حملة «مجتمع بلا حوادث» مبادرة نوعية بحاجة إلى دعم ومساندة
أطلقتها مجموعة من الشباب والفتيات في الفضاء الإلكتروني
نحن في “الشرق” نعلن دعمنا لهذه الحملة الوطنية المهمة، ونضع كل إمكاناتنا الإعلامية في خدمة القائمين على هذه الحملة، ونضع يدنا بيد الأخوة والأخوات القائمين على الحملة، وعلى أتم الاستعداد لتنظيم البرامج والندوات التثقيفية والتوعوية من أجل التنبيه على المخاطر الكامنة جراء الحوادث التي تقع يومياً على الطرقات الداخلية والخارجية.
القيمة الحقيقية لهذه الحملة أنها جاءت بمبادرة من قبل أبناء وبنات المجتمع، الذين استشعروا الأخطار المتزايدة للحوادث المرورية، وسعوا إلى تقديم هذه المبادرة بدلا من “سلبية” الجلوس وتوجيه الانتقادات، دون فعل حقيقي، أو مبادرة تحسب وتتكامل مع الجهود الأخرى لوزارات ومؤسسات الدولة والمجتمع.
حملة “مجتمع بلا حوادث” تتكامل مع جهود الاخوة في وزارة الداخلية، الذين -حقيقة- يعملون ليل نهار من أجل حماية أرواح أبناء هذا المجتمع، ويسعون جاهدين للتوعية بمخاطر الحوادث، التي سببها أطراف عدة، سواء السائق أو السرعة أو الانشغال عن الطريق أو استخدام الهاتف… وغيرها من المسببات التي تنتج عنها حوادث قاتلة، واستطاعت وزارة الداخلية من خلال جهود التوعية أن تقلل حالات الوفيات الناجمة عن الحوادث الى 205 حالات العام الماضي، وهي ما تشكل حوالي 3.7 % من إجمالي إصابات الحوادث.
لقد سبق لدار الشرق أن تبنت حملة “انتبه” قبل حوالي شهرين، عبر نشر إعلانات توضح مخاطر الحوادث، وتابعت الحملة بتبني ندوات إعلامية مع مختلف الجهات، التي نتقدم اليها بخالص الشكر والتقدير على تعاونها الإيجابي، وأظهرت بالفعل حرصها على حماية أرواح أبنائنا.
واعتباراً من اليوم تبدأ دار الشرق حملة اجتماعية أخرى هي الثالثة بعد حملتي “الدين النصيحة” و”انتبه”، حيث سنبدأ بحملة “والله عيب”، وهي حملة تركز على المظاهر السلوكية والتصرفات غير المقبولة اجتماعياً، بما فيها السرعة الزائدة، والتحفيص، والقيادة المتهورة والوقوف في المواقف المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة… وغيرها من التصرفات المرفوضة اجتماعياً.
أعود إلى حملة “مجتمع بلا حوادث”.. إن قضية الحوادث المرورية مسؤولية مشتركة، ومسؤولية الجميع، ولا يمكن تحميل طرف واحد هذه المسؤولية، وبالتالي فإن تضافر الجهود بين جميع الأطراف هو الكفيل بالحد من الحوادث، وإيجاد الحلول لها، صحيح أنه لا يمكن القضاء على حوادث الطرق، لكن يمكن التقليل منها إذا ما تم حشد كل قوى المجتمع من أجل ذلك.
إشكالية البعض منا أنه “يتفنن” في الانتقاد، والبحث عن اوجه القصور، وتوجيه اللوم الى الأطراف الأخرى، ولكن لا يسأل نفسه عن الدور الذي يمكن القيام به، وما هي المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه المجتمع، وماذا قدم من أجل إنقاذ هذه الأرواح التي تزهق يوميا على الطرقات.. وهل سعى إلى تقديم أفكار أو مبادرات على هذا الصعيد؟
نعم “نتفنن” في لوم الآخرين، وننسى انفسنا تماما، ونبحث عن شماعة لتعليق تقصيرنا عليها، دون أن نتوقف قليلاً لنقيّم دورنا في المجتمع، وماذا علينا أن نفعله تجاه مجتمعنا، وهل نحن إيجابيون فعلا أم سلبيون تجاه قضايانا المجتمعية، وما أكثرها التي بحاجة الى طرح ومعالجة وإيجاد حلول لها، عبر الفكرة والمقترح والمبادرة.
لذلك مطلوب من الجميع التفاعل مع الشباب والفتيات الذين قدموا مبادرة أو حملة “مجتمع بلا حوادث”، فهم يشكرون على هذا الطرح، الذي هو دليل على مدى تفاعلهم مع مجتمعهم، وإحساسهم بالمخاطر التي يتعرض لها أبناء الوطن في قضية الحوادث المرورية، وقبل هذا وذاك، الإيجابية التي تحلوا بها، وعدم الاكتفاء بتوجيه الانتقاد، إنما حملوا مشروعاً من أجل خدمة المجتمع، مما يستوجب علينا جميعا، أفراداً ومؤسسات، التعاون معهم، والتفاعل مع هذه المبادرة، وحمل هذه الفكرة، التي تستهدف وقف نزيف الدم في الشوارع.
نريد من المجتمع، كل المجتمع، التوجه نحو خلق وعي بالمخاطر المترتبة على القيادة المتهورة والسرعة الزائدة والانشغال باستخدام التقنيات، خاصة الهواتف والإطارات غير المتوافر بها شروط الامن والسلامة… هذا الوعي بمثل هذه المخاطر هو الذي سيدفع نحو إيقاف نزيف الدم في الشوارع، بعد الله عز وجل.
ليس هناك طرف في المجتمع معفى من المساءلة والمسؤولية فيما نشهده من حوادث، أفراداً كنا أو أولياء أمور أو أسرة أو وزارات دولة أو مؤسسات قطاع خاص أو قائدي السيارات، خاصة الشباب، الذين يشكلون الغالبية في نسبة الحوادث التي تقع على طرقنا.
ثقافة “اللامبالاة” عند البعض منا يجب أن تنتهي، وأن تحل محلها المسؤولية الكاملة، وأن نكون أعضاء فاعلين في المجتمع، ومؤثرين إيجابيين في الدوائر القريبة والبعيدة حولنا، هذه الثقافة هي التي من المفترض أن نزرعها في أطفالنا خاصة، وأن يتربوا على أن يكونوا إيجابيين في المجتمع.
ثقافة “ما لي خص” ليس لها مكان إن أردنا أن نخلق مجتمعا حيويا، مجتمعا لا ينتظر أبناؤه التعليمات والأوامر من أجل خدمة قضايا مجتمعهم، ولا ينتظرون الرقابة المباشرة حتى يبتعدوا عن السلوكيات والتصرفات الخاطئة،..، نريد مجتمعا أبناؤه يمتلكهم وازع داخلي، ويتحركون من تلقاء أنفسهم في سبيل بناء وطن نموذجي في القيم والأخلاق والسلوك…
حملة “مجتمع بلا حوادث” أمانة في أعناق الجميع، يشكر الأخوة والأخوات الذين فكّروا بها، وقادوا مبادرتها، وأطلقوا في الفضاء الإلكتروني، ولكن لا نريدها أن تبقى كذلك، إنما تترجم على أرض الواقع، وترجمتها ليست فقط مسؤولية من أطلقوها، أو مسؤولية وزارة الداخلية، إنما هي مسؤولية الجميع.. أنا وأنت وكل فرد مسؤولون في حمل هذه الامانة، وكل امانة فيها خير وصلاح وأمن واستقرار هذا المجتمع، فهل نكون على قدر هذه الأمانة وهذه المسؤولية؟
نأمل ذلك.
أطلق عدد من المغردين القطريين على شبكة تويتر حملة “مجتمع بلا حوادث”، وهي مبادرة نوعية ورائعة، وما يميزها أنها منبثقة عن مجموعة من الشباب والفتيات، الذين استشعروا الأخطار المتزايدة التي تهدد مجتمعنا جراء هذه الحوادث المرورية القاتلة، التي لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن ضحاياها القاتلة.