الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أمس في قاعدة العديد الجوية ليمثل أكثر من مجرد توقف للرئيس الأمريكي في طريقه إلى ماليزيا أولى محطاته الآسيوية حيث سيحضر قمة إقليمية.
لقاء سمو الأمير وترامب هو الثالث بين الزعيمين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في فترته الرئاسية الثانية وهي المرة الثانية التي يزور فيها الرئيس ترامب الدوحة خلال عام 2025 بعد زيارته الأولى في مايو 2025، والتقى الزعيمان في شرم الشيخ في 13 أكتوبر الجاري خلال قمة اتفاق غزة، تأكيداً على دور قطر المحوري، ومكانتها العالمية، بفضل قيادتها الحكيمة وسياستها العقلانية الراشدة، التي جعلت من الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصنّاع قراره على مستوى العالم.
وخلال اللقاء الذي جرى في قاعدة العديد الجوية، رحَّبَ سمو الأمير بفخامة الرئيس الأمريكي والوفد المرافق له، معربا سموه عن سعادته بلقاء الرئيس خلال مروره بدولة قطر، مؤكدا حرصه الدائم على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ودفعها إلى آفاق أرحب، متمنيا سموه لفخامة الرئيس والوفد المرافق له رحلة موفقة.
وكما أكد سمو الأمير فإن اللقاء كان فرصة طيبة لمناقشة خطط السلام في الشرق الأوسط، ومتابعة تثبيت اتفاق إنهاء الحرب في غزة، والحديث عن آفاق التعاون الإستراتيجي الذي يجمع بلدينا الصديقين.
وبالإضافة لاستعراض العلاقات وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف مجالات الشراكة، فإن اللقاء شكَّل فرصة مهمة لمناقشة تطورات الأوضاع الراهنة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصا ما يتعلق بدعم السلام في المنطقة، وترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان تنفيذ الأطراف لكل بنوده.
ما أكده الرئيس ترامب خلال توقفه في الدوحة يعكس حقيقة وقناعة أمريكية بأن دولة قطر حليف عظيم للولايات المتحدة وهو التصريح الذي تناقلته وكالات الأنباء والمواقع العالمية اعترافاً بدور قطر في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث أكد الرئيس ترامب من على متن الطائرة الرئاسية في الدوحة «لدينا حليف عظيم، إن الشرق الأوسط آمن الآن ويجب أن يبقى كذلك»، مضيفا القول: «بما أننا هنا معا نود أن نعرب عن شكرنا لكم».
كان يمكن للرئيس ترامب أن يتوقف في أي عاصمة وهو في طريقه إلى ماليزيا لكن اللقاء يعكس العلاقة الوطيدة بين الدوحة وواشنطن وحرص الرئيس ترامب على توطيدها من خلال الزيارات والاتصالات المباشرة، كما يعكس اهتمام الزعيمين المباشر بمسار تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ ووقعه الزعيمان مع كل من رئيسي مصر وتركيا، وهو اعتراف بالدور الكبير الذي تقوم به الدوحة من خلال جولات التفاوض والجهود الدبلوماسية المكوكية التي قامت بها دولة قطر وأفضت إلى الوصول إلى الاتفاق.
ربما العمل معاً (سمو الأمير والرئيس ترامب) في ملف غزة، كشف بوضوح أكثر للولايات المتحدة وللرئيس ترامب تحديداً، ما تتمتع به القيادة القطرية من بُعد نظر، وسياسة حكيمة، ورؤية سديدة في تعاملها مع إيجاد مقاربات جادة لوقف الحرب على غزة، وكيفية التعاطي مع كل العقبات التي اعترضت التوصل إلى حل، إلا أن إدارة سمو الأمير المفدى شخصياً لملف وقف الحرب، أظهر للرئيس الأمريكي الذي عمل بصورة قريبة في الوساطة الثلاثية قطر وأمريكا ومصر، ولاحقاً تركيا، ما يتمتع به سمو الأمير من قيادة واعية لمتطلبات إيجاد حل لوقف العدوان على غزة.
لقاء تجديد وتأكيد الشراكة القطرية الأمريكية رسالة لكل الأطراف بما فيها اليمين الإسرائيلي بحضور البلدين قطر والولايات المتحدة لبناء شرق أوسط آمن لن تقبل الدولتان أن تخربه إسرائيل بممارسات عبثية، كما ستستكمل الدولتان جهود تثبيت وقف إطلاق النار ونزع فتيل الأزمات.
عندما يجلس الزعيمان معاً وللمرة الثانية خلال أقل من شهر فإن اللقاء يعكس جهوداً مكثفة وتنسيقاً دقيقاً لا يكتفي بالاتصالات المستمرة لمناقشة عن قُرب لملف تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وإعادة إعمار القطاع والاستماع إلى رؤى لما قد يعوق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في المرحلة الأكثر تعقيداً بعد الاتفاق، وهو اهتمام مشترك يحقق رؤية قطر في تثبيت وقف إطلاق النار مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وأهمها حقه في تقرير مصيره.
انخراط قطر وأمريكا في ملفات استقرار الشرق الأوسط لا تنفك عن انخراط البلدين أيضاً في ملفات تحقيق الاستقرار في مناطق أخرى من العالم وآخرها ملف رواندا والكونغو وهي استمرار لجهود مشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي.

