مقالات

اقحام الشعوب الخليجية في الخلافات السياسية «لعب بالنار»

السعودية والإمارات «تأمران» اعلامييهما بترك العمل في قطر

اذا كان قرار سحب السفراء غريبا وغير مألوف في نسق العلاقات الخليجية — الخليجية، فان انزال هذه الخلافات السياسية من قمة الهرم الى القاعدة الجماهيرية يمثل اكثر غرابة، فلم تشهد العلاقات الاجتماعية الخليجية هزة وتجييشا واملاءات كما يحدث اليوم، حتى وصل الامر بقيام كل من الجهات الاعلامية في كل من الشقيقتين السعودية والامارات باصدار تعليمات لكل من يعمل او يتعاون او يكتب بالاعلام القطري بانهاء التعامل مع الجهات التي يتعاملون معها!.

لم يسبق يوما ما طوال مسيرة مجلس التعاون الخليجي في كل مراحله، حتى في تلك التي وصل الاختلاف بين اعضائه ذروتها، ان اقدمت دولة على اصدار تعليمات لمواطنيها بانهاء تعاقداتهم مع مؤسسات الدولة التي تختلف معها، فما الذي يحصل اليوم؟.

من نافلة القول التأكيد ان المؤسسات الاعلامية التي انسحب منها الاشقاء لن تتأثر بذلك، مع كل التقدير والاحترام لهم، ان كانت تلك المؤسسات « بي ان سبورت « الجزيرة الرياضية، او قناة الكأس او كتّاب المقالات الذين يكتبون بالصحف القطرية، كون هذه الجهات مبنية على عمل مؤسسي، لا يرتبط بوجود شخصية معينة حتى لو كانت على قمة الهرم الاداري، فما بالكم بما دون ذلك.

ثم ان هذه المؤسسات الاعلامية قد برزت واخذت حضورها العالمي بفضل كفاءات تدير العمل، ولم يأت هذا النجاح اعتباطا او بضربة حظ، وبالتالي صحيح نحن خسرنا زملاء في العمل، لكننا قبل هذا خسرنا جسديا وجود اخوة اعزاء بيننا، وان لم نخسرهم وجدانيا، فهم بالتأكيد حاضرون معنا، تماما كما هو حال جميع الاخوة بدول مجلس التعاون الخليجي، الذين نتشرف بوجودهم معنا، اخوة اعزة، يساهمون معنا في تحقيق نجاحات مسيرة هذا الوطن العزيز.

عندما كنا نختلف على قضايا خاصة بدول مجلس التعاون وشعوبه، لم يصل الوضع بالطلب من ابنائنا الذين يعملون في دولة اخرى بترك اعمالهم بقرارات اجبارية، ولكن اليوم لأننا نختلف على قضايا خارج نطاق المجلس، تتعلق بدول اخرى، وصل بنا الحال الى اجبار مواطني دول المجلس بقطع علاقاتهم بأشقائهم، من اجل عيون دول اخرى.

لم اسمع في السابق عن مثل هذه الخطوات اتخذتها دول في منظومة واحدة تجاه دولة معها، فها هو الاتحاد الاوروبي يختلف في قضايا سياسية، فهل قرأتم او سمعتم يوما ان دولة امرت مواطنيها بانهاء تعاقداتهم الوظيفية في الدولة التي تختلف معها؟.

نستغرب من خطوة الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات باصدار اوامر لمواطنيهما بانهاء العمل في المؤسسات الاعلامية القطرية، ظنا منهم بان هذه المؤسسات سوف تنهار، او تتداعى بخروج هؤلاء الزملاء الاعزاء، مع كل التقدير لهم.

شبكة « بي ان الرياضية « الجزيرة الرياضية سابقا او قناة الكأس او الصحافة القطرية قائمة من قبل مجيء زملائنا من هذه الدول للعمل فيها، او الكتابة بها، صحيح انهم ساهموا في مسيرة هذه المؤسسات ايا كانت هذه المساهمة، لكنهم في المقابل استفادوا بدرجة عالية، في كل الجوانب، مهنيا واحترافيا وماليا ايضا، وهذا امر مشروع.

الاعتقاد ان هذه الاوامر بسحب اعلامييهم كما سحبوا سفراءهم سوف يؤثر على الاعلام في قطر، اعتقاد واه وسطحي، بل امر مضحك.

امر مؤسف انزال الاختلاف في وجهات النظر بين دول خليجية الى الشعوب، واشغال هذه الشعوب بمثل هذه القضايا، التي لم يسبق ان حدث مثل ذلك.

خلاف سياسي على ماذا؟ هل على مصالح خليجية خليجية تخص شعوب هذه المنطقة؟ هل على المنافسة لتقديم خدمات نوعية للشعب الخليجي؟.. فلنختلف سياسيا، ولنختلف في وجهات النظر حيال القضايا التي تخدم مواطني المجلس.. لكن في كل الحالات لا ينبغي انزال هذا الخلاف او الاختلاف في وجهات النظر الى المواطنين.

اتخيل اختا كريمة من دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة متزوجة بالدوحة، او اختا قطرية كريمة متزوجة بالسعودية، كيف سيكون وضعهما اذا ما حولنا خلافاتنا السياسية الى خلافات شعبية؟.

لا يوجد بيت في دولة خليجية الا وله ارتباط وتداخل في دولة او دول خليجية اخرى، وهذا واقع، وبالتالي اعتقد اننا نخطئ كثيرا بـ « الهاء « شعوبنا بخلافات او اختلافات سياسية.

ان خطوة إقحام الشعوب الخليجية بالخلافات السياسية لهو لعب بالنار، وعمل غير مقبول من قبل مواطني المجلس، الذين تربطهم اواصر قربى، وعلاقات اسرية متجذرة، لن تقبل الاضرار بها، حتى ولو كان ذلك تحت الضغوط او باصدار اوامر وتعليمات كما حصل مع الاشقاء السعوديين والاماراتيين الذين كان يعمل البعض منهم في قنوات فضائية، والبعض الآخر يكتب مقالا اسبوعيا، فقد تلقى هؤلاء الزملاء تعليمات واضحة، بل اوامر بالانسحاب من الاعلام القطري من قبل وزارة الاعلام كما في الشقيقة السعودية، وتعليمات من جهات عليا كما في الشقيقة الامارات.

قطر فتحت قلبها قبل ابواب مؤسساتها للاشقاء مواطني دول مجلس التعاون الخليجي للعمل بها دون قيد او شرط، وستظل كذلك، ترحب بهم، وتفتح لهم كل الابواب، فاهلا وسهلا بهم في بلدهم قطر، وبين اهلهم واخوانهم.

 

.. ولنــا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x