حزب الله.. من مقاومة {إسرائيل} إلى قتل الشعب السوري
تغنينا ببطولاته عندما كان {يتصدى} للصهيونية
بداية لابد من وضع النقاط على الحروف، بعيداً عن القيل والقال، وبعيداً عن أي تأويل، فقضية دعم المقاومة الشريفة والنظيفة، التي تواجه المحتل، لا خلاف عليها، بل إنه شرف لأي طرف الوقوف معها، عندما تكون حاملة هم الأمة في صراعها، وبندقيتها موجهة للعدو المحتل، وليس إلى صدور الشعوب.
بالأمس اعتدت “إسرائيل” على الأراضي السورية، وليست هي المرة الأولى، مستهدفة مجموعة من المقاتلين لحزب الله وإيران، وأوقعت فيهم قتلى، من بينهم قادة ميدانيون حسب رواية الحزب، وإن اختلفت مع رواية أخرى تحدثت بها جبهة النصرة “تدعي” أنها هي من اسقطت طائرة “يوشن” تحمل على متنها 37 عسكرياً للنظام باعتراف وزير إعلام النظام السوري ومواقع موالية للنظام، قالت إنه أسقطت طائرة عسكرية وعلى متنها 30 جندياً، وكان من بينهم قتلى الحزب وإيران.
أنا اعتمد رواية حزب الله، ولن أتحدث عن الرواية الأخرى، لكني اسأل: ما الذي يفعله حزب الله في سوريا؟ ما الذي يفعله الحزب هناك منذ أكثر من 3 سنوات؟.
هو حزب مقاوم، وبندقيته موجهة باتجاه العدو “الصهيوني” هكذا في أدبياته وشعاراته، يعمل على تحرير الأرض والدفاع عن لبنان، والعمل على تحرير القدس، هكذا كانت الشعارات ومازالت التي يرفعها الحزب الى ما قبل نحو 3 سنوات، عندما انخرط في الدفاع عن نظام ثار عليه شعبه طلباً للحرية والكرامة، فتغير اتجاه البندقية إلى صدر الشعب السوري، وتغير تموضع المكان، فبدلاً من الحدود المتاخمة لفلسطين، كان التدفق على الأراضي السورية.
احترمنا كثيراً حزب الله وبندقيته عندما كانت موجهة للعدو الحقيقي، وكلنا يتذكر حرب 2006، وكيف وقفت الشعوب العربية إلى جانب الحزب في حربه أمام “إسرائيل”، وكيف أصبحت هذه الشعوب حاضنة حقيقية للحزب وكوادره، ووقفت داعمة بكل ما تستطيع.
تغنينا كثيراً ببطولات الحزب، وكتبنا ودافعنا عن حزب الله عندما كان مقاوما لـ “إسرائيل”، ويتصدى للغطرسة الصهيوينة، ورأينا فيه بارقة أمل نحو مستقبل عربي يقاوم العدو، ويسعى لتحرير الأرض والمقدسات، لكن هذه الصورة “انكسرت” بما أقدم عليه منذ الثورة السورية، وانحيازه إلى جانب النظام الظالم الذي يقتل شعبه، وغرق الحزب بمستنقع دماء الشعب السوري المظلوم، وأمعن في قتل الشعب، مشاركاً في الجرائم التي يرتكبها النظام بحق هذا الشعب الأعزل، الذي خرج مطالباً بالإصلاح، وظل كذلك لأكثر من 6 أشهر في مسيرات سلمية، إلا أن النظام اختار الخيار الامني ليواجه مطالب الشعب السلمية.
قد يقول البعض إنك تتحدث عن قتال حزب الله وإيران الى جانب النظام، وتنسى أعداد المقاتلين الذين يقاتلون الى جوار الفصائل السورية المختلفة.
نعم صحيح هناك مقاتلون لكن كم تبلغ اعدادهم، في أكثر الأرقام التقديرية لا تتجاوز 10 % من نسبة الفصائل، ثم إن هؤلاء أتوا افرادا دون تنظيم او يكونون منظمين، ودون أن تقف خلفهم جهات تدعمهم، لكن حزب الله وإيران فمعلن قتالهم الى جنب النظام السوري، بل أكثر من ذلك، الطرفان (ايران وحزب الله) يعلنان أنه لو لاهما لسقط النظام، وهذا صحيح.
دعونا من “هراء” المؤامرة الكونية التي يتحدث عنها النظام السوري وشبيحته واتباعه ومناصروه، هي ثورة شعب أراد الإصلاح، فقوبل بالقتل، ولم يجد مفراً من مواجهة ذلك بما يستطيع وبما يقع تحت يديه، بعد أن عاش عقوداً تحت نظام القمع والاستبداد وسياسة الفرد، فلماذا الاستكثار على هذا الشعب الحصول على حريته، بعد أن أيد حزب الله الثورة التونسية والمصرية واليمنية، التي بات له فرع بها، وذراع يتحرك من خلالها، تحت مسمى “أنصار الله”.
حزب الله وجه بندقيته الى الشعب السوري، لينغمس في قتل هذا الشعب الذي فتح له الابواب في 2006، ويشارك اليوم بواحدة من أكبر الجرائم التي تعرض لها شعب في العصر الحديث، مشاركا بذلك جنباً الى جنب مع النظام السوري، فيدا الحزب باتتا ملطختين بدم الشعب السوري.
كان بإمكان الحزب أن يلعب دوراً وسيطاً نزيهاً بين النظام والشعب، لإقناع الأول بمطالب الثاني العادلة، لكن حزب الله كان له رأي آخر، بل دور “دموي” آخر، وهو ما لم تتوقعه الشعوب العربية من هذا الحزب، الذي طالما رأت فيه صورة المقاومة التي تنشدها وتراهن على دورها في الدفاع عن قضايا الأمة.
أنا على ثقة لو أن هذه الجريمة الصهيونية قد ارتكبت وحزب الله أياديه لم تتلطخ بالدم السوري، لرأينا الشعوب العربية تنتفض دفاعاً عن الحزب، ولرأينا وقفة شعبية عربيا، دعونا من الانظمة مع الحزب، لكن اليوم بعدما غاصت ركب الحزب في دماء الشعب السوري المظلوم مرت هذه الجريمة الصهيونية دون أن نجد لها صدى للاسف الشديد.
حزب الله فقد حاضنته السنية في العالم العربي والإسلامي، بل حتى طيف من الاخوة الشيعة يرفضون وجود الحزب في سوريا وما يقوم به من أعمال تخدم الصهاينة في زرع الفتنة بين السنة والشيعة.
وليس هذا فقط، بل جر لبنان أيضا إلى مستنقع الأزمة السورية، ورأينا كيف وصلت “النيران” إلى الأراضي اللبنانية، رداً على تدخل الحزب في سوريا، فلم تقع أحداث لها علاقة بالأزمة السورية قبل تدخل حزب الله في سوريا، إنما أتى ذلك بعد قرار الحزب بتغيير وجهة بندقيته صوب الشعب السوري.
لا يعتقد حزب الله انه سيخرج سالماً من سوريا، ولو بقي نظام الاسد، الذي يعيش اليوم على “اكسيجين” إيران وروسيا وحزب الله، فالشعوب في نهاية المطاف هي المنتصرة، حتى ولو رضخت اليوم وقبلت باستمرار الوضع ضمن مقايضة سياسية، إلا أن الشعب السوري لن يغفر لكل من شارك في قتله، وكل من وقف داعماً لنظام مارس ابشع أنواع الظلم والقمع والقتل والاستبداد..، واستخدم كل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة من أجل إبادته.
حزب الله يوجد في المكان الخطأ، وسيدفع ثمن هذا غالياً إن لم يسارع بتصحيح هذا الخطأ الشنيع الذي ارتكبه بالمشاركة في قتل الشعب السوري.
أي تنظيم مقاوم إن لم تكن له حاضنة شعبية، فعمره قصير، وحزب الله باع هذه الحاضنة السنية العربية والإسلامية، وهو ما يجعل ظهره مكشوفاً إذا ما أراد مواجهة العدو الحقيقي، فهل نتوقع أن يعيد الحزب حساباته، ويعالج الأخطاء {الكارثية} التي وقع فيها بانحيازه إلى نظام ظالم، وهو الحزب الذي يدعي الدفاع عن {المظلومية}؟.
.. ولنــا كلمة