تنطلق غدا في دوحة العرب بروح جديدة في الزمان والمكان
قطر ستعلن عن ميلاد جديد للدورات الرياضية العربية
قطر التي ظلت طوال السنوات الماضية تستضيف الوفود العربية من اجل لم الشمل، ووحدة الصف العربي، واصلاح ذات البين، واعادة اللحمة الى الجسد العربي، الذي مزقته الخلافات الطاحنة..، هي اليوم تستضيف وفودا مهمتها اخرى غير تلك التي كانت تلتقي في اروقة الفنادق وقاعاتها والجلسات المغلقة، والزيارات المكوكية للمسؤولين القطريين لـ “حلحلة” ما هو مختلف عليه، ومحل خلاف بين الفرقاء، للوصول الى حل يرضي جميع الاطراف.
اليوم قطر تجمع هذا العدد الكبير من الشباب العربي.. شباب التغيير.. قادة الغد.. الذين يلتقون من اجل منافسات تخلق جسورا لمزيد من التواصل بين العالم العربي، الذي تقطعت اوصاله على مر العقود، وهدّمت الجسور بين الكثير من الدول العربية، حتى بتنا نبحث عن طرف ثالث يوصلنا الى اخينا العربي، بعد ان تقطعت بنا الطرقات، وخلقت بعض الانظمة العربية جدرانا وحواجز تفصل بين الشباب العربي.
نحن على ثقة ان الشباب العربي هو الاكثر حرصا على التلاقي مع شقيقه في الوطن العربي، وهو الاكثر حرصا على التواصل الفاعل في مختلف الفعاليات، وهو الاكثر حرصا على الالتقاء من اجل مصلحة الامة والدفاع عن قضاياها، وهو الاكثر حرصا على بناء الوطن وبناء المستقبل وفق رؤية حضارية..
دورة الالعاب العربية التي تنطلق غدا في دوحة الخير.. دوحة العرب.. مختلفة تماما عن باقي الدورات الرياضية التي انطلقت اولاها قبل نحو 60 عاما بالاسكندرية، ومختلفة تماما كذلك من ناحية الدولة المستضيفة، دون التقليل من جميع الدول العربية التي مرت بها هذه الدورة، لماذا؟
ابدأ بالدولة المستضيفة قطر..
من يتتبع جميع الاحداث التي استضافتها قطر، سياسية كانت او اقتصادية او رياضية او ثقافية…، يشهد انها كانت نوعية بكل المقاييس، لتوفر كافة مقومات النجاح، وهو ما جعل منها نموذجية، وتحقق اهدافها بدرجة عالية جدا، وغير هذا انها لا تنتهي بانتهاء ايام اقامتها، بل تواصل قطر متابعة ما يتمخض عن تلك الاحداث من قرارات وتوصيات، وتعمل على تحويلها على ارض الواقع، بدلا من ان تظل حبرا على ورق، او “محبوسة” في الادراج، او موضوعة على الارفف.
هذا في عموم الاحداث التي تستضيفها قطر، اما بالتحديد في الاحداث والبطولات والدورات الرياضية، فهي تؤسس لمرحلة جديدة في أي حدث يقام على ارضها، ويمثل هذا الحدث مرحلة جديدة يدخلها، سواء فيما يتعلق بالتنظيم او الاستضافة او الامكانات المتوافرة، او المنشآت والمرافق الرياضية، او البنى التحتية الداعمة لوجستيا لانجاح الحدث، او التسهيلات التي تقدم للمشاركين..، وقبل هذا وذلك حفاوة الاستقبال ليس فقط من اللجنة المنظمة التي تعمل ليل نهار عادة، وتتصدى لمهام جليلة، انما ايضا من المواطنين والمقيمين في هذا الوطن المعطاء، فالجميع يرحب بالمشاركين، ويسعى الى دعم مشاركتهم وانجاحها، وتقديم صورة مشرفة عن هذا الوطن .. قطر.. وطن الجميع.
قطر عندما تستضيف الحدث لا تستضيفه لمجرد الاستضافة، بل تقدم عملا نوعيا، وتترك بصمة مميزة في الحدث، ليظل راسخا في اذهان كل من شارك، وكل من حضر، وكل من شاهد الحدث، ولا اقول هذا من باب الادعاء، بل ان الشواهد العديدة خير دليل على كل الاحداث الرياضية التي استضافتها قطر، وربما مازالت دورة الالعاب الآسيوية الخامسة عشرة الدوحة 2006 راسخة في الاذهان، وكيف استطاعت قطر ان تقدم دورة رياضية نموذجية بكل المقاييس، ودورة الالعاب العربية التي نحن بصددها ستكون كذلك، نموذجية بامتياز، وانا على ثقة ان قطر سوف تتعب من يأتي بعدها، وسوف تقدم دورة العاب عربية فريدة في تنظيمها وعطائها ونتائجها كذلك، فما وفرته قطر لانجاح هذه الدورة لم يتوافر في جميع الدورات السابقة.
ولكن لماذا هذه الدورة مختلفة كذلك عن الدورات الرياضية السابقة..؟
تأتي هذه الدورة والعالم العربي يشهد ربيعا يقوده الشباب، انطلق بشرارة من شاب في اقاصي المغرب العربي.. في تونس الخضراء.. شرارة محمد البوعزيزي.. شاب يسترزق من البيع في الطريق العام، ويعول اسرة بذلك.. الى ان سدت الابواب في وجهه، واهينت كرامته، فما كان الا ان اقدم على حرق نفسه في 17/12/2010 فاطلق بذلك ثورة الشباب، التي لم تقتصر على تونس، بل تلقفها الشباب في مصر العزيزة، وتنقل مشعل الحرية على يد الشباب ليلف 5 دول ينشدون الحرية، ويضحون في سبيلها بالغالي والنفيس.
في ظل هذه الاجواء تأتي هذه الدورة الرياضية.. دورة الربيع العربي.. التي ستكون مغايرة تماما عن الدورات السابقة، فالشباب المشارك جاء بروح جديدة، ينشد مستقبلا مشرقا يساهم في بنائه، بعد ان كان مهمشا ومنسيا ومغيبا عن المشهد في وطنه…
وجاء كذلك بروح جديدة في تعامله مع اشقائه من الشباب في مختلف الدول العربية، فالهم بات واحدا، والتفكير مشتركا، ورؤية الجميع باتت اكثر وضوحا في تعاطيها مع قضايا اوطانها…
لهذا فان هذه الدورة ستكون مختلفة في كل شيء، في المكان والزمان.. في الروح والتفاعل.. في الجهد والعطاء.. وستشهد الدورة نقلة نوعية، بعيدا عن تقليدية التنظيم والاستضافة والفعاليات، التي كانت تشهدها الدورات السابقة.
قطر ستقدم غدا للعرب دورة تساير الربيع العربي، وتواكب القرن الواحد والعشرين، ستعلن قطر عن ميلاد جديد للدورات الرياضية العربية.
◄ كلمة اخيرة
بادرة موفقة ونوعية اقدمت عليها اللجنة المنظمة لدورة الالعاب العربية باعلانها تخصيص ريع تذاكر حفلي الافتتاح والختام والمنافسات الرياضية لصالح المؤسسات الخيرية في قطر.
هذه البادرة لم يسبق ان اقدمت عليها أي دولة عربية استضافت هذه الدورات، فهي خطوة غير مسبوقة تحسب لدولة قطر، فهي السباقة دائما في تبني مبادرات نوعية.
لقد بدأت الدورة بعمل خيري وانساني، فبوركت هذه الافكار، وبوركت هذه الجهود الكبيرة والخيرة، وكل الشكر والتقدير والعرفان للجنة المنظمة على مبادراتها النوعية، وعلى جهودها الكبيرة في استضافة هذا الحدث الرياضي الكبير، ونحن على ثقة ان من يتصدون لهذه المهمة هم اهل لها، وسيؤدون المهمة بكل اقتدار وتفان وجدارة.
على أرض قطر الير تنطلق غدا فعاليات دورة الالعاب الرياضية العربية في نسختها الـ”12″، وهي تجمع نحو 8 آلاف من ابناء الامة العربية، يلتقون في منافسات شريفة، تكسر حدة الاحتقان الذي سببته سياسات بعض الانظمة العربية طوال السنوات الماضية.
هي قطر دائما كما كانت بلسما لمداواة الجروح العربية في اكثر من بقعة من عالمنا العربي، هي اليوم تجمع هذا الحشد الكبير من الرياضيين على مدار اكثر من اسبوعين في تظاهرة شبابية رياضية هي الاكبر على المستوى العربي.