مقالات

محطات الوقود.. هل ننتظر وقوع كوارث قاتلة؟!

مطلوب مراجعة لأماكن وجودها ومحتوياتها ومساحاتها

 

تتجدد المناشدات مع كل حادث يقع في محطات الوقود، بضرورة اعادة النظر في وضعية هذه المحطات، ان كان في الموقع او المحتويات، او الضوابط والشروط التي يجب ان تتوافر في هذه المحطات..، وغيرها من الامور الامنية وشروط السلامة.

بالامس وقع الانفجار في خزانات الوقود الخاصة بمحطة الاندلس للبترول، وقبلها وقع في محطة الهلال، فيما اكثر مرة وقعت حرائق في مناطق تكاد تكون ملاصقة لعدد من محطات البترول او في محلات تقع في محيط هذه المحطات او بداخلها، مما قد ينذر بوقوع كوارث -لا قدر الله- يذهب ضحيتها العشرات.

لا نريد الانتظار لوقوع حوادث قاتلة في محطات الوقود، ومن ثم اتخاذ اجراءات صارمة، وعمليات جراحية لتصحيح الوضع، او لالزام هذه المحطات باتخاذ احتياطات نوعية تمنع احتمالية وقوع هذه الحوادث.

لا ننكر ابدا الجهود الكبيرة التي يقوم بها الدفاع المدني، ليس فقط في سرعة تلبية الحوادث التي تقع، وهو امر يحسب للقائمين على هذا الجهاز، بل حتى في جوانب التوعية واشتراطات الامن والسلامة التي يسعى الى توفيرها في مختلف القطاعات والمنشآت، والحرص على توفير ذلك بكل شفافية وامانة.

اعتقد انه من المهم اعادة النظر في مواقع محطات الوقود، ومحتوياتها كذلك، والخدمات التي توفرها، ومدى ملاءمة ذلك مع المساحات المحددة لها،..، هناك محطات تقع بين احياء سكنية، وبالقرب من مرافق خدمية مهمة يتردد عليها جمهور كبير، وهو ما يعرض حالة هؤلاء الى مخاطر اذا ما وقعت اي حادثة -لا قدر الله- وهو ما يستوجب البحث عن بدائل لمواقع هذه المحطات، وضرورة الاسراع بمثل هذه الخطوات، وعدم الانتظار لحين وقوع حوادث قاتلة، او وقوع “الفاس بالراس” كما يقولون، حتى نسارع لنقلها الى اماكن آمنة.

قد يقول البعض ان مثل هذه المحطات مضى على اقامتها في هذه الاماكن سنوات عديدة، البعض منها تجاوز العشرات، وهذا صحيح، ولكن هذا لا يعني القبول بهذا الوضع في هذه المرحلة، التي شهدت توسعا واكتظاظا سكانيا في محيط هذه المحطات، بعد ان كان التردد عليها في سنواتها الاولى محدودا، والكثافة السكانية في محيطها محدودة.

والامر نفسه ايضا فيما يتعلق بسنوات انشاء هذه المحطات، التي يعود البعض منها لعشرات السنوات، ومهما تم تجديدها او ادخال تقنيات جديدة، فانه من الصعب ادخال تغييرات شاملة، او استبدال كامل لتقنياتها وتجهيزاتها الفنية والتقنية، خاصة ان البعض من اصحاب هذه المحطات يعمل بسياسة “الترقيع” حرصا على عدم احداث تطوير حقيقي، خوفا من دفع مبالغ مالية عالية، في حين ان تلك المحطات بحاجة الى تحديث وتطوير جذري، لذلك من المهم ان يكون هناك عمر زمني لبعض التجهيزات الخاصة بمحطات البترول، خاصة بالنسبة لنا، نظرا لارتفاع حرارة الجو، التي تتطلب تغييرات مستمرة، واستبدالا دائما لبعض التقنيات، التي ربما لا تتحمل ارتفاع درجات الحرارة في اكثر اشهر العام، وهو ربما يدفع الى حدوث انهيار ارضي لمواقع الخزانات الخاصة بالوقود، او حدوث انفجار بأي شكل لهذه الخزانات، نظرا للضغط الشديد الذي تتعرض له.

الامر الآخر ما يتعلق بالمساحات المخصصة لمحطات الوقود، فهي تكاد تكون صغيرة مقارنة بمحتوياتها، وهو ما يستوجب اعادة النظر بهذه المساحات، التي يفترض ان تكون اجزاء منها غير مشغولة، تتيح تحركا معقولا فيها، وتتيح ايضا للجهات الامنية في حال حدوث اي اشكال الوصول لها بكل يسر وسهولة.

اما محتوياتها فهي الاخرى بحاجة الى اعادة نظر، فلا يعقل ان يختلط “الحابل بالنابل” في هذه المحطات، بحيث انك لا تعرف هل دخلت محطة بترول ام سوقا تجاريا، ام سلسلة مطاعم ومحلات تجارية مختلفة، ضمن مساحات ضيقة؟!

مع تسليمنا بأهمية وجود خدمات متكاملة في محطات الوقود، والا تكون “جرباء”، الا اننا نرى ان هذه الخدمات لابد لها من مخطط واضح، ولابد لها من اجراءات سليمة يكون في مقدمتها الحفاظ على امن وسلامة مرتادي هذه المحطات، بعيدا عن الفوضى التي يعيشها البعض منها، والتداخل القائم فيما بين هذه المحلات التي تنتشر دون توزيع صحيح.

لا ينبغي الانتظار لحين حصول كارثة ثم البحث عن حلول لها، او السعي لتطبيق قوانين وتشريعات جديدة، كما حصل في حادثة “فيلاجيو”، وهو ما يجب ان نأخذ منه العبرة والدرس، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث في مجتمع يمكن ان يتفاداها بفضل من الله ثم بفضل ما لديه من قيادات مخلصة، وامكانات وهبها الله لهذا الوطن.

من المهم جدا اعادة النظر بكل ما يتعلق بمحطات الوقود، مكانا وتنظيما وتخطيطا وتشريعا وامنا وسلامة ومحتوى..، وغيرها من الامور التي تحقق امن وسلامة هذا المجتمع، ومن المؤكد ان الجهات المعنية هي الاقدر على معرفة كل الجوانب التي يستوجب ان تتوافر في محطات الوقود.

لا نريد لاحداث بسيطة ان تشوه صورة دولتنا ومجتمعنا، او ان تخلق “بلبلة” هنا او هناك، او تستنزف الجهد والمال والمقدرات..، نحن بحاجة الى تخطيط سليم، نستفيد من تجارب الماضي بايجابياتها وسلبياتها، نتلافى ما هو سلبي، ونعزز ما هو ايجابي، بما في ذلك التوزيع المنطقي والجغرافي لمحطات الوقود، فهناك مناطق بحاجة الى توافر محطات بترول، الا انها تفتقر الى ذلك، او ان العدد لا يتناسب والكثافة السكانية المتزايدة في بعض المناطق، في حين انه لم تتم زيادة عدد المحطات الموجودة، او لم يتم تطوير الخدمات ومستوى تلك المحطات، وربما الحديث عند ذكر محطات الوقود يستلزم الاشارة الى ضرورة ايجاد محطات للقادم الى قطر عبر منفذ ابو سمرة، فلا يعقل ان تكون المسافة الفاصلة بين المركز الحدودي والمنطقة الصناعية لا تتوافر بها محطة وقود واحدة، وهي مسافة لا تقل عن 90 كم.

نأمل ان تتم معالجة اوجه القصور في محطات الوقود القائمة، وان يعاد النظر في وجود العديد منها، والتأكيد مجددا على اهمية الالتزام الصارم باجراءات الامن والسلامة فيها، ومتابعة تحديثها وتطويرها باستمرار حتى لا تشكل اخطارا محدقة بالمجتمع وافراده.

 

ولنا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x