قطر وقفت مع مصر قبل أن يكون في المشهد {إسلاميون}
حمد بن خليفة أول زعيم يزور القاهرة ويلتقي الطنطاوي بعد ثورة 25 يناير
تعلمنا في قطر ألا نرد الإساءة بالإساءة.. تعلمنا أن نترفع عن ذلك، بل نرد الإساءة بالإحسان، هكذا تربينا، ليس من أخلاقيات هذا البلد، من أميره إلى أصغر طفل فيه، أن يفعلوا ذلك.
اقول ذلك لسبب واحد حقيقة، وهو أن الكثير من الإخوة والزملاء في الداخل والخارج يتحدثون عن هجمة بعض الاقلام المأجورة، وبعض الشخصيات السياسية “المتهالكة” التي تهاجم قطر ليل نهار، وتفتقر الى ادنى اخلاقيات الحديث، وهي تعرف انها تكذب، لكنها تصر على ذلك، من باب “اكذب.. اكذب”.
لسنا بصدد الرد على كل “ناعق”، وليست هي سياسة قطر، التي تنأى بنفسها عن المهاترات، وترفض الدخول في الرد على “الاسفاف” من القول، او الانشغال بالاشاعات،..، وترى ان العمل وحده كفيل بتكذيب كل ما يلفق من تهم وأقاويل غير صحيحة، لذلك قطر حققت من المكاسب خلال فترة وجيزة ما عجزت عنه انظمة عبر عقود من الزمن.
يثيرون الكثير من الغبار وحديث “الإفك” على موقف قطر تجاه مصر العزيزة وشعبها الشقيق، وانها منحازة الى جماعة على حساب الشعب، وتحديدا الى جماعة الإخوان المسلمين، وهذا كذب وافتراء، واصحاب هذا الادعاء لم يقدموا قرينة واحدة على ذلك، وكل ما يقولونه انكم لم تدعموا ما حدث في 3 يوليو 2013، وان “الجزيرة” منحازة الى “الاخوان”.
لا يعنينا “الاخوان” بقدر ما يعنينا الشعب المصري، الذي اغتصبت ديمقراطيته في ليلة ظلماء، وقطر كانت اول دولة تقف مع الشعب المصري في ثورته، وتطلعاته المشروعة، فكان ان قام امير قطر آنذاك سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة الى مصر في 4 مايو 2011، والتقى بالمشير الطنطاوي رئيس المجلس العسكري كأول زعيم ورئيس دولة يزور القاهرة، وبعده كذلك وفي الاول من يوليو 2011 قام سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي كان آنذاك وليا للعهد بزيارة للقاهرة، والتقى ايضا المشير الطنطاوي، ولم يكن هناك “اخوان مسلمون”، ولم يكن هناك مرسي، ولم يكن المشهد به اسلاميون قادمون للحكم.
واعلنت قطر منذ اللحظة الاولى عن دعمها ومساندتها للشعب المصري بكل فئاته واطيافه، فكان ان وقعت اتفاقيات دعم مع حكومة د. عصام شرف، الذي كان اول رئيس وزارة بعد ثورة 25 يناير 2011، وتم الالتزام بهذه الاتفاقيات دون الإخلال بسطر واحد منها، وهذا دليل على مدى مصداقية قطر في مواقفها تجاه الشقيقة مصر وشعبها.
لم يكن “الاخوان المسلمون” في المشهد السياسي آنذاك حتى يتم القول ان قطر وقفت مع مصر من اجل هذه الجماعة، انما كانت مواقف مبدئية، تنطلق من دعم الشعب المصري بكل اطيافه، في وقت تخلى عن هذا الشعب وثورته كل الذين يهاجمون مواقف قطر اليوم، ويوعزون عبر “دفاتر الشيكات”، وعبر “التحويلات البنكية” الى “اقزام” الإعلام بتلفيق التهم الى قطر، وتشويه مواقفها الداعمة للشعب المصري.
حتى الاتفاقيات التي وقعتها قطر خلال فترة حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي التزمت بها فيما بعد، واكثر من ذلك، ما اعلنت عنه قطر خلال فترة حكم مرسي، من تبرع لدعم مصر بخمس شحنات من الغاز العام الماضي مجانا لحل ازمة الوقود، قامت بايصالها دون نقصان الى الشعب المصري بعد الانقلاب، فكانت آخر شحنة وهي الخامسة يتم توصيلها الى مصر في شهر سبتمبر 2013، ولم تحاول قطر التنصل من التزاماتها التي قطعتها على نفسها، كما فعلت العديد من الدول العربية.
نعم قطر لديها مشكلة واحدة، انها تعلن ما تؤمن به بصراحة وشفافية وعلى الملأ، دون ان يكون لها حسابات اخرى، او مواقف تختلف في السر عن العلن.
لم يعرف عن قطر انها اخلت بتعهد واحد ولو كان شفويا، فما بالكم ان كان كتابيا، بل ان سجلات جامعة الدول العربية تشهد ان قطر من الدول القليلة الملتزمة تماما بتسديد حصص اشتراكها دون تأخير او مماطلة.
هل ما حدث في مصر يوم 3 يوليو 2013 تغيير ديمقراطي؟ هل العملية الديمقراطية التي تبناها الشعب المصري وثار من اجلها في 25 يناير وضحى بدم ابنائه من اجلها، يكون مصيرها انقلاب على كل هذه التضحيات؟..
قطر اعلنت موقفها ليس فقط حيال احداث مصر- بالمناسبة عدد قليل من دول العالم اعترفت بالانقلاب العسكري- إنما حيال مختلف القضايا والملفات العالمية، وقالت رأيها بكل وضوح، وتعلن ذلك على الملأ،..، فمن كان يريد حوارا عقلانيا وموضوعيا فليتحدث عن القضية ذاتها محل الاختلاف، وليس بالطعن باسلوب “وقح”، او “الهروب” للأمام عبر افتعال معارك وهمية، لإلهاء شعبه، والايعاز لـ “ابواق” اعلامية تعيش على الموائد، لإثارة الغبار على مواقف قطر الوطنية، العربية والاسلامية.
نعم قطر وقفت مع الشعوب العربية، وانحازت لمطالب هذه الشعوب في العيش بكرامة، وتحقيق تطلعاتها في الحريات، دون ان تطلب قطر مقابلا لهذه المواقف المبدئية، ومن يقول غير ذلك فليعلن عبر مستندات حقيقية، ودون تدخلات في شأن اي دولة عربية.
قطر وقفت مع كل الشعوب دون منّ او أذى، بل لم يسمع عن قطر انها فاخرت بما تقدمه لأشقائها العرب، من دعم او مساندة، ولم يسبق انها قدمت “قوائم” بالمساعدات التي تقدمها، او عرضت “ارقاما” كنوع من التباهي، واتحدى من يقول ذلك.
نحن في قطر نعمل بما نؤمن به، ولا نعمل بما يملى علينا، او من اجل عيون الآخرين، او ارضاء لأطراف معينة، كما يفعل البعض، الذين يحبون التلون بين فترة واخرى، حسب متطلبات المرحلة، وحسب “الزبون” الجديد.
هناك مبادئ وقيم ترتكز عليها السياسة القطرية، لا يعرفها من لا يعرف مسار قطر وشعبها عبر التاريخ، مبادئ لا يفهمها من لا مبادئ له، فكيف نلتفت الى هؤلاء؟.
نحن واثقون في انفسنا.. مؤمنون بما نفعل.. منحازون الى قضايا امتنا وشعوبها.. أيادينا ممدودة بالخير لأبناء امتنا وللانسانية جمعاء.. لا نحمل حقدا ولا حسدا ولا بغضاء.. علانيتنا كسريرتنا.. لا نظهر عكس ما نبطن.. نعمل بوضوح وفوق الطاولة وليس تحتها كما يفعل البعض.. لا نعرف التلوّن وتغيير جلدنا.. نعتز بهويتنا العربية والاسلامية.. وسنظل كذلك، على هذا الطريق سائرون..
ولنا كلمة