لطمة الجالية النيبالية لغربان الإعلام
جاء المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجالية النيبالية بالدوحة بحضور اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، لتوضيح الحقائق حول ما يشاع عن سوء معاملة العمال في قطر وتحديدا العمالة النيبالية “لطمة” ليس فقط لصحيفة “الغارديان” البريطانية التي “فبركت” تقريرا سيئا متخذة من العمالة النيبالية شماعة للنيل من قطر، بل “لطمة” لكل “الغربان” الإعلامية العربية منها والغربية، التي تحاول بين فترة وأخرى الإساءة الى قطر، وفي كل مرة تبث قصصا وهمية، و”فبركات” إعلامية.
ليس صدفة تقرير “الغارديان”، ولم يكن خبرا صحفيا جديدا، بل تم الاعداد له منذ اكثر من 6 أشهر من قبل الصحيفة البريطانية، التي تتبادل الأدوار مع زميلاتها، خاصة بعد حصول قطر على استضافة بطولة كأس العالم 2022، فيما خرجت بريطانيا “منكسرة” من سباق استضافة كأس العالم 2018، مما زاد الحمق والحقد على قطر، هذا البلد الصغير مساحة، والقليل سكانا، كيف به يفوز بهذا الشرف، فيما بريطانيا — التي يوما ما كانت تسمى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس — لا تتمكن من الفوز به؟!
والغريب ان الإعلام البريطاني لم يتحدث عن روسيا التي سحبت البساط من تحت بريطانيا في سباق استضافة كأس العالم 2018، وفازت موسكو بها، وصب جام غضبه على قطر، وفي كل مرة يثير الغبار على قضية تتعلق باستضافة قطر لكأس العالم، فيما لا يجرؤ على الحديث عن روسيا، رغم كل الأوضاع التي تعيشها روسيا، بل لم نسمع للإعلام البريطاني “المدجن” صوتا عندما حدثت الاضطرابات في البرازيل التي سوف تستضيف كأس العالم 2014، ولم يطالب هذا الاعلام “النزيه” والحريص على حقوق الانسان بسحب البطولة من البرازيل.
اغلب الظن ان قيام الإعلام البريطاني بإثارة قضايا و”فبركة” موضوعات تسيء الى قطر، هدفه بالدرجة الاولى الحصول على نصيب من “كعكة” المشاريع الضخمة الخاصة بكأس العالم التي ستنفذها قطر، وما خصصته من موازنة مالية عالية لتنفيذ تلك المشاريع، اضافة الى المشاريع التنموية والاقتصادية والبنى التحتية الكبيرة والمتعددة التي تنفذها قطر، التي تشهد نموا حقيقيا يتجاوز 6 % حسب صندوق النقد الدولي، في وقت يعاني منه الاقتصاد البريطاني ركودا، بعد ان مني بخسائر مالية كبيرة منذ الأزمة المالية 2008 وما تلا ذلك، تلك الأزمة التي عصفت بجميع الدول الأوروبية وأمريكا، فيما ظلت قطر سيدة الموقف بلا منازع، وظل النمو الاقتصادي متواصلا على الرغم من الأزمة المالية التي ضربت دول العالم اجمع، بفضل السياسات والخطط التي انتهجتها قطر — ومازالت — لمواجهة تلك الأزمة الخانقة، وحققت نجاحات، وهو ما أدى الى استمرار النمو الاقتصادي، وجعل من قطر الأعلى دخلا.
إنسانية الاعلام البريطاني — والغربي إجمالا — لا تظهر الا عندما يتعلق الامر بقضايا متصلة بالعالم العربي، وتتخذ من حقوق الانسان سلما لبلوغ غايات مريبة، وما اكثر الغايات المريبة لتلك المؤسسات الإعلامية الغربية والبريطانية تحديدا، فعلى بعد أمتار من “الغارديان” والصحف البريطانية الاخرى يقبع المئات من الأبرياء في السجون، تحت مبررات واهية، ان كانت الهجرة غير الشرعية او الإقامة غير الشرعية او تهم الإرهاب، او إلصاق تهم بأفراد كل ذنبهم انه لا يوجد من يدافع عنهم او يتحدث بقضاياهم.. إلا ان هذا الإعلام البريطاني لا نراه يسل سيفه ويسرد قصصا مأساوية حقيقية لأولئك الذين يقبعون في السجون البريطانية.
يتحدثون عن سوء معاملة عمال في قطر، وأنهم يعملون ساعات طويلة وفي اجواء صعبة وظروف مناخية قاسية وأنهم لا يجدون ماء يشربونه!!..
ما أوقحهم!.. مشكلتهم انهم لا يعرفون المجتمع القطري، ويعتقدون ان ما يمارسونه في حياتهم عندما يرفض احدهم دفع قيمة فنجان قهوة لوالده في مطعم، يحصل هنا في مجتمعنا، ولا يعلمون ان الناس هنا تتسابق لإكرام هؤلاء العمال الضعفاء، وان المياه منتشرة في كل مكان أقربها بيوت الله، بل إن وزارات الدولة وأجهزتها والجمعيات والمؤسسات الخيرية تتسابق لتوزيع الطعام في مناسبات مختلفة على الناس في الشوارع، ناهيك عن الناس الذين يحمل الكثير منهم مواد غذائية ومياها في سياراتهم لتوزيعها على العمال الذين يعملون في الشوارع والأماكن العامة.
كما ان ساعات العمل في الصيف يتم تقليصها، ويتم وقف العمل قبل منتصف النهار بقرار رسمي من وزارة العمل، وتنقل غالبية الشركات عملها لفترات مسائية.
نحمد الله ان السفارة النيبالية ورئيس الجالية هما من نفوا وقوع حالات وفيات غير طبيعية بين عمالهم الذين يصل تعدادهم في قطر الى 340 الف عامل، فلم تتجاوز حالات الوفاة في أماكن العمل العام الماضي 55 حالة، اي ما يعادل 3 حالات من بين كل 20 الف حالة، وهو رقم صغير، رغم عظم النفس البشرية، ولكن بالرغم من ذلك فان وفاتهم لا تمر مرور الكرام من قبل الجهات المعنية، ان كان في وزارة العمل او الداخلية او الجهات الاخرى التي لها علاقة بالأمر.
وأتحدى الصحف البريطانية ان تقدم على إجراء تحقيقات صحفية او فتح ملفات لحالات وفاة بالعشرات بل بالمئات لأرواح أزهقت دون ان تعرف أسبابها.
ثم ان كانت هذه الصحف حريصة على سلامة الانسان وقدسية روحه، فلتذهب الى الحدود الامريكية — المكسيكية لتعرف الواقع المأساوي الذي يعيشه المكسيكيون على الحدود المشتركة، الذين يحاولون الانتقال الى الولايات المتحدة الامريكية، زعيمة الحريات وحقوق الانسان، فلتذهب الصحف البريطانية الى هناك وتجري تحقيقاتها الصحفية على ارض الواقع المر، لكن تصم آذانها، وتغمض عيونها عن ذلك، وعن كل ما يحدث من انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان في العالم الغربي، الذي يدعي حمايته للإنسان، وما اكثر الجرائم التي ترتكب في البلدان دون ان يتردد صداها في الاعلام..
اما في العالم العربي فانهم يرصدون حتى “دبيب النمل”، ويحرصون على سلامته، ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويخلقون قصصا وأفلاما عجيبة غريبة، دون ان يكون لها أساس من الواقع.
في كل يوم يسقط الاعلام الغربي ويتعرى اكثر، ويسقط حتى ورق “التوت” الذي يحتمي به، فما كان يتغنى به من مواثيق للمهنية والمصداقية التي طالما صموا آذاننا بها، ها هي تسقط عندما يتعلق الامر بالعالم العربي او الاسلامي، فلا مهنية ولا مصداقية عند تناول قضايا عربية..
يكفي كذبا أيها الإعلام البريطاني وتزييفا للواقع، ان كُنْتُمْ صادقين، فها هي قطر مفتوحة ابوابها لكم لتتحروا عما يعيشه العمال وغيرهم من الإخوة الذين يعيشون في هذا البلد.
وأتحدى ان تقارنوا بين ما يتقاضاه العمال في قطر، الذين لا يدفعون درهما واحدا كضريبة مع توفير خدمات صحية ومواصلات.. وغيرها، وبين ما يتقاضاه العمال في بريطانيا وحجم الضرائب التي يدفعونها لخزينة الدولة، دون ان يحصلوا على كوب ماء مجانا.. أليست هذه حقيقة؟
نحن نعرف كيف هي العلاقات الانسانية في المجتمعات الغربية، وكيف يتم التعامل حتى فيما بين الاسرة الواحدة في تحمل مصروفاتها وحياتها المعيشية، فيما هذا الامر مختلف تماماً في مجتمعنا القطري، الذي يتسابق ابناؤه لتقديم الخدمات وتوفير الحياة الكريمة لكل من يعمل معهم، ففي الغالب لا يصرف العامل الذي يعمل عند أسرة قطرية ريالاً واحدا، بل يقوم بتحويل كل راتبه الى بلده وأسرته، دون ان تأخذ حتى الدولة منه ريالا… فهل هذا موجود في بريطانيا يا صحيفة “الغارديان” ويا أيها الإعلام المحرض الحاقد؟!..
لا نريد مدحا منكم، ما نطلبه الإنصاف وقول الحقيقة.. ألستم أدعياء ذلك..؟