دعوة للوقوف مع تركيا
دعوة علماء مسلمين وقيادات اسلامية عالمية لمساندة تركيا في هذه المرحلة المهمة، لمواقفها المشرفة تجاه القضايا العربية والاسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، والموقف من حصار غزة، بحاجة الى ترجمة على ارض الواقع رسميا وشعبيا في مختلف الدول العربية والاسلامية، وهذا اقل ما يمكن تقديمه لتركيا، قيادة وشعبا.
لقد وقفت تركيا موقفا بطوليا ومشرفا في اكثر من مناسبة في وجه الغطرسة الاسرائيلية، وهي مواقف -للاسف الشديد- لم تقفها دول عربية عديدة، وليس اسطول الحرية عنا ببعيد، فما قدمته تركيا من شهداء في هذه الرحلة من الواجب ان يسجل في التاريخ، وان يحفظ لهذه الدولة ولهذا الشعب الشقيق هذا الموقف العظيم، وقبل ذلك الموقف من العدوان الاسرائيلي على غزة، وما تلاه من موقف لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في منتدى دافوس الاقتصادي بوجه الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز، وتفنيده القوي لمزاعم الدولة العبرية في هذا المحفل الدولي، وامام القمة العربية الاخيرة في سرت، حيث جدد تأكيده على دعم الحقوق العربية، وترجم تلك الاقوال الى افعال عبر السماح لهيئة الاغاثة التركية ومساندتها في تنظيم اكبر حملة عالمية انسانية من اجل غزة.
اليوم مساندة تركيا، والوقوف معها اقتصاديا واعلاميا وسياسيا وثقافيا..، واجب، وليس فقط مسؤولية الدول العربية والاسلامية، بل هي قبل ذلك مسؤولية الشعوب العربية، نعم هي مسؤوليتي انا ومسؤوليتك انت، قبل النظام الرسمي العربي، فهناك طرق شتى يمكن من خلالها مساندة تركيا، والتعبير عن تضامننا معها بالفعل وليس بالقول فقط.
من بين ابسط الخيارات التي يمكن للمواطن العربي العادي القيام بها لرد الجميل لتركيا وشعبها الشقيق هو تفضيل منتجها على المنتج الغربي، وهناك الكثير من المنتجات التركية التي لا تقل جودة عن أي منتج غربي، فلماذا لا نقوم بشراء المنتج التركي بدلا من المنتجات الغربية لاظهار تكاتفنا وتآزرنا مع اشقائنا في تركيا؟.
كذلك نحن اليوم على اعتاب فترة الصيف، والجميع يحزم حقائبه لقضاء الاجازة في مناطق مختلفة من العالم، والكثير منا قد اتخذ الدول الغربية وجهة له، فلماذا لا تكون تركيا هي هدف قضاء الاجازة بها، خاصة انها تمتلك من مقومات السياحة اكثر بكثير مما هو موجود في الدول الغربية؟.
السياح العرب يصرفون مليارات من الدولارات سنويا على السياحة، وقضاء فترة الصيف في تلك الدول الغربية، فلماذا لا نوجه هذه المبالغ المالية، وهذا الصرف الى تركيا الدولة المسلمة التي تقف اليوم في وجه المخططات الاسرائيلية، دفاعا عن القضايا العربية، بل انها بموقفها المشرف هذا استعدت امريكا والغرب، لكنها لم تبالِ، وجازفت بعلاقاتها مع الاتحاد الاوروبي، ولم تخطب وده من اجل الانضمام الى الاتحاد، وظلت راسخة بسياستها، عظيمة بخطواتها، شامخة بمواقفها، معتزة بمبادئها،..، لم تنحنِ لكل الضغوط التي واجهتها، بل انها ضحت بمصالحها مع اسرائيل من اجل القيم والمبادئ الانسانية، واحترام حقوق الانسان، ورفضت السكوت او غض الطرف عما تمارسه اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما اكد عليه رئيس الوزراء التركي في خطابه الاخير امام البرلمان “انه لا يمكن لتركيا ان تدير ظهرها لغزة”.
هذا الموقف يجب على الدول العربية، انظمة وشعوبا، ان تقدره لتركيا، وان تضع كل ثقلها من اجل دعمها، والوقوف معها ومساندتها، وعدم تركها تواجه التحديات والضغوط التي تمارسها اسرائيل عبر “اللوبيات” المنتشرة في امريكا والغرب عموما.
القطاع الخاص ليس معفيا من الوقوف مع تركيا، فيمكن لهذا القطاع ان يلعب ادوارا مميزة في دعم تركيا من خلال التعاقد مع شركات تركية في مختلف المجالات، وحقيقة هناك شركات تركية تمتلك امكانات كبيرة، ولديها تقنيات عالية، وخبرات طويلة، تمكنها من المساهمة بفاعلية في المشاريع المختلفة بالدول العربية، فلماذا لا تتم دعوة الشركات التركية، والدخول معها في شراكات يستفيد الجانبان منها.
وهي فرصة لدعوة الشركات القطرية لعقد شراكات مع نظيراتها التركية لتنفيذ مشاريع مختلفة في البلدين، ويمكن من خلال هذه الشراكات تنفيذ مشاريع كبرى، خاصة ان الشركات التركية لديها الخبرات في مختلف المجالات سواء التصنيع او البناء..، مع منح الشركات التركية الافضلية والاولوية في ارساء أي مشروع لدى شركاتنا الوطنية، التي نثق كثيرا بمواقفها المبدئية والقومية.
اما الحكومات العربية فمن المؤكد ان المطلوب منها الكثير لمساندة تركيا، على مختلف الاصعدة، حتى نؤكد للعالم ان تركيا ليست بمفردها في الساحة، وان العرب جميعهم معها قلبا وقالبا.
ومن مصلحة العرب الاصطفاف خلف تركيا ودعم مواقفها، فتركيا اليوم تملك معرفة بمفاتيح مخاطبة الضمير الانساني العالمي من اجل حشد كل الاطراف لهزيمة المشروع الصهيوني، فقد راينا كيف استطاع الخطاب التركي ان يوحد خلفه العشرات من دول وشعوب العالم خلال حملة اسطول الحرية، الذي حمل على ظهره كل الاجناس والديانات.
وحقيقة ان تركيا انحازت للقيم الانسانية وللعدالة، ولا نريد ان تدفع ثمن هذه المواقف المشرفة والنبيلة، ولا نريد ان تستفرد بها بعض الاطراف، خاصة ان اسرائيل بدأت حملات اعلامية حاليا ضد تركيا وقيادتها العظيمة، وباتت تستخدم كل وسائل الاعلام والوسائط المختلفة، والتقنيات الحديثة، من اجل تأليب الرأي العام العالمي على تركيا، بعد ان كشفت الاخيرة “سوءات” اسرائيل، وجرائمها ضد الانسانية، وباتت الدولة العبرية “عارية” امام العالم، وامام الرأي العام العالمي، فتغيرت توجهات الرأي العام العالمي تجاه اسرائيل وكان الفضل في ذلك لدور تركيا وقيادتها، خاصة رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان، الذي عرّى المواقف الاسرائيلية في المحافل الدولية، والجرائم التي ترتكبها ضد الانسانية.
اننا اليوم مطالبون بالوقوف مع تركيا، حكومة وشعبا، ومطالبون بدعم هذه الدولة الشقيقة بكل ما اوتينا من قوة، وفي مختلف المجالات، ولا يمكن لأي فرد ان يتبرأ من ذلك، او ان يتنصل من الدور الملقى على عاتقه في الوقوف مع تركيا، ولو بالكلمة او شراء المنتج التركي او السفر اليها في رحلات الصيف بدلا من السفر الى دول غربية، او التعاقد مع شركاتها في المشاريع المختلفة…، الكل يستطيع ان يساند تركيا، ويدعم مواقفها الداعمة لقضايانا العربية والاسلامية.
وهذه دعوة للجميع بأن نقف اليوم مع تركيا بالفعل والعمل، وان نبادر باظهار هذا التضامن والتآزر والتكاتف عبر مختلف الصور، حتى نقول للعالم اننا كالجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى.
فلتمتد كل الايادي الى تركيا، ولنقُلْ لها شكرا ليس بالكلمة او اللسان فقط، بل بالعمل، وعبر خطوات وممارسات عملية من خلال شراء البضائع والسلع التركية، واختيار المنتج التركي وتفضيله على المنتجات الغربية والامريكية، وتفضيل تركيا ومدنها المختلفة للتوجه اليها في سياحتنا بدلا من اختيار العواصم الغربية، وقيام شركاتنا الوطنية بالدخول في شراكات مع نظيراتها التركية لتنفيذ مشاريع مختلفة…، فتركيا، حكومة وشعبا، تستحق منا اكثر من ذلك.