مقالات

قطر.. دعم مسيرة «التعاون» مبدأ لا تحيد عنه

جولة سمو الأمير تكتسب أهمية كبرى في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة

 

تكتسب الجولة الخليجية التي سيبدؤها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه لكل من دولة الكويت الشقيقة ومملكة البحرين الشقيقة وسلطنة عمان الشقيقة ودولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، اهمية كبرى، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة عموما، وما تواجهه منظومة مجلس التعاون الخليجي من تحديات في هذه المرحلة على وجه الخصوص.

تأتي هذه الجولة – بعد ان زار سموه في اغسطس الماضي الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – ودول المجلس وشعوبها تتطلع الى مزيد من التعاون والتنسيق فيما بينها، لما تفرضه الظروف والمستجدات الاقليمية والدولية من تحديات كبرى، في عالم لا يعترف الا بالاقوياء.

من المؤكد ان اللقاءات التي سيجريها سمو الامير المفدى مع اخوانه قادة ورؤساء الدول الشقيقة ستصب في صالح تعزيز وتقوية العلاقات الاخوية القائمة بين الشعوب الخليجية، التي ترتبط بعلاقات اسرية متداخلة، يدعمها التوجه الحكيم لقادة دولنا الخليجية، الذين يحرصون كل الحرص على ايجاد افضل الظروف لتوثيق هذه العلاقات واواصر القربى بين ابناء الخليج الواحد.

نعرف جيدا حرص سمو الامير المفدى على ايجاد منظومة خليجية قوية ومتكاملة، ضمن اسرتها العربية الاكبر، وهو المسعى الذي يؤكده سموه في كل مناسبة، ويترجمه على ارض الواقع، عبر وقوف دولة قطر ودعمها لتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي، والحرص على توفير كل السبل والامكانات التي من شأنها توطيد العلاقات الاخوية الخليجية – الخليجية، وهو مبدأ لا تحيد عنه قطر قيادة وشعبا، وتعمل جاهدة على تهيئة كل الظروف من اجل تقوية هذا الكيان الخليجي، الذي يعد التكتل العربي الوحيد، الذي استطاع الصمود في وجه كل التحديات والعواصف التي عصفت بالمنطقة منذ تأسيسه في عام 1981، والحروب التي تعرضت لها، واستطاع على الرغم من ذلك الوقوف بوجهها، بفضل من الله اولا ثم بحكمة قادة دول المجلس وشعوبها، الذين هم على قلب رجل واحد.

مازلت اتذكر تصريح سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عندما فازت قطر بتنظيم كأس العالم في ديسمبر 2010 عندما وصف الملف القطري بأنه ملف عربي وليس قطريا، وقال “قطر جزء صغير من الامة العربية العظيمة”.

هذا الايمان وهذا الانتماء لهذه الامة يدفع بهذا القائد الشاب اليوم الى تعزيز العلاقات البينية الخليجية، التي هي مرتبطة بعلاقات اشمل في نطاقها ومحيطها العربي، فصلابة وقوة مجلس التعاون الخليجي ليست فقط في صالح دوله فحسب، انما في صالح الامة العربية بأسرها، لذلك فان نتائج هذه الجولة، وما سوف تثمره سيكون له اثر ايجابي، ينعكس على الشأن الخليجي والعربي بصورة عامة.

انها جولة لتعزيز ورصّ الصف الخليجي، والتأكيد على وحدة هذا المجلس، بدوله وشعوبه، فمثل هذه الزيارات المتبادلة بين قادة المجلس في خارج نطاق الاجتماعات الدورية للمجلس الاعلى، تمثل قيمة عالية، وتنظر لها الشعوب باعتزاز وتقدير وترحيب كبير، فما احوجنا الى استمرارية مثل هذه الزيارات بين القادة والمسؤولين في دول المجلس.

هناك قضايا اقليمية ودولية، بحاجة الى التباحث حيالها، وتعزيز المواقف والرؤى بشأنها، ان كان ذلك عربيا او اقليميا او دوليا، فالحاجة ماسة الى مثل هذه اللقاءات في هذه الظروف التي تعيشها المنطقة، والتحالفات الجديدة التي تلوح في الافق، مما يستوجب من دول المجلس العمل على ايجاد ارضية موحدة للتعامل معها وفق استراتيجية متكاملة في جميع جوانبها، سياسية كانت او اقتصادية او امنية او ثقافية…

هناك مستجدات اقليمية.. هناك المأساة السورية التي توشك ان تنهي عامها الثالث بمزيد من الآلام التي يعيشها هذا الشعب الذي ترك في العراء.. هناك الوضع في مصر وتداعياته التي تنعكس سلبا على المنظومة الخليجية.. هناك الوضع في العراق واليمن والسودان وليبيا وتونس.. اضافة الى العلاقات مع ايران التي يشوبها توتر في هذه المرحلة…

دول المجلس ليست في كوكب آخر، لا تعنيها الاوضاع غير المستقرة في الدول العربية او في العالم، بل على العكس من ذلك، دول المجلس تتأثر سلبا بالأزمات التي تتعرض لها بعض الدول العربية.

هناك ملفات خليجية بحاجة الى مراجعة ومعالجة في نفس الوقت، بحيث ينتج عنها مزيد من التكامل بين دول المجلس، ومزيد من تعزيز لمسيرة هذا الكيان، الذي يريد اعداؤه الاطاحة به قدر الامكان، او تجريده من قدراته، وافراغه من محتواه، وسلب روحه، ليبقى جسدا دون روح..، ونحمد الله ان تلك المحاولات باءت بالفشل طوال العقود الماضية، بفضل من الله ثم بفضل تماسك وايمان القادة والشعوب بهذا المجلس، الذي يمثل مصيرا واحدا مشتركا يجمع هذه الدول.

نحن واثقون ان جولة سمو الامير المفدى حفظه الله ورعاه التي تبدأ بدولة الكويت الشقيقة اليوم، ولقاء سموه باخوانه قادة هذه الدول، ستضع لبنة اضافية في مسيرة مجلس التعاون، وستدفع بالعمل الخليجي المشترك الى مزيد من التفعيل، لما يعرفه الجميع من حرص سموه على الوحدة الخليجية الحقيقية بين دول وشعب – وليس شعوب؛ فنحن شعب خليجي واحد – الخليج، والجهود الكبيرة التي يبذلها سموه من اجل توحيد الصف، والتقارب، ونبذ اي فرقة بين ابناء الاسرة الواحدة.

من المؤكد ان عملا خليجيا يخدم ابناء هذا المجلس سيتبلور خلال المرحلة المقبلة، يعزز من مسيرة المجلس، ويدفع العمل به الى مزيد من التجانس والتوافق في ملفات داخلية، اضافة الى رؤية موحدة في التعاطي مع مختلف القضايا الاقليمية والعربية والدولية، وهو ما من شأنه ان يقدم مجلس التعاون اكثر قوة في تعامله مع الطرف الآخر، بحيث يكون نداً للكيانات الأخرى.

قطر حريصة كل الحرص على تعزيز مسيرة مجلس التعاون، وتقوية مؤسساته المختلفة، وتفعيل آليات العمل في هذا الكيان الخليجي خاصة في هذه المرحلة التي نمر بها، والتي تتطلب مزيدا من التكاتف والتعاضد والتعاون، فأي “شوكة” – لا قدر الله – قد تتعرض لها دولة خليجية، ستتألم منها جميع دولنا.

لذلك يجب ان نترفع عن كل الصغائر، وننظر للتحديات التي تواجه مستقبل المنظومة الخليجية، وان نتصدى لها متّحدين، لا متفرقين، بحيث نكون على قلب رجل واحد… يجب ان نكون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى.

وفق الله سمو الامير المفدى في جولته، وكللها بالنجاح، وكتب لمساعيه الخيرة التوفيق والسداد.. ونسأل الله ان يجمع دول الخليج اخوة متحابين، بأمن وامان واستقرار..

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x