قطر والإمارات .. علاقات أخوية تتسامى على الخلافات العابرة
إفراج الأشقاء عن القطرييْن خطوة إيجابية أنصفتهما
تتعرض المنطقة ومجلس التعاون الخليجي تحديدا لمخاطر جمة، وتحديات كبرى، وهو أمر تستشعره القيادة القطرية وقيادات مجلس التعاون في هذه المرحلة الحساسة التي نمر بها، ما يستوجب مزيدًا من التلاحم، والترفع عن الخلافات الجانبية، وهو أمر تؤكد عليه القيادة القطرية على الدوام، فما يجمعنا أكبر بكثير مما قد نختلف عليه ، والتحديات التي نواجهها بحاجة إلى وحدة الصف الخليجي أكثر من أي وقت مضى.
في كل مناسبة تؤكد قطر بالأفعال أنها مع أي توجه يدعم الوحدة الخليجية والعربية، ويعزز مسيرة التعاون، ويدفع بتداخل أكبر بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، الذين يشكلون أسرة واحدة، وهو ما يفرض عدم إسقاط أي اختلافات سياسية أو في وجهات النظر حيال ملفات خارجية على الشعب الخليجي الواحد.
لقد جاء ترحيب مجلس الوزراء بالأمس بالقرار الذي أصدره سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، بالإفراج عن المواطنيْن القطرييْن اللذين كانا موقوفيْن بدولة الإمارات، مثمنا هذا القرار، ومشددا على أن هذا الإفراج أنصف المواطنيْن، معربا عن سعادة دولة قطر أميرا وشعبا بعودة المواطنين.
وجدد مجلس الوزراء حرص دولة قطر على الحفاظ على علاقات أخوية متينة مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة في ضوء الظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تستدعي التلاحم والتسامي على الخلافات العابرة.
إن قرار سمو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بالتأكيد أنصف المواطنين القطريين، وهو بالمناسبة كان إفراجا وليس عفوا، حسب البيان الذي صدر من سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولم يتضمن البيان كلمة عفو، كما حاولت بعض وسائل الإعلام الترويج لذلك.
لقد تجاوزنا في قطر هذه القضية ـ قضية اعتقال المواطنين القطريين ـ وألقينا ذلك خلف ظهورنا، ونعتبر ما حدث من الماضي، ونفكر معا ـ قطر والإمارات ـ للمستقبل، يدًا بيد.
نعم سعدنا بإغلاق هذا الملف الذي أحدث احتقانا في العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، فالبلدان والشعبان تربطهما علاقات تاريخية متجذرة، نحرص في قطر قيادة وشعبا على بقائها نقية صافية، بعيدا عن أي توتر قد يعترض هذه العلاقات الأخوية الأسرية، المتداخلة شعبيا، فلا يكاد يوجد منزل في الإمارات أو قطر إلا وتربطهما علاقات بصور شتى، وهكذا الحال مع بقية شعوب مجلس التعاون الخليجي، فنحن في الخليج أسرة واحدة نعيش في دول ست، تمثل هذا الكيان الخليجي الصامد رغم كل الظروف والعواصف التي تعرضت لها المنطقة، إلا أن إيمان القادة وتلاحم الشعوب، كانا ضمانة حقيقية لبقاء هذا المجلس.
اليوم تتجدد العواصف بالمنطقة، وترتفع وتيرة التحديات والمخاطر التي تواجه كياننا الخليجي، ونحن في دول المجلس قادة وشعوبا مطلوب منا الترفع والتسامي عن الاختلافات العابرة التي قد تبرز على السطح في هذه المرحلة الدقيقة التي نمر بها، فالتهديدات والمخاطر لا تستثني دولة، وإذا لم نكن صفا متراصا ويدا واحدة، فإننا لن نستطيع التصدي لهذه التحديات والمخاطر، ما يستوجب مزيدا من التلاحم ورص الصفوف، وعدم الإنصات لمستشاري “السوء”، الذين يحاولون ضرب الوحدة الوطنية الخليجية، باختلاق مشاكل بين أبناء مجلس التعاون الخليجي قادة وشعوبا، فنحن أدرى بمعالجة قضايانا، حتى تلك التي قد نختلف في وجهات النظر حيالها، إلا أننا متفقون على أن مصيرنا واحد، وهو ما يدفعنا لكي تتصدر الأولويات مساعينا الحميدة، بعيدا عن الأمور الثانوية، التي يجب ألا نعطيها الأهمية.
مجلس التعاون اليوم مستهدف، وهو ما يفرض علينا الالتفات إلى هذا الخطر، بل المخاطر المتعددة، وألا يشغلنا عن ذلك صغائر الأمور، فالوقت لا يسمح بأن نضيعه في الاختلافات الجانبية، بل يجب التركيز على كل ما يدعم ويعزز المسيرة الخليجية، وكل ما يقوي التلاحم بين أبناء هذا الكيان، لكي نتصدى مجتمعين لتلك المخاطر والتهديدات التي تتطاير حولنا.
هناك أطراف خارجية تراهن على إذكاء خلافات بين دول المجلس، وهو ما يفرض على دول المجلس تفويت الفرصة على تلك الأطراف التي تريد الوقيعة بيننا، عبر اختلاق أزمات لا مبرر لها، لخلخلة الصف الخليجي، الذي استعصى حتى اللحظة على الانهيار أو التفكك، كما حصل مع تجمعات عربية أخرى.
الشعوب الخليجية تؤمل دائما على حكمة قادتها في تجاوز كل الأزمات أو الاختلافات في وجهات النظر، والمضي قدما من أجل مصلحة هذه الشعوب، التي منحت قادتها الثقة لكل ما من شأنه الارتقاء بمجتمعاتها، وتعزيز صفها الخليجي بمزيد من التلاحم والوحدة.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى تجاوز الاختلافات العابرة والثانوية التي قد تكون بيننا في تعاطينا مع ملفات خارجية، وأن نركز جهدنا بكل ما استطعنا من قوة للدفع بعجلة التقدم والنهضة والتنمية، وتوحيد مواقفنا بالفعل وليس القول للتصدي للتهديدات التي تطرق أبوابنا، فاليوم لا وقت لدينا لكي نضيعه في اختلاق أزمات فيما بيننا، في وقت نرى فيه ترقبا من أطراف خارجية لاقتناص فرصة للنيل من منظومة مجلس التعاون الخليجي.
إن إفراج الأشقاء بدولة الإمارات العربية المتحدة بأمر من صاحب السمو رئيس الدولة لهو خطوة إيجابية، نؤكد ترحيبنا بها في قطر، وحرصنا على علاقات أخوية متينة مع أشقائنا، والعمل معا يدًا بيد من أجل مستقبل أكثر تلاحمًا وتعاضدًا بين البلدين والشعبين الشقيقين.
.. ولنــا كلمة