مقالات

الاستراتيجية صُنعت في قطر لأجل قطر ولم يتم استيرادها من الخارج غدنا مشرق كماضينا نبنيه معا بأيدينا

إن تدشين استراتيجية التنمية الوطنية ليس حدثا عاديا، ولا هو مناسبة بروتوكولية، بل هو حدث وطني كبير وبالغ الأهمية لجميع أبناء هذا الوطن دون استثناء.. إنه يجسد خطة عبورنا للمستقبل وانضمامنا إلى نادي التنمية المستدامة.. وشهادة انتسابنا إلى عصر الألفية الثالثة بجدارة، وفق منهاج علمي وعملي، يستلهم من تاريخنا الإرث العظيم، ومن ماضينا التضحيات الجسام، ومن حاضرنا الإنجازات الكبرى، لنبني مستقبل قطر معا، جيلا عبر جيل.

إن الاستراتيجية الوطنية وسام على جبين أبناء هذا الوطن، تمنح كل مواطن ومواطنة شعورا بالفخر والاعتزاز، وتمنح كل طفل وشاب ورجل وامرأة ثقة بالحاضر والمستقبل.. ثقة نابعة من الاطمئنان على سلامة التخطيط وصوابية الأهداف، ذلك إن الاستراتيجية من صنع أيدينا، شاركنا جميعنا في إعدادها، وساهمنا في مناقشة خططها.. إنها ثمرة جهود متكاملة.. إنها من الشعب القطري ولأجل الشعب القطري استمدت من رؤية قطر الوطنية 2030 التي شاءها سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه أن تكون تعبيرا صادقا عن تطلعات المواطنين وعن طموح سموه الكبير لبناء مستقبل أفضل لهذا الوطن العزيز وابنائه في الحاضر والمستقبل.

لقد كان موعدنا بالأمس مع لحظة تاريخية مفعمة بالأمل في مسيرة قطر المشرقة اطلقنا فيها استراتيجيتنا الوطنية ليطل علينا فجر التنمية المستدامة، وهذا ما سيغبطنا عليه جميع الشعوب القريبة والبعيدة، لان استراتيجيتنا تعني انطلاق مسيرة عملنا لتنفيذ مشاريعنا لكل الوطن ولكل الشعب.. كما ان استراتيجيتنا الوطنية تعني إطلاق جميع خطط وبرامج الوزارات والقطاعات الخاصة والعامة لتنفيذ المرحلة الاولى من رؤيتنا الوطنية التي تمتد لمدة خمس سنوات، من خلال تخطيط فعَّال، ورؤية واضحة، ومنهجية علمية، لنعبُر من خلال هذه المنظومة المتكاملة إلى تنمية مستدامة تحقق المزيد من الانجازات لهذا الوطن.

نحن الآن نتقدم نحو المستقبل بخطوات واثقة، نتقدم بخطوات مدروسة وبخطط عملية.. نتقدم إلى الأمام على أسس واضحة وباتجاه حددناه سلفا.. نحن لا نتقدم بخطى متعثرة ولا بأفكار مبعثرة.. نحن في قطر نصنع الفعل ولا نتصرف برد الفعل.. نحن نسير وفق خارطة طريق واضحة المعالم والاتجاهات أنارتها لنا رؤية رائد نهضتنا وقائد مسيرتنا سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه.

وحتى لا يظن احد أننا نتحدث بمشاعر رومانسية ندعو الجميع للتمعن بالأهداف التي حددتها الاستراتيجية، وبالبرامج والخطط التنفيذية، وبالأدوات التي تم اختيارها للتنفيذ الفوري لاستراتيجية مشاريع الوطن والشعب.. ان الاستراتيجية تشمل جميع مناحي الحياة وجميع المجالات والتخصصات والقطاعات، وجل هدفها ضمان استمرار التنمية والازدهار ورفاهية كل شرائح المجتمع، وإيجاد الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وذلك عبر تحرير الوطن والمواطن من ارتباط مصيرهما بمورد واحد وبمصدر دخل واحد (البترول والغاز)، وعبر الاستخدام الامثل والمسؤول لمواردنا وتنويع مصادر الدخل لتحقيق التوازن والتكامل بين النمو الاقتصادي والتنمية الانسانية.

ان ” استراتيجية مشاريع الوطن والشعب ” لم تدع شأنا إلا وتناولته، ولم تترك تفاصيل الا واهتمت بها، فكانت الخطط والبرامج شاملة تغطي 14 قطاعا هي: الصحة والتعليم والتدريب والمساهمة الوطنية الفعَّالة في الإنتاج والحماية الاجتماعية والتماسك الأسرى وتمكين المرأة والأمن والسلامة العامة والرياضة والثقافة والاستدامة البيئية والإدارة الاقتصادية والتنويع الاقتصادي ونمو القطاع الخاص وإدارة الموارد الطبيعية والبنية التحية الاقتصادية والتحديث والتطوير المؤسسي.. هذه الشمولية في الخطط والبرامج التي تواكب العصر، وتمنحنا حق الانتساب إليه، لم تتخل عن تقاليدنا وتراثنا، بل كانت أشد التصاقا بهما، واشترطت في جميع الخطط التوازن بين الحداثة والمعاصرة، وبين التراث والتقاليد، فجاءت استراتيجتنا لتجذر هويتنا العربية والإسلامية، ولتكرس انتماءنا لمجتمعنا الخليجي، كما ان الاستراتيجية جسدت أرقى مفاهيم المشاركة حيث تم إعدادها بالحوار والتشاور بين مختلف مكونات المجتمع، وبذلت فرق العمل جهودا جبَّارة على مدى أسابيع وأشهر، حتى لا تكون البرامج مُعلَّبة وجامدة وهذا ما يعزز تميز استراتيجيتنا التي صنعت في قطر ولاجل قطر ولم يتم استيرادها من الخارج.

يحق لنا ان نفتخر باستراتيجيتنا الوطنية، التي ستعم فوائدها على الجميع، وسوف نجني نحن والاجيال المقبلة ثمارها، وسوف يلمس ابناء قطر النتائج الإيجابية للاستراتيجية في سير حياتهم اليومية، حيث ستنفتح فرص العمل امام القطريين في المجالات والتخصصات، وسوف ننتقل من قوة عمل عالية الأجور وافرة الانتاجية لقوة منفتحة على الابداع والابتكار واطلاق الطاقات، كما ان الفوائد ستضمن لنا افضل وأعلى مواصفات التعليم والدراسة لجميع ابنائنا مثلما سترعى بالعناية الشاملة صحتنا عبر أفضل الخدمات العلاجية والوقائية.

لقد قدمت قطر تجربة فريدة في هذا العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، حيث التخطيط للمستقبل لا ينتظر ضغطا خارجيا، وتسخير الثروات لتلبية تطلعات ابناء المجتمع لا ينتظر مطلبا شعبيا، والعمل بكل الوسائل المتاحة للانتماء إلى العصر وإلى زمن الألفية لا ينتظر رياح التغيير التي تجتاح منطقتنا.. لقد أنعم الله على قطر وشعبها بقيادة حكيمة وعظيمة صنعت مجد الحاضر وفتحت آفاق الطموح لبلوغ مستقبل مزدهر مشرق يليق بتطلعات الشعب القطري، حاضرا ومستقبلا.. غدنا مشرق كماضينا نبنيه معا بأيدينا.

تشريف حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الامين،حفظهما الله ورعاهما، لحفل اطلاق استراتيجية التنمية الوطنية 2011 – 2016، يؤكد من جديد الحرص الذي توليه القيادة الرشيدة لهذا الوطن العزيز وأبنائه ومستقبل الأجيال القادمة، فنظرة القيادة تستشرف المستقبل بآفاقه، وتضع خططا من أجل التعامل برؤية واضحة، وفهم عميق لرسم مستقبل غد مشرق لهذا الوطن وأجياله.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x