«حزب الله».. من «مقاوم» للعدو إلى قاتل للشعوب
الثورة السورية أسقطت القناع وكشفت الوجه الحقيقي
ما بين 2006 و2016، اختلفت العلاقة بين حزب الله «المقاوم» آنذاك ودول مجلس التعاون الخليجي، التي وقفت معه ومع لبنان داعمة في 2006، فمن الذي اختلفت مواقفه وتغيرت «بوصلته»؟
ما الذي دفع دول مجلس التعاون ومجلس وزراء الداخلية العرب إلى اعتبار حزب الله وقادته وكل التنظيمات التابعة له أو المنبثقة عنه منظمات إرهابية؟.
نستذكر جيدا في يوليو 2006 كيف وقف زعماء وقادة بالعالم العربي مع «مقاومة» حزب الله للكيان الإسرائيلي، وكيف «تغنت» الشعوب العربية «السنية» بأسماء قادته، وكيف دافع المفكرون والكتّاب والإعلاميون عن حزب الله في معركة 2006، فمن الذي تغيّر، الشعوب العربية وتحديداً الشعوب الخليجية، بما فيها الأنظمة، أم حزب الله؟
عندما كانت «بندقية» حزب الله موجهة – هكذا كنا نعتقد – إلى الكيان الإسرائيلي، وقف الجميع مع الحزب، داعما ومساندا ومؤيدا، ولكن إذا بنا نستيقظ من هذا «الحلم» على واقع مرير، وتتكشف حقيقة هذا الحزب وقادته، وإذا بالثورات العربية، وخاصة ثورة الشعب السوري الأبي، تكون هي الفاضحة والكاشفة لدول ومنظمات وأحزاب وقيادات وأفراد، وفي مقدمتهم حزب الله، الذي سقط القناع من على وجهه، وظهر بوجهه الحقيقي، هكذا تراه الشعوب العربية اليوم.
لقد تحوّل الحزب من «مقاوم» للكيان الإسرائيلي، إلى «قاتل» للشعب السوري، من مدافع عن قضية القدس والأقصى وفلسطين، إلى داعم لنظام قمعي واستبدادي مجرم، من حزب كان يقول إن وجهته القدس، إلى زاحف على مدن سورية، قتلا وتشريدا لأطفالها ونسائها وشيوخها، وتدميرا لمدنها الشامخة.
من شعارات «جوفاء» مرفوعة تنادي: «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل»، إلى ترجمة عملية، لكن ليس إلى من تتحدث عنهم الشعارات، إنما الموت للشعوب العربية التي رفضت السير في ركابه.
سلاح حزب الله اليوم موجه للشعب السوري، الذي احتضنه في عام 2006، وفتح له أبوابه، آواه ونصره، وقدم له ما يستطيع، ولكن إذا بهذا الشعب الأعزل يتلقى طعنة غدر من الحزب، الذي لم يصبح فقط مشاركا في القتل البشع الذي يقوم به النظام السوري وحلفاؤه، بل بات موغلا في الإجرام، وغارقا ليس للركب في الدم السوري فقط، بل إلى «لحى» قادة هذا الحزب.
وغرر ربما بالعشرات من شباب الحزب ومن شباب لبنان للزج بهم في المحرقة التي أقامها النظام السوري لشعبه، فأصبح عدد الذين قتلوا من أفراد حزب الله في سوريا يتجاوز الألف قتيل، حسب الإحصاءات الرسمية المعلنة، وهو بالطبع رقم أكبر بكثير، ربما بعشرات المرات من أفراد الحزب الذين سقطوا في «المناوشات» و»المسرحيات» مع الكيان الإسرائيلي.
ليس هذا فحسب، لقد وصل الإرهاب بالحزب وقادته إلى العبث بالأمن الخليجي في أكثر من دولة، وسعى للتخريب والتفجير، وتم ضبط «خلاياه» في أكثر من دولة، وتم الكشف عن مخططات لزعزعة الأمن والاستقرار بدول خليجية لشبكات إرهابية مرتبطة بحزب الله، وهذا الأمر أعلن، وتم تحويل أفراد تلك الشبكات المرتبطة بالحزب إلى المحاكم والقضاء.
إذن من الذي تغيّر في السياسات والمواقف، دول مجلس التعاون الخليجي أو حزب الله؟
لقد ظلت دول المجلس داعمة للمواقف المشرفة التي تدافع عن قضايا الأمة، وما فلسطين إلا خيرُ شاهدٍ ودليلٍ على ذلك، فها هي اليوم دول الخليج تتصدى للمشروع الصهيوني في فلسطين بما تستطيع، عبر دعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، وعبر دعم حركات المقاومة الشريفة، والدفاع عن القضية الفلسطينية في المنابر الدولية، وإعادة إعمار غزة، رغم الحصار الخانق لأهلنا وأحبتنا في القطاع لعام عاشر.
وها هي الدول الخليجية منحازة لشعوب أمتها، داعمة للدول العربية، ساعية للتنمية بها عبر مشاريع تنموية صادقة وجدية، وعبر استقبال مئات الآلاف من الشعوب العربية الذين يعملون فيها، وتتشارك مع أبناء دول المجلس لقمة العيش، دون أن يصدر من هذه الدول مَنٌّ أو أذى.
لم تتخل هذه الدول عن أدوارها التاريخية في دعم الشعوب العربية، حتى وإن أبدى البعض ملاحظات على ذلك، إلا أن هذه الدول ظلت الوحيدة التي تفي بوعودها للعمل العربي المشترك، ولدعم قضايا الأمة وشعوبها، وهي حقيقة لا ينكرها إلا جاحد وحاقد على هذه الدول.
لبنان المختطف اليوم من قبل حزب الله، تلقى من الدعم من الشقيقة السعودية، تحديدا، ما لم تتلقه أية دولة أخرى، ليس فقط اقتصاديا أو ماديا، إنما سعت الشقيقة السعودية التي تُسَبُّ اليوم على منابر حزب الله وأطراف لبنانية أخرى إلى إخراج هذا البلد من حرب طائفية مزقته شر ممزق، فكان اتفاق الطائف 1990 الذي انتشل لبنان من الهاوية، وأعاد له العافية، ثم اليوم تعض اليد التي أنقذت هذا البلد من قبل حزب الله وأطياف أخرى، أيُّ جحودٍ ونكرانٍ هذا الذي نراه من قِبَلْ هذا الحزب وقادته.
لقد أتيحت لحزب الله فرصة تاريخية بعد 2006 لبناء علاقة جديدة وصحية مع الأنظمة والدول والشعوب العربية، وكان بإمكانه لو ابتعد عن أجندته «الطائفية» أن تكون له الصدارة في العالم العربي، وأن يكون مرحبا به رسميا وشعبيا، لكنه فضّل اختيار أجندة طائفية ضيقة عن الانخراط في مسار الأمة.
لم تتجَنَّ الدول الخليجية أو الدول العربية على حزب الله، الذي يمارس اليوم إرهابا، وأبعد من ذلك، يمارس إجراما وقتلا في أكثر من مكان، ليست الأرض السورية أو الشعب السوري المظلوم هو الوحيد الذي يكتوي بنيران حزب الله، بل هو شريك في الإجرام والإرهاب في بقاع شتى من عالمنا العربي والإسلامي.
لقد تحوّل حزب الله من «أمل» إلى «ألم»، وبات إداة قاتلة للشعوب العربية، وخنجرا في خاصرة الأمة،
تحوّل من حزب «مقاوم» للعدو، إلى حزب قاتل لشعوبنا، ومزعزع لأمننا، وممارس للإرهاب في أوطاننا، وذراع لفتنة طائفية تعصف بالمنطقة.
آن الأوان للبنان البلد أن يتخلص من الارتهان لحزب الله، وأن يرفض إملاءات الحزب، وأن تعود للدولة هيبتها، بدلا من هذا الوضع «المعتل» الذي يعيش فيه.
آن الأوان للبنان أن يعود إلى الجسد العربي، وأن ينهي حالة «الاختطاف» التي يعيشها.