشركات والوزارات المعنية في الدولة.
تنظر بدورها في تنفيذ مسؤوليتها الاجتماعية إلى الجانب التوعوي منها، وهو جانب شديد الأهمية بالنظر إلى التسارع الكبير في تبني هذه التوجهات عالميا، فليست هناك شركة كبيرة حول العالم إلا ووضعت المسؤولية الاجتماعية نصب عينيها، فالأعمال تدار في الوقت الراهن بناء على السمعة، فليست هناك وسيلة أفضل لتعزيز هذه السمعة سوى الحرص الشديد على تبني وتطبيق معايير المسؤولية الاجتماعية والتي تشمل عشرة مبادئ مقبولة عالميا أصدرتها الأمم المتحدة قبل نحو خمسة عشر عاما.
في العام الماضي أصدرنا النسخة الثانية من الكتاب الأبيض والذي احتوى، بجانب تقارير الشركات، على موجهات تطبيق المسؤولية الاجتماعية، وهي المعايير التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للشركات متعددة الجنسيات، والتي تنشط في عدد كبير من دول العالم النامي، والتي تتوجب عليها بموجب هذه المعايير، مراعاة الجانبين الإنساني والاجتماعي في هذه الدول التي تعمل فيها، إضافة إلى تجنب ممارسات الرشاوى والفساد.
كما نشرنا أيضاً معايير منظمة التقييس العالمية والتي أصدرت مؤخرا أيزو المسؤولية المجتمعية والمرقم بـ26000، والذي يعطي الشركات إرشادات دقيقة حول كيفية تبني هذه المعايير، وكذلك نشرنا معايير كتابة تقارير الاستدامة.
بعد ذلك دخلنا في مرحلة جديدة، حيث أعلنا عن جائزة المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات بدولة قطر، وهي الجائزة الرفيعة الأولى من نوعها في الدولة، فتم تشكيل لجنة مستقلة تضم أكاديميين وممارسين وخبراء، واختارت اللجنة من بين أعضائها رئيسا ووضعت الاشتراطات ومعايير التقييم وخاطبت قطاع الأعمال والجهات ذات الصلة، وعندما اقترب موعد إغلاق باب التقديم في نوفمبر 2014 فوجئنا بإقبال كبير، فقد ضمت قائمة المتقدمين شركات وبنوكا وفنادق وشركات طاقة ومؤسسات حكومية، وحضر حفل التوزيع، والذي رعاه محافظ مصرف قطر المركزي رئيس صندوق دعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية، أكثر من خمسة عشر رئيسا تنفيذيا لكبرى الشركات القطرية، إضافة إلى أكثر من ثلاثمائة شخص يمثلون كبرى الشركات والمؤسسات والمهتمين والخبراء، وتم توزيع الجائزة في حضور ذلك الحشد، مما أعطى مصداقية عالية لهذا التوجه.
وتتويجا لهذه الجهود أعلنا عن عزم “الشرق” على إصدار ملحق أسبوعي يعنى برصد التطورات في شأن المسؤولية الاجتماعية ويبصر قطاع الأعمال بأهمية تبني هكذا معايير، كما يتشارك مع المجتمع أفضل الممارسات والخبرات، والأهم من ذلك تشجيع الأفراد والموظفين والممارسين على أهمية اطلاع الآخرين على أفكارهم وتجاربهم.
نعتقد جازمين أن هذا الملحق، والذي يشرف على إعداده نخبة من الصحفيين المتخصصين، سيكون علامة مضيئة في طريق المسؤولية الاجتماعية، كما يجعل “الشرق” أول صحيفة خليجية تخصص ملحقا أسبوعيا باسم (المسؤولية الاجتماعية)، وهو إصدار نريد له أن يكون بحق منارة (لتعزيز دور الشركات والمؤسسات في تنمية المجتمع).