النظام السوري قد يدوس الأزهار لكنه لن يؤخر الربيع
العالم يتفرج على الجرائم دون أن يحرك ساكناً
مجلس الامن اصبح في ازمة اخلاقية.. حقيقة قالها سمو الامير المفدى، معبّرا عن الملايين من الشعوب العربية والاسلامية والشرفاء في العالم، الذين ينظرون الى تقاعس العالم وفي مقدمته هذا الكيان الاممي المتمثل بمجلس الامن، الذي يتفرج على ما يحدث في سوريا من قتل وتشريد وتدمير دون ان يحرك ساكنا، عمليا وفعليا، لنجدة هذا الشعب الذي يباد على يد نظامه، الذي حصل على ترخيص رسمي ومظلة حماية من روسيا، التي هي اليوم واطراف اخرى شريكة فيما يرتكب من جرائم بحق هذا الشعب البريء، الذي كل ذنبه انه طالب بالحرية وبحقه في العيش بكرامة تحت ظل نظام يرضى به.
العالم اليوم يتفرج حقيقة على ما يدور في سوريا، وللاسف فإن النظام يراوغ ويحاول كسب الوقت حتى مع كوفي عنان، وهناك مماطلة كما قال معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية من النظام السوري، وليس هناك أي تغيير جوهري في سلوك النظام، في التعاطي مع مساعي السلام، بدليل انه منذ البدء بتطبيق خطة عنان فجر الخميس الماضي سقط المئات من الشهداء الابرياء، وتم اكتشاف مجازر، مع إعدام جماعي للعشرات، فأي جدية في التعامل مع مساعي السلام؟!.
النظام السوري يراهن على الوقت، وان مضي أي يوم دون سقوطه يعتبر ذلك بالنسبة له انجازا، وهو في سبيل ذلك مستعد لفعل أي شيء، وهو ما يحدث فعليا على ارض الواقع.
معتقدا ان تأخير سقوطه سوف يؤثر سلبا في عزيمة الشعب المطالب بالحرية، وهذا غير صحيح، فالشعب الذي قدم الآلاف من الشهداء، لا يمكنه التنازل عن هؤلاء الشهداء، وعن هذه الدماء التي سالت طوال الاشهر الماضية.
نعم يستطيع النظام ان يدوس الازهار، لكنه لن يؤخر الربيع، وهو ما يحصل حاليا في سوريا، فالنظام يعمل بأيديه وأرجله من اجل قلع الازهار او قتلها او اتلافها، معتقدا ان ذلك سيمنع ظهورها، وانه سيمنع مجيء الربيع، وهذا هو اعتقاد كل الديكتاتوريات، وكل الانظمة التي حكمت بالحديد والنار، ولكن سرعان ما تتغير الموازين عند مواجهة الشعوب، وديكتاتوريات اليوم لا تعي دروس التاريخ، لذلك وجدناها تواجه نفس المصير الذي آلت اليه الديكتاتوريات عبر التاريخ.
لقد ترك الشعب السوري اليوم وحيدا يواجه آلة القتل اليومية، دون ان يقف معه احد، حتى المنظمات الدولية لم تقدم على فعل حقيقي يدعم الشعب المنتفض، ويساعده للتخلص من النظام، بينما النظام الذي يمارس القتل وجد من يحميه ويدافع عنه، ويقدم له السلاح والمال والافراد، في معادلة غريبة.
المظلوم يداس ويقتل ويمعن في إذلاله، بينما القاتل يساند وتقدم له الحماية من الدول الكبرى، ويسلح بكافة انواع الاسلحة بما فيها المحرمة، ويغض الطرف عن جرائمه… فأي حضارة هذه التي تقتل بهذا الإجرام، وتراه يُمارس ضد الابرياء دون ان تتحرك من اجل انقاذهم؟!.
المشهد السوري كشف عن الانسانية الغائبة او المغيبة من خلال المصالح، التي تقدمت على كل القيم الانسانية، ففي الوقت الذي تقدم الدول كلاما للشعب السوري، نجد ان النظام يقدم له السلاح، والأعجب من ذلك تتم مقارنة من يدافع عن نفسه بما حصل عليه من سلاح، بالنظام الذي يمتلك كل انواع الاسلحة، ويستخدمها فعليا في حربه البشعة اليومية ضد الابرياء.
ليس هناك استجابة حقيقية على ارض الواقع لمساعي السلام التي يقوم بها عنان حاليا، وليس هناك أي نية لدى النظام للتراجع عن الحل الامني، الذي ارتضاه منذ اللحظة الاولى في التعامل مع الشعب، وليس هناك أي مؤشر على انحسار آلة القمع والقتل الذي يمارس صباح مساء، بدليل كما قلت استمرار القتل حتى مع وجود المراقبين الدوليين الذين وصلوا الى سوريا، ومن المؤكد ان النظام سوف يعمل على التلاعب بهؤلاء المراقبين، وسوف يخلق ألف قضية لحرف عملهم، وسيسعى لإشغالهم في الامور الثانوية لصرفهم عما يجري في المدن السورية المختلفة، ولن يسمح لهم بالتوجه الى تلك المدن المنتفضة، بذريعة الحماية الامنية، وفي كل يوم سوف يكون له رأي، وفي كل يوم سيكون له موقف، وفي كل يوم سيكون له ألف سبب وسبب لاقتناص المزيد من الوقت للاستمرار في الحكم والقتل.
الآن اسبوع انقضى منذ بدء خطة عنان، دون ان يحدث أي تطور ايجابي على الارض، واعتقد ان الخطأ ليس خطأ النظام بقدر ما هو خطأ العالم اجمع بمنظماته ومؤسساته، الذي يتابع ما يحدث دون ان يتدخل بشكل جدي لنجدة الشعب، الذي يطالب بالخلاص من الوضع الذي يعيش فيه، ولكن لا حياة لمن تنادي.
ولا نستبعد ان يخلق النظام اليوم او خلال الايام القادمة تفجيرات في اماكن مختلفة، كما فعل ذلك مع وصول المراقبين العرب، وفعل ذلك بعدها، لذلك فكل ما يمكن ان يشوش على عمل المراقبين الدوليين من المتوقع ان يقدم عليه النظام السوري.
مجلس الامن هل سيظل يعيش هذه الازمة الاخلاقية التي تحدث عنها سمو الامير المفدى؟!.
الى الآن المؤشرات لا تشير الى تغير في خطوات الاعضاء الدائمين في المجلس، وإن أقدم على اصدار قرار يدين سوريا، بعد تفريغ محتواه من قبل روسيا، التي تصر على حماية النظام السوري بما أوتيت من قوة، ولكن الشعب هو الذي سيغير المعادلة، وسيغير الواقع، ولن ينتظر إمدادا من مجلس الأمن، فقد حسم الشعب امره، واتخذ قراره، ولن يتراجع عن ذلك وإن كلفه الامر آلافا اخرى من الشهداء، فالمسيرة لن تتوقف حتى يتم اسقاط النظام، ولن يرضى الأحرار بالبقاء تحت ظل حكم يقتلهم من اجل ان يحكمهم، ومن اجل البقاء في السلطة، فكل قطرة دم تنسكب تشعل الارض نارا، وفي الوقت نفسه تخلق ألف شخص لحمل الراية من جديد.
جاءت تصريحات سمو الأمير المفدى امس الاول على هامش زيارة سموه الى ايطاليا، لتؤكد من جديد عمق الازمة التي يعيشها العالم اليوم في تعاطيه مع ثورة الشعب السوري، الذي يكاد لا يجد له نصيرا ومنجدا، في وقت يتفرج العالم اجمع على آلة القتل وهي تحصد العشرات يوميا، دون رأفة او رحمة للذين يتساقطون قتلى، اطفالا ونساء وشيوخا وشبابا، للعام الثاني على التوالي.