الشيخة علياء آل ثاني: مبادرات قطر تحصد أعلى الأصوات بالجمعية العامة
شهدت منابر الأمم المتحدة وأروقتها في العقدين الأخيرين حضوراً قطرياً مؤثراً حاز إعجاب وتقدير العالم. وقد توج هذا الحضور بالخطابات التي يلقيها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في افتتاح اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فيما برعت الدبلوماسية القطرية في قيادة المشاورات مع الدول الأعضاء لبلورة قرارات تبنتها المنظمة الدولية وكانت في غاية الأهمية.
وتكاد قطر تنفرد بحضور مميز للشباب في كوادرها الدبلوماسية حيث نجح الشباب القطري في إثبات جدارة الدبلوماسية القطرية في إدارة المشاورات بشأن الملفات الساخنة والمعقدة. مما جعل هؤلاء الشباب موضع فخر واعتزاز.
هذا الحضور الدبلوماسي القطري في المنظمة الدولية تقوده سعادة الشيخة علياء بنت أحمـد بن سيف آل ثاني منــدوب قــطــر الدائــم لدى الأمم المتحـدة التي تحدثت لـ «» في حوار شامل يسلط الضوء على دور الدبلوماسية القطرية وجهودها الأممية في كثير من الملفات الشائكة.
سعادة الشيخة علياء أكدت أهمية حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على المشاركة سنوياً في مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تجرى في سبتمبر من كل عام في نيويورك. منوهة بأن هذه المشاركة بمثابة رسالة تؤكد التزام دولة قطر بدور فاعل في الأسرة الدولية. وقالت سعادتها في حوارها مع الشرق إن سمو الأمير عندما يتحدث من منبر الأمم المتحدة يعيد التأكيد على ثوابت سياسة دولة قطر وأولوياتها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
وأعربت سعادتها عن فخرها واعتزازها بكوادر فريق وفد قطر الدائم في الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن وفد الدولة نجح في قيادة كثير من المشاورات وإظهار مهارة في الأداء الدبلوماسي الرفيع والقدرة على الإعداد الجيد للمشاركات في الاجتماعات الأممية.
ونوهت سعادة الشيخة علياء بحرص وزارة الخارجية على مشاركة أكبر عدد من الدبلوماسيين من مختلف الإدارات في اجتماعات الجمعية وابتعاث مجموعة من الدبلوماسيين الشباب للمشاركة في أعمال الأمم المتحدة بهدف صقل المهارات واكتساب الخبرات.
وأعلنت سعادتها انضمام مكاتب إقليمية جديدة لبيت الأمم المتحدة في الدوحة الذي جاء تتويجا للشراكة بين قطر والمنظمة الدولية مشيرة إلى أن بيت الأمم المتحدة منبر دولي هام يطل على العالم من الدوحة.
وتحدثت سعادتها عن الحضور القطري في معظم أنشطة الأمم المتحدة منوهة بأن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تتصدر الأسماء الدولية رفيعة المستوى في دعم التعليم.
إدراك لأهمية المنظمة
◄ سمو الأمير المفدى يحرص دائما على المشاركة الفاعلة بالاجتماعات السنوية للأمم المتحدة ومخاطبة العالم عبر منصة الأمم المتحدة.. ماذا تمثل مشاركات سمو الأمير في مثل هذه المناسبات؟
► يحرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، على المشاركة سنويا بشكل شخصي في المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تجري في شهر سبتمبر من كل عام في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وهذا ما يعد بمثابة رسالة إدراك دولة قطر لأهمية الأمم المتحدة والقانون الدولي والتعاون المتعدد الأطراف، واهتمام الدولة – على أعلى مستوى سياسي – بدورها كعضو فاعل في الأسرة الدولية وكداعم للمنظمة الدولية. ومن منصة الجمعية العامة، المنبر الأبرز على المستوى الدولي، يعيد سموه التأكيد على ثوابت سياسة دولة قطر وأولوياتها وإنجازاتها، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
دور قـطـري فـاعـل
◄ ماذا عن حضور قطر في المنظمة والثقل الذي تشكله قطر داخل المنظمة؟
► أصبح معروفا عن دولة قطر دورها الفاعل، على مستوى منطقتها والعالم، في مختلف المجالات الهامة من صنع وصون وبناء السلام وتسوية المنازعات بالسبل السلمية والحوار والوساطة، إلى تقديم المساعدة الإنسانية والتنموية، وكذلك النهوض بالعدالة وحقوق الإنسان في كل مكان. كما أن لدولة قطر دورها البارز في استضافة عدد من أهم المؤتمرات الأممية مثل مؤتمر الأمم المتحدة الخامس لأقل الدول نموا الذي عقد في شهر مارس الماضي في الدوحة، وغير ذلك من الأحداث العالمية وأبرزها مؤخرا استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا 2022. وتحت مظلة الأمم المتحدة، تقوم دولة قطر باستمرار بإطلاق وقيادة ودعم مبادرات هامة، منها خلال الفترة الأخيرة على سبيل المثال قرار الجمعية العامة في أبريل الماضي حول «كأس العالم 2022 الذي نظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم في قطر»، الذي رحبت فيه باستضافة قطر لهذه البطولة والبعد الفريد الذي تكتسبه كونها المرة الأولى التي تُنظَّم فيها في الشرق الأوسط. ومنها أيضا تقديم القرار في الدورة 75 الذي بموجبه اعتمدت الجمعية «اليوم الدولي للمرأة القاضية» في 10 مارس من كل عام، وفي الدورة 74 تقديم القرار الذي بموجبه اعتمدت الجمعية «اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات» في 9 سبتمبر من كل عام.
مكاتب إقليمية جديدة
◄ ماذا يعني وجود 12 مكتبا للأمم المتحدة في الدوحة وافتتاح بيت الأمم المتحدة في دولة قطر؟
► إن افتتاح بيت الأمم المتحدة هو تتويج للشراكة بين دولة قطر ومنظومة الأمم المتحدة بمختلف منظماتها ووكالاتها ومكاتبها، حيث برز دور دولة قطر كشريك فاعل في المجتمع الدولي نحو تحقيق السلم والأمن الدوليين وتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب والتحديات المشتركة الأخرى. وهي شراكة متنامية، لا سيما منذ عام 2018، عندما وجّه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى «حفظه الله»، بتقديم دولة قطر دعماً لمنظمات الأمم المتحدة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي يغطي فترة 10 سنوات.
وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ذلك بالقفزة النوعية للشراكة بين الأمم المتحدة ودولة قطر، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات بخصوص الدعم مع عدد من الوكالات والبرامج والمكاتب الأممية على هامش منتدى الدوحة في عام 2018، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وغيرها من الإدارات والمكاتب الهامة بالمنظمة. كما تم أيضاً في فترات زمنية مختلفة إبرام عدد من الاتفاقيات مع منظمات الأمم المتحدة بشأن فتح مكاتب لها في دولة قطر.
وبعد مرور خمس سنوات، تم افتتاح «بيت الأمم المتحدة» في دولة قطر في تاريخ 4 مارس 2023، ليكون مقرا يجمع هذا التواجد الأممي في الدوحة تحت سقف واحد. حيث يضم بيت الأمم المتحدة حالياً ١٢ منظمة ومكتبا أمميا، وفي المستقبل القريب سينضم إليها عدد من المكاتب الأخرى، وقد افتتحه معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وسعادة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش.
وبالطبع، فإن وجود عدد من المكاتب الأممية في مكان واحد مثل «بيت الأمم المتحدة»، يجعل منه منبراً حيوياً وهاماً لمواصلة التعاون والحوار وتشاطر الخبرات وتقديم المشورة، كما يشكل خطوة إيجابية أخرى، ومثالاً ناجحاً آخر على عمق الشراكة الاستراتيجية والتعاون الحيوي بين دولة قطر ومنظومة الأمم المتحدة.
ملتقـى إقلـيـمــي
◄ ما انعكاس افتتاح تلك المكاتب في الدوحة على الأداء الإقليمي للمنظمة الدولية؟
► إن منطقتنا العربية اليوم تشهد صراعات وتحديات مختلفة، وتعيق تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام 2030. وللأمم المتحدة دور في التصدي لهذه التحديات. ولا شك أن التواجد الميداني للمنظمة الدولية في المنطقة على مقربة من الجهات المستفيدة هو أمر مهم من أجل فعالية جهودها. وبالتالي، فإن بيت الأمم المتحدة في دولة قطر هو تجسيد للتواجد الميداني، وإتاحة الفرص للاستفادة من الإمكانيات الكبيرة وجهود وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية على النحو الأمثل. ويضاف إلى ذلك أن التواجد الميداني للأمم المتحدة في دولة قطر يستفيد من الخبرات المتوافرة في دولة قطر على مختلف المستويات بما فيها الحكومية أو الأكاديمية.
إن بيت الأمم المتحدة في الدوحة يمثل عنوانا وملتقى للعمل المتعدد الأطراف، ومنبراً موثوقاً للحوار والتعاون بين الأطراف المؤمنة بأهمية العمل المشترك لمواجهة التحديات.
مبادرات إستراتيجية
◄ ما الشراكات الإستراتيجية بين قطر والمنظمة الدولية؟
► الشراكات الإستراتيجية بين دولة قطر والأمم المتحدة تغطي مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتشمل -على سبيل المثال لا الحصر- اتفاق المساهمة بين دولة قطر والأمم المتحدة ممثلة بمكتب مكافحة الإرهاب، من أجل دعم المبادرات الإستراتيجية لمكافحة آفة الإرهاب، الذي بموجبه تقدم دولة قطر منذ عام 2019 مبلغ 15 مليون دولار سنويا لصالح المكتب المذكور، علاوة على التعاون السياسي والفني له، وقد نجم عن هذه الشراكة برامج ذات إنجازات ملموسة في العديد من الدول، وبهذا تعد دولة قطر أكبر وأهم شريك لهذا المكتب الهام في الأمم المتحدة. وتعد دولة قطر من أبرز الشركاء لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية، وخلال الفترة 2021-2022 قدمت دولة قطر 16 مليون دولار للمكتب، وهي عضو في مجموعة دعم المكتب وترأستها في عام 2020. وبالنسبة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن دولة قطر من أهم الشركاء له في المنطقة، وقد قدمت خلال العامين المنصرمين مساهمة للبرنامج بمبلغ 16 مليون دولار. وهناك أيضا شراكات على المستوى الإقليمي مثل دعم دولة قطر لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، التي تتم بالشراكة مع الأمم المتحدة، ونذكر في هذا الخصوص المنحة القطرية التي بلغت 360 مليون دولار خلال عام 2022 لتوفير الكهرباء في القطاع، وكذلك تقديم المساعدات النقدية والدعم المالي لرواتب موظفي القطاع العام. وخلال الشهر الجاري، وقعتُ مع وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام اتفاقا يؤسس لشراكة على مدى ثلاثة أعوام تدعم دولة قطر بموجبها خطة الإدارة متعددة السنوات. وبموجب الاتفاق ستجري دولة قطر مع إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام حوارا إستراتيجيا سنويا لاستعراض المجالات ذات الأولوية في التعاون المتبادل وآفاق تعزيزه.
مواجهة الأزمات
◄ الكوارث والحروب والوباء ضاعفت من مهام قطر الإنسانية.. ما دور وفد الدولة الدائم في تعزيز هذا الدور؟
► تزايد أهمية دور المساعدات الإنسانية والغوثية في عالمنا اليوم، خاصة في ظل التحديات الاستثنائية وتفاقم الأزمات الإنسانية والنزاعات والكوارث وجائحة فيروس كورونا وما تسفر عنه هذه الأزمات من معاناة وتزايد في عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية. وبطبيعة الحال، فإن ذلك يضع أعباء كبيرة على كاهل الأمم المتحدة وجميع الشركاء المعنيين بالجهود الرامية للتصدي للتحديات الإنسانية، وتنسيق العمل الإنساني وتقديم المساعدات.
إن دولة قطر، التي تستند سياستها إلى مبدأ التعاون والشراكة لمواجهة التحديات، لطالما كانت من الدول الفاعلة في مجال تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وذلك من خلال علاقاتها الدولية المتميزة على المستوى الإقليمي والدولي، وما تضطلع به من دور في التسوية السلمية للأزمات والنزاعات، وكذلك أيضاً من خلال الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الوفد الدائم. كما تواصل دولة قطر دورها كشريك دولي يعول عليه في جهود الاستجابة الإنسانية من خلال مواصلة المبادرات والمساعدات التنموية والإنسانية التي دأبت على تقديمها للدول التي تواجه أزمات اقتصادية وإنسانية وكوارث طبيعية. وفي إطار الأهمية التي يكتسيها تمويل أنشطة المساعدة الإنسانية، تواصل دولة قطر تقديم الدعم لوكالات الأمم المتحدة، وتتعاون معها في جهودها الإنسانية، وتُعد في طليعة الدولة المانحة في مجال الاستجابة الإنسانية وعلى سبيل المثال لا الحصر، دولة قطر من أوائل الدول الداعمة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة، وهذا الصندوق يعتبر أكثر صناديق الأمم فعالية لضمان وصول المساعدة الإنسانية بشكل عاجل للأشخاص بمن فيهم النساء والأطفال في الأزمات.
تنسيق المفاوضات
◄ هناك قضايا تتطلب تنسيقا عربيا وآسيويا قبل طرحها عبر الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.. كيف هي الأجواء التي تسبق المناقشات داخل المنظمة؟
► لكل مجموعة جغرافية أو تكتل دولي اهتمامات ومصالح مشتركة، ومن الطبيعي أن وفود الدول الأعضاء في هذه المجموعات والتكتلات تقوم بالتفاوض فيما بينها كمرحلة أولى حول المواضيع التي تمس هذه المصالح المشتركة. على سبيل المثال، عند الحاجة لتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية، فإن المجموعة العربية هي التي تقوم بهذا التحرك. وفي مشاريع قرارات الجمعية العامة ذات الصلة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك المسائل المتصلة بميزانية الأمم المتحدة، تتفاوض الدول النامية في إطار تكتل هو «مجموعة الـ77 والصين»، حيث تعقد وفود الدول الأعضاء في هذه المجموعة اجتماعات على مستوى الخبراء للتشاور حول نص القرار موضع البحث قبل وأثناء المفاوضات العامة عليه بين سائر الدول الأعضاء. وأمام مجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي فهي تتفاوض حاليا ككتلة واحدة حول مشروع قرار الجمعية العامة لاستعراض الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب. وأما المجموعات الإقليمية، بما فيها مجموعة آسيا والباسيفيك، فإن تنسيقها يكون حول تقديم مرشحين لمختلف العضويات في هيئات الأمم المتحدة، حيث يقدم مرشح باسم المجموعة ويتم التوافق عليه ضمن المجموعة قبل تقديمه. وجدير بالذكر أن وفد دولة قطر حاضر ومؤثر بقوة باستمرار في هذه المشاورات ضمن المجموعات التي ينضوي تحتها.
منتدى رفيع المستوى
◄ انتخبت دولة قطر عدة مرات لقيادة مناقشات مهمة داخل الأمم المتحدة.. ماذا تعني قيادة دولة قطر لتلك المسؤوليات؟
► من أبرز الأحداث المنتظر عقدها بالأمم المتحدة هذا العام المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، الذي سينعقد تحت رعاية الجمعية العامة في شهر سبتمبر الجاري، والذي يُعرف أيضاً بقمة أهداف التنمية المستدامة. وتتسم أعمال هذه القمة بأهمية كبيرة، حيث تنعقد مرة واحدة فقط كل أربع سنوات على مستوى رؤساء الدول والحكومات، وتتميز هذا العام بأنها ستنعقد في فترة محورية وهي فترة منتصف المسار المؤدي لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد تم منح شرف قيادة عملية المفاوضات على الإعلان السياسي الذي ستعتمده القمة لدولة قطر مع إيرلندا، حيث من المعتاد أن تتم رئاسة مثل هذه المفاوضات بالشراكة بين دولة من دول الشمال ودولة من دول الجنوب. وخلال الدورة الماضية للجمعية العامة حظيت دولة قطر بثقة الدول الأعضاء في قيادة إحدى أهم لجان الجمعية العامة وهي اللجنة السادسة المعنية بالشؤون القانونية. وفي هذا العام تشغل دولة قطر منصب نائب رئيس اللجنة الثانية المعنية بالشؤون الاقتصادية والمالية، وكذلك اللجنة الثالثة المعنية بالشؤون الاجتماعية والثقافية وحقوق الإنسان. وفي الدورة القادمة للجمعية العامة سوف تتولى دولة قطر منصب نائب رئيس اللجنة الخامسة المعنية بالمسائل الإدارية وشؤون الميزانية للأمم المتحدة.
إن اضطلاع دولة قطر بدور قيادي ولمرات عديدة لمناقشات مهمة داخل الأمم المتحدة، يُظهر على نحو جلي الثقة الموضوعة في دولة قطر وقيادتها المقتدرة في تيسير المناقشات واضطلاعها بالمهام المعهودة إليها على النحو المنشود، كما يجسد كذلك الاحترام الذي تُبديه الدول لها.
تعزيز مكانة الدولة
◄ ما أبرز الإنجازات التي تحققت منذ تولي الشيخة علياء مندوبية قطر في المنظمة؟ وما الذي تطمحين إلى تحقيقه؟
► منذ أن نلت شرف تمثيل بلدي أمام المنظمة الدولية، وأنا أضع نصب عيني الهدف الأسمى المتمثل بتعزيز مكانة الدولة في المجتمع الدولي والنهوض بمصالحها على الساحة الدولية. وأقوم بمهمتي هذه من خلال تجسيد الرؤية الحكيمة للسياسة الخارجية التي رسمها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله، والتنفيذ الفاعل لتوجيهات معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية.
وفي هذا الإطار، نواصل بفضل الله تحقيق إنجازات هامة بشكل دائم وأصبحت دولة قطر حاضرة في مقدمة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في مختلف المجالات، مثل ما ذكرته آنفا من كون دولة قطر أهم شريك للأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والتعاون الإنمائي والإنساني، ودعم جهود الوساطة وتسوية المنازعات، ودعم الأطفال والشباب والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة، ومجالات دولية، وحصولنا على أدوار تفاوضية هامة ومحورية مثل صياغة الإعلان السياسي لقمة أهداف التنمية المستدامة وحول الإعلان السياسي الصادر عن الاجتماع الرفيع المستوى للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، والمفاوضات الحكومية الدولية حول إصلاح مجلس الأمن، ونجاح جميع ترشيحات دولة قطر لعضويات الهيئات الأممية، ومن أبرزها انتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، علاوة على ترؤس العديد من اللجان الهامة مثل لجنة التنمية الاجتماعية ولجنة السكان والتنمية واللجنة السادسة للجمعية العامة.
قيــادة المشــاورات
وعلى صعيد العلاقة مع الأمم المتحدة، فقد تم توقيع اتفاقات شراكة متعددة السنوات مع عدد كبير من وكالات ومكاتب وإدارات الأمم المتحدة وهذا العام افتُتح بيت الأمم المتحدة في الدوحة، وافتُتح قبله المركز الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب. وخلال الأعوام الأخيرة، استضافت دولة قطر العديد من المؤتمرات الكبرى التي عقدتها الأمم المتحدة، وآخرها مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للدول الأقل نموا، الذي كان أهم مؤتمر منذ جائحة كورونا. وقد نجحت دولة قطر في قيادة تقديم عدد من القرارات الهامة في الجمعية العامة مثل قرار إنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق في أخطر الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا وقرار اعتماد اليوم الدولي للمرأة القاضية واليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات وغيرها. وكان حضور دولة قطر أيضا من خلال مناسبات بارزة باقية في ذاكرة المجتمع الدبلوماسي في نيويورك مثل رعاية يوم الأمم المتحدة في عام 2019 بمشاركة أوركسترا قطر الفلهارمونية، ومؤخرا الحدث الخاص أثناء الأسبوع الرفيع المستوى للدورة الـ77 للجمعية العامة لتسليط الضوء على استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم فيفا قطر 2022.
كوادر قطــرية أفتخر بها
◄نجح الوفد الدائم في الدفع بكوادر قطرية لتمثيل الدولة في الاجتماعات وفي إلقاء البيانات.. كيف تنظرين إلى آفاق حضور الدبلوماسي القطري في المنظمة الدولية والهيئات التابعة لها؟
لا شك أن وجه الدبلوماسية القطرية في المحافل الدولية هو الدبلوماسي الذي يشغل مقعد دولة قطر في تلك المحافل، إذ ينبغي أن يرقى إلى قدر هذه المسؤولية. وهي مسؤولية تقع على عاتق كل من يمثل الدولة بدءاً بالمندوب الدائم ووصولا إلى كل فرد من الإخوة والأخوات أعضاء الوفد الدائم. ونحن جميعا نحرص على الأداء الدبلوماسي الرفيع وعلى الإلمام والتحضير الجيد للمواضيع التي نعمل عليها، من جهة لنضمن مصالح دولة قطر في المسائل الدولية، ومن جهة أخرى لنحافظ على صورتها المشرقة أمام المجتمع الدولي، وقد نجح الكادر الدبلوماسي من الأخوات والإخوة الدبلوماسيين لدى الوفد الدائم في إدارة المفاوضات على العديد من القرارات التي قدمت في إطار عمل اللجان الرئيسية والتخصصية. وأفتخر بالكادر الدبلوماسي الحالي وهم الأخ جاسم المعاودة، والأخت شريفة النصف، والأخ عبدالله الودعاني، والأخ علي المنصوري، والشيخة المها آل ثاني، والشيخ عبدالرحمن آل ثاني، والأخ طلال النعمة والأخ محمد النصر، والشيخ جاسم آل ثاني، وبالأدوار التي يقومون بها باقتدار وجدارة.
وفيما يتعلق ببناء القدرات للكوادر القطرية، وحيث إن الأمم المتحدة هي المنتدى الدولي الأبرز، فإن وزارة الخارجية تحرص على أن يشارك في اجتماعاتها أكبر عدد من الدبلوماسيين من مختلف الإدارات والمكاتب بالوزارة، وذلك من خلال ابتعاث مجموعة من الدبلوماسيين الشباب لمشاركة الوفد الدائم في تغطية أعمال الجزء الرئيسي من الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة ولجانها الرئيسية الست. وهذه المشاركة تكسبهم خبرة عملية يصعب تحصيلها بغير الحضور الشخصي في هذه الاجتماعات واختبار العمل الدبلوماسي لمتعدد الأطراف على أرض الواقع.
وبالإضافة إلى ما سبق، تولي دولة قطر أولوية لتعزيز مشاركة الشباب القطري بالمنظمة الدولية، وتجلى ذلك مؤخراً في إلحاق دولة قطر لعدد من الموظفين القطريين المتميزين، الذين يتمتعون بالكفاءة ولديهم القدرة على التكيف والرغبة والحماس لتحقيق إمكاناتهم الكاملة، للعمل بالمنظمة في إطار برنامج الموظفين الفنيين المبتدئين من خلال اتفاقات تم إبرامها مع كل من إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف.
دعم متواصل للوكالات الأممية
◄ ما حجم الدعم المقدم من قطر للأمم المتحدة؟
► تم التعهد بتقديم الدعم المتعدد السنوات غير المُخصَّص للموارد الأساسية لتمويل هيئات ووكالات الأمم المتحدة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي. وتجدر الإشارة إلى أن دولة قطر أيضاً تقدم دعماً مخصصاً لبعض المشاريع التي تنفذها منظمات الأمم المتحدة المختلفة في عدد من المناطق. فعلى سبيل المثال قدمت دولة قطر تبرعات مخصصة من خلال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) لصناديق الأمم المتحدة المُجمَّعة المشتركة في كل نيجيريا، وسوريا، ولبنان، والأردن، وكذلك قدمت الدعم المخصص للأونروا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية.
ولا ننسى الدور الهام الذي تقوم به المنظمات والهيئات القطرية مثل مؤسسة قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري ومؤسسة التعليم فوق الجميع والهلال الأحمر القطري والخيّرين من دولة قطر في تقديم التبرعات للأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها المختلفة.
أجندة حافلة
◄ استضافة قطر لمؤتمرات كبرى للأمم المتحدة في الدوحة متعددة ومكثفة وتسبقها إجراءات وتتلوها متابعات.. ما أبرز ما في الأجندة القطرية في هذا المجال؟
أصبحت مدينة الدوحة مقرا للعديد من مؤتمرات الأمم المتحدة في مختلف المجالات، فقد استضافت دولة قطر العديد من مؤتمرات الأمم المتحدة الهامة والتي حققت الأهداف المنشودة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «مؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية المعني باستعراض تنفيذ توافق آراء مونتيري في عام 2008»، والمنتدى الرابع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة في عام 2011، والمؤتمر الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 2012، ومؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية في عام 2015، إضافة إلى مؤتمرات دولية كبرى مثل قمة الجنوب الثانية عام 2005.
وتُسعدنا الأصداء الإيجابية الواسعة النطاق إزاء النجاح الذي تميزت به استضافة دولة قطر مؤخراً لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً، الذي انعقد في الدوحة في شهر مارس الماضي، خاصة في إطار ما يشكله هذا المؤتمر من حدث تاريخي هام ينعقد مرة واحدة فقط كل عشر سنوات، لدعم أكثر من مليار شخص من الذي يعيشون في أقل البلدان نمواً من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لهذه الدول وبناء قدرتها على الصمود في وجه الأزمات المستقبلية. وستكون ترجمة التدابير والالتزامات الطموحة التي ينطوي عليها برنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نمواً للعَقد 2022-2031، إلى إجراءات عملية، مسألة بالغة الأهمية لإحداث التحول المنشود في حياة شعوب أقل البلدان نمواً.
مواقفنا ثابتة
◄ تحولات المواقف الدولية تجاه القضايا تكون أحيانا صادمة، لكن دولة قطر معروفة بثبات مواقفها.. كيف تتحركون في ظل تباين المواقف؟
لا شك أن السياسة تتأثر بالمتغيرات والمصالح المتطورة، ولكن عندما تستند السياسة إلى مبادئ راسخة فإنها تكون ذات تأثير بليغ وتجلب الاحترام الواسع، لذا دولة قطر معروفة باتساق مواقفها أمام المحافل الدولية، ولدينا مواقف قانونية ثابتة لا نحيد عنها تعكسها مواقفنا المعروفة في القضايا العربية والإسلامية والدولية.
تعزيز التوافق
◄ انشقاق الصف العربي يصيب الشعوب بالصدمة.. كيف تواجهون التباين العربي في المواقف الدولية بدبلوماسية؟
دولة قطر كدولة ذات سيادة لها قرارها السيادي المستقل ومواقفها المبدئية والقانونية الثابتة. وفي الوقت نفسه، فإن دولة قطر تلتزم بالسعي نحو تعزيز التوافق في محيطها الإقليمي ودون الإقليمي، وبالطبع فإن تحقيق التوافق يعتمد بالدرجة الأولى على الحوار، ولهذا فقد جعلت دولة قطر من دعم الحوار أحد أسس سياستها الخارجية.
دعم أكثر من 100 دولة للمونديال
◄ قطر والمونديال والأمم المتحدة.. ماذا عن الدعم الذي وجدته قطر داخل أروقة الأمم المتحدة؟
لتسليط الضوء على استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم ودورها في تعزيز الرياضة كوسيلة للترويج للسلام والتعايش والتنمية، قدمنا في شهر أبريل 2022 إلى الجمعية العامة مشروع قرار تحت عنوان «كأس العالم 2022 الذي ينظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم في قطر تحت بند «الرياضة من أجل التنمية والسلام» إذ إن هذا من المسائل التي تهتم بها الجمعية العامة وتناقشها كبند على جدول أعمالها. وقد لاقى القرار دعما واسعا، حيث شاركت في تقديمه أكثر من مائة دولة واعتُمد بإجماع أعضاء الأمم المتحدة. وهذا ما أثبت الفشل الذريع لكل المحاولات للنيل من استضافة دولة قطر للبطولة وأظهر ثقة المجتمع الدولي بقدرة دولة قطر على الاستضافة الناجحة، إذ رحب القرار باستضافة قطر للبطولة، كما رحب بالبعد الفريد الذي يكتسبه كأس العالم 2022 في قطر إذ إنها المرة الأولى التي يُنظَّم فيها في الشرق الأوسط. وكذلك قمنا بتضمين مشروع القرار إشارة إلى تأييد إطلاق «كأس العالم للصحة 2022- نحو إرث للرياضة والصحة» وهي المناسبة التعاونية المتعددة السنوات بين دولة قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم ومنظمة الصحة العالمية.
مجموعات وتكتلات تدعم
◄ ما الدول الأكثر دعما لمواقف دولة قطر داخل أروقة الأمم المتحدة؟
تحافظ دولة قطر على علاقات وثيقة ليس فقط مع الدول التي تنضوي معها تحت مظلة مجموعات إقليمية وتكتلات دولية ذات تفكير متشابه، بل ومع سائر الدول من مختلف أنحاء العالم. وتنعكس هذه العلاقات الطيبة فيما تلاقيه المبادرات التي تقدمها دولة قطر من دعم واسع، كما يتجلى الدعم الواسع لدولة قطر في أروقة الأمم المتحدة في ظفرها المستمر بالترشيحات التي تقدمها لعضويات هيئات الأمم المتحدة بأعداد كبيرة جدا من الأصوات غالبا ما تكون من أعلى الأرقام التي تحققها أي دولة مرشحة متنافسة معها.
من أجل منظمة فعالة
◄ مرور 75 عاما على إنشاء المنظمة الدولية كان احتفالية ساهمت فيها دولة قطر.. كيف تنظرون إلى دور المنظمة؟
تأسست الأمم المتحدة في حقبة مختلفة كثيرا عن الحقبة الحالية، إلا أن المقاصد والغايات التي أُنشئت من أجلها والمبادئ التي تأسست عليها لا تزال تنطبق إلى يومنا هذا بشكل كامل. واليوم، ومن أجل أن تكون الأمم المتحدة منظمة فعّالة في تحقيق تلك المقاصد والغايات، لا بد من تعزيز دورها وتأثيرها وتجنب ضعف الثقة بالتعددية وبالقانون الدولي. ولا بد للمنظمة الدولية من الإصلاح المستمر سواء الإصلاح السياسي والهيكلي والإداري والمالي، ولا بد لها من مواكبة التغيرات كاستخدام التكنولوجيا الحديثة والابتكار.
تفعيل دور مجلس الأمن
◄ ماذا عن جهود قطر ومبادراتها لإصلاح الأمم المتحدة وتفعيل دور مجلس الأمن في خدمة القضايا العربية؟
تقوم دولة قطر بما في وسعها لتعزيز دور الأمم المتحدة وتدعم جهود ومبادرات الإصلاح والتحديث فيها، ومن الناحية العملية قدمت الدعم لمشروع رقمنة وثائق الأمم المتحدة، للحفاظ على إرث المنظمة الدولية منذ تأسيسها وإتاحته بصيغة إلكترونية للجميع في أنحاء العالم عبر الإنترنت. وكما ذكرت آنفاً فقد ترأستُ عملية إصلاح مجلس الأمن خلال السنتين الماضيتين وهي العملية التي تحت لوائها تناقش الدول الأعضاء مسألة التمثيل العادل في مجلس الأمن، وزيادة عدد أعضائه والمسائل الأخرى ذات الصلة، بما فيها التمثيل العادل لكافة المجموعات الجغرافية بما فيها المجموعة العربية.
اسم بارز في دعم التعليم
◄ مبادرة قطر لتعليم 10 ملايين طفل حول العالم والتمكن من تحقيق هذا الرقم.. ماذا يمثل لكم؟ وكيف نظر العالم لهذا الإنجاز الذي يسجل لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر؟
يشكل التعليم أولوية لدولة قطر ليس فقط على الصعيد الوطني بل وكجزء من جهودها ومساهماتها على المستوى الدولي، وأصبحت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعضو مجموعة المدافعين عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، في طليعة الأسماء البارزة على المستوى الدولي في مجال دعم التعليم، وذلك من خلال المبادرات الهامة التي تقودها. ونتيجة لهذه الجهود فقد تم ضمان حصول أعداد كبيرة من الطلاب على فرص الالتحاق بالتعليم عن طريق مبادرة مؤسسة التعليم فوق الجميع، وهي مبادرة عالمية تشتمل على برامج دولية منها برنامج «علم طفلاً» الذي يعمل مع شركاء عالميين منهم اليونيسيف واليونيسكو ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وأعلن في عام 2018 عن توفير التعليم لـ10 ملايين طفل من الأطفال المحرومين من التعليم. وقد دعمت دول قطر إعلان شارلفوا بشأن توفير التعليم الجيد للفتيات وتعهدت بتوفير التعليم لمليون فتاة بحلول عام 2021. وفي هذا الإطار أيضا أتى تقديم دولة قطر لمشروع قرار الجمعية العامة الذي أقر يوم 9 سبتمبر يوما دوليا لحماية التعليم من الهجمات. وما زالت المبادرات الهامة تتوالى بشكل مستمر مما يجعل من دولة قطر أحد أهم الشركاء الدوليين في مجال التعليم وحمايته.
مصلحة الشعب السوري
◄ ماذا عن تعرض الشعب السوري لتخاذل كبير من قبل مجلس الأمن ورغم البيانات العديدة إلا أن القضية تراوح مكانها؟
منذ بداية الأزمة السورية كان موقف دولة قطر – ولا يزال – نابعا من الحرص على مصلحة الشعب السوري الشقيق وتجنيبه الآثار الإنسانية للأزمة، وعلى الاستقرار والأمن في المنطقة، وعلى مستوى الأمم المتحدة كانت دولة قطر منذ عام 2011 من مجموعة الدول الأساسية المقدِّمة لمشروع قرار الجمعية العامة حول «حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية»، كما قادت الجهود التي أدت إلى إنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق في أشد الجرائم خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ مارس 2011. ودعت باستمرار إلى التسوية السياسية على أساس بيان جنيف-1 وقرار مجلس الأمن 2254 والحفاظ على وحدة سوريا الوطنية ووحدة أراضيها وسيادتها واستقلالها، واستعادة الاستقرار والأمن والسلام المستدام فيها وفي محيطها العربي والإقليمي. وقد واصلت دولة قطر تسليط الضوء على المسائل الإنسانية الهامة بما فيها ضرورة استمرار تدفق المساعدة الإنسانية إلى جميع المحتاجين إليها وإبقاء المعابر الحدودية مفتوحة أمام المساعدة التي تشرف على مرورها الأمم المتحدة وكذلك قضية المختفين قسريا التي ما زالت تسبب قدرا هائلا من المعاناة الإنسانية.
مسار الدوحة راسخ
◄ استضافت الدوحة مؤتمرا أمميا حول أفغانستان بحضور الأمين العام للأمم المتحدة.. ما مخرجات هذا المؤتمر وما انعكاساته على القضية الأفغانية؟
الاجتماع الذي عقد في الدوحة وجمع المبعوثين الخاصين للدول المهتمة وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة حول الشأن الأفغاني هو استمرار لما تقوم به دولة قطر حاليا من جهود لتيسير الحوار والتنسيق الدولي بشأن الحالة في أفغانستان، بناءً على الدور المحوري الذي قامت به خلال السنوات الماضية لإحلال السلام في أفغانستان. كما أن انعقاد هذا الاجتماع في الدوحة يؤكد ويعزز مسار الدوحة كأساس راسخ لانخراط واستجابة المجتمع الدولي للوضع في أفغانستان، وذلك وفقا لاتفاق إحلال السلام في أفغانستان بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان.
زيارات مثمرة
◄ ماذا عن دوركم في بناء جسور بين أفغانستان والأمم المتحدة وكسر عزلة الشعب الأفغاني؟
أكدت دولة قطر منذ أغسطس 2021 أن الشعب الأفغاني بحاجة لمواصلة تقديم المجتمع الدولي للدعم الإنساني والاقتصادي وفصل ذلك عن المواقف السياسية، حيث إنه ليس في مصلحة أحد انزلاق أفغانستان نحو الفوضى. وقد واصلت دولة قطر تيسير تواصل مسؤولي الأمم المتحدة مع سلطات الأمر الواقع في كابول بما في ذلك تيسير زيارات من قبل نائبة الأمين العام ووكيلة الأمين العام للشؤون السياسية ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ووكيل الأمين العام لشؤون الأمن والسلامة. وقد وُصفت جميع هذه الزيارات بالمثمرة في تيسير جهود الأمم المتحدة لمساعدة الشعب الأفغاني. وتواصل دولة قطر القيام بدورها في تيسير الحوار، الذي تجسد مؤخرا في اجتماع المبعوثين الخاصين. وسوف نواصل حث المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته للاستجابة للمتطلبات الإنسانية والإنمائية المستحقة للشعب الأفغاني.
لا مساومة على فلسطين
◄ القضية الفلسطينية تتصدر أولويات دولة قطر في المحافل الدولية.. كيف لكم الدفاع عن هذه القضية في ظل العجز الدولي حيال قضايا الشعب الفلسطيني؟
القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى لدولة قطر، وذلك وفقا لثوابتها ومرجعياتها الوطنية والعربية والإسلامية الراسخة التي لا تنازل ولا مساومة أو تخاذل إزاءها، لذلك ظل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، يولي أهمية خاصة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، فهي القضية التي تتصدر القضايا الدولية التي يتطرق لها خطاب سموه في المناقشات العامة في الدورات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كما أن حضرة صاحب السمو يتصدر القادة العالميين الذين يُشاد بهم في إطار الدفاع عن القضية الفلسطينية بقوة ومنطق وحجة قل نظيرها، وفي هذا السياق ظلت دولة قطر وبشكل مستمر ومتسق تدين بشدة الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية ومحاولات تهويد القدس وضم الأراضي الفلسطينية وهدم الممتلكات الفلسطينية وسائر الممارسات غير القانونية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى الدعوة إلى تقديم الحماية للشعب الفلسطيني. وتؤكد دولة قطر باستمرار على ضرورة الحل العادل والشامل والدائم على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وتحقيق حل الدولتين بإنهاء كل أشكال الاحتلال والاستيطان في الأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما تُعد دولة قطر في طليعة الدول التي تقدم الدعم الإنساني لصالح الشعب الفلسطيني، لا سيما في سياق تحسين الأوضاع المزرية في قطاع غزة المحاصر، وقد تجاوز الدعم التنموي والإغاثي ملياري دولار أمريكي.
وعلى صعيد الأمم المتحدة، انتهج الوفد الدائم نهجا مهنيا في قيادة وتنسيق المواقف بين الدول الأعضاء بغية دعم القضية الفلسطينية، إضافة الى توظيف مبادئ وبنود وآليات القانون الدولي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في أروقة ومنصات الأمم المتحدة الرئيسية، لذلك تعتبر دولة قطر من الدول الأساسية التي تقدم مشاريع قرارات للجمعية العامة ومجلس الأمن حول القضية الفلسطينية. وظلت دولة قطر تطالب مجلس الأمن بشكل مستمر بتحمل مسؤوليته والتزاماته القانونية بموجب الميثاق، والتحلي بالإرادة السياسية الصادقة باتخاذ التدابير القانونية اللازمة لتطبيق قراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية لإنصاف الشعب الفلسطيني باسترداد حقوقه المسلوبة كشعب يعيش تحت نير الاحتلال والاستيطان في القرن الحادي والعشرين.