واثقون من الإجراءات المتخذة
في الوقت الذي نتفهم فيه كثيرا المخاوف التي ابداها عدد من اولياء الامور من ارسال ابنائهم الى المدارس في الايام الاولى من العام الدراسي، الذي من المقرر ان ينطلق في 27 الشهر الجاري، بسبب الوباء العالمي الذي يعرف بـ ” انفلونزا اتش 1 ان 1 “، الا انه من الواجب علينا كأفراد مجتمع الثقة بالاجراءات التي اتخذتها الدولة ممثلة بالمجلس الاعلى للصحة ووزارة الصحة والمجلس الاعلى للتعليم ومؤسسة حمد الطبية والاجهزة المساندة الاخرى، فمن المؤكد ان الاجراءات المتخذة من قبل هذه الاجهزة المعنية كفيلة بالتصدي لكل المخاوف المشروعة التي يتحدث بها اولياء الامور.
اجزم تماما ان الحرص الذي ابداه المسؤولون في مختلف الاجهزة من اجل رعاية ابنائنا، ومن اجل صحة المجتمع بأسره هو الافضل من بين جميع دول العالم، ولا تقل ابدا الاجراءات والاحتياطات المتخذة عن اي بلد في اوروبا او غيرها من دول العالم المتقدم.
قد اكون عاطفيا ومنحازا الى تأجيل الدراسة لبضعة ايام، ولكن ليس هذا هو الحل باعتقادي، انما الحل يكمن في الاجراءات المتخذة، والتوعية بكيفية التعامل مع هذا الوباء العالمي، وهو ما تقوم به الدولة حاليا وفق استراتيجية صحية تتعامل مع “الازمة” ان صح التعبير من اجل السيطرة عليها، والتقليل من اضرارها قدر الامكان، ومن منظور ايجاد العلاج، وليس الهروب الى الامام كما يقولون.
نعم قد نوجه انتقادات في بعض الاحيان لأداء وزارة الصحة او المجلس الاعلى للتعليم او غيرها من الجهات، ولكن هذا لايعني ابدا التقليل من الادوار التي تقوم بها هذه الجهات، او نكران جهودها، فالنقد الموضوعي مرحب به من الجميع مسؤولين كانوا او موظفين، بل ان هذا النقد احد اساليب تطوير الاداء، ولكن في اوقات “الازمات” الجميع يقف صفا واحدا للخروج بأقل الخسائر.
وحقيقة يجب الا نثير الخوف والهلع بين افراد المجتمع، ويجب ان يدعو الجميع للتعامل بحكمة مع هذا المرض، الذي ليس من الخطورة ليكون التعامل معه صعبا او غير ممكن، او ندعو الى الانغلاق على انفسنا، او الدعوة لتوقف الحياة، فما لدينا من امكانات طبية وعلاجية ووقائية تستطيع التعامل مع المرض بكل كفاءة.
ونحن نفخر بأن لدينا جهازا اداريا يعرف جيدا التعامل مع الاحداث والازمات، وربما الازمة الاقتصادية العالمية خير مثال، فقد استطاعت قطر وفق سياسة حكيمة التعامل مع هذه الازمة العالمية، والتخفيف من تداعياتها، فلم تؤد الازمة المالية العالمية مثلا الى وقف اي مشروع تنموي بالدولة، بل ان قطر الدولة الوحيدة التي مضت قدما في تنفيذ المشاريع المدرجة والمعلن عنها سابقا، دون الغاء اي مشروع، او توقف اي منها، وهو امر يحسب للقيادة الحكيمة وللجهاز الاداري، على عكس ما شهدته دول العالم المختلفة، ودول بالمنطقة، التي تأثرت كثيرا بالازمة المالية العالمية.
لذلك يجب ان نثق بالخطوات التي تم اتخاذها للتصدي لمرض انفلونزا “اتش 1 ان 1″، والاحتياطات التي وضعت للوقاية منها اولا، والتعامل مع اي اصابة في حال وقوعها، سواء كان ذلك من خلال المدارس او المراكز الصحية التي خصصت للتعامل مع المصابين، والا يدعونا هذا المرض لإثارة البلبلة في المجتمع، او الدعوة لمقاطعة الدراسة خاصة في الايام الاولى، حتى وان اقدمت بعض الدول الخليجية على تأجيل بدء العام الدراسي فيها، فهذا لا يعني صواب خطواتها، فلكل دولة ظروفها.
نحن واثقون جدا من الوعي الذي تتمتع به الاسر، ويتمتع به اولياء الامور في مجتمعنا، وواثقون من حرصهم على الحاق ابنائهم بالمدارس، تماما كما حرصهم على صحة ابنائهم، ونجزم ان العام الدراسي الجديد سيمضي بكل سلاسة ويسر كما كانت عليه الاعوام الماضية.
الجهات الصحية والتعليمية حريصة تماما على ابنائنا كما هو حرصنا عليهم، واذا وجد المسؤولون ان الوضع بحاجة الى تأجيل للدراسة فانهم من المؤكد سيقدمون على ذلك، لكن يجب -واكرر ذلك- الثقة بالخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن لحماية ابنائنا من الاصابة بهذا المرض، او انتشاره بالمجتمع، فهؤلاء المسؤولون الذين يمثلون الحكومة، ومن خلال الجهاز الاداري والطبي اقدر منا على تقدير الموقف، والتعامل الايجابي مع متطلبات كل مرحلة وفق استراتيجية تراعي كل الظروف.