مقالات

في حالة استثنائية بمجلس الأمن.. إجماع على التضامن مع قطر والإشادة بدورها

الدول الكبرى في مجلس الأمن تدين "إسرائيل" على جرائمها.. والإفلات من العقاب هو السبب

بداية نثمن عالياً حالة التضامن غير المسبوق من قبل العالم العربي والإسلامي قادة وشعوباً خاصة، ودول العالم كافة مع دولة قطر، بعد الاستهداف الإجرامي والغادر الذي تعرضت له الدوحة من قبل الكيان الإسرائيلي باستهداف مقرات سكنية لأعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، وهو ما يعد جريمة نكراء وفق كل الأعراف الدولية، خاصة أن قطر تتولى ملف الوساطة ( معها الشقيقة مصر والولايات المتحدة الأمريكية ) بين الطرفين، فإذا بأحد الأطراف وهو الكيان الإسرائيلي يقدم على استهداف الوسيط والطرف الآخر الذي يتفاوض معه، مما يشكل سابقة خطيرة وغير مألوفة على المستوى العالمي، لا سياسيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا، لكنه الكيان الصهيوني الذي لا يعترف بالقانون ولا يمتلك أخلاقا.

ونرحب ترحيباً حاراً بالقادة العرب والمسلمين في بلدهم الثاني قطر والمشاركين بالقمة المرتقبة بالدوحة الإثنين وبالاجتماعات التحضرية للقمة غدا الأحد.

إننا هذه المرة وكشعوب عربية وإسلامية نريد قمة على مستوى التحديات التي تحيق بأمتنا العربية والإسلامية، والتي تهدد وجودها وكياناتها، وتتصدى للمشروع الإسرائيلي الذي يعلن عنه المجرم نتنياهو ليل نهار بكل وقاحة واستهتار، ويتحدّث عن شرق أوسط جديد، وإسرائيل الكبرى، دون مبالاة بالمحيط العربي والعالم الإسلامي.

نريد قمة تبنى على ما تحقق ليلة أمس الأول في جلسة مجلس الأمن التي عقدت للنظر في الاعتداء الإسرائيلي الغادر على دولة قطر، والذي شهد تضامنا مطلقا مع قطر، وإشادات واسعة لأدوارها الإيجابية في إرساء قواعد الأمن والسلام والاستقرار بالإقليم وعلى مستوى العالم، وهو ما أكسبها هذا التأييد العالمي، والوقوف المطلق معها والمساند لها.

وفي الوقت نفسه فإن حجم الإدانة في مجلس الامن للكيان الإسرائيلي كان كبيرا وعاليا، وهي الحالة الوحيدة التي أجمع مندوبو الدول الأعضاء بمجلس الأمن تقريبا على إدانة ” إسرائيل ” بكل صراحة وبانتقاد لاذع، وهو ما احدث عزلة حقيقية للكيان ومندوبه، الذي بدا منعزلا كبلده من هول ما رأى من تضامن مطلق مع دولة قطر، وإدانة مطلقة لعدوانه الغادر على قطر.

كل الخطابات في مجلس الأمن نددت بالكيان ـ الذي تقوده حفنة متطرفة ومتعطشة للدماء ـ وأدانت خروج ” إسرائيل ” على القوانين والأعراف الدولية بسبب افلاتها من العقاب، سمعنا ذلك في كلمات مندوبي الدول الكبرى، سمعناه في كلمات مندوب الصين الذي عكس في كلمته ادراكا عالميا بحجم تصرفات الكيان الإسرائيلي، واستنكر ما وصفه بالإحباط المتعمد للمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن المحتجزين هناك. وهو ما فعله مندوب روسيا الذي أكد أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لم يستهدف دولة قطر فحسب، ولكن استهدف أيضا جهود الوسطاء الذين يعملون من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن الهجوم استهدف منطقة سكنية في العاصمة القطرية توجد بها بعثات دبلوماسية أجنبية، وتأكيده أمام مجلس الأمن أن البعثة الدبلوماسية الروسية تقع على بعد 600 متر من موقع الهجوم، وإشادته بما تقوم به قطر من وساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعملت خلال الأشهر الماضية بلا كلل لإنهاء سفك الدماء في غزة والإفراج عن المحتجزين، متسائلا أمام العالم عما يمكن أن يمنع إسرائيل من قتل معارضيها في أي عاصمة أخرى في العالم حتى ولو كانوا سياسيين مفاوضين.

وعززت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام ذلك التوجه بتأكيدها أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة “صدم العالم”، وأنه قد يفتح “فصلا جديدا وخطيرا” في الصراع المدمر، مما يهدد السلام والاستقرار الإقليميين بشكل خطير.

الجلسة التي جاءت بطلب من الأشقاء في الجزائر والصومال وباكستان والأصدقاء في فرنسا وبريطانيا، شهدت مداخلات قوية كذلك من مندوب باكستان الذي أكد أن الهجوم ليس حادثة منفردة بل هو ” جزء من نهج أوسع وممنهج للعدوان وانتهاك القانون الدولي من قبل إسرائيل “، معربا عن تضامن باكستان الكامل مع قطر.

أما الأشقاء في الكويت والإمارات ومصر والأردن والجزائر والصومال فقدموا دعما كاملا وتضامنا تاما مع قطر، وهذا ليس بالأمر المستغرب.

لقد استهدف العدوان الإسرائيلي الغادر على دولة الوساطة آلية رئيسية تعتمدها الأمم المتحدة وميثاقها لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، لا سيما وأن العدوان الغادر على الدوحة استهدف أفراداً كانوا مجتمعين لمناقشة أحدث مقترح أمريكي ( أحد الوسطاء ) لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، ومن هنا فإن أي إجراء يُقوّض جهود الوساطة والحوار “يُضعف الثقة في الآليات ذاتها التي تعتمد عليها الأمم المتحدة لحل النزاعات فما بالنا بدولة قطر التي تعتبرها الأمم المتحدة “شريكا قيما في تعزيز صنع السلام وحل النزاعات” حسب تأكيد وكيلة الأمين العام ذلك امام المحفل الدولي.

الحساب قادم

هذا الزخم الذي منحه مجلس الأمن يشير إلى ان مرحلة جديدة من محاسبة اسرائيل قادمة لن تفيدها ولن تفلت من العقاب، مهما تأخر الوقت، فالمجتمع الدولي بشقيه الشعبي والرسمي، بات مقتنعا بالانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، والجرائم التي ترتكبها.

كل الدول أبدت تضامنها مع دولة قطر بأعلى سقف، بالتوازي مع رفع سقف الانتقاد بدرجة عالية في وجه إسرائيل.

كل مندوبي الدول الكبرى أشادوا بدور قطر وأفضالها على المجتمع الدولي وعطائها من أجل الأمن والاستقرار والسلام في الإقليم وعلى مستوى العالم، والمطلوب من الدول العربية والاسلامية في قمة الدوحة أن تبني على هذا الموقف الدولي الكبير.

نريد من القمة المرتقبة ان تترجم هذا السقف العالي الى خطوات عملية تتصدى لإسرائيل وجموحها ومشروعها التوسعي وعربدتها في المنطقة.

القمة العربية الإسلامية ـ والتي من المتوقع ان تشهد اكبر تمثيل واكبر حضور ـ يجب ان تكون مخرجاتها على حجم التحدي وعلى أهمية المرحلة الفارقة التي تتشكل بعد العدوان الاسرائيلي الذي لم يستهدف قطر وحدها بل استهدف المنظومة الخليجية والنظام العربي والعالم الاسلامي، والدول المحبة للسلام، فقطر قلب الأمة النابض بالعطاء لقضايا أمتها العربية والاسلامية ودول العالم، لم تتوان يوما عن نصرة القضايا العادلة ولا عن إغاثة الملهوف والمحتاج.

قطر تفزع لنجدة أمتها في أي مكان، ولحظة كتابة هذه السطور فإن فرقا قطرية من البحث والانقاذ تتواجد على بعد آلاف الكيلومترات في أفغانستان لنجدة الاشقاء الذين تعرضوا لكارثة الفيضانات، ومن قبل تواجدوا في مناطق عديدة ألمت بها الكوارث من لبنان إلى سوريا إلى الصومال إلى ليبيا إلى المغرب إلى السودان، كل مكان يتعرض لكارثة تفزع له قطر وآن للعالم العربي والإسلامي ان تكون له فزعة بحجم العدوان الغادر الذي تعرضت له دولة قطر.

نريدها قمة تتجاوز التنديد والشجب والاستنكار.

نريدها قمة تضامن بالإجراءات العملية.

نريدها قمة شفافية وتصالح قبل ان تكون قمة شجب واستنكار..

نريد شبكة انذار عربية مبكرة بالمخاطر ليس فقط الأمنية بل المخاطر الاجتماعية والمخاطر الاقتصادية..

نريد قمة تعي المخاطر التي تتعرض لها منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، والعمل على التصدي لها، وفي مقدمتها المشروع التوسعي الإسرائيلي، الذي يتحدث عن ” إسرائيل الكبرى “..

نريد قمة تتلاقى فيها قرارات القادة مع تطلعات الشعوب في الوحدة والعزة والكرامة..

نريد إجراءات تجبر الكيان الإسرائيلي على وقف العدوان وادخال المساعدات لأهلنا في قطاع غزة..

نريد قمة توقف تغول الكيان الإسرائيلي وجرائمه الوحشية، وتتصدى لمشروعه التوسعي، الذي يستهدف كل دولنا العربية.

الاستهداف الغادر والسافر الذي تعرضت له قطر من قبل الكيان الإسرائيلي هو رسالة للجميع، إذا ما سكتنا على ذلك ولم نخرج بمواقف عملية تؤلم إسرائيل، فإن دولا أخرى على قائمة الاستهداف الإسرائيلي، وربما أكبر من الاستهداف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى