لماذا حملة «إعفــاف»؟
جاءت حملة «اعفاف» التي تبنتها كل من جريدة «الشرق» ومؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني للخدمات الانسانية «راف» تلبية لحاجة قائمة في المجتمع، والمتمثلة بمساعدة شريحة مهمة الا وهي شريحة الشباب، والعمل على دعمها وتوفير الاستقرار النفسي من خلال تكوين اسرة مستقرة.
حملة «اعفاف» ليست مجرد حملة من اجل القيام بتوفيق رأسين بالحلال كما يقولون انما هي قبل ذلك تهدف للتوعية بتيسير الزواج، والبعد عن مظاهر الترف التي تصاحب ذلك، ففي كثير من الاحيان ربما لا يكون المهر هو العقبة “الكأداء” امام الشاب للزواج، بقدر ما يترتب على الزواج من امور هي التي تدفع لتأخير سن الزواج، او افشاله بعد قيامه، بسبب الديون التي تراكمت بفعله.
هناك زيجات لا تستمر اكثر من اشهر عدة، وفي افضل الحالات ربما عام، وسجلات المحاكم تشهد بذلك، والسبب في الغالب انكشاف الحالة المادية للزوج بعد مطالبات بنكية لتسديد قروض اخذت من اجل اتمام زواجه، الذي عادة يكون مصحوبا بمظاهر ترف كبيرة، سواء كان ذلك على صعيد حجز الفندق او القاعة او ما يعرف بـ «الكوشه» او مستلزمات الزوجة من ذهب والماس وملابس…، اضافة الى المهر.
المجتمع بحاجة للتصدي لهذه الظاهرة، فأي طلاق يحدث هو تصدع في اركان المجتمع، وهو ما ينبغي فهمه، فالطلاق لا يقتصر ضرره على شاب وفتاة، بل تترتب عليه اضرار تتجاوز افراد الاسرة لتطول اركان المجتمع، وبالتالي فان حماية مؤسسة الزواج هي مسؤولية مجتمعية، وقبل ان نحميها بعد قيامها، فان الاولى وقايتها قبل ان تبدأ، والحماية تأخذ مسارين باعتقادي، الاول يتعلق بدور المجتمع في توفير الركائز الاساسية التي تستند إليها المؤسسة الزوجية من خلال تسهيل الزواج بكل سبله عبر قنواته الشرعية، والبعد عن المفاخرة والمباهاة والبذخ التي يعمل البعض على ترسيخها في المجتمع.
أما المسار الثاني فهو ما يتعلق بالشاب والفتاة وضرورة الوعي بمتطلبات المرحلة الجديدة المقدمين عليها، فمع الزواج هناك مسؤوليات يجب على الطرفين القيام والالتزام بها كل تجاه الطرف الآخر، وهذا ما تهدف الحملة اليه ايضا عبر توعية وتأهيل للراغبين بالزواج، من خلال فريق استشاري متخصص، حتى نحافظ على هذا الزواج من اي مؤثرات خارجية، او عواصف ربما تتعرض لها مؤسسة الزواج الجديدة، خاصة في اشهرها الاولى.
الحملة ليس هدفها جمع مبالغ مالية، وان كانت هي تسعى لذلك، انما قبل ذلك خلق حالة من الوعي في المجتمع بضرورة تيسير الزواج، وخلق حالة من التكاتف ايضا بصورة اكبر بين افراد المجتمع ومؤسساته حيال قضايا المجتمع بصورة عامة.
لذلك فان نجاح هذه الحملة لا يقع فقط على الجهتين اللتين تتبنيانها وهما “راف” و”الشرق” انما مسؤولية نجاحها مرهون بمدى تفاعل جميع قطاعات المجتمع، افرادا كانوا او مؤسسات، بحيث يساهم الجميع في الدفع نحو بناء اسرة جديدة على اسس سليمة، فما المجتمع الا افراد واسر لتتسع الدائرة ويتكوّن المجتمع.
نريد ان ندفع نحو تسهيل عملية الزواج في المجتمع، فبقاء نصف المجتمع “دون شريك” لهو خطر يهدد اركان وبنيان هذا الكيان، خاصة اذا عرفنا ان لدى الشباب من الجنسين قوة وطاقة كامنة، مطلوب تسخيرها لخدمة المجتمع، واذا ما تركت دون استثمار صحيح، فان طرقا اخرى ربما تقودهم الى انحرافات وسلوكيات ليست في صالح المجتمع.
اليوم قنوات الانحراف مفتوحة على مصراعيها، وتغري الشباب والفتيات بكل الطرق للاقدام عليها، بل ان سبل الانحراف هي اليوم اسهل بكثير من الزواج في ظل التعقيدات القائمة، لذلك على اولياء الامور في المجتمع تقع مسؤولية كبيرة في تذليل العقبات امام ابنائهم وبناتهم في الارتباط الشرعي، والبعد عن المغالاة في الزواج، فنحن لا نريد ان ترفرف السعادة والهناء على الزوجين في ايامهما واسابيعهما الاولى، ثم تنقلب حياتهما الى نكد، ويدخل الزوج في دوامة البحث عن كيفية لتسديد ديون الزواج والالتزامات المالية التي اوقع نفسه بها من اجل ان يبدأ حياة جديدة،..، نريد حياة الحب والسعادة هي التي ترفرف عليهما طوال حياتهما، ولا تنغصها الديون والقروض.
نحن في “الشرق” نؤمن بان رسالتنا هي خدمة المجتمع، لذلك نسعى دائما الى كل ما من شأنه خدمة مجتمعنا، والتعاون مع الجميع من اجل ذلك، ونمد ايادينا للجميع من اجل دعم ومساندة مجتمعنا الذي نحن جزء منه، فنحن شركاء مع الاخوة الافاضل في مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الانسانية “راف” في حملة “اعفاف”، وفي العام الماضي تبنينا حملة الغارمين بالتعاون مع الاخوة بوزارة الداخلية ومؤسسة الشيخ عيد الخيرية، وعلى استعداد تام للشراكة مع اي جهة في مشروع خيري وانساني يقدم خدمة للمجتمع.
اننا على ثقة كبيرة في ان تلقى حملة “اعفاف” كل الدعم من قبل المؤسسات والشركات ورجال الاعمال والخيرين في هذا المجتمع، وهم كثر، وان نحقق الهدف من القيام بها، وان نصل الى المبلغ المستهدف في هذه الحملة، وهو ليس بالكبير بالنسبة لأهمية القضية، وبالنسبة لهذا المجتمع، الذي عرف عنه البذل والعطاء في اوجه الخير والاحسان دون حدود، والتسابق في اعمال البر والخير في الداخل والخارج