مقالات

أخلاق العظماء

عندما وضع الأمير الغترة والعقال جانباً وخلع نعليه ليشارك الأطفال لعب الكرة

أمس الأغر لم يكن يوماً رياضياً فحسب، بالمفاهيم الرياضية المعتادة، على الرغم من أن اسمه كذلك، إلا أن ما يحمل من رسائل ومفاهيم، وما يضفيه من أجواء اجتماعية، وأسرية، وتعليمية، وقيم تربوية.. أكبر وأهم من ذلك بكثير.

ففي كل مناسبة تقدم قيادة هذا الوطن نموذجاً فريداً في التواضع، وتجسد على أرض الواقع تلاحماً حميمياً فعلياً وبعفوية، بعيداً عن الرسميات مع أبناء الشعب، ومع من يقيم على هذا الأرض الطيبة، عبر حضور يتجاوز كل الكلمات، ومن خلال ممارسات يفخر بها كل قطري؛ أنه ينتمي إلى هذا الوطن، بل ويفخر بها كل مقيم؛ أنه يعيش في هذا البلد.

حقيقة تتجلى في كل مناسبة؛ وطنية كانت أم رياضية أم اجتماعية.. وما اليوم الرياضي إلا خير شاهد على مدى حميمية العلاقة، التي تربط بين القيادة والشعب، علاقة أسرية تقوم بينهما، فيلتقي أبناؤها بكل مودة واحترام في أي لحظة، وكل مناسبة.

شاهدنا أمس سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه، كيف يمازح الأطفال في المركز الشبابي، وكيف يتحاور معهم، ويقف إلى جانبهم وهم يختارون فريقهم للعب كرة القدم، ويستجيب لمن اختاره أن يكون ضمن فريقه، ولا يتحرج من أن يضع الغترة والعقال جانباً، ويخلع نعليه ليدخل الملعب، ويشارك الأطفال اللعب، ويتفاعل معهم في نقل الكرات بعيداً عن الرسميات، أو البروتوكولات.

هذا الأمر لا تراه من زعيم أو رئيس، ولا تشاهده في دولة، كما تراه في قطر، التي يتواجد سمو الأمير المفدى، وسمو الأمير الوالد حفظهما الله ورعاهما في كل مناسبة، يختلطون مع أبناء الشعب، مواطنين ومقيمين، بعيداً عن «الحراسات»، وبعيدا عن «الرسميات»، في ظاهرة فريدة بين شعوب العالم.

في عالمنا العربي الذي لا نشاهد «الزعماء» فيه إلا و{جيوش» المرافقين يحيطون بهم، ولا يسمع لهم حساً إلا بالتهديد والوعيد، مستعدين لإبادة شعوبهم من أجل البقاء على كراسيهم.. تجد الأمر مختلفا في هذا الوطن، ومن قيادته، التي تنسج يومياً علاقة تتجاوز العلاقات الرسمية، بين الحاكم والمحكوم، علاقة يسودها الحب والوئام والتلاحم.. في أبهى صورها.

عندما تجد طفلاً يتحاور مع قائد الوطن بكل أريحية، ويطلب منه أن يكون ضمن فريقه، ويستجيب القائد لطلب الطفل، ويقول: سأكون في فريقك، ويدخل الملعب، ويشارك الأطفال فرحتهم، واللعب معهم، كواحد من أسرتهم، والأطفال جادون باللعب، يحاولون أخذ الكرة بكل جدية من الأمير، دون الشعور بالخوف، كما هو في بلدان أخرى، عندما يحدثُ مجردُ ذكرِ اسم رئيسهم الخوف والرعب في قلوبهم!! هذه الصورة الرائعة الجمال، لن تترسخ في أذهان جيل المستقبل من أهل قطر ومقيميها فحسب، بل هي رسالة للعالم أجمع: كيف يعيش أهل قطر، قيادة وشعباً ومقيمين، وكيف هي العلاقة التي تربط بعضهم ببعض، ومدى الحب والوئام الذي يسود بينهم، والتواصل الدائم فيما بينهم دون حواجز أو رسميات.

قال لي أحد الأصدقاء من دولة عربية، معلقاً على مشاركة سمو الأمير ـ بكل عفوية ـ الأطفالَ لعب كرة القدم: أميركم بتواضعه هذا، وتعامله مع أفراد المجتمع بهذه الصورة، وابتعاده عن الرسميات، وعدم خلق فوارق بينه وبين المواطنين.. يخلق شعباً كله قادة.

رسائل عديدة حملت مشاركة سمو الأمير أطفاله أمس، رياضتَهم المحببة، فقد شاركهم في سعادتهم، وأدخل السعادة والحبور ليس على نفوس الأطفال وحدهم، بل على أسرهم، وعلى المجتمع بأسره، وكان النموذج الأبهى في تخصيص أوقات للَّعب مع الأطفال، وهي رسالة واضحة لكل أب ولكل فرد، بمشاركته أبناءه فرحتهم في مختلف المناسبات..

في قطر.. مشاركة القيادة أبناء الشعب مناسبات الأعياد المتنوعة، ليست نظريات أو تصريحات تقال، إنما هي أفعال تترجم على الأرض، وتتجسد نماذج من القادة أنفسهم، في كل وقت.. في كل حين.. ممارسة عملية، ومدرسة تقدم للآخرين دروساً في تعامل الرؤساء مع شعوبهم..

إنها معايشة يومية تظهر العلاقة الحميمية.. العلاقة الأسرية.. العلاقة التي تتجاوز كل الرسميات، وتبتعد عن كل البروتوكولات.. العلاقة التي لا يمكن وصفها إلا أنها تمثل أخلاق العظماء من القادة والزعماء.

 

ولنا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x