مقالات

ملحمة البناء تتشكل من عرق التضحية وجهد العطاء

في يوم الوطن

{ليست المواطنة مجموعة من الامتيازات، بل هي أولا وقبل كل شيء انتماء للوطن، ويترتب على هذا الانتماء منظومة من الحقوق والواجبات تجاه المجتمع والدولة. المواطنة مسؤولية أيضاً، من حق المواطن أن يستفيد من ثروة بلاده، ولكن يفترض أن يسأل المواطن نفسه من حين لآخر: ماذا أعطيت أنا لبلدي ومجتمعي؟ وما أفضل السبل لأكون مفيداً؟ وماذا أفعل لكي أساهم في ثروة بلادي الوطنية، بحيث تستفيد الاجيال القادمة ايضا؟}

تميم بن حمد آل ثاني

بهذا المقطع المهم من خطاب سمو الأمير المفدى — حفظه الله ورعاه — خلال افتتاح دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى في نوفمبر الماضي، ابدأ مقالي اليوم، الذي يتزامن مع احتفالات اليوم الوطني.

نتحدث دائماً وكثيراً عن الوطن والمواطنة.. جميل..

نتغنى بالوطن.. جميل..

نكتب القصائد والمقالات في حب الوطن.. جميل..

جميل.. جميل..

لكن ماذا عملنا للوطن؟؟

هذا السؤال الذي يجب أن يلح علينا ليل نهار.. هذا السؤال الذي يجب أن يصاحبنا في حلنا وترحالنا.. هذا السؤال يجب أن يكون نصب أعيننا..

كيف يمكن أن نخرج من دائرة القول الى دائرة الفعل؟..

الفعل الذي يترجم أعمالا تخدم الوطن، وتنميه وترتقي به الى مصاف الدول المتقدمة، وتحدث فارقاً بين إنسانين: إنسان هذا الوطن، وإنسان آخر يعيش في أوطان اخرى..

هذا هو التحدي الحقيقي، أن نعي جيداً أننا لم نخلق لنعيش على هامش الحياة، إنما خلقنا لكي نكون صناعاً للحياة.. بناة للوطن..

في كل يوم تشرق فيه الشمس، تكون لنا بصمة إيجابية في مسيرة هذا الوطن..

نحمل هذا الوطن في كل سكنة من سكناتنا، وكل حركة من حركاتنا، وكل خطوة نخطوها.. وكل عمل نؤديه..

الوطن ليس احتفالات تقام في يوم، ثم ينتهي كل شيء..

الوطن يجب أن يكون حاضراً في كل أوجه حياتنا.. 365 يوماً لا نعيش في وطن فحسب، بل الوطن يعيش فينا..

ملحمة البناء تتشكل من عرق التضحية، وجهد العطاء، وبذل بلا حدود، وأفعال، يكون الوطن الحاضر الأول والأخير فيها..

أفعال تستلهم قيماً غرست في هذا الجيل، لينقلها إلى الجيل القادم بكل أمانة وإخلاص وصدق.. لتكون ركيزة في بناء المستقبل..

احتفالية اليوم الوطني، تشحذ الهمم، وتذكي الروح، وتجدد الطاقات لبدء مرحلة جديدة من العطاء والبناء..

نحن لا نحتفل لمجرد الاحتفال باليوم الوطني، ولا نحصر الوطن في هذه اللحظات الجميلة، بل نحتفل لكي يكون هذا اليوم ملهماً لنا في كل شيء.. في القيم والأخلاق.. في التضحية والفداء.. في العطاء والولاء.. في البذل والانتماء..

نحتفل ليكون دافعاً لنا لمواصلة السير على نهج خطى المؤسس المغفور له إن شاء الله الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، وسار على أثره من أتى من بعده، من قيادات هذا الوطن ورجالاته، إلى يومنا هذا، الذي يحمل فيه لواء الوطن شامخاً حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي تسلم الراية خفاقة من حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني — حفظهما الله ورعاهما — حيث كان الوطن والارتقاء به، وتقدمه ونهضته.. هاجسهما الأول، وشغلهما الشاغل، ولا يألوان جهدا في سبيل ذلك إلا وبذلاه؛ من أجل هذا الوطن ورفاهية مواطنيه.

إن ملحمة البناء التي قادتها قيادة هذا الوطن، وأهل قطر على مر التاريخ، هي اليوم بحاجة إلى عطاءاتنا بالعمل الجاد والمخلص، لنحقق بذلك المواطنة الحقة، التي تعرف واجباتها قبل أن تطالب بحقوقها، المواطنة التي تبحث في كل يوم عن ماذا يمكن أن تقدمه لهذا الوطن، لكي تتعزز مسيرة البناء، بتحقيق إنجازات ومكاسب جديدة..

نريد أن نحقق المفهوم الحقيقي للانتماء إلى الوطن على أرض الواقع، من خلال أعمال تتحدث عنا، أينما كنا، في داخل الوطن أو خارجه..

نريد إنسان هذه الأرض متميزاً بفكره وخلقه ودينه وقيمه وعاداته وعطاءاته.. التي لا ينتظر من ورائها جزاءً او شكوراً..

الدول اليوم تقاس بتمايز أبنائها عن غيرها من الدول، وبقدر ما كنا مميزين ومتميزين بالعمل، سنتمايز عن الآخرين، وسنكون شامة بيضاء بين الأمم.

الأوطان لا تبنى بالشعارات، إنما بالعمل كل في مجاله أيا كان والعطاءات، التي لا تعرف حدوداَ..

إننا ونحن نحتفل بيوم الوطن، مطالبون بأن تكون أولوية منظومة الواجبات تجاه الوطن هي المقدمة على كل شيء، وأن يكون العمل هو الشعار الذي نتخذه في سبيل نهضة وتقدم وازدهار دولتنا ومجتمعنا.

إن الوطن الذي حمل “كعبة المضيوم”، وأصبح لمواقفه المنتصرة للمظلوم علامة فارقة، ولا تزال لـ “هداتنا يفرح بها كل مغبون” صدى يتردد في كل مكان، سيظل كذلك بفضل من الله أولاً، ثم بفضل قيادته المنحازة لقضايا الأمة.

يوم الوطن.. تجديد للولاء والانتماء بالعمل الذي يسبق القول.. بالانتصار لمصلحة الوطن العليا على مصالحنا الشخصية الضيقة.. بالإبداع في إنجاز العمل الموكل إلينا.. بأداء الأمانة التي ائتمنا عليها.. بتحمل المسؤولية التي قبلنا تحملها..

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال  “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”.

آخر كلمة..

اللهم احفظ هذا الوطن قيادة وشعباً.. أرضاً وسماءً وبحراً.. من كل مكروه، واحرسه بعينك التي لا تنام، واجعل الدائرة تدور على من يريد به شراً..

اللهم ارزقه أمناً وأماناً واستقراراً وازدهاراً..

رب اجعل هذا البلد آمناً..

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x