التحول الديمقراطي الذي سيتوج في النصف الثاني من 2013 هو نتاج عمل متكامل ومدروس وفق رؤية سديدة، تراعي متطلبات المرحلة، وحاجة المجتمع الى مؤسسات مجتمع مدني. فخطوات الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات انطلقت منذ عام 1995 عندما رفعت الرقابة المسبقة على الصحف، والغيت وزارة الاعلام لتكون قطر بذلك اول دولة عربية تقدم على مثل هذه الخطوة، ثم تدرج الامر الى انتخابات لغرفة التجارة، وتبعتها انتخابات المجلس البلدي، ثم اقرار الدستور الدائم، وانشاء المحكمة الدستورية..، صاحب ذلك تطوير شامل في اوجه الحياة ونظم المجتمع، وفي مقدمتها التعليم، الذي حظي باهتمام خاص من لدن القيادة الحكيمة.
اليوم نحن نحتفل باعلان سمو الامير المفدى حفظه الله ورعاه بتحديد موعد انتخابات مجلس الشورى، الذي بالتأكيد سيكون نقلة نوعية في تطور المجتمع والدولة، وسيكون عنصرا اكثر فاعلية في تدعيم العمل الوطني، وترسيخ قواعده، وفق تعاون وتكامل بين جميع السلطات.
نحن نعيش اليوم لحظة تاريخية في عمر هذا الوطن العزيز، وهو ما يحتم علينا كمواطنين الارتقاء الى هذا المستوى، والى هذا التحدي المقبلين عليه، وتحمل المسؤوليات بكل امانة واقتدار، والمشاركة بفاعلية في عجلة التنمية التي يشهدها الوطن، من خلال العمل الجاد والمخلص من اجل رفعة دولتنا في كل القطاعات.
لقد تحدث سمو الامير المفدى عن اخلاقيات العمل والانتاج، فلا يمكن لأي دولة ان تتقدم الى الامام اذا غابت قيم العمل الجاد، وغلبت ثقافة الكسل والتكاسل على ثقافة العمل والانتاجية، فمستقبل قطر مرتبط بالالتزام باخلاق العمل والانتاج والاتقان، فمطلوب من المواطن اليوم بذل المزيد من الجهد والعطاء، كل في موقعه، فلا يجب ان يحدث التقصير في أي موقع، فنحن مسؤولون امام الله اولا، ثم امام قيادتنا الحكيمة ثانيا، اذا ما قصرنا في واجباتنا تجاه وطننا، الذي قدم لنا الكثير ولا يزال وينتظر اليوم ان نرد هذا الجميل.
زيادة الرواتب الاخيرة يجب ان تكون حافزا لنا نحو المزيد من الانتاجية والاخلاص في العمل، والتفاني من اجل هذا الوطن العزيز، وان تعزز فينا القيم والمثل العليا التي حث عليها ديننا الاسلامي الحنيف.. “ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه”، هذا الاتقان الذي رقي الى مرتبة العبادة في ديننا الاسلامي، فنحن امة تؤجر على عمل يدها، ويعتبر ذلك عبادة.
هذه المفاهيم من الضروري غرسها ليس فقط في هذا الجيل، بل يجب علينا ان نغرسها في ابنائنا، وان نعلمهم ان العمل عبادة، وان الاتقان فيه جزء من قيمنا واخلاقياتنا واسلامنا، ونحن اليوم ندخل تحديا حقيقيا في إحداث نقلات نوعية اكثر تطورا في كل مرحلة من مراحل مجتمعنا، وهذا لن يتأتى الا بأن يستشعر كل مواطن ما عليه من واجبات ومسؤوليات تجاه وطنه.
يجب ان نتعلم من القيادة هذه الجدية في العمل، وهذا الاخلاص والتفاني في خدمة الوطن، فانجازات اليوم لم تأت جزافا او محض صدفة، انما كان وراها تخطيط سديد، ورؤية واعية، وعمل جاد ومخلص، يتابع الليل بالنهار، وهو ما اثمر كل هذه المكاسب التي نفخر بها اليوم، ونعايشها على ارض الواقع، ونتفاخر بها امام العالم، الذي بات ينظر الى قطر انها تمثل معجزة حقيقية في إحداث هذه النقلة النوعية خلال فترة وجيزة في عمر الدول والامم، في وقت تعاني فيه العديد من الدول، وكبرى اقتصاديات العالم من الازمات الخانقة، دون ان تجد مخرجا لذلك.
اليوم قطر ليس فقط استطاعت تجاوز الازمة المالية العالمية، بل تعدت ذلك الى تحقيق نمو حقيقي وصل الى 16.6 % في نهاية العام الماضي، لتصبح بذلك اسرع اقتصاديات العالم نموا.
هذا النمو في هذا التوقيت لم يحدث صدفة، انما كان وراءه قيادة تواصل العمل من اجل تحقيق هذا الانجاز المشرف،..، تعمل ذلك من اجلي ومن اجلك، ومن اجل هذا المجتمع وهذا الوطن العزيز، مما يتطلب منا ان نقتدي بهذه القيادة الحكيمة حفظها الله ورعاها، وان نعمل باخلاص من اجل هذا الوطن ورفعته.
هناك شعوب عربية همها كيف تحمل هم انظمتها وقيادتها، بينما نحن في هذا الوطن العزيز، قيادتنا ادام الله عزها وحفظها، هي التي تحمل هم الوطن والمواطن، وتبذل الغالي والرخيص من اجل تقدم هذا الوطن وازدهاره، وتعمل ليل نهار من اجل هذا المواطن لمنحه المزيد من الرفاهية والعزة والكرامة… أي عز نحن فيه.
هذه النعمة التي نحن فيها بحاجة الى شكر، وشكرها ليس بالكلمات او الجمل التي تقال هنا وهناك، ابدا.. شكر كل ذلك يكون بحمد الله اولا، ثم بالعمل الجاد والمخلص والمشاركة الفاعلة في بناء دولتنا الحبيبة، والتوجه نحن تطوير انفسنا لنقدم في كل يوم شيئا جديدا ومبدعا لهذا الوطن.. و(لئن شكرتم لأزيدنكم).
ان الثقة التي منحتنا اياها قيادتنا الرشيدة، وثقتها الكبيرة بالمواطن، يجب ان تقابل بأن نكون على مستوى هذه الثقة، وان نبذل كل جهد من اجل تقديم المواطن القطري بصورة مشرفة، وعلى درجة عالية من الانضباط والمسؤولية، وان نترجم ذلك على ارض الواقع من خلال العمل المخلص والمتقن على اكمل وجه، منطلقين من قناعات داخلية تدفعنا نحو ذلك، وليس من رقابة مدير او مسؤول.
ان قيادتنا الرشيدة تمتلك رؤية واضحة المعالم لبناء الانسان وبناء الوطن، وتسخر من اجل ذلك كل الامكانات، فالانسان هو الثروة الحقيقية، وهو ما تراهن عليه لقيادة عجلة التنمية في البلاد.
حكمت.. فعدلت.. يا حمد.
بخطاب سمو الامير المفدى حفظه الله ورعاه امس امام مجلس الشورى في افتتاح دور الانعقاد العادي الاربعين، وما حمل من مضامين ورؤى لبناء دولة قطر ورفاهية ابنائها، واعلان موعد اجراء انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من العام 2013، تكون دولتنا قد دخلت مرحلة جديدة في مسيرتها الحضارية والتنموية، والمبنية على اسس صلبة كما اشار اليها سموه في خطابه الشامل.