مقالات

قطر.. صانعة السلام نصرة السودان ودعمه لاستعادة دوره العربي والإفريقي أولوية قطرية

في أحد اللقاءات مع مسؤول عربي كبير قال لي بالحرف ” ما قام به أميركم خلال العدوان على غزة، ووقفته التاريخية، ودعوته لقمة عاجلة، لم يقم به زعيم، ولم يعمل ما عمله رئيس، ولم يدعم أهل غزة أحد كما فعل، فاعملوا ما شئتم بعد ذلك لن يضيركم شيء “.

اليوم جددت قطر العهد مع السودان الشقيق، لترسخ مسيرتها طوال الوقت مع هذا القطر العربي العظيم، الذي تعتز قطر قيادة وحكومة وشعبا بالوقوف إلى جانبه، ونصرة قضاياه، والعمل على إيجاد حلول لأزماته ومشاكله للخروج منها، ليقوم بدوره التاريخي عربيا وافريقيا وعالميا. إن ما تقوم به قطر اليوم تجاه السودان الشقيق أو أية دولة عربية، ما هو إلا واجب يمليه عليها الإخوّة والمصير المشترك، فقطر وقيادتها لا تنتظر جزاء ولا شكورا من أي طرف، فهي تقف مع الجميع على مسافة واحدة، وبقلب مفتوح، وثقة لا حدود لها، وفقا لكلام سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، الذي يعمل بجد وإخلاص لقضايا هذه الامة، ومصداقية لا نظير لها في التعامل مع هذه القضايا.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. نعم فلو ان دولة أخرى سعت إلى إحلال السلام في دارفور، والسعي لحل مشاكل هذا الإقليم، لما تحملت ما تحملته قطر، ولما استمرت في الإمساك بهذا الملف شهرا واحدا كما فعلت قطر طوال السنتين الماضيتين، وهي تقوم بزيارات ميدانية، ولقاءات مع فرقاء السلام في الدوحة، ومشاورات مع أطراف النزاع في عواصم متفرقة، وصياغة عشرات بل ربما مئات من مسودات السلام إلى أن تم التوصل إلى هذا الاتفاق الإطاري بالأمس بحضور هذا الحشد من الزعماء والقادة السياسيين، سواء رؤساء دول أو مسؤولو حركة العدل والمساواة، او ممثلون لدول مختلفة، وما كان هؤلاء ليحضروا لولا ثقتهم الكبيرة بالراعي والداعي لهذا الاحتفال وهو سمو الأمير المفدى، الذي يتمتع بمصداقية عالية لدى جميع الأطراف.

إن ما يميز الدور القطري عن أي وسيط آخر عنصران مهمان أولهما اعتماد مبدأ التوازن في الحوار والوقوف على مسافة واحدة من الجميع وثانيهما متابعة تنفيذ بنود الاتفاق ودعم الاستقرار بالمشاريع التنموية.. فالدوحة لم تجمع الأطراف على طاولة لتوقيع اتفاق أمام وسائل الاعلام، ثم ترك الأمور تتخبط يمنة ويسرة، بل انها وضعت أسسا صحيحة لتحقيق السلام، وبسط الأمن، والعمل مع جميع الأطراف بشفافية كاملة من أجل ترسيخ ذلك، وليس هذا فحسب، بل انها تدعم ذلك على أرض الواقع عبر مشاريع تنموية، بهدف تحقيق شراكة دائمة للسلام، سواء عبر بناء مدارس او مستشفيات او بنى تحتية..، كما اعلن ذلك سمو الامير عندما تبنى إنشاء بنك للتنمية في دارفور، وقبل ذلك كانت تجربة لبنان ماثلة للعيان، فما وعدت به قطر نفذته على الأرض، لكل ما أعلنته، دون ان تتخلى عن وعودها، او تتنصل عما وعدت به الأشقاء.

قطر اغلقت اليوم ملف الصراع في دارفور بإذن الله تعالى وستبدأ مرحلة جديدة في هذا الإقليم، الذي عُرف تاريخيا بدعمه لقضايا الأمة العربية والإسلامية، فأهل هذا الاقليم لهم فضل كبير على العرب، ولطالما ساهموا في نشر الإسلام في بقاع شتى من افريقيا، واول كسوة للكعبة خرجت من هذا الاقليم، وآن الأوان لنرد ولو شيئا بسيطا لأهلنا في هذا الاقليم العزيز علينا، ولأهلنا في السودان الشقيق عموما.

الدبلوماسية القطرية ” فككت ” اعقد الملفات في العالم العربي ملفي لبنان ودارفور عبر دبلوماسية واعية ونشطة ومخلصة وهادئة إلا انها فاعلة، وأوجدت حلولا عادلة ودائمة، وقدمت نموذجا يحتذى في التعامل مع أزمات كادت أن تعصف ليس فقط بدولها، بل بالوطن العربي والمنطقة بأسرها، إلا أن حكمة التعامل، وما يتمتع به رجل الدبلوماسية الأول معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية من حنكة ووعي وسياسة في التعامل مع الاطراف المعنية وشفافية عالية، استطاع ان يجمع الفرقاء على طاولة واحدة، وان يوجد ارضية مشتركة والانطلاق للبحث عما يجمع الاطراف، ثم البحث عن حلول لما يفرقهم او يختلفون عليه.

قطر صانعة السلام لا تبحث عن دور، ولا تبحث عن مجد، ولا تريد جزاء او شكورا، فقط ان يضع العرب يدهم بيدها، ويدعموا جهودها، ولا يعملوا على عرقلتها، وان تترك لتعمل من أجل اطفاء ” الحرائق ” المشتعلة في بعض دولنا العربية، والتي ان ظلت فإنها لن تأكل الأطراف المعنية بها حاليا فحسب، بل ستتوسع دائرتها لتصيب أطرافا مجاورة لها ولما بعدها.

قطر.. عاصمة السلام وصانعته، ستظل تعمل قيادتها الحكيمة بصمت من أجل خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية، ولن تتوانى يوما او تتقاعس عن القيام بما يتطلبه الواجب منها، ولن تلتفت إلى الوراء، ولن تلتفت إلى من يحاول تثبيط همتها ومساعيها الخيرة الرامية إلى وحدة الامة، ووحدة أبنائها، من اجل بناء مستقبل مشرق لأجيالنا القادمة، فيكفي ما عانته هذه الاجيال من تفرقة وتشتت وضغائن وحروب مفتعلة.. بين أبناء أمة واحدة، فهل يضع العرب أياديهم بيد القيادة القطرية من أجل هذا الجيل والأجيال القادمة لإعادة بناء هذه الأمة العظيمة؟. وهل يستثمر العرب هدية “سلام دارفور” في القمة العربية المقبلة؟

هذا هو أملنا وأمل كل الشرفاء في هذه الأمة.

 

.. وتستمر قطر بقيادتها الرشيدة في جني ثمار جهودها لتحقيق السلام العادل والشامل وإرساء الأمن والاستقرار في المناطق المتفجرة في عالمنا العربي، حيث تمكنت من إطفاء نار الفتنة في أكثر البقع تفجرا ألا وهي إقليم دارفور بالسودان الشقيق، بعدما كانت قد ارست السلام في ربوع لبنان الشقيق.

23 فبراير 2010.. كان يوما تاريخيا عندما التقت أطراف النزاع في دارفور في دوحة السلام لتستبدل وللأبد مصطلح السلام والتنمية والبناء بمصطلحات النزاع وتكتب مرحلة جديدة في تاريخ هذا الإقليم بإشراف ورعاية كريمة من صاحب الأيادي البيضاء.. أيادي الخير والعطاء.. سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه، الذي ما توانى يوما ما عن دعم قضايا أمتنا، والوقوف مساندا لتطلعات أبناء هذه الأمة من مشرقها إلى مغربها، بل ان أياديه البيضاء طافت أركان المعمورة حاملة الأمن والسلام لكل من ينشُد ذلك.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x