أقطاب العالم يحتكمون إلى قطر
القيادة القطرية أكدت دورها البارز في الانحياز للشعوب وإيجاد مخارج للأزمات
من جديد سجلت القيادة القطرية موقفا متقدما في السياسة الدولية، عندما استطاعت أمس الأول أن تجمع في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة والعالم، الأقطاب الرئيسية الفاعلة على الساحة الدولية، للتحاور حيال أبرز الملفات والقضايا التي تشغل العالم اليوم .
في هذه اللحظات التاريخية تؤكد القيادة القطرية دورها البارز في إيجاد مخارج للأزمات عندما تصل إلى ” عنق الزجاجة ” عبر الحوار المباشر، وهو النهج الذي تسير عليه، ونجحت في أن تكون عاصمة لإيجاد حلول للعديد من القضايا عبر الوساطات الناجحة التي قامت بها خلال السنوات الماضية، في قارات العالم الخمس .
استطاعت الدوحة أن تجمع الإثنين الماضي اللاعبين الأساسيين في القضايا الساخنة، بدءا من الاتفاق النووي بين إيران والعرب وأمريكا، مرورا بالأزمة السورية والوضع في اليمن والعراق .. وانتهاء بالملف الليبي الذي يشهد في هذه المرحلة حوارات متعددة بين الأقطاب المختلفة في ليبيا .
الإثنين كان يوما حافلا في عاصمة السلام .. الدوحة .. التي شهدت اجتماعات وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، ثم لقاءهم المشترك مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ولقاء الأخير مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقبل ذلك استقبال سمو الأمير المفدى للوزراء، وتأكيد سموه على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، والعمل على تجنب سباق للتسلح في هذه المنطقة من العالم .
ليس هذا فحسب، بل شملت لقاءات الأقطاب الدولية بالدوحة لقاءات ثنائية وثلاثية، مثلت نقطة ارتكاز لإيجاد حلول للملفات التي تمت مناقشتها، فقد عقد لقاء ثلاثي جمع وزراء خارجية كل من الشقيقة السعودية وأمريكا وروسيا، فيما التقى وزير الخارجية الروسي على انفراد كلا من معالي يوسف بن علوي عبدالله وزير الدولة للشؤون الخارجية بسلطنة عمان الشقيقة، ورئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل، ورئيس الائتلاف السوري السابق معاذ الخطيب .
هذه المباحثات المكثفة بين هذه الأقطاب الدولية الفاعلة في قضايا المنطقة، تؤكد من جديد أن الدوحة هي همزة الوصل بين الشرق والغرب، وإقرار دولي من جديد أيضا من قبل أقطاب العالم أن الدوحة هي عاصمة الحوار والسلام والوساطات والمبادرات الإنسانية، وتفويض – إن صح التعبير – من المجموعة الدولية للدور الريادي الذي تضطلع به قطر في معالجة الملفات المتأزمة وقضايا الصراع المختلفة، وقبل هذا وذاك تأكيد على المكانة والمصداقية التي تتمتع بها القيادة القطرية بين مختلف الأطراف، وقبول الجميع للاحتكام إلى رؤية هذه القيادة لإيجاد معالجات حقيقية وجذرية لمختلف القضايا، التي أثبتت الشواهد والتاريخ أنه ما وضعت قطر وقيادتها يدها في قضية ما إلا واستطاعت أن توجد لها حلا مرضيا لجميع الأطراف، والمجال لا يتسع لتسليط الضوء على هذه الوقائع والقضايا، وبفضل هذه السياسة الخارجية الحكيمة اكتسبت قطر سمعة دولية وثقلا إقليميا، مكناها من لعب دور الوسيط العادل والنزيه، والذي لا يميل إلى طرف دون الآخر في أي نزاع أو قضية إقليمية أو دولية .
نحن اليوم أمام أزمات تتولد منها أزمات، وما المنظمات الإرهابية التي باتت المنطقة والعالم يعاني منها إلا خير دليل على ذلك، وهو ما يفرض على دول العالم والعقلاء فيه أن يسارعوا للبحث عن مخرج حقيقي وجاد لتخليص المنطقة والعالم من هذه الأزمات، التي يمكن أن تفرخ المزيد من الأزمات الأسوأ .
نعم هناك مستفيدون من بقاء هذه الأزمات وتفاعلها وتصاعدها وولادة أزمات أخرى، سواء كان ذلك على مستوى الدول أم التنظيمات أم الأفراد، لكن الإنسانية والأبرياء يدفعون ثمنا باهظا جراء بقاء أنظمة قمعية بقاؤها مستمد من دم الضعفاء، وتجلس على جماجم الأبرياء .
نحن اليوم أمام مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة، وهو ما يفرض على جميع الأطراف تحمل المسؤولية للخروج من النفق المظلم وتفادي المزيد من الأزمات، والخروج ” الآمن ” وبأقل الأضرار من الأوضاع التي تعيشها المنطقة .
إن اجتماعات الدوحة التي جمعت دول الخليج وأمريكا وروسيا يمكن الجزم بكل تأكيد بأنها اتسمت بالطابع التاريخي بكل المقاييس، وشكلت علامة فارقة في السياسة الدولية، وهي اتفاق قطبي الصراع في العالم روسيا وأمريكا على أن دور الدوحة ضروري جدا لمنطقة الشرق الأوسط، وتأكيد على نجاح الدوحة بدورها المشهود كعاصمة للتلاقي والحوار .
مجددا .. صوت العقل ينطلق من قطر.
ولنا كلمة