نعـم.. إنهـا ســاعـة الحـقيـقـة
ساعة الحقيقة هي ان هناك شعبا يزيد تعداده على مليون ونصف المليون انسان يعيش في معتقل وسجن هو الاكبر في العالم، وسجانه هي ” اسرائيل “، سجن لم يشهد التاريخ بكل عصوره مثيلا له،.. ” اسرائيل ” اليوم تضع قطاع غزة بكامله وبمن فيه، في هذا السجن الكبير، تحت مرأى ومسمع العالم كله، الذي يتفرج على الجريمة في غزة دون أن يحرك ساكنا، وعندما تحرك الشرفاء من مختلف دول العالم في رحلات إنسانية لفك الحصار المفروض على القطاع بمن فيه، توالت الجرائم الإسرائيلية على السفن القادمة، والتي تحمل مؤنا إنسانية ومواد غذائية، ولم ينهض العالم الحر، الذي يدعي الحرية والديمقراطية، ويناصر حقوق الإنسان، هكذا يدعي في مشارق الارض ومغاربها، لم يتحرك هذا العالم من أجل مناصرة هؤلاء المتضامنين، والوقوف في وجه الجرائم الاسرائيلية، والسبب ان مرتكب هذه الجرائم هي ” اسرائيل “، فلو كانت دولة أخرى خاصة اذا كانت عربية أو إسلامية لكان الوضع مختلفا، ولتحركت جيوش من الدولة العظمى، ولبادرت الأمم المتحدة بإصدار قرارات هنا وهناك، ولفرض مجلس الامن قرارات بالقوة، بينما ” اسرائيل ” تعربد بالمنطقة دون اي رادع، وتمارس كل أنواع الجرائم دون أن يقف العالم ليقول لها آن الأوان لكي تتم محاسبتك على ما ترتكبين من مخالفات، ولكن يظهر ان هذا العصر هو العصر ” الصهيوني ” الذي تعربد فيه ” اسرائيل ” دون حسيب أو رقيب، وهي المرحلة التي تحدَّث عنها القرآن الكريم بأنها مرحلة ” العلو ” في الارض، والتي يعقبها نهاية الدولة العبرية، طال الزمان أم قصر.
لم نجد دول العالم التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات المدنية، والتي تصنف نفسها على أنها دول متحضرة، وقفت في وجه الجرائم التي تقوم بها ” اسرائيل “، ولم نجد من الدولة العظمى التي تنشر جيوشها في مشارق الارض ومغاربها مبادرة لحماية سكان غزة، أو إيصال المساعدات الإنسانية لهذا القطاع، أليس من يسكنه من البشر؟ أم إن هؤلاء هم خارج ” القدرة ” الامريكية على حمايتهم، أو إرسال جيوش لاحتلال أراضيهم، كما فعلت في بقاع من العالم العربي والإسلامي، أم إن ” اللوبي ” الاسرائيلي هو الذي يفرض قراراته وسيطرته على صانع القرار في البيت الابيض؟.
لقد اصطف العالم لمحاربة قراصنة صوماليين في البحر الاحمر والمحيط الهندي يقومون بذلك عبر طرق بدائية لا يفرقون بين بارجة وباخرة، ولا يفعلون ذلك ضد سفن تحمل مواد غذائية وانسانية متجهة لانقاذ أرواح من الشيوخ، وهو امر جيد، لكن ماذا عن القرصنة ” الاسرائيلية ” التي تمت امس في المياه الدولية، لماذا لم نجد اصطفافا دوليا حيالها؟ ولماذا لم نجد بوارج حربية من الدول العظمى ترسل إلى المنطقة لحماية السفن التي تحمل مواد غذائية متجهة لإطعام أطفال ونساء وشيوخ.. يعيشون في سجن كبير منذ اكثر من 3 سنوات؟ لماذا لم نر حماية لهؤلاء المتضامنين الابرياء الذين تحركوا بعد ان تقاعست دولهم وسياسيوهم؟.
الجريمة التي ارتكبت امس بحق المدنيين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، الساعين إلى كسر الحصار الظالم عن اهلنا في غزة، يجب ان تذكِّر العرب بأن هناك حصارا ظالما مفروضا على اهلنا في فلسطين، وهو كما وصفه سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، ” جرحا مفتوحا ينزف في القطاع، وان كل من يتحدث عن الحرية والعدالة والديمقراطية مطالب الآن بفعل شيء لكسر هذا الحصار حتى لا تذهب دماء هؤلاء الأحرار سدى “.
لكن الرسالة الاكبر التي أشار إليها سمو الامير المفدى في خطابه امس ان هؤلاء الاحرار الذين اتوا من 40 دولة في العالم من اجل التضامن مع قضية غزة، وتحمّلوا كل هذه المصاعب والمتاعب، بل والموت من اجل ذلك..، هؤلاء الاحرار بموقفهم هذا يضعون العرب امام ساعة الحقيقة.
نعم ساعة الحقيقة التي يجب على العرب ان يعوها جيدا، الحقيقة ان هناك عدوا غاشما.. جائرا.. ظالما.. جاثما على الارض العربية.. محتلا لارضها وسمائها وبحرها.. لا يعير اي اهتمام لأي اتفاقيات او معاهدات سلام.. ليست لديه لغة سلام.. كل الاحداث والتداعيات والشواهد تقول ذلك.. حتى تلك الدول التي وقعت معه اتفاقيات سلام هل نجت من غدره وخياناته؟.. ما الذي ينتظره العرب اليوم من ” اسرائيل ” بعد كل ما رأوه؟ هل ينتظرون سلاما او يدا ممدودة بغصن زيتون أو باقات ورد؟.
للأسف ان المواقف العربية متخاذلة في تعاطيها مع ” الصفعات ” الاسرائيلية المتتالية، فما الذي فعلته الدول العربية رسميا تجاه القرصنة الصهيونية يوم امس في المياه الدولية لاسطول الحرية؟ هل كان هناك موقف عربي عملي واحد تجاه ما حدث من جريمة نكراء بحق الابرياء المتضامنين الذين سقط منهم الشهداء من اجل الدفاع عن قضية أمتنا؟.
ان السكوت على ما تقوم به ” اسرائيل ” من جرائم لهو مشاركة لها في هذه الجرائم، واذا رضي العرب بالسكوت فإنهم شركاء ” اسرائيل ” في جرائمها ليس فقط بحق الشعب الفلسطيني انما بحق الشعوب العربية والإسلامية جمعاء.
لقد شاهدنا بالامس كيف انتفضت شعوب العالم عندما شاهدت جريمة ” اسرائيل “، وكيف خرجت تلك الجماهير منددة بالجريمة النكراء، بينما العرب اصحاب القضية لم نشهد لهم موقفا واحدا يعبر عن تضامنهم مع اهلنا في غزة، ويقول لاولئك المتضامنين ان دماءكم لم ولن تذهب سدى.
ان القادة العرب اليوم امام مرحلة تاريخية.. إما ينتصرون لأمتهم، ويلتحمون مع شعوبهم..، وإما يظلون رهينة للهيمنة الامريكية الاسرائيلية الغربية، فما الذي سيختاره العرب؟.
إن هذه الحادثة يجب أن توقظ في الأمة الانتصار لقضاياها، والانتصار لشعوبها، وما فك الحصار عن غزة هاشم الا انتصار للأمة، فالدماء التي اريقت في البحر بالأمس لهي من اجل كسر الحصار عن اهلنا في غزة، فلو ان غزة تعيش حياة طبيعية لما ذهبت تلك الارواح ضحية ذلك الاجرام الصهيوني، فهل الدماء الزكية التي اختلطت بمياه البحر تكون مفتاحا لكسر الحصار عن غزة؟.
إن المطلوب اليوم من العرب بكل وضوح هو كسر الحصار عن غزة ، بل رفع الحصار العربي المفروض على هذا القطاع، وفتح المعابر حتى لايحتاج أهلنا في غزة الى أنفاق أو أساطيل لسفن الحرية ، تكرر معها اسرائيل جرائمها وعدوانها البربري .
** موقف مشرف:
في العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة قبل عام ونصف العام كان امير قطر اول المبادرين من اجل نجدة اهلنا في غزة، ودعا حينها إلى قمة عربية عاجلة، ومازالت كلماته يتردد صداها عبر الآفاق عندما تقاعس العرب فقال كلمته المشهورة ” حسبي الله ونعم الوكيل “..، وبالأمس كان سمو الأمير المفدى، حفظه الله، اول زعيم عربي يندد بالقرصنة الإسرائيلية ضد متضامنين حاولوا كسر حصار غير إنساني وغير عادل، ويدعو العرب إلى ساعة الحقيقة، فهل يستجيب العرب إلى هذه الدعوة؟.
نعم.. إنها ساعة الحقيقة.. هكذا لخص سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، الجريمة البشعة التي ارتكبتها ” اسرائيل ” يوم أمس بحق متضامنين أتوا من 40 دولة في العالم في رحلة ” الحرية ” من أجل غزة الصامدة تحت الحصار الصهيوني لأكثر من 3 سنوات.
ساعة الحقيقة ليست مجرد وقفة مع الجريمة بحد ذاتها، فلطالما ارتكبت ” اسرائيل ” عشرات الجرائم دون حساب او عقاب، ولطالما ضربت عرض الحائط بكل القرارات والقوانين الدولية دون ان تتعرض لمساءلة ولو بكلمة واحدة، بل وجدت من يبرر تصرفاتها الهمجية وسلوكها العدواني…
ولنا كلمة