« الجزيرة » .. تعادل أمة
في كل مرة، ومع كل حدث جلل تتعرض له امتنا، تؤكد “الجزيرة” أنها وفية لقضايا الأمة، متصدية في الميدان عبر “جيش” إعلامي جرار، لأي عدوان يضرب امتنا. ليس دفاعا عن “الجزيرة “، فهي تملك من ادوات الدفاع اكثر من اي وسيلة إعلامية، فما بالكم بصحيفة، إلا أن الواجب يحتم على كل قلم حر ان يدافع عن هذه الشبكة الاعلامية العملاقة، لسبب واحد ـ ولو لم يكن غيره لكفى ـ ألا وهو دفاعها عن قضايا الأمة، والتصاقها بالشعوب، والتعبير عن آلامهم وآمالهم. اليوم “الجزيرة” في خندق واحد مع المقاومة في غزة الصامدة، التي دخلت اسبوعها الثالث «16» يوما ـ وهي تتصدى لأعتى آلة عسكرية، تنقل بكل امانة ومصداقية مأساة اخوتنا في غزة، بعد أن تخلى عنهم النظام العربي الرسمي. “الجزيرة” تقاتل في الميدان في وقت تفرغت فيه اكثر من 300 فضائية عربية ليس للتفرج على مذبحة القرن في غزة، بل من اجل تحويل الرأي العام العربي عن معركته الاساسية الى معركة “ما دون السرة”. نعم وبكل اسف هذه هي الحقيقة، فضائياتنا العربية تحولت غالبيتها الى “أوكار دعارة”، بعيدا عن هموم الأمة، فمن يقلب مؤشر فضائياتنا يكتشف الحقيقة المرة .. فساد اخلاقي .. فساد قيمي .. فساد فكري .. الاستهتار بالمشاهد .. وقبل هذا وذاك غياب الانتماء لهذه الأمة، علما أن هذه القنوات تبث من دولنا العربية، في الغالب الأعم، بموافقة وتراخيص رسمية. “الجزيرة” اليوم تدافع عن الأمة، أكثر من أي جيش عربي، فمن يا ترى كان سيعرف بأحداث غزة ومآسيها، والمجازر التي ترتكبها الآلة العسكرية الإسرائيلية، لو لم تكن هناك “الجزيرة” ؟ من كان سيسمع صرخات الثكالى وانين الجرحى وصواريخ الـ “اف 16” و “الاباتشي” تخترق الأجساد وتقتلع المنازل .. ؟. “الجزيرة” عميلة للموساد .. عميلة للسي آي ايه .. عميلة للقاعدة .. عميلة لحماس .. عميلة لنظام صدام حسين السابق … عميلة .. عميلة … هذه هي التهم التي توجهها الانظمة العربية الرسمية لهذه القناة، التي رفعت رأس الاعلام العربي، في وقت لم نجد فضائية واحدة تقدم للمشاهد العربي “ربع ” ما تقدمه “الجزيرة” من احترام لعقل المشاهد، وتقديم إعلام نظيف ومسؤول، والتفاعل مع قضايا امتنا باخلاص وتجرد ومصداقية وشفافية .. ؟. ظل الإعلام العربي متلقيا لكل ما يرد اليه من الغرب الى ان جاءت “الجزيرة” في عام 1996، التي بدأت بالامساك بزمام المبادرة، واستطاعت صياغة اعلام عربي جديد، ناقلا للحدث، مصدرا للخبر، متفاعلا مع احداث العالم، أمينا على قضايا امتنا، بعيدا عن الابتذال والاعلام الرخيص. إذا كان الإعلام النظيف، وتوعية المشاهد العربي، والدفاع عن قضاياه، ونقل الحقيقة بكل تجرد وموضوعية، والعمل على خلق جبهة لصد اي عدوان على الامة .. يمثل تهمة، فاعتقد أن “الجزيرة” تعتز بهذه التهم، حتى تهمة “العمالة” التي تحاول بعض الانظمة والاصوات والاقلام التي تسبح بحمد هذه الانظمة الصاقها بـ “الجزيرة” ـ مع الاستهجان لذلك والاستخفاف به ـ تمثل وساما، فياليت كل الفضائيات العربية تكون “عميلة” إذا قدمت إعلاما يحترم عقل المشاهد، ويدافع عن قضايا الأمة، كما هو الحال بالنسبة لـ “الجزيرة”. الدور التنويري والتثقيفي والتوعوي .. الذي تقوم به “الجزيرة” لم يسبق ان قامت به اي وسيلة اعلام عربي، بل لو اجتمعت كل الفضائيات العربية فان ما تقدمه لا يساوي “عشر” ما تقدمه فضائية “الجزيرة”، التي يحسب لدولة قطر انها انشأت هذه الفضائية، وحافظت على استقلاليتها وحياديتها ومصداقيتها ..، رافضة أي تدخل في عملها وادائها المهني، وهو ما اكسبها المصداقية العالية امام المشاهد العربي. لا أنزه “الجزيرة” عن أي عيوب أو تقصير، فهذا أمر مستحيل، كونه يمثل عملا اعلاميا وابداعيا محل اجتهاد، وأنا شخصيا لدي بعض التحفظات على بعض البرامج، لكن ما تقوم به اليوم في تغطيتها لأحداث غزة، وما قامت به من جهد اعلامي سواء في عدوان اسرائيل على لبنان او في عدوان امريكا على افغانستان او خلال احتلال العراق .. وغيرها من الاحداث والمواقف، يغفر لها كل اوجه القصور التي قد شابت بعض البرامج التي تبثها. مصداقية “الجزيرة” لدى الشعوب العربية هي اليوم اكثر من مصداقية انظمة عربية، وهذه هي حقيقة، فإذا ما اجري اي استطلاع للرأي، حر و نزيه، حول هذا الموضوع لجاءت النتيجة لصالح “الجزيرة” قد تفوق نتائج الانتخابات الرئاسية العربية 99.9%، ولكن هذه المرة نتائج حقيقية. “الجزيرة” اليوم في خندق واحد مع الشعوب العربية، تدافع بكل ما اوتيت من قوة من اجل قضايا الأمة، وفي الميدان تصد العدوان ليس فقط العسكري وما يتعرض له اخوتنا في غزة العزة، بل العدوان الفكري والاخلاقي والقيمي .. الذي تتعرض له امتنا، والقصف الإعلامي القادم من الخارج، تتصدى لكل ذلك بكل جدارة وابداع ومهنية. إنها “الجزيرة” التي تفوقت على كل الفضائيات العربية، والسبب أنها فضائية الأمة، وليست “بوقا” للأنظمة، أو المصالح الشخصية .. إنها ليست فضائية الجسد، إنما فضائية الفكر والعقل واحترام المشاهد، فمتى يا ترى تكون لدينا اكثر من “جزيرة” ؟. لو وضعت “الجزيرة” اليوم في كفة، ووضعت كل الفضائيات العربية في كفة، لرجحت كفة “الجزيرة” وبفارق كبير .. انها تعادل اليوم امة بكاملها .