مقالات

خطاب تاريخي مهم لسمو الأمير أمام مجلس الشورى

في مسيرة الأمم والمجتمعات محطات تاريخية ومفصلية، تظل محفورة في الذاكرة، وتتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، وتحفظها وتتذكرها بفخر واعتزاز.

وفي مسيرة هذا الوطن، هناك العديد من هذه المحطات العظيمة التي شكلت مراحل مهمة، سمت فيها مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، وكانت الوحدة الوطنية مصدر القوة الحقيقية بعد الله عز وجل.

نقول هذا ونحن قد أنصتنا باهتمام بالغ إلى الخطاب السامي لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى، وما حمل من مضامين ورسائل عظيمة وغاية في الأهمية، تؤكد من جديد ما هو مؤكد في العلاقة التي تربط الشعب بالحكم في دولة قطر، والتي كانت على مر التاريخ ولا تزال نموذجا في التواصل والتشاور والثقة المتبادلة.

إن الشعوب الحية هي التي تراجع مسيرتها باستمرار، وتعمل على تصحيح مساراتها ـ إن تطلب الأمر ـ بكل شفافية وجرأة، وبطريقة مدروسة، وبالتالي تتفاعل مع معطيات كل مرحلة بما يتفق ومصلحة مجتمعها وأبنائه، ونهضة وتطور كيانها بصورة صحية.

التغيير المدروس.. هو ما استهل به حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، عند الحديث عن الدستور الدائم، وأن هذا التعديل، كما أشار سموه، يأتي «انطلاقا من مسؤوليتي وواجبي تجاه وطني وشعبي لما فيه الخير في الحاضر والمستقبل، فقد ارتأيت أن تلك التعديلات تحقق المصلحة العليا للدولة، وتعزز من قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع القطري».

هذا الشعور بالقيام بتأدية الأمانة على أكمل وجهها، يجعلنا نفتخر بقيادة سمو الأمير المفدى، وحكمته ورؤيته الثاقبة لحاضر ومستقبل هذا الوطن وأجياله.

* هذه التعديلات الدستورية والتشريعية تجمعهما غايتان، كما قال سموه، في خطابه التاريخي المهم «الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى».. «المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضا واجب شرعي وأخلاقي ودستوري، إنه العدل الذي أمرنا الله به، ولا نقبل بغيره، قال تعالى «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل».

على الدوام ظلت الشورى نهجاً متبعاً عند القيادة مع أبناء شعبها، ولم يغب هذا النهج التشاوري، وأهل قطر أسرة واحدة، بتواصلهم وتعاونهم ووحدتهم وتعاضدهم..، وبكلمات بسيطة عبر سمو الأمير المفدى عن هذه الصورة بالقول «كلنا في قطر أهل».

* بالفعل في قطر.. كل قطر أهل، ونسيجنا الاجتماعي واحد، ومتداخل ومتجانس، وروح الألفة والمحبة والمودة تجمعنا، ولا يمكن أن يفصل بيننا شيء، هذا رهاننا دائما، وعبر التاريخ كانت «وحدتنا الوطنية مصدر قوتنا بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى، في مواجهة كل التحديات التي مررنا بها، ومن ثمّ فإن علينا دائما حين نراجع تجاربنا أن نضع وحدتنا وتماسكنا فوق أي اعتبار»، هذه هي رؤية أهل قطر عبّر عنها سمو الأمير المفدى في خطابه الشامل والجامع أمام مجلس الشورى، فكان لسان صدق معبر عن أهل قطر جميعهم، الذين يؤمنون إيمانا تاما كاملا بهذه الرؤية التي تحدث عنها سموه.

* عبر التاريخ تجاوزت قطر وأهلها كل التحديات من خلال وحدتهم واللُحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي القوي، والجبهة الداخلية المتماسكة، فكانت سدا منيعا أمام كل العواصف والتحديات التي مرت بها، وهو ما ميّز قطر وأهلها.

المؤسسة الشوروية في قطر راسخة، والإيمان بها متجذر، وعلاقة الشعب بالحكم علاقة أهلية مباشرة، دون حواجز أو عوائق، والتواصل والتشاور يأخذ أشكالا متعددة، وأدواتها مختلفة، تصب في نهاية المطاف بخدمة الوطن وإعلاء شأنه، وخدمة المواطن وتوفير الحياة الكريمة له، وهي من الأولويات التي يركز عليها سمو الأمير المفدى، بأن يجعل المواطن يتصدر هذه الأولوية، ويوصي كل الجهات بتذليل الصعاب، وتوفير الخدمات بجودة عالية، ويؤكد سموه دائما أن التنمية هدفها الإنسان.

صورة المجتمع الواحد تجلت في قطر في مواقف كثيرة، وبصور عديدة، وهو أمر نفخر به، ونعتز بترجمته على أرض الواقع، من خلال هذا الترابط الذي يجمعنا، ومن خلال هذه الروح التي تسود بين أهل قطر.

* كان بإمكان سمو الأمير المفدى أن يصادق على هذه التعديلات القانونية بما فيها التشريعات الدستورية، بعد أن انتهى من إعدادها مجلس الوزراء، لكن سمو الأمير، وثقة بشعبه الوفي أبى إلا أن يحيل هذه التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي، ليقول الشعب كلمته فيها، وليبدي رأيه.. إنها قمة المصارحة والشفافية، وقمة التشاور بين الشعب والحكم.

هكذا تتجلى هذه العلاقة الوطيدة والراسخة بين الشعب والحكم في قطر، وهي صورة واحدة من صور متعددة فيها هذا التجانس والتناغم.

لذلك اليوم جميع أهل قطر، مواطنين ومواطنات، مدعوون للمشاركة الفاعلة في الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، وهو واجب علينا جميعا في القيام به تجاه الوطن، وأمانة مسؤولون عنها، وطاعة لولي الأمر الذي دعا للمشاركة في الاستفتاء.

* يجب علينا كأفراد القيام بواجباتنا في هذه المرحلة المهمة من تاريخ هذا الوطن الغالي، وإكمال مسيرة المكتسبات التي تحققت طوال عقود مضت من العمل المضني للآباء والأجداد والأسلاف، الذين قال عنهم سمو الأمير المفدى «في مثل هذه الأيام أتذكر بفخر أسلافنا الذين تمسكوا بهذه الأرض، وكافحوا من أجل البقاء عليها، ولم يبخلوا بالتضحيات».

علينا اليوم أن نكون على قدر المسؤولية التاريخية، وأن نكمل الأدوار العظيمة لآبائنا وأجدادنا، نحافظ على إرثهم وعطاءاتهم، ونبني عليها بجهد وجد واجتهاد وعمل وإنتاج..، حتى تكون لنا بصمة إيجابية في مسيرة هذا الوطن، ويأتي من بعدنا أبناؤنا وأحفادنا يفتخرون بما أنجزناه لهذا الوطن المعطاء.

* إخلاصنا وولاؤنا لقيادتنا ولوطننا يجب أن يترجم إلى أعمال وإنجازات ومكتسبات يفتخر بها الوطن، وتكون نبراساً لمن يأتي بعدنا لإكمال هذه المسيرة، فليس هناك أعذار أمامنا أبدا، فقطر تستحق منا الأفضل دائماً.

* كلمات الشكر والعرفان لا توفي سمو الأمير المفدى حقه ودوره التاريخي العظيم في هذه المرحلة المهمة التي تعيشها قطر ويعيشها هذا الوطن العزيز، من مكانة عالمية باتت تتبوأها ويشار إليها بالبنان، وبنهضة وتقدم وازدهار على الصعيد الداخلي باتت حديث القاصي والداني.

* نؤمن جميعا بما قاله سمو الأمير بأنه لا بديل عن الجمع بين الإرادة الصلبة والحكمة، وبأن قيمنا وأخلاقنا وتواضعنا وحبنا لوطننا هي مصادر قوتنا ومبرر ثقتنا بالمستقبل.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x