مقالات

قطر والسعودية.. علاقات متجذرة وآفاق واعدة

بفضل حكمة قيادتي البلدين الشقيقين

يمثل اجتماع مجلس التنسيق القطري السعودي الذي عقد مساء امس بالدوحة برئاسة وليي عهدي البلدين الشقيقين، سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الامين، وصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، نقلة اخرى للعلاقات الاخوية المتجذرة بين البلدين والشعبين الشقيقين، والتي تحرص قيادتا البلدين ممثلة بسمو الامير المفدى واخيه خادم الحرمين الشريفين، على تطويرها والارتقاء بها نحو آفاق ارحب من التعاون والتكامل في مختلف المجالات.

التوجه نحو ايجاد هذا المجلس الذي اعلن عن انشائه في مدينة جدة 2008 هو في حقيقة الامر تأطير للعلاقات القوية والممتدة عبر التاريخ، ووضعها في اطار مؤسسي من اجل تفعيل وتطوير هذه العلاقات بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات، ورسم الخطط والاستراتيجيات التي تدفع نحو فتح مزيد من قنوات التعاون والتنسيق، وخلق مجالات جديدة من التعاون، كترجمة للعلاقات الوطيدة، وهو ما تم بالفعل خلال المرحلة الماضية من عمر المجلس، الذي بنى على عمق العلاقات القائمة بين البلدين، وانطلق نحو مزيد من المجالات، سياسية ودبلوماسية واقتصادية وامنية وثقافية واجتماعية….

المتعارف عليه بين الدول في كثير من الاحيان، انه في حال الرغبة لتفعيل هذه العلاقات يتم انشاء لجان تعاون وتنسيق، توكل رئاستها الى وزراء او رؤساء وزارات في بعض الاحيان، لكن في الحالة القطرية السعودية، الامر اختلف، نظرا لخصوصية هذه العلاقات، وحرص قيادتي البلدين على تعميقها بصورة اكبر واشمل، فقد تم ايجاد مجلس للتنسيق، وهي صورة اشمل من لجنة للتعاون، وهذا يمثل تأكيدا على ما يربط البلدين والقيادتين والشعبين من اواصر اخوة وتقارب فيما بينهما.

الدلالة الاهم، ان هذا المجلس اسندت رئاسته الى وليي عهدي البلدين، وهي اشارة واضحة إلى الاهمية الكبرى التي يمثلها هذا المجلس، والدور المتعاظم الذي يقوم به في سبيل تعزيز العلاقات وتطويرها، وتذليل كل العقبات التي قد تعترض طريق عمل اللجان الفرعية التي تنبثق من هذا المجلس، وهي رسالة بأن التعاون بين البلدين مفتوح على مصراعيه في كل ما من شأنه ان يعزز هذه العلاقات، ويدفع بها نحو مزيد من التكامل، ويرسم رؤية واضحة من اجل مستقبل البلدين، والتعاون فيما بينهما.

وحقيقة التعاون والتنسيق بين البلدين والقيادتين لم يقتصر على عقد الاجتماعات الدورية لمجلس التنسيق، والانتظار لعام كامل من اجل الالتقاء والتشاور فيما بينهما، بل ان التشاور وتبادل وجهات النظر حيال مختلف القضايا الاقليمية والدولية متواصل على الدوام، وهو ما رأيناه عبر الزيارات الأخوية المتبادلة بين البلدين على اعلى المستويات، وكان آخر هذه الزيارات التي قام بها سمو ولي العهد الامين الى الرياض في 22 فبراير الماضي، والتقى خلالها أخيه صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، اضافة الى لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين بالمملكة، والتشاور حيال القضايا التي تهم البلدين، والتسيق حول الملفات الهامة بالمنطقة والعالم.

هذه الروح التي تسود العلاقات القطرية السعودية بفضل حكمة قيادتي البلدين، اسست لعلاقات راسخة ومتينة لا يمكن النيل منها او اضعافها، كونها متجذرة وضاربة في عمق التاريخ، وقائمة على ركائز قوية من التعاون والرؤية المشتركة حيال القضايا المختلفة.

هذا المجلس، والحرص على عقد اجتماعاته بشكل دوري في البلدين، يخلق آليات عمل جديدة لتعزيز التكامل، ويسهل التعاون بين القطاعات المختلفة، ويزيل الحواجز التي ربما تعوق التواصل والانسيابية في العمل بين الجانبين، لذلك رأينا مشاريع اقتصادية مشتركة، ورأينا تعاونا متزايدا بين رجال الاعمال في البلدين، ورأينا استثمارات متبادلة.. وغيرها من الامور التي تعود بالنفع على الشعبين والبلدين، فعلى سبيل المثال هناك اكثر من 131 شركة سعودية بالكامل في قطر، اضافة الى اكثر من 229 شركة سعودية قطرية مشتركة بين رجال اعمال من البلدين.. وفي المقابل هناك استثمارات قطرية في السعودية تقدر باكثر من 5 مليارات ريال، وتنامي التجارة البينية بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.

هذا غير انشاء مجلس اعمال قطري سعودي، عقد اكثر من اجتماع، وشكّل لجان عمل فرعية لتسريع انجاز المشاريع التي يتم الاتفاق عليها، وبحث الافكار الاستثمارية في مختلف القطاعات، اضافة الى تبادل الزيارات بين رجال الاعمال القطريين والسعوديين، والتي كان آخرها وفد رجال اعمال سعوديين زار قطر الشهر الماضي.

اليوم، التشاور والتنسيق بين قطر والسعودية في اعلى مستوياته، ويمثل نموذجا ايجابيا للعلاقات الاخوية، وظهر ذلك جليا في اكثر من مشهد، وربما الملف السوري خير شاهد للتعاون والتنسيق بين الجانبين، فالبلدين ينظران الى قضية الشعب السوري الثائر من نافذة واحدة، ويتحركان من اجل انقاذه من براثن النظام السوري القمعي بصورة جادة وفاعلة في مختلف المحافل، وهما الدولتان الوحيدتان ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم، اللتان تسعيان الى إنقاذ الشعب السوري من المأساة التي يعيشها على يد نظامه، والسعي الى رفع المعاناة عنه..

لذلك رأينا هجوما على قطر والسعودية من قبل النظام السوري الفاقد للشرعية، ومن يلف حوله، ويدعمه ويسانده، نظرا لمواقفهما الحازمة والعادلة حيال قضية الشعب السوري المضطهد، ورفضهما قبول ما يجري في سوريا من ظلم فادح يقع على الشعب، الذي خرج طالبا الحرية والكرامة، فما كان من النظام الا ان جابه هذه المطالب المشروعة بالحديد والنار، وقمع لم يشهد له التاريخ مثيلا.

قطر والسعودية يقودان اليوم الحراك بالمنطقة، ويعملان معا من اجل قضايا الامة العربية والاسلامية، ويسعيان الى تقديم كل الدعم والمساندة لقضايا الشعوب المضطهدة، والوقوف مع الحقوق المشروعة للشعوب، وهو امر يحسب لقيادتي البلدين الشقيقين.

نحن واثقون ان العلاقات القطرية السعودية سوف تدخل مرحلة جديدة من التعاون والتكامل مع انعقاد هذه الدورة الجديدة لاجتماعات مجلس التنسيق، التي تترجم آمال وطموحات وتطلعات شعبي البلدين، وقبلهما قيادتا البلدين، نحو مزيد من العمل الجاد من اجل كل ما من شأنه مصلحة البلدين والشعبين.

مرحلة جديدة تدخلها هذه العلاقات، ونتطلع الى مواصلة الخطوات، وتحقيق المزيد من الانجازات في مختلف القطاعات في البلدين، اللذين يسيران بخطى واثقة نحو تكامل نوعي لا يخدم فقط البلدين، انما ينعكس ايجابا كذلك على مسيرة مجلس التعاون الخليجي، الذي تتعزز علاقات دوله بكل خطوة تكاملية بين أي دولة واخرى.

اننا اذا كنا سعيدين بانعقاد هذه الدورة لمجلس التنسيق القطري السعودي المشترك بالدوحة، فاننا اكثر سعادة بتواجد صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، ضيفا عزيزا كريما عند اخيه حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الامين حفظه الله ورعاه، وبين اهله واخوانه في قطر.

وفق الله جهود قيادتي البلدين الشقيقين لما فيه خير ومصلحة شعبي البلدين الشقيقين، وخدمة قضايا الامة العربية والاسلامية.

 

.. ولنــا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x