«جــــــرح» الإعلام المحلي
تأكيد مجلس الوزراء الموقر في جلسته الاخيرة برئاسة معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على اهمية إصدار قانون جديد للمطبوعات والنشر يواكب المرحلة الراهنة والمستقبلية، ودعم الكوادر القطرية للعمل في الصحافة المحلية، والعمل على نشر الوعي بالعمل الصحفي ودوره المهم في مصلحة المجتمع، والتواصل بين المسؤولين في الجهات الحكومية والصحفيين لنقل الخبر الصحيح، لهو دليل قاطع على أن الإعلام يتصدر اهتمامات الحكومة الرشيدة، وأن المرحلة المقبلة ستشهد شراكة فعلية بين الإعلام ومؤسسات الدولة المختلفة.
مجلس الوزراء وضع يده على «جرح» الإعلام المحلي الذي يكمن في قضيتين اساسيتين، التشريعات، وهو ما يتعلق بقانون جديد للإعلام ليس للصحافة فحسب، يواكب المرحلة التي نعيشها، ويستشرف المستقبل، والقضية الاخرى الكادر القطري.
هناك توجه حميد في جميع القطاعات، ورؤية سديدة من قبل قيادتنا الحكيمة بضرورة تحديث مختلف التشريعات، اقتصادية كانت او استثمارية او سياسية او اجتماعية…، وهو امر مكّن مختلف هذه القطاعات من الانطلاق بحيوية، وبدء مرحلة جديدة، واستقطاب مشاريع نوعية، جعلت من دولة قطر أحد اقوى الاقتصادات، والاكثر نموا، بفضل السياسة الحكيمة، والتوجهات السديدة، واعادة النظر في الكثير من التشريعات، وصياغة مواد تلبي متطلبات المرحلة، وتواكب المتغيرات المتلاحقة التي تشهدها الساحة المحلية، ويشهدها العالم.
قطاع الإعلام هو الآخر بحاجة الى تشريعات ومؤسسات تمثل مرجعية، وأعتقد ان إنشاء المؤسسة القطرية للإعلام هو خطوة في هذا الاتجاه، تعزز من موقع الإعلام، وتدفع نحو تفعيل المؤسسات القائمة، وبالتالي فان قانونا جديدا للإعلام لابد ان يصدر ليدفع المؤسسات الاعلامية الى مزيد من الحراك الايجابي، ويحدد في الوقت نفسه العلاقة القائمة بين جميع الاطراف، وفق رؤية واضحة.
اليوم مرجعية وسائل الإعلام تستند الى قانون صدر في عام 1979، بمعنى انه مضى عليه 30 عاما، وهناك الكثير من المتغيرات قد طرأت على المشهد الاعلامي، وتحركت الكثير من المياه، وهو ما يوجب سرعة ايجاد قانون للإعلام يواكب المرحلة الجديدة، ويساهم بفاعلية في التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة. الاعلام شريك اساسي في اي تنمية، وهناك ايمان جازم من القيادة بالدور الذي يلعبه الاعلام، وخير شاهد على ذلك الخطوات الايجابية والعملية العديدة التي اقدمت عليها قيادتنا تجاه الاعلام، وما رفع الرقابة والغاء وزارة الاعلام، وهامش الحرية الكبير الموجود لممارسة اعلام مسؤول.. إلا خير دليل على هذا الاهتمام والايمان بدور الاعلام في المجتمع. اضافة الى ذلك فان وجود تشريعات اعلامية او قانون للاعلام والصحافة تحديدا، سيحدد الحقوق والواجبات بصورة ادق وأوضح على جميع الاطراف المعنية او المتعاملين مع وسائل الاعلام، وسيزيل تلك «الضبابية» القائمة، وسيتيح مساحات اكبر من الحرية المسؤولة، واؤكد على قضية الحرية المسؤولة، بعيدا عن «الغوغائية» او الطروحات التي تسيء للمجتمع أو الافراد او المؤسسات، فالاعلام رسالة سامية.
والحرية لا ينبغي ان تكون على حساب الآخرين، انما تكون منضبطة وفق قيم واخلاقيات المهنة والمجتمع.
القضية الاخرى التي وضع مجلس الوزراء الموقر يده عليها هي دعم الكوادر القطرية العاملة في الصحافة المحلية تحديدا، وهي قضية ذات شجون، وآن الأوان لاتخاذ خطوات اكثر جدية في دعم هذه الكوادر القليلة المتواجدة اليوم في صحافتنا، فلا يعقل بعد قرابة 40 عاما انه لا يوجد لدينا كادر صحفي قطري في صحافتنا، فحتى الذين يعملون اليوم بالصحافة وعددهم لا يتجاوز اصابع اليدين غير متفرغين في الغالب، وهو ما يشكل عبئا اضافيا، ولا يتيح مساحة من الابداع في هذا المجال.
لقد حاولنا في الشرق وبدعم من مجلس الادارة استقطاب الكوادر القطرية، وسعينا الى تنظيم دورات مجانية في مجال الصحافة، وتعاونا مع الاخوة بقسم الاعلام بجامعة قطر، واصدرنا صحيفة شهرية تحت عنوان ” بالقطري الفصيح ” يقوم باعدادها كادر قطري 100 % من الشباب والفتيات، سواء من الطلبة او العاملين بوزارات ومؤسسات الدولة، ولديهم موهبة في المجال الصحفي، فحاولنا صقل هذه الموهبة، والدفع بها لخوض تجربة العمل الصحفي، الا ان هذه الجهود بحاجة الى دعم رسمي، وهذه الكوادر القطرية بحاجة الى امتيازات وحوافز لاستقطابها للعمل في هذا المجال الهام، على اقل تقدير لا تقل عما هو موجود في مؤسسات الدولة المختلفة.
لا يمكن للمؤسسات الصحفية وهي مؤسسات ربحية في نهاية الامر منح امتيازات تضاهي او تعادل ما هو موجود في وزارات ومؤسسات الدولة، الا ان هذه المؤسسات الصحفية مستعدة لتحمل النصيب الاكبر فيما يتعلق بامتيازات تقدم للشباب القطري من اجل العمل في مجال الصحافة.
صحافتنا بحاجة ماسة الى الكوادر القطرية، مع كل التقدير والاحترام للإخوة العرب من مختلف الجنسيات، الذين يساهمون بإيجابية في تسيير العمل بمؤسساتنا الصحفية، وتعلمنا منهم الكثير، الا ان صحافتنا ستظل تمشي على ” عكاز” طالما غابت عنها الكوادر المحلية.
الا ان الكوادر المحلية يجب ان تعي ان العمل بالصحافة ليس وظيفة كما هو الحال في مختلف الوزارات، مع التقدير للادوار الكبيرة والهامة التي تقوم بها كل الجهات، من حيث ساعات الدوام او طبيعة العمل..، فالعمل بالصحافة يعني بكل بساطة أنك مستنفر طوال الوقت.
الكوادر القطرية بحاجة ماسة الى الدعم، واعتقد انه بالامكان ايجاد صيغة او البحث عن آلية لكيفية دعم الكوادر القطرية بما يعمل على استقطابهم للعمل في مجال الصحافة، الذي يعد واحدا من اهم المجالات، فلا نريد ان نبقى 40 عاما اخرى حتى نجد عدد الصحفيين القطريين في الصحافة قد تضاعف عما هو عليه اليوم، والذي لا يزيد عددهم كما قلت عن اصابع اليدين في احسن الاحوال.
الإعلام هو الناقل الحقيقي لمنجزات الوطن، وهو الواجهة التي يرى من خلالها من هو بالخارج ما يحدث بالداخل، ومن المؤكد ان ابناء اي بلد هم الاقدر على ترجمة قضايا اوطانهم في وسائل الاعلام بكل دقة ووضوح.
لقد حمل بيان مجلس الوزراء الموقر آمالا عريضة للعاملين بالصحافة، ونتطلع عاجلا الى خطوات عملية على ارض الواقع تدعم الكوادر القطرية المتواجدة حاليا بالصحافة، بما يجعل منها رسالة الى كل المترددين في دخول عالم صاحبة الجلالة بأن المستقبل للعاملين بالصحافة.