حوارات

مدير مؤسسة الرعاية الصحية الأولية: خطة لتسوية رواتب التمريض ورقمنة الخدمات

نسبة التقطير في المهن الإدارية 70.75%.. وعزوف الكوادر الوطنية عن التمريض أسبابه اجتماعية

كشفت الدكتورة مريم عبد الملك- المدير العام لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية-، النقاب عن أنَّ مؤسسة الرعاية الصحية الأولية تعكف على إعداد دراسة لتسوية رواتب الممرضين في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية برواتب الممرضين في مؤسسة حمد الطبية، مع الأخذ بعين الاعتبار فارق علاوة الاجتذاب، أي أنَّ الممرض في قسم العناية المركزة أو قسم الطوارئ لا يمكن مساواته بممرض العيادات الخارجية.

وعللَّت الدكتورة مريم عبد الملك في حوار مع “الشرق” أسباب عزوف الكوادر الوطنية عن مهنة التمريض، هو بسبب سوء فهم الدور الملقى على عاتق ممتهني هذه المهنة من قبل الأهالي الأمر الذي يدفع بأولياء الأمور عدم تشجيع أبنائهم وبناتهم لخوض غمار هذه المهنة رغم أهميتها، كما أنَّ من بين الأسباب هو ندرة خريجي وخريجات التمريض من حملة البكالوريوس لاسيما بعد إغلاق معهد التمريض، لذا نحن مستبشرون خيراً منذ افتتاح كلية التمريض في جامعة قطر وسنقوم باستقطاب أول دفعة تمريض تشجيعا ودعما لهم.

وأوضحت الدكتورة مريم عبد الملك قائلة “إنَّ نسبة التقطير في المهن الإدارية في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية بلغت 70.75%، فيما بلغت نسبة التقطير في المهن الطبية 38%، أما في التمريض فالنسبة لاتزال قليلة للأسباب التي ذكرت آنفا.”

وأعلنت الدكتورة مريم عبد الملك في مستهل حديثها الانتهاء من إعداد مقترح بانتظار عرضه على سعادة وزير الصحة العامة لإضافة منطقة رابعة في التوزيع الجغرافي للمراكز الصحية تحت اسم المنطقة الجنوبية لتسهيل عملية الإشراف على أداء المراكز، فضلا عن مقترح لإحلال مركز المطار الصحي على اعتباره من المراكز غير قابلة للتوسع، مشيرة إلى أنَّ عام 2025 لن يشهد افتتاح مراكز جديدة بل سنشهد خلال السنوات الثلاث المقبلة افتتاح مركزين بعد إحلالهما هما مركز مدينة خليفة الصحي الذي يعد الأقدم، ومركز أم غويلينة ليكونا من مراكز المعافاة.

وأكدت الدكتورة مريم عبد الملك أهمية تخصيص 8 مراكز صحية للمواطنين، إلا أنَّ هذه التجربة لم يستثمرها المواطنون بالطريقة اللازمة، سيما وأن العدد الأكبر منهم لايزال يراجعون في مراكزهم الصحية السابقة لارتباطهم بأطبائهم.

وكشفت الدكتورة عبد الملك أنَّ “المؤسسة” بصدد رقمنة العديد من الخدمات، لتسهيل الوصول إليها من قبل المراجعين، مما يعزز توافرها عبر القنوات الافتراضية.

وبينت الدكتورة مريم عبد الملك أنَّ من التحديات التي توجه قطاع الرعاية الصحية الأولية هو عدم التزام المراجعيم بمواعديهم أو “النو شو”، حيث بلغت نسبة عدم الحضور للمواعيد 38%، وبلغت النسبة 40% في عدد من العيادات التخصصية والأقسام، الأمر الذي يعد هدراً لوقت الطبيب كما يُفوت الفرصة على مراجع آخر كان مستحقا للموعد، لذا نتطلع من المراجعين الالتزام بمواعيدهم أو الاعتذار عنها هاتفيا أو إعادة جدولتها حتى يتم منحها لآخرين، مشيرة إلى أنَّ من التحديات هي الحالات العنف اللفظي والجسدي التي تتعرض لها الطواقم الإدارية والطبية والتمريضية في المراكز الصحية حتى وإن كانت حالات فردية إلا أنها مرفوضة، وغير مبررة، ويعاقب عليها القانون.

وإليكم تفاصيل الحوار:

    – مواكبة متطلبات المجتمع

 بداية هل لكم أن تقيمون أداء مؤسسة الرعاية الصحية الأولية؟

نحن قطعنا شوطا كبيرا في تطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية، من حيث التطوير والتجديد بتوجيهات المسؤولين، تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للصحة 2024-2030، واستراتيجية قطر الوطنية 2024-2030، فضلا عن ما نرصده من قبل أفراد المجتمع فمشاركتهم لنا في اللقاءات والاجتماعات جعلتنا نشعر بأهمية دورهم، وملاحظاتهم انعكست على خدماتنا المقدمة، فهم يلفتون نظرنا إلى بعض الخدمات بناء على تجاربهم، فكلما استطعنا تحديد احتياج المراجع، كنا نسير على الطريق الصحيح، فما يهمنا هو استدامة أي خدمة نقدمها.

 ما مدى مواكبتكم لمتطلبات الرعاية الصحية في ظل القفزات التي تشهدها الدولة؟

إنَّ أول خطوة لمواكبة متطلبات الرعاية الصحية كانت منذ 12 عاما عندما انفصلت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية عن مؤسسة حمد الطبية، حيث باتت تعمل ككيان مستقل، وبرؤية وبرسالة واضحتين، وخطط استراتيجية محددة الأهداف، فكان هذا عبئا علينا، في أن ننفذ ما هو موجود، فمنذ 2012 كانت الرؤية واضحة في كيف نجعل خدماتنا تسير بالتوازي مع النمو السكاني المطرد، سيما وأن الدولة كانت تستعد لاستضافة كأس العالم 2022، فكانت من أولويات خطط وزارة الصحة العامة هو إعداد خطة إستراتيجية للأبنية والمنشآت الصحية التابعة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، ففي 2015 تم افتتاح 16 مركزا صحيا جديداً، وبدأ العدد بالزيادة حتى بات هناك 31 مراكزا صحيا، فالمراكز الصحية حقيقة لم تكن زيادة كمية فقط، بل زيادة تتعلق بنوعية الخدمات التي نقدمها المراكز الصحية والمباني أيضا، إذ وبشهادة أي زائر من دول الخليج يثني على المرافق وعلى كيفية بنائها، حيث لدينا 3 أنماط من المراكز الصحية الأول (A) وهي المراكز الصحية التي تخدم ما لا يزيد عن 3 آلاف نسمة والتي عادة ما تكون خارج الدوحة كالكرعانة حيث إنها تقدم خدمات صحية أساسية، أما النمط الثاني (B) فهي المراكز الصحية المعنية بتقديم الخدمات الصحية جميعها باستثناء خدمات المعافاة، والنمط الثالث (C) وهي المراكز الصحية التي تقدم الخدمات الصحية والتخصصية كافة بالإضافة إلى خدمات المعافاة والتي تستوعب أكثر من 50 ألف مراجع قابلة للزيادة وعددها 7 مراكز صحية معافاة، وهذا التطور في البناء والخدمات له صدى في عدد من الدول وخاصة الخليجية الذين يثنون على طريقة الإنشاء ونوعية الخدمات المقدمة في مؤسسة تقدم الرعاية الصحية الأولية، في ظل تقديم عدد من الخدمات الشاملة بل والتي تعدت دور الرعاية الصحية الأولية من خلال تقديم خدمات تخصصية، كما لدينا خدمات الرعاية العاجلة وتعمل على مدار 24 ساعة في 12 مركزا صحيا للبالغين و5 مراكز صحية للأطفال، وهي تعد خدمة جديدة يقدمها نظام الرعاية الصحية الأولية على مستوى دول الخليج.

هل هناك تقسيم معين بالنسبة لتوزيع الـ31 مركزا صحياً؟

توزيع المراكز الصحية يتم بالاستناد إلى منطقة شمالية، منطقة وسطى وثالثة غربية، والنية أن تضاف منطقة جنوبية لتوزيع بعض المراكز عليها، لتسهيل عملية الإشراف على المراكز، والمقترح موجود وننتظر عرضه على سعادة وزير الصحة العامة للنظر فيه.

   – اقتراح لوزير الصحة

هل سيشهد عام 2025 توسعا في عدد المراكز الصحية؟

خلال عام 2025 لن يكون هناك افتتاح لأي مركز جديد، إلا أن هناك عددا من المراكز الصحية التي ستفتح خلال السنوات الثلاث المقبلة، مركزين بديلين مركز مدينة خليفة الصحي والذي يعد أقدم مركز صحي أنشئ عام 1982 والذي شهد توسعة بسيطة وتم تجديده إلا أنه كان من المهم استبداله، ومركز أم غويلينة الصحي، كما خصصنا 8 مراكز للقطريين فقط تعطي أولوية للمواطنين لتقليل وقت الانتظار، وسرعة المواعيد منذ 2023-2024.

– هل المراكز الصحية البديلة ستكون كما هي أم سيضاف إليها خدمات جديدة؟

نعم، ستكون أكثر شمولية وأكثر توسعا، ستقدم خدمات تخصصية كما ستقدم خدمات المعافاة، وسيكون لدينا تعاون مع حمد الطبية لدعمنا على مختلف المستويات، وأشير إلى أن منذ فترة جمعنا تعاون مع مركز أبحاث وعلاج السرطان التابع لحمد الطبية لمن تعافوا من مرض السرطان، وكانت المبادرة من المركز وتحديدا من الدكتور محمد سالم الحسن-المدير الطبي لمركز أبحاث وعلاج السرطان-، والهدف أن يقوم المركز الصحي المخصص لهذه المبادرة وهو مركز السد الصحي في استقبال المرضى المتعافين وإجراء الفحوصات الدورية لهم، ولا يعد هذا أول تعاون بل هناك تعاون مع مؤسسة حمد الطبية على مستويات أوسع كتقديم خدمة غسيل الكلى فلدينا 3 مراكز صحية تقدم هذه الخدمة بالتعاون مع مستشفى حمد العام، كما أننا منذ فترة قريبة جدا استقبلنا ممثلين عن المستشفى الكوري بهدف بحث سبل التعاون بين مؤسسة الرعاية الصحية الأولية والمستشفى الكوري في خدمات المسح على وجه الخصوص، ونحن ندرس هذه المقترحات بجدية، فالتعاون لم يعد على مستوى القطاع الحكومي بل أيضا هناك فرص للتعاون مع القطاع الخاص، ولدينا تعاون مع الجمعية القطرية للسرطان، والهلال الأحمر القطري حيث نتبادل معهم الدلائل السريرية للعلاج.

 هل هناك مراكز صحية جديدة ستشهدها الفترة المقبلة؟

هناك اقتراح سيرفع لوزارة الصحة العامة يتعلق بإنشاء مراكز صحية في عدد من المناطق التي باتت تشهد تكدسا سكانيا كمنطقة عنيزة-على سبيل لمثال لا الحصر-، أيضا مدينة لوسيل لا يوجد بها مركز صحي ويعد مركز جامعة قطر الصحي الأقرب لها، ومركز الخليج الغربي من المراكز القديمة الذي يشهد ازدحاما حيث يستقبل 120% عن الزيادة الطبيعية وأيضا مركز الغرافة الصحي يعد مزدحما، وأوقفنا أي تسجيل جديد على هذه المراكز بسبب الضغط الشديد عليها، لذا قمنا بتوزيع المراجعين على المراكز خارج مدينة الدوحة، وخاصة بعد تخصيص عدد من المراكز الصحية للمواطنين.

كما قدمنا مقترحا لوزارة الصحة العامة لمركز المطار الصحي من المراكز الصحية القديمة وغير قابل للتوسعة، وجميعها مقترحات تحت الدراسة، ولكن بظني أن توزيع المراكز الصحية الـ31 يخدم جغرافيا سكان دولة قطر.

 إلى أي مدى تعتقدين أن تجربة تخصيص مراكز صحية للمواطنين ناجحة؟

أعتقد أن هذه التجربة لم توظف بالطريقة الصحيحة، والسبب في أن المواطن متاح له كامل الحرية بالتوجه لأي مركز صحي، كما أنَّ عددا كبيرا من المواطنين رفضوا تسجيلهم على المراكز الصحية المخصصة للمواطنين بسبب ارتباطهم بمركزهم الصحي القديم وبأطبائهم الذين اعتادوا عليهم، وحاولنا نقوم بتدوير الأطباء حتى ندفع بالمواطنين الاستفادة من ميزة المراكز المخصصة لهم إلا أنَّ الأمر لم يجد نفعا، ورغم أن تخصيص المراكز الصحية للقطريين جاء بناء على مطالب المواطنين إلا أن الاستجابة والإقبال لم تكن على حجم المطالبات بتخصيص مراكز صحية للمواطنين، رغم أنها اختيرت لتغطي مناطق تمركز المواطنين لاسيما في المنطقة الوسطى، وأشير أن هناك أولوية لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة ولهم أرقام مخصصة.

 هل بالإمكان إطلاعنا على عدد المراجعين سنوياً؟

إنَّ عدد زيارات القطريين للمراكز الصحية تشكل 16% من النسبة الكلية للزيارات، حيث خلال العام الماضي استقبلت المراكز الصحية 4 ملايين ونصف المليون زيارة من المراجعين المواطنين وغير المواطنين، نظرا لعدد السكان.

    – 90 % من الإستراتيجية

 مدى التزام الرعاية الصحية فيما يخصها في تطبيق الاستراتيجية العامة للصحة ومدى تطبيقها على أرض الواقع؟

أجزم وأؤكد لك أننا في الاستراتيجية الثانية للصحة قد حققنا 90% من أهدافها المطروحة، الفكرة التي نريد الوصول إليها هو أن يبقى التواصل مع المراجع مستمرا، وأن يتعهد المراجع بالالتزام حيال ما نقوم به ونوفره من خدمات لصالحه، إن تنفيذ الـ90% ليس بالأمر السهل، حيث كان علينا أن ننفذ وفق ما ينسجم مع خطط واستراتيجيات وزارة الصحة العامة، فنحن لا نعمل بمعزل عنها، وأحد أهم الأهداف هو أن نعقد اجتماعا في أحد المراكز الصحية ممثلا عن المنطقة وندعو عددا من المراجعين المسجلين كممثلين عن المسجلين على المركز بوجود الأطباء للوقوف معهم على احتياجات المراجعين وإشراكهم، وإطلاعهم على مطالبنا من المراجعين، وهم لهم صوت مسموع في مجلس الشورى، حيث تم استدعائي وسعادة وزيرة الصحة العامة السابقة في مجلس الشورى للنظر في طلبات المراجعين وبالفعل نفذنا عددا منها، حيث إن خدمة الرعاية العاجلة تعد واحدة من طلبات المراجعين لاسيما في المناطق الخارجية كمركز الكرعانة بات يتوفر به خدمة رعاية عاجلة على مدار الـ24 ساعة، ونحن بالفعل نريد أن نتلقى مقترحات المراجعين وتنفيذ الخدمات القابلة للتنفيذ وفق رؤية المؤسسة ووفق التمويل المتاح.

   – الاستشارات عبر الفيديو

فعّلت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية خدمة استشارات عبر الاتصال المرئي لتسعة تخصصات، كيف يمكن أن تتطور هذه الخدمة مستقبلا لتعزيز وصول المؤسسة إلى مزيد من المستفيدين؟

أولاً: البناء على نجاح مثبت، لقد أثبتت هذه الخدمة فعاليتها خلال جائحة كوفيد-19، حيث ضمنت حصول السكان على خدمات الرعاية الصحية الأساسية بأمان وهم في منازلهم، إضافة خدمة الرعاية الصحية عن بُعد كخدمة أساسية: هذه الخدمة ليست مؤقتة، فالمؤسسة تهدف إلى اعتمادها كنموذج على المدى البعيد، هذا يعني جعلها معياراً يُعتمد عليه في المتابعات وإدارة الأمراض المزمنة والاستشارات الروتينية، مما يمنح المرضى مزيداً من المرونة في خياراتهم، الراحة واستمرارية الرعاية: توفر هذه الخدمة حلاً مثالياً للمهنيين المنهمكين في العمل ولمن يُديرون حالات صحية مزمنة، فهي توفّر وقت المرضى وتُغنيهم عن زيارة المركز الصحي، قوة عاملة مدرّبة: تقدّم المؤسسة التدريب المستمر لمقدمي الرعاية الصحية من خلال الرجوع إلى الدروس المستفادة، تطوّر المؤسسة سياساتها لتتناسب مع الخدمات الافتراضية، إذ تتطلب استشارات الفيديو مهارات تواصل وتشخيص مختلفة وبهذا نضمن تجهيز فرقنا بالأدوات والمعرفة الضرورية لتقديم رعاية افتراضية ذات جودة عالية، النمو المستقبلي من خلال النماذج المُدمجة: تتصور المؤسسة نموذجاً مدمجاً لرحلة المريض يجمع بين الزيارات إلى المراكز الصحية والاستشارات الافتراضية للمتابعات والفحوصات الروتينية أو الاستشارات للحالات المزمنة، حيث يمكن إدارة بعض الحالات عبر استشارات الفيديو، دون الحاجة إلى حضورهم الفعلي، ونحن أيضاً بصدد رقمنة العديد من الخدمات، مما يسهل الوصول إليها ويعزز توافرها عبر القنوات الافتراضية، تعزيز توعية المرضى وتثقيفهم: بعد انتهاء الجائحة، ومع عودة جميع خدمات المراكز الصحية إلى وضعها السابق، لاحظنا توجه المزيد من الأشخاص نحو الاستشارات وجهاً لوجه، ولذلك أطلقنا حملات جديدة تهدف إلى تثقيف المرضى وتسويق خدمات الاستشارات الافتراضية، وعالجنا أي تردد أو مفاهيم خاطئة قد تكون موجودة حول فعاليتها مقارنة بالزيارات التقليدية، لذا ومن خلال التركيز على هذه المجالات، ستضمن المؤسسة بقاء الاستشارات عبر الفيديو عنصراً أساسياً في نظام الرعاية الصحية في دولة قطر، مما يعزز من سهولة الوصول إلى الرعاية ويرفع مستوى جودتها ويزيد من رضا المرضى.

   – الطب الدقيق

 ماهو دور مؤسسة الرعاية الصحية الأولية في تعزيز الطب الدقيق؟

الكشف المبكر والرعاية الوقائية: يمكن لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية الاستفادة من الفحوصات الجينية والمؤشرات الحيوية لتحديد المرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب، مما يتيح وضع استراتيجيات وقائية مخصصة، ويقلل من الاعتماد على العلاجات باهظة التكلفة، التكامل مع صحة السكان: يمكن لبيانات الطب الدقيق أن تساعد المؤسسة على تطوير تدخلات صحية مخصصة بناءً على العوامل الجينية والبيئية وأنماط الحياة، مما يحسن النتائج الصحية عبر المجتمعات، رعاية متمحورة حول المريض: من خلال توافقه مع نهج الرعاية المتمحور حول الأشخاص الذي تعتمده المؤسسة، يقدم الطب الدقيق علاجات فردية تعزز الفعالية وتقلل من الآثار الجانبية وتزيد من تفاعل المريض، التعاون في مجال البحوث: يمكن للمؤسسة التعاون مع المؤسسات البحثية وشركات الأدوية لإجراء تجارب أولية على الطب الدقيق في بيئات الرعاية الأولية، مما يظهر إمكانياته في علاج الأمراض الشائعة، إدارة فعّالة للأمراض المزمنة من حيث التكلفة: يمكن أن يجعل الطب الدقيق إدارة الأمراض المزمنة أكثر كفاءة من خلال تقديم العلاجات وفقاً للملفات الجينية الفردية، مما قد يقلل من التكاليف الصحية على المدى الطويل من خلال تقليل العلاجات غير الضرورية، دعم رؤية قطر 2030 من خلال الوقاية وإدارة الأمراض المزمنة والتدخلات المستهدفة، يمكن للمؤسسة المساعدة في دمج الطب الدقيق في الرعاية الصحية اليومية، مما يساهم في تحقيق هدف قطر المتمثل في بناء نظام رعاية صحية قائم على المعرفة والبيانات.

   – قياس رضا الجمهور

هل لديكم مؤشرات قياس رأي لقياس مدى رضا الجمهور عن خدماتكم؟

لدينا قياس رأي للموظفين، وقياس رأي للمجتمع أو الجمهور، ونقوم بإجرائه سنويا، كما أن بعد كل زيارة للمراجع تصله رسالة لقياس مدى الرضا على الخدمات التي تلقاها، لكن للأسف الكثيرين لا يستجيبون، وأعتقد أن هذا بسبب أن البعض يخشى أن يكون الاتصال مفبركا بسبب كثرة الاتصالات أو الرسائل المضللة التي تصل للشخص من جهات غير معلومة، لذا أيضا نقوم بإجراء استبانات للمراجعين وبالفعل نتائجه جيدة جدا، وفي آخر سنتين كانت النتائج ما بين 86%-87% نسبة رضا، وهي تتجاوز النسبة العالمية التي تصل إلى 75%، ونتطلع أن تتصاعد النسبة، ولنتجاوز إرسال رسالة للمراجع أن يتم تقييم الزيارة عبر تطبيق “نرعاكم” التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية.

     – الوقاية قبل العلاج

 باعتقادكم ما هي الأسباب وراء هذه المشكلة؟

قلة وعي بعض أفراد المجتمع أحد أهم الأسباب وراء هذه المشكلة من وجهة نظري، إذ إن البعض يتعامل مع المراكز الصحية عند المرض فقط، رغم أن دور الرعاية الأولية في المقام الأول هو الوقاية، فمن المفترض أن يأتي المراجع وهو سليم ليقوم بإجراء الفحوص الدورية التي تقيه من المرض، وبالفعل أدرجنا الفحص السنوي الدوري ونتطلع أن نستقبل المراجعين وهو متاح من الأعمار 18 عاما فما فوق فخلال موعدين يجري كافة الفحوصات، ومن خلال التجربة وجدنا أن البعض مصاب بأمراض مزمنة وهو يجهل إصابته بها كالسكري، وارتفاع ضغط الدم، وللأسف الإقبال جدا ضعيف، رغم أن الفحوصات تجرى مجاناً، والنتائج تظهر أغلبها خلال يوم، إلا أنَّ البعض لديه استعداد كي يسافر لأي دولة ويتكبد الكثير من النفقات على أن يأتي للمركز الصحي الذي يبعد أميالا قليلة عن مسكنه كي يخضع لفحوصات لازمة وغير لازمة قد تؤثر على صحته خاصة عند تعرض الشخص للأشعة المقطعية، فنسبة الإشعاع فيها 300 مرة أكثر من الأشعة العادية وبالإمكان أن تعرضه للإصابة بالسرطان، وأكرر أن الخدمات الدورية أقرت وفق معايير عالمية وليس اعتباطيا، لذا ممكن نضيف الفحوصات لكن لا نعرض المراجع القادم لإجراء فحص دوري لأي أشعة إلا في حال تبين من التحاليل ضرورة إخضاعه للأشعة، فهي من جانب تكلفتها باهظةـ ومن جانب آخر مضارها أكثر من منافعها في حال لم يكن هناك مبرر طبي لإجرائها، لذا أتطلع من أفراد المجتمع الاستفادة من خدمة الفحص الدوري السنوي لوقاية أنفسهم من الأمراض، وللتصدي لأي مرض في مرحلة مبكرة، مما يخفض مؤشرات الإصابة بالأمراض خاصة المزمن منها، ويقلل التكاليف العلاجية على الدولة، لكننا للأسف لم نصل لهذا الوعي حتى الآن.

وأعود إلى نقطة أسباب تحديد موعد في المراكز الصحية، المواعيد ليس الهدف منها استقبال المراجع في حالة المرض، بل العكس استقباله في حالة الصحة وإجراء الفحوصات الدورية، فمن يمرض ليس بسبب جسدي بل قد يكون بسبب عامل خارجي، أو بسبب ضغوط نفسية، لذا هنا تكمن أهمية طب الأسرة.

    – التأمين الصحي

ما مدى جاهزية مؤسسة الرعاية الصحية الأولية لاستقبال هذا الكم من زوار دولة قطر؟

في أكثر من أمر للزائرين، فالتأمين الصحي متوقع أن يخفف الضغط على القطاع الحكومي، ويفسح المجال للقطاع الصحي الخاص في أن يكون شريكا في عملية تزويد الخدمات الصحية في الدولة، وهذه الافتراضات درست من قبل فريق التأمين الصحي، ولهذه الأسباب علقنا التوسع في المراكز الصحية في ظل الخدمات التي سيقدمها وبدأ في تقديمها القطاع الصحي الخاص إلى جانب القطاع الصحي الحكومي، لذا يجب أن لا نتسرع في اتخاذ أي خطوة نحو التوسع إلا بعد أن تكون الرؤية الخاصة بالتأمين الصحي قد اتضحت، ونحن نعول على دور القطاع الصحي الخاص في هذا المجال وبالفعل بتنا نلمس تعاونا بين عدد من المستشفيات في القطاع الخاص والقطاع الحكومي وهذا مؤشر جيد.

 ألا تتخوفون من القطاع الخاص كمنافس في استقطاب الكوادر المهرة ؟

نعم هناك تخوف وهذا أمر وارد، ولكن هذا التنافس يصب في نهاية الأمر في مصلحة المستفيد من الخدمات.

– 40 % نسبة “النو شو”

 هل عدم التزام المراجعين بمواعيدهم يعد مشكلة حقيقية؟

نعم هي مشكلة حقيقية، وتحد بالنسبة لنا، فنتطلع من المراجعين كما نسعى في بذل قصارى جهدنا لتقديم الخدمات على أكمل وجه أن يلتزموا بمواعيدهم أو إعادة جدولتها أو إلغائها من خلال الأرقام التي ترسل للمراجع عند تذكيره بالموعد، إذ إن نسبة عدم الحضور للمواعيد أو “النو شو” تصل إلى 34%، رغم أن عالميا يجب أن لا تزيد عن 27%، بل إن بعض الخدمات يصل عدم الالتزام فيها بالمواعيد إلى 40%، فعدم الحضور يهدر وقت الطبيب، ويفوت موعدا على مراجع أو مريض بحاجة الموعد.

     – تأهيل وتدريب الكوادر

هل تقومون بتأهيل وتدريب موظفات وموظفي الاستقبال في المراكز الصحية، حيث هناك العديد من الشكاوى على أغلبهم؟

نحن نقوم بتدريبهم وتأهيلهم باستمرار، ونقيس حجم الاستفادة قبل وبعد التدريب، وتتم متابعتهم على مدار 3 شهور، وحقيقة نحن نلمس استجابة من البعض، كما أن هناك من يرفض التطوير، رغم أننا بتنا نوظف خريجي الجامعات ولكن الإقبال على هذه الوظائف ليس وفق توقعاتنا، لذا تواصلنا مع ديوان الخدمة المدنية لإقرار ميزات لهذه الوظيفة كالحوافز لجذب المواطنات لهذه الوظيفة، والنظر في المناوبات المسائية التي عادة لا تتناسب وأغلبهن، لذا هناك دراسة مع ديوان الخدمة المدنية أن ينظر في ساعات العمل وأن تقر لهن حوافز مالية.

 هل تلقيتم شكاوى من الموظفين أو الجمهور ؟

أي عمل خدمي ويتطلب مواجهة مع الجمهور سيشهد بعض الخلافات بين الجمهور ومقدمي الخدمة، بعض الشكاوى يتم حلها من خدمة العملاء، وبعض الشكاوى تكون بسيطة بسبب عدم وضوح الخدمة، ولا توجد شكوى إلا ويفتح تحقيق بها إلى أن تحل.

   – رصدنا حالات فردية

 هل تعرضت كوادركم الطبية والتمريضية والإدارية لعنف فعلي من قبل المراجعين؟

نعم، نحن نرصد مثل هذا النوع من الاعتداءات بصورة شهرية، بين اعتداء لفظي وأخرى اعتداء جسدي، وقد تكون أشهر حالة للاعتداء الجسدي حالة أحد الأطباء الذين تعرض لكسر في قدميه بسبب أحد المراجعين في مركز الدفنة الصحي وحينها قام معالي رئيس مجلس الوزراء السابق بالقدوم بنفسه إلى المركز الصحي للاعتذار للطبيب وتطييب خاطره، والتأكيد أن ما قام به المراجع هو فعل فردي، وحاولنا أن نطلق حملات لرفع الوعي بهذا الجانب انطلاقا من المدارس.

هل هذه الحالات بتراجع من خلال القياس الشهري لها؟

حقيقة لا، بل هناك أشهر تتضاعف فيها هذا النوع من الحالات، وأظن أن السبب يعود إلى أن كل مراجع يود أن لا ينتظر ويود أن يخدم قبل أي مراجع وهذا أمر محال، فالبعض يحتاج إلى مزيد من الثقافة والوعي التي تجعله قادرا على احترام من يقدم له الخدمة، وأن يحترم دوره ودور الآخرين الذين قدموا قبله، ولكن هذه الأفعال الشاذة لا تنفي أن هناك نسبة كبيرة من المراجعين يقدرون عمل الزملاء من الأطباء والموظفين.

     – الوصمة الاجتماعية

 كيف تقيمون تجربة العيادات النفسية في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية؟

واحدة من أهم النجاحات التي قمنا بها عند افتتاح عيادات الصحة النفسية في المراكز الصحية عام 2016 هو أننا لم نطلق عليها اسم عيادة صحية نفسية بل أسميناها عيادة «الدعم النفسي»، كما أننا خصصنا أماكن بعيدة عن قسم الاستقبال حتى نحافظ على خصوصية المراجع مما يسهم في خفض الوصمة الاجتماعية التي قد تحيل بين المراجع وبين مراجعة عيادات الدعم النفسي، حيث الإقبال فاق التوقعات، فهذه العيادات تقوم على أخصائيين نفسيين، ومؤخرا قمنا بتعيين أطباء نفسيين، وهناك وعي أفضل في هذا الجانب، عيادات الدعم النفسي في 8 مراكز صحية، وعيادة الطب النفسي المتكاملة للبالغين في سبعة مراكز صحية ولكبار القدرِ في مركزين صحيين.

 كيف تقيمون التعاون مع كليات الطب الوطنية؟

التعاون مستمر، ومن بين الاتفاقيات أن نستقطب خريجي وخريجات الكليات المحلية ويتم تعيينهم من جامعة قطر وجامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، وبالفعل عينا عددا من الصيادلة والأطباء وفنيي المختبرات من القطريين وأبناء المقيمين، بهدف تشجيعهم.

      – دراسة لتسوية رواتب التمريض

هل باعتقادك أن انخفاض رواتب التمريض في مؤسستكم مقارنة بمؤسسة حمد الطبية أسهم في عزوف الكوادر الوطنية عن هذه المهنة؟

لا أعتقد أنَّ هذا هو السبب الرئيسي للعزوف عن هذه المهنة، لكن السبب الحقيقي هو أنه لا يوجد خريجون قطريون من حملة شهادات البكالوريوس في التمريض بسبب إغلاق معهد التمريض عام 1995، لذا منذ افتتاح كلية التمريض بجامعة قطر ونحن استبشرنا خيراً بهدف الضخ في القطاع الصحي وهذا لصالحنا، وأظن أنَّ من أسباب العزوف أيضا هو الصورة النمطية عن المهنة، فهناك عدم وعي أو سوء فهم للدور الذي يقوم به الممرض مما يعرقل الأهالي فرصة دخول أبنائهم أو بناتهم لهذا القطاع المهم، وأشير إلى أن رواتب الممرضين في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية هي ذاتها التي تصرف للممرضين في مؤسسة حمد الطبية، إلا أن الفروقات تحدث في التمريض المتخصص فالممرضات أو الممرضين في قسم العناية المركزة وممرضو قسم الطوارئ من الطبيعي أن تكون رواتبهم أعلى من ممرضي وممرضات العيادات الخارجية، فهذا هو الفرق، ونحن في المؤسسة اجتمعنا مع إدارة التمريض للتأكيد لهم أن هناك دراسة نعكف عليها لتسوية رواتب الممرضين في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية برواتب الممرضين في مؤسسة حمد الطبية، مع فارق علاوة الاجتذاب كما ذكرنا سابقا.

 هل ساعات الدوام واختلاف المناوبات تسهم في عزوف القطريين والقطريات عن العمل كأطباء أو ممرضين؟

نعم، حتى الأطباء لدينا يستاؤون من المناوبات المسائية والليلية، لكن لكل عمل طبيعته، وهذه طبيعة عملنا، وهذا من التحديات حقيقة ليس على مستوى الأطباء والممرضين بل أيضا الإداريين وخاصة موظفات الاستقبال.

 ما أبرز التحديات التي تواجهكم في هذا المجال؟

من التحديات هو أن المواطنين لا يقتحمون كثيرا المجال الطبي والتمريضي بسبب طبيعة العمل في هذه المهنة التي تتطلب مناوبات وتغييرا في مواعيدها، كما أنَّ مواجهة الجمهور تعد من التحديات، فضلا عن العمل في الإجازات الأسبوعية، كما أنَّ تباين الرواتب بين المهن الطبية والمهن الإدارية يعد من التحديات، فالمهن الطبية كافة تتبع قانون مؤسسة حمد الطبية، أما المهن الإدارية فيطبق عليها قانون الموارد البشرية مما يشكل لنا إشكالية كبيرة.

    – 70 % نسبة التقطير

  ماذا عن نسبة التقطير في الوظائف الفنية والإدارية في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية؟

إن نسبة التقطير في المؤسسة بلغت 70.75%، ونسبة التقطير في الموظفين الذين حصلوا على ترقيات 27%، كما بلغت نسبة التقطير في المهن الطبية 38%، أما نسبة التقطير في التمريض فهي قليلة جدا، لكن يحدونا الأمل في أن مع تخريج أول دفعة من كلية التمريض في جامعة قطر أن يتم استقطاب عدد منهن لمؤسستنا.

     – الاعتمادات الدولية

 المؤشرات التنافسية عالميا تضع قطر في مراتب متقدمة، كيف يمكن الحفاظ على هذه المؤشرات؟

أعتقد أن حصولنا على الاعتمادات الدولية والجوائز الدولية والمحلية جعلنا في مصاف الدول المتقدمة على المستوى الصحي، وحملنا مسؤولية الاستدامة والتطور لنحافظ على هذه المؤشرات المرتفعة، فنحن لا نعمل بمعيار دول العالم الثالث وإنما معاييرنا عالمية.

 ما رسالتكم في ختام هذا الحديث؟

رسالتي موجهة للمجتمع الذي عليه أن يقدر ما تقدمه الدولة له من خدمات عالية المستوى، وما يقدم في قطاعنا الصحي لا يقدم في أي قطاع صحي آخر حتى لو قورن مع أنظمة صحية عالمية، وعليهم أيضا أن يلتزموا بمواعيدهم منعا للهدر، ونتطلع أن يكثف الإعلام دوره لإيصال رسالتنا للمجتمع الوقائية والتوعوية ومن ثم العلاجية.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x