مرحباً بالأشقاء في كأس العرب
بادئ ذي بدء..
يا هلا ومرحباً بالأشقاء من جميع الدول العربية في بلدهم وبين أهلهم في دوحة الجميع ..
كم هو جميل هذا الجمع الكبير لأشقائنا العرب هنا في قطر..
شوارع قطر لا تزدان بأعلام الدول العربية فحسب، بل هي اليوم تجسد اللُّحْمَة العربية في أبهى صورها من خلال هذا التواجد الكبير لمختلف الجماهير العربية، وفي لقاءاتها العفوية خارج مدرجات الملاعب.. في سوق واقف.. في كتارا.. في الميناء القديم.. في مشيرب.. على كورنيش الدوحة.. وفي المولات والأسواق والشوارع المختلفة داخل الدوحة وخارجها.
تلتقي الشعوب العربية بودٍّ ومحبةٍ بعيداً عن “صداع” السياسة العربية وتقلباتها، التي لطالما “أسقطت” على الشعوب، وأقحمت فيها، وهي لا ناقة لها فيها ولا جمل.
هي قطر..
هي الدوحة دائماً تحتضن الأشقاء بدفء وحميمية، احتضان أخوي، وترحيب يُشْعر الحاضرين بأنهم أهل المكان، وأصحاب الدار…
كأس العرب التي أحيتها قطر منذ أعوام أربعة، بروح جديدة، وتنظيم مميز، وملاعب عالمية، وبُنى تحتية بمواصفات نوعية، وتسهيلات فوق الوصف، يجعل من هذه البطولة مقصداً شعبياً، ليس من أجل التنافس على “الكأس”، بل قبل ذلك من أجل لقاءات الشعوب التي يتلهف الجميع لها، فما أجملها، وما أجمل تلك الجلسات التي تجمع السعودي بالمصري بالسوداني بالمغربي بالفلسطيني بالإماراتي بالبحريني بالتونسي بالعماني باليمني بالأردني بالكويتي باللبناني بالجزائري بالليبي بالعراقي بالسوري بالموريتاني بالصومالي بالجيبوتي بجزر القمر.. باحتضان أخوي قطري.
هذه اللقاءات هي التي تتطلع لها الشعوب العربية، في لحظات صفاء ومودة ومحبة، وما أحوج شعوبنا “المُتْعَبة” إلى هذه المساحات، وما أحوجنا في العالم العربي كله أن نُوجِد ملتقيات ومناسبات تستظلُّ بها هذه الشعوب، تتنفس روحاً نقية، بدلاً من “غبار” يلفُّ سماءنا العربية.
لماذا لا يستمتع الشاب العربي بالمرافق عالية الجودة، والإمكانات الكبيرة، التي تتوفر في أوطاننا، وما أكثرها، وأن نتيح لهم فرصاً من الإبداع ليس فقط في الملاعب الرياضية، إنما في كل القطاعات، ويمكن أن تكون هذه الملاعب مكاناً لتنفيذ كل الأنشطة والفعاليات، وألا تكون مقتصرة على حدث يُقام كل عام أو عامين.
أتذكر قبل استضافة قطر لبطولة كأس العرب في 2021، والتي تمثل إحياء لهذه البطولة بهذا المستوى من التنظيم العالمي، أن المسؤولين القطريين أكدوا أن هذه الملاعب العالمية التي أعدتها دولة قطر لاستضافة بطولة كأس العالم 2022، سوف يجربها الشباب العربي، وصدقت قطر بما وعدت كعادتها، فكانت بطولة كأس العرب في 2021 التي سبقت كأس العالم 2022.
نحن اليوم بالفعل نعيش أجواء مقاربة لأجواء كأس العالم من حيث الحضور الجماهيري، الفرق أن جميع من يجتمعون هنا بالدوحة هم الأشقاء، في القُرْبَى وصِلَة الرَّحم والنسب، مهما بعُدَت بينهم المسافات، أو فَرَّقَتْهم الجغرافيا، وحَدَّت من تواصلهم الحدود.
قطر التي دائماً بُوصْلَتها مركزة على وحدة العرب، ونبذ الخلافات، والتوحد في صف واحد، لأننا أمة واحدة، تبذل كل ما في وسعها من أجل تجميع الشعوب، وتقريب الدول، ولطالما أثمرت جهودها الخَيِّرَة عن نجاحات نفتخر بها، وتفتخر بها شعوبنا العربية جمعاء، لأن هدفنا جميعاً: أمة واحدة من المحيط إلى الخليج.
قطر بقيادتها الرشيدة تعمل من أجل جمع العرب، وبثّ روح الأمل في الشعوب، وتوفير كل السبل التي تذلل الصِّعَاب، ووضع الإمكانات لكي يستفيد منها أبناء أمتنا، ليس فقط في قطاع الرياضة وعالم الرياضيين، إنما من يتابع التوجهات القطرية يلحظ بوضوح هذا المسعى النبيل لتسخير الإمكانات من أجل الشباب العربي ورفعته وإبداعه وتمكينه من بناء مستقبل مشرق يليق بأمتنا وتاريخها وحضارتها.
العرب هي الأمة الوحيدة ـ إضافة إلى عالمنا الإسلامي ـ التي تبلغ نسبة الشباب فيها أكثر من 60 %، وهو ما يعني أنها أمة “شابة”، أمامها المستقبل، وهو ما يفرض على دولنا أن تعتني بهذه الثروات الحقيقية، وأن توفر لها البيئات الصالحة للنهوض بأوطانها، وقيادة مسارات التنمية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاهتمام بهم في جميع الفئات العمرية (بنين وبنات)، وفي جميع المجالات.
التقيت عدداً من الشباب العربي، والكثير منهم يتذكر أحداثاً ومواقف ولحظات جميلة في كأس العرب 2021 وكأس العالم 2022، وأنه اليوم بالدوحة يسترجع هذه الأحداث، ويثق أن نسخة 2025 ستضيف الكثير إلى ذكرياته ومخزونه الفكري وعلاقاته الجديدة مع أشقاء آخرين من أقطار عربية يلتقي بهم لأول مرة.
الشباب بأمسِّ الحاجة في عالمنا العربي إلى لقاءات حُضُورية في عالم الواقع، بدلاً من “الفضاء” الذي في كثير من الأحيان يحمل “الغَثَّ” ويثير النَّعْرَات والصراعات، مع وجود آلاف الحسابات والمنصات التي تخلق الفتن، وتعمل على خلق المزيد من المشاكل بين الشباب العربي.
نحن بحاجة إلى كسر الحواجز الموجودة، وبناء علاقات أخوية بين الشباب في عالمنا العربي، لأنهم يشكِّلون اليوم نصفَ الحاضر، وكلَّ المستقبل، وسيكون من بينهم صُنَّاع قرار، وقادةً في مجالات شتى تستند إليهم الأوطان في نهضتها.
قطر تَسْعَدُ بكم أيها الأُخْوَة الكرام، ودوحتها تزدان بكم حُباً ومودَّة وكرامة..
فمرحباً بكم في بلدكم وبين أهلكم.

