غياب المؤتمرات والمنتديات الإعلامية عن قطر.. لماذا؟
أول دولة عربية تلغي وزارة الإعلام.. وقدمت عملاق الفضائيات «الجزيرة»
قطر التي قادت الاعلام، وحركت المياه الراكدة في الاعلام العربي، وبات يؤرخ للاعلام العربي فيما يعرف بما قبل ” الجزيرة ” وما بعدها، وقدمت نماذج مضيئة في عالم الاعلام، تغيب عنها اية فعالية متعلقة بالاعلام اليوم!.
قطر التي كانت أول دولة عربية تقدم على الغاء وزارة الاعلام في مطلع عام 1996، وهي خطوة غير مألوفة في العالم العربي، ورفعت الرقابة عن الصحافة، وفي نوفمبر من العام نفسه أطلقت أشهر فضائية في العالم، قناة ” الجزيرة” لتحدث ثورة في عالم الاعلام، لا نجد اليوم ملتقى يجمع أصحاب الفكر والقلم والكلمة لتدارس الواقع الاعلامي العربي، وكيفية تطوير الخطاب الاعلامي العربي والنهوض به، واستشراف مستقبله، وتجويد آليات عمله…
نعم نحن لا نريد مؤتمراً لمجرد عقد مؤتمر، ولا نريد ملتقى لمجرد عقد ملتقى، ولا نريد لقاءً يمثل “بهرجة ” إعلامية، أو ” فقاعة ” في عالم الاعلام ثم تختفي..، فقطر لم تتعود على مثل ذلك، فكل ما تستضيفه أو تقيمه يمثل عملاً نوعياً متفرداً ومميزاً، سواء كان ذلك في عالم مؤتمرات السياسة أو الاقتصاد أو الفكر أو الثقافة أو الرياضة..، وهو ما يشهد به كل متابع من قريب أو بعيد، فلماذا لا نشهد مؤتمراً أو ملتقى إعلامياً مميزاً في الفكرة والطرح والمخرجات؟.
هل تعجز الساحة التي قدمت نموذجاً متفرداً في الاعلام، وحركت المياه الراكدة لعقود حتى أصبحت ” آسنة ” في الاعلام العربي، ودفعت لايجاد فضائيات تنافسية، وأتاحت الفرصة أمام الجمهور العربي ليعبر عن الرأي والرأي الآخر، هذه الساحة هل تعجز عن تقديم تجمعا تحت أي مسمى كان يجدد الاعلام العربي، ويطلق روحا جديدة في جسده، خاصة في ظل منافسة قادمة للاعلام الجديد بتنوعه واختراقه لكل المساحات..؟.
لا أظن أن هذه الساحة لا تستطيع ان تقدم عملاً إعلامياً مميزاً بعد 15 عاماً من تقديمها لقناة “الجزيرة ” التي هزت العالم كله وليس فقط العالم العربي.
لا نريد ان نتوقف فقط عند قناة “الجزيرة “، هذا المشروع العملاق الذي كانت له بصمته الواضحة في انجاح الثورات العربية، والتسريع بنتائجها الايجابية.. نريد ان تقدم قطر في هذه المرحلة الهامة من عمر أمتنا عملاً إعلامياً جديداً.. عملاقاً آخر في قطاع الاعلام، فقطر بقيادة أبنائها قادرة على إخراج مشروع إعلامي متفرد كما أخرجت من قبل مشروع ” الجزيرة “، الذي أخرج الاعلام العربي من الظلمات إلى النور.
اليوم في جميع دولنا الخليجية تقريباً تقام مؤتمرات ومنتديات ولقاءات إعلامية على مدار العام، وفي بعض الدول تقام أكثر من فعالية إعلامية، صحيح ان البعض منها مكرر، وما يناقش فيها يكاد يكون تقليدياً، والمدعوون لها هي نفس الاسماء تتكرر من عام لآخر، والبعض منها ينتقل من عاصمة خليجية لأخرى، فلماذا لا نبحث عن خطوة أخرى تتجاوز كل ما هو مطروح في الساحة من منتديات ومؤتمرات ولقاءات إعلامية، لتقدم بذلك قطر عملا إعلاميا متفردا يضاف الى سجلها ومسيرتها الناجحة؟.
فالاعلام المرئي وأقصد به الفضائيات لن يظل دوره بهذه الحيوية والاهمية في المستقبل القريب، بعد سقوط امبراطوريات القمع في عدد من الدول العربية، وانفتاح الآخر على الاعلام، اضافة الى ظهور الاعلام الجديد، الذي بات باستطاعة اي مواطن ان يتحول الى اعلامي، ويمارس دوره سواء في الفيسبوك أو التويتر أو من خلال المدونات أو المنتديات والمواقع المختلفة..، فعالم اليوم، وتقنيات العصر أتاحت لكل فرد أن يتحول الى المواطن الاعلامي، بل استطاع ان يتحول الى مراسل متنقل في كل مكان، ولم يعد بحاجة الى أجهزة متعددة، وربما أحداث الربيع العربي، وآخرها أحداث سوريا دليل قاطع على تغير المعادلة الاعلامية، وهو ما يدفعنا الى ضرورة التفكير والبحث في كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة إعلاميا؟.
إننا أمام مرحلة إعلامية جديدة، وآن الأوان للالتفات الى قطاع الاعلام فيما يتعلق باستقطاب اصحاب الفكر والرأي والقلم والكلمة في حلقات نقاشية اثرائية، ومؤتمرات تطرح الخيارات المستقبلية، ومنتديات تبحث السبل الكفيلة بمواكبة المرحلة المقبلون عليها، وفي نفس الوقت تقدم وعيا بأهمية الاعلام ودوره في قيادة الرأي العام، بهدف استقطاب الكوادر القطرية للانخراط في هذا المجال الذي نعاني فيه ضعفا كبيرا وخطيرا.
كيف يمكن ان ندفع الكوادر القطرية للانخراط بمجال الاعلام وهو يرى؛ في كل أسبوع، عدداً من المؤتمرات والمنتديات والاجتماعات تعقد هنا وهناك ليس بينها ما يتناول الشأن الاعلامي، أو يبحث قضايا الاعلام في هذه المرحلة؟.
اضافة الى ذلك فان مثل هذه الملتقيات أو المؤتمرات يمكن الدعوة اليها شخصيات بارزة في مجال الفكر والاعلام والثقافة..، وعدم حصر حضورها في جلسات المؤتمر أو المنتدى فحسب، بل اطلاعهم على ما حققته دولتنا من مكاسب وانجازات تغيب للاسف الشديد عن كثير من الاعلاميين وصناع القرار، وهذا أمر مهم، فحتى الذين يحضرون في المؤتمرات السياسية والاقتصادية والثقافية… تختزل زيارتهم لقطر في الفنادق وتناول الأكل ثم العودة بهم الى المطار بعد انتهاء فعاليات المؤتمر أو الاجتماع، دون الاطلاع على جوانب النهضة والتطور والمكاسب التي تحققت في مختلف المجالات، وهذا باعتقادي أمر خاطئ، فلماذا لا يتم تمديد زيارتهم يوما آخر وتنظيم برامج متعددة بعيدة عن جلسات المؤتمر للوفود التي تفد الى قطر، بمن فيهم الاعلاميون القادمون لتغطية تلك الفعاليات؟..
آمل أن تجد كلماتي هذه وقفة من قبل الجهات المعنية، فنحن بحاجة الى قراءة المشهد الاعلامي الجديد برؤية مختلفة عن الآخرين، لنقدم عملا إعلاميا عملاقا يليق بدولة قطر، التي طالما قادت المبادرات النوعية، وقدمت الاعمال النوعية في مختلف المجالات.. قطر التي كانت اول دولة عربية تلغي وزارة اعلام.. قطر التي قدمت عملاق الاعلام العربي بل والعالمي ” الجزيرة ” لهي اليوم مطالبة بتقديم عمل إعلامي جديد ومتفرد في عالم اليوم.
تستضيف الدوحة خلال العام ما يزيد على 100 فعالية إقليمية ودولية، ما بين مؤتمر واجتماع ومنتدى في جميع المجالات، سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية أو إجتماعية إو فكرية، هذا غير البطولات والدورات الرياضية، ولكن هناك قطاعاً واحداً مستبعداً من تنظيم أي فعالية أو نشاط بشأنه، إنه القطاع الإعلامي، الذي لم نشهد أية التفاتة له من قبل الجهات التي تنظم أو تشرف على اقامة مختلف المؤتمرات والمنتديات الاقليمية والعربية والدولية، فلماذا هذا التجاهل لواحد من أهم القطاعات، بل هو الأكثر تأثيراً في عالم اليوم؟!