قمة الويب.. حضور فاعل ومشاركات نوعية
استضافة قطر لقمة الويب ليست بمعزل عن جهودها الكبيرة على صعيد الاستثمار في قطاع التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية الآخذة بالاتساع بصورة تؤسس لقيام صناعات على صعيد الاقتصاد المعرفي، الذي توليه قطر أهمية بالغة.
قمة الويب، التي تعقد لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تمثل فرصة لإبراز هذه الجهود والمبادرات النوعية التي تقوم بها قطر، والتي من المؤكد ستكون محل استثارة وتساؤل الآلاف من المشاركين على صعيد المؤسسات والأفراد المتواجدين اليوم بالدوحة، والذين أبدى الكثير منهم انبهارا كبيرا بما رأه من حضور فاعل، ومشاركات نوعية، وجلسات ثرية، وتنظيم على درجة عالية من الإتقان، وهو ما عرفت به قطر، وجعلها واحدة من العواصم العالمية القليلة المميزة في استضافتها للأحداث.
رؤية قطر 2030 من ضمن أهدافها التنويع الاقتصادي والتحوّل نحو الاقتصاد المعرفي، لذلك نرى قيادة مبادرات نوعية على هذا الصعيد، والعمل نحو خلق بيئات ومراكز ومؤسسات تتماشى مع هذه الرؤية، ليس فقط من خلال العشرات من الجهات العاملة بالدولة، بل إن جزءاً كبيراً من استثمارات قطر الخارجية تنصب في قطاع التكنولوجيا، وهو توجه حميد يستشرف المستقبل.
على الصعيد المحلي توجهت الدولة لتأسيس العديد من المؤسسات ذات الأهداف البحثية، التي يمكن من خلالها تطوير المشاريع، من بينها مجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار، وواحة العلوم والتكنولوجيا، ومعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، ومعهد قطر لبحوث الحوسبة، ومركز سدرة للبحوث، ومعهد بحوث البيئة والطاقة، هذا عدا جهود مؤسسة قطر وجامعاتها، وجامعة قطر، وانضمت إليهم كذلك جامعة الدوحة وجامعة لوسيل، وغيرها من المؤسسات التي تقود اليوم مبادرات على صعيد البحث العلمي، والمضي قدما نحو تطوير واستثمار تكنولوجيا المعلومات بما يحقق تقدما وازدهارا في مجتمعنا.
برنامج قطر الذكية «تسمو» الذي تشرف عليه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يركز على تسخير قوة التكنولوجيا والابتكار لتحويل قطر إلى دولة ذكية.
اليوم نتحدث عن مدن ذكية في قطر، وهو واحد من التحولات المهمة التي نشهدها بالدولة عبر الاستثمار في هذا القطاع.
في سوق الأمن السيبراني في قطر هناك دعم كبير، وهو ما جعلها الأسرع نموا في الإنفاق على هذا القطاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا القطاع تحديدا من القطاعات العالمية المهمة التي يتوقع أن يبلغ حجم الإيرادات فيه بحلول عام 2027 إلى نحو 403 مليارات دولار.
حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في خطابه أمام دور الانعقاد الرابع والأربعين لمجلس الشورى (نوفمبر 2015) أكد أن رؤية قطر 2030 تهدف لتحويل قطر إلى دولة متقدمة، قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، بالسعي إلى تطوير اقتصاد متنوع، يتناقص اعتماده على الهيدروكربون، ويتجه الاستثمار فيه نحو الاقتصاد المعرفي، وتتزايد فيه أهمية القطاع الخاص.
خلال قمة الويب، أعلن معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن قيام الدولة بتخصيص مليار دولار لدعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال في قطر والعالم.
هذا الإعلان يتوافق مع الأرقام التي تتحدث عن نمو الإنفاق في قطر على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى 9 مليارات خلال 2024، وهو يؤشر على مدى الاهتمام الحكومي بهذا الجانب الاقتصادي.
هذا الاهتمام جعل دولة قطر تتصدر العديد من المؤشرات الدولية من بينها تطبيق الإنترنت بمعدل انتشار 100%، وريادة الأعمال، وأول دولة تستخدم الجيل الخامس، ومعدل النمو السنوي في القطاع الرقمي وصل في 2023 إلى 7.2% وهي نسب عالية.
في تقرير مشترك صدر الأحد الماضي لوكالة ترويج الاستثمار في قطر ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، توقع أن ترتفع الاستثمارات الرقمية في قطر إلى 5.7 مليار دولار في 2026 مقارنة بـ 1.65 مليار دولار في 2022.
بنك قطر للتنمية هو الآخر يلعب دوراً إيجابياً في دعم الفرص المبتكرة للمستثمرين في مجالات التكنولوجيا، وهو من المؤسسات الداعمة بقوة في هذا المجال.
كل هذه الجهود والمبادرات التي هي ترجمة فعلية لإرادة حقيقية على مستوى صانع القرار بالتحول نحو الاقتصادات المعرفية والتكنولوجية والتقنية، التي تمثل المستقبل، وتتيح خيارات متعددة إذا ما استثمرت بصورة صحيحة، وتم توظيف الإمكانات والبنية الرقمية الموجودة بصورة فاعلة.
قمة الويب تتيح للمشاركين – أفراداً ومؤسسات – الاطلاع على ما لدى قطر من إمكانات، وما تتمتع به من قدرات وبنية رقمية عالية الكفاءة، وهو ما يجعل الكثير من المؤسسات والشركات أن تكون قطر خيارها في الاستقرار والتوسع وإطلاق مشاريع تقنية جديدة في المنطقة، تكون الدوحة هي المنطلق.
الجهود الحثيثة التي بذلت منذ إطلاق رؤية قطر 2030 في 2008 تتبلور اليوم واقعاً من خلال الكثير من المشاريع النوعية التي باتت تشكل مصدراً مهماً في التنويع الاقتصادي بالدولة.