حوارات

الملكـة رانيا العبد الله: إنجازات قطر دليل على رؤية مستقبلية لسمو الأمير

عندما كنت ذاهبا في طريقي الى اجراء حوار مع جلالة الملكة رانيا العبد الله اعتقدت ان الاجراءات البروتوكولية ستكون هي سيدة الموقف مع سيدة الاردن الاولى.

في المسافة الفاصلة بين فندق حياة عمان الذي كنت اقيم فيه وبين مكتب جلالتها في عمان وهو المكان الذي اجريت فيه المقابلة كنت افكر في اي كلمة ابدأ بها لقائي، إلا أن ما حدث غيّر كل «الأجندة» كما يقولون ومفردات الكلمات التي كنت احملها تبعثرت جلها، فالترحاب الذي قوبلت به من قبل جلالتها، والتواضع الجم الذي تتميز به، والود والبشاشة اللذان تلقاك بهما من اللحظة الاولى وحتى اللحظة الاخيرة وانت تغادر مكتبها، تنسيك كل الملفات التي تحملها وانت ذاهب الى سيدة الاردن الاولى.

من نبرات حديثها تشعر بمدى جديتها في القضايا التي تحملها، وتشكل هاجسا لجلالتها، ليس فقط على المستوى المحلي الاردني، بل تحمل الهم العربي، وتحمل هم هذا الجيل والاجيال القادمة، بصورة تجعل من يقف امامها يقدر هذا الدور عاليا، ويثمن هذه الجهود كثيرا.

التعليم بتقاطعاته المختلفة يمثل الهاجس الاكبر للملكة رانيا، التي ترى ان هذا القطاع ليس مسؤولية الدولة بحد ذاتها فقط، انما جميع الاطراف تتحمل المسؤولية، فالتعليم بحسب رؤية جلالتها مسؤولية جماعية واجتماعية، وهي محقة في ذلك، وصائبة عين الصواب.

تأسرك بأفكارها ورؤاها المستقبلية، حديثها حول مختلف القضايا فيه الكثير من الدلالات العميقة، ليس حديثا عابرا او «تنظيرا» يفتقر الى الركائز، بل ترجمت اقوالها الى افعال، كما هو الحال بالنسبة للتعليم الذي توليه جل اهتمامها، فأنشأت بالاردن مؤسسات تعليمية بمعايير ومواصفات ترتكز على الابداع في التعليم، فكانت «مدرستي»، التي تحاول توحيد الجهود للارتقاء بالبنية التحتية والبيئة التعليمية بأكملها.

حواري مع جلالة الملكة رانيا العبدالله خرج عما هو مألوف في اللقاءات الصحفية التي تقتصر عادة على قضايا محددة في مثل هذه اللقاءات، فقد تناول مختلف القضايا، سياسية.. تعليمية.. اجتماعية.. انسانية..، مرورا بالشأن الداخلي الاردني، وانتهاء بالعلاقة التي تربطها بأبنائها كأم وابرز القيم التي تحاو ل غرسها فيهم، والحدود الفاصلة في العلاقة بين جلالة الملك عبد الله الثاني كزوج ودور جلالتها في الحياة العامة.

وفيما يلي الحوار الصحفي الشامل الذي خصت به جلالتها الشرق:

***

  • بداية جلالة الملكة كانت آخر زيارة لجلالتكم إلى الدوحة منذ عام تقريبا.. هل ننتظر زيارة مرتقبة خلال الفترة المقبلة؟

-بداية اؤكد ان العلاقة مع دولة قطر الشقيقة علاقة راسخة وأخوية، ونتطلع دوماً إلى تبادل الزيارات والتعاون في مختلف المجالات التي تعود بالفائدة على أبناء الشعبين القطري والأردني.

  • تلتقي الجهود التي تقوم بها جلالتكم في السعي نحو إقرار حق التعليم للجميع مع الجهود والمساعي الكبيرة التي تقوم بها سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند في معظم المحافل الدولية.. فهل تعتقدين جلالتكم أن هذه الجهود تؤتي ثمارها بالصورة المتوقعة، وبما يتواكب مع حجم الطموحات والتطلعات والآمال؟

– الشيخة موزة نموذج يحتذى به للمرأة المسلمة الواعية القادرة، وما تقوم به من جهود على المستوى المحلي والعربي والدولي مدعاة للفخر ويجد تجاوبا واسعا، ونجد أن العالم أصبح يأخذ بعين الاعتبار ما نطمح له في الدول العربية لتحسين نوعية التعليم لأبنائنا، ونلمس كل التجاوب والتعاون في الكثير من البرامج والمبادرات التي تطلق هنا وهناك.

 

مبادرات الشيخة موزة

  • كيف تصفين جلالتكم ما تقوم به سمو الشيخة موزة من مبادرات في مجالات التعليم وتوفير البيئة لجيل الشباب من أجل إعدادهم نحو المستقبل البناء وتمكينهم بما يساهم في إدماجهم في تنمية المجتمع؟

– ما تقوم به الشيخة موزة يعكس التزاما كبيرا بالفرد والمجتمع وبتوفير الأدوات التي تساعد على تمكينه، وما نراه من إنجازات في قطر دليل على رؤية مستقبلية واعدة لسمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة وسمو الشيخة موزة التي تواكب المستجدات وتعمل على جعلها متاحة لأبناء وبنات دولة قطر الشقيقة.

  • أطلقت سمو الشيخة موزة مبادرة «صلتك» لتشغيل الشباب في العالم العربي.. كيف تنظرين جلالتكم إلى هذه المبادرة؟

– الشباب في العالم العربي بحاجة إلى مثل هذه المبادرات الخلاقة للتعامل مع التحديات التي تواجههم، والشيخة موزة عندما أطلقت «صلتك» فتحت بها آفاقا رحبة للشباب من أجل إسماع صوتهم للعالم وبناء شراكات مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني العربية والعالمية.

وأستطيع القول إن «صلتك» أعطت مساحة أكبر للشباب لإثبات أنفسهم والمساهمة إيجابيا في تنمية مجتمعاتهم.

 

التعليم بالدول العربية

  • جلالة الملكة اذا انتقلنا الى التعليم الذي يمثل الركيزة الاساسية في بناء المجتمعات كيف تنظرين جلالتكم إلى حال التعليم في البلدان العربية، ومدى استجابته للتحديات المستقبـــــــــليــــة واحتياجات سوق العمل؟

– تتفاوت الدول العربية في نسب التحصيل العلمي ونوعيته، فبعضها تصل نسب الالتحاق فيها بالمدرسة إلى أكثر من 90%، وبعض منها تصل فيها النسبة إلى أقل من 50%، وبالتالي بعضها استطاع تحقيق نسب عالية في أعداد الخريجين الجامعيين وبعضها ما زال يعمل لضمان التعليم الأساسي، وفي الحالتين، هذه الأرقام ترسم صورتين عن وضع التعليم في الوطن العربي، كلتاهما تتطلب منا بذل المزيد لتحقيق الهدف الذي نطمح له جميعاً، وهو توفير التعليم للجميع.

أما بالنسبة لسوق العمل، أنا أؤمن بأن التعليم هو الوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ولكن للأسف هناك فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، هذه الفجوة تتطلب إحداث نقلة نوعية في النظم التعليمية لتحقيق النمو الاقتصادي المرجو من ناحية.

ومن الناحية الأخرى، تتطلب وجود شراكة حقيقية مع مؤسسات القطاع الخاص، نتمكن من خلالها من تحديد احتياجاته، وبالتالي إيجاد نوع من التوازن بين الكفاءات التي نخرجها وتلك التي يحتاجها سوق العمل.

أيضاً نحتاج هذا التعاون لزيادة نشاط وتفعيل دور القطاع الخاص في توفير فرص عمل، فمن غير المعقول أن نتوقع من القطاع العام والحكومات أن تكون قادرة على توفير العدد الهائل من فرص العمل المطلوبة لمواجهة تحدي البطالة.

 

طوق النجاة

  • هل التعليم في العالم العربي متهم بالتخلف والنكسات التي نعيشها اليوم؟

– التعليم في العالم العربي والعالم بأكمله هو أفضل استثمار نقوم به.. هو الطريق لمواجهة التحديات.. هو طوق نجاة.. والخط الفاصل بين الموت والحياة، اليأس والأمل، الإحباط والطموح.

ولكن للأسف بعض أنظمتنا التعليمية لا تواكب متطلبات العصر، ونوعية التعليم لا تتناسب مع ما نطمح إليه، فما زلنا نجد أن معظم الأساليب التعليمية المتبعة في مؤسساتنا التعليمية تعتمد على الحفظ والتلقين، أكثر من التفكير الناقد والإبداعي.

ولذلك نرى العديد من الشباب عند تخرجهم غير قادرين على مواجهة أبسط تحديات العمل في بداية حياتهم المهنية، أو حتى في حياتهم الشخصية.

 

التعليم والقطاع الرسمي

  • قطاع التعليم منوط بجهات رسمية تعمل على متابعته وتطويره، وفي ظل المتغيرات العالمية كيف تقيّم الملكة رانيا العبدالله ما تقوم به هذه الجهات؟

-مع كل ما تحدثنا عنه فيما يخص التعليم، نجد أن هذه الجهات نجحت في بعض الجوانب وأخفقت في أخرى، ولكن التعليم ليس مسؤوليتها وحدها، التعليم مسؤولية جماعية واجتماعية، لأننا إذا أردنا توفير التعليم النوعي لأطفالنا وشبابنا علينا أن نتشارك جميعاً في ذلك، على القطاع العام إشراك القطاع الخاص والمجتمعات المحلية في العملية التربوية. وانطلاقاً من هذا المبدأ، أطلقنا في الأردن مبادرة «مدرستي»، التي وحدت جهود وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص والمدارس والمجتمعات المحلية لتطوير البيئة التعليمية في خمسمائة مدرسة حكومية في الأردن..

وتقوم فكرة المبادرة على تبني مؤسسة من القطاع الخاص مدرسة، وتتعاون مع «مدرستي» لتحسين البنية التحتية، وتنفيذ برامج توعوية وإرشادية لطلابها.

 

أوضاع المعلمين

  • على ذكر الأردن، نعلم أنه قد تم إطلاق جائزة للمعلم المتميز في الأردن.. كيف ترى الملكة رانيا العبدالله وضع المعلمين في الأردن والعالم العربي؟

– يواجه المعلمون في مجتمعاتنا العربية تحديات كبيرة، بعضها مرتبط بالنواحي المعنوية وبعضها بالنواحي المادية، ولكن أهم تحدٍ يواجه المعلم اليوم هو أنه لم يعد المصدر الوحيد للمعلومة، وهذا يستوجب منه توظيف وسائل وأدوات تعليمية حديثة تتناسب مع توسع مدارك جيل اليوم.

وبقدر ما يطور المعلم من ذاته وقدراته بقدر ما يجد احتراما وتقديرا من الآخرين، ويصبح الطلاب أكثر رغبة في الاستماع ومتابعة أصغر التفاصيل التي يذكرها المعلم في الصف. ولذلك أطلقنا في الأردن منذ أربع سنوات جائزة للمعلمين المتميزين الذين استطاعوا تطوير أنفسهم وزيادة حماس الطلبة للتعلم والمعرفة، وهذا العام أضفنا جائزة للمدير المتميز، لأنه قائد ذلك المجتمع المدرسي.

 

اطلاق قدرات الشباب

  • طالما أشرتم جلالتكم إلى أهمية إطلاق قدرات الشباب.. فكيف ترين تفاعل المجتمع العربي مع هذه الحاجة الملحة؟

– تشير الأرقام إلى أن الأطفال والشباب في العالم العربي يشكلون ثلثي عدد السكان، وهؤلاء هم من يملكون مفاتيح المستقبل، النماء والبناء، الشباب يمثلون التحدي والفرصة، وأرى أن الإرادة لتمكين الشباب ومساعدتهم لمواجهة كافة التحديات التي تواجههم موجودة، ولكن الارادة وحدها لا تكفي، فيجب إيجاد طرق إبداعية جديدة لإطلاق قدرات الشباب.

كذلك على الشباب دور في التعبير عن احتياجاتهم وإسماع صوتهم وخلق الفرص وطرح الأفكار المبتكرة لأنهم الأقدر على تقييم قدراتهم واحتياجاتهم، وعلينا ألا ننسى أن هناك مجموعة من العوامل تتفاعل مع بعضها لتسبب الإحباط في بعض الأحيان للشباب العربي. فإذا نظرنا إلى الوضع السياسي في المنطقة، نرى الأوضاع المتردية في الأراضي الفلسطينية، وعدم الاستقرار في دول أخرى، ومن الناحية الاقتصادية نجد البطالة، وتزيد الأزمة الاقتصادية العالمية من ضرورة إيجاد حلول سريعة ومستدامة.

 

تعزيز مشاركة المرأة

  • ما هي نظرة جلالتكم إلى كيفية تعزيز مشاركة المرأة العربية في الحياة العامة وانعكاس ذلك على المجتمع؟

– تعليم المرأة العربية وتمكينها هو الأساس لضمان وتعزيز مشاركتها في مختلف مناحي الحياة العامة، إلى جانب نشر الوعي وتغيير نظرة المجتمع حول عملها، ومنحها الثقة بذاتها حتى تتمكن من اتخاذ قراراتها بنفسها.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت الدول العربية زيادة كبيرة في مشاركة المرأة في الحياة العامة، وأصبحنا نرى المرأة وزيرة، نائبة، معلمة، طبيبة، مهندسة.. أصبحنا نراها في معظم المجالات، وهذا دليل على زيادة الوعي بأهمية دور المرأة والقيمة التي تضيفها والتغيير الذي تساهم في إحداثه، ولكن التحدي الذي نواجهه هو العمل لزيادة مشاركتها في سوق العمل، خاصة أنها منخفضة مقارنة بنسب تعليم المرأة في الوطن العربي، وتزداد أهمية مشاركة النساء، خاصة إذا ما علمنا أن المرأة العاملة تقوم بإنفاق معظم دخلها على النواحي التعليمية والصحية لأسرتها وأطفالها.

 

البرامج التنموية

  • جلالة الملكة، يلاحظ انه رغم الدور الكبير للبرامج التنموية والخيرية فإن نسب الفقر والبطالة في الوطن العربي ما تزال مرتفعة فما أسباب ذلك.. وكيف يمكن التغلب عليها؟

– في العالم العربي هناك خلط بين البرامج التنموية والخيرية، فالبرامج الخيرية عادة ما تكون معونات تقدم لفترة محددة، ولكنها لا تساهم في إطلاق طاقات وإمكانات الأفراد وتمكينهم، بل تؤدي إلى درجة كبيرة من الاعتمادية لدى المستفيدين، وبالمقابل نستطيع القول أن هناك برامج تنموية في المجتمعات العربية لا تستجيب لأولويات واحتياجات الأفراد في تلك المجتمعات، وغالباً ما يُحكم عليها بالفشل.

لذلك، أرى ضرورة بناء برامج تنموية مستدامة نابعة من احتياجات المجتمعات المحلية وتستجيب لها، وتُشعر الأفراد بملكيتهم لتلك المشاريع.

وقد أثبتت المشاريع الصغيرة قدرتها على تقليل نسب البطالة والفقر، كما أن «ثقافة العيب» المنتشرة في مجتمعاتنا العربية ساهمت في زيادة البطالة والفقر، وهنا أود التأكيد على أهمية التعليم المهني وضرورة تغيير نظرة المجتمع لخريجيه وفتح آفاق واسعة لهم وربطه بمستويات تعليمية عليا.

 

المرأة والسياسة

  • الحديث عن المرأة يقودنا للحديث عن دورها السياسي.. هل نجحت المرأة العربية في المجال السياسي كما الرجل في اعتقاد جلالتكم؟

– النجاح غير مرتبط بكونك ذكرا أو أنثى بقدر ارتباطه بالطموح والقدرات والإمكانات.

في السنوات الماضية حققت الدول العربية تقدماً ملموساً في تمكين المرأة ولكن ما زال أمامنا الكثير لتحقيقه، فمثلاً قبل عشرين عاماً كنا نرى المرأة في بعض الوظائف البسيطة، أما اليوم، ففي وطننا العربي قصص نجاح كثيرة لمشاركة المرأة السياسية، وعلينا ألا ننظر إلى الأمر على أنه تحدٍ أو إثبات للذات على حساب الآخر، فهناك العديد من الوزيرات العربيات المتميزات والسفيرات العربيات اللواتي يمثلن دولهن في العالم خير تمثيل.

– في أكثر البرلمانات العالمية تقدماً، لا تتجاوز نسبة النساء 25 %، وفي عالمنا العربي يحاول البعض الزج بالمرأة بالقوة لدخول معترك السياسة.. لماذا لا يترك الأمر للمجتمع لتقييم مدى الحاجة لدخول المرأة المعترك السياسي بدلا من فرض ذلك بالقوة؟

– مشاركة المرأة ضرورة، ولا يمكن لأي مجتمع التقدم بدون الاستفادة من إمكانات جميع فئاته، ومشاركة المرأة تعتبر من القضايا الجدلية في جميع أنحاء العالم ولا تخص الوطن العربي وحده، ولكن للأسف في الفترة الماضية رأينا وسمعنا الكثيرين ممن شككوا في قدرة المرأة العربية على المساهمة في تنمية مجتمعها، وفي مدى تقبل المجتمعات العربية لوجود المرأة إلى جانب الرجل في مختلف المجالات.

وأعتقد أن إشراك المرأة في السياسة جاء لتأكيد مشاركة المرأة الفاعلة وانفتاح العالم العربي على تلك المشاركة.

 

البطالة بالوطن العربي

  • جلالة الملكة هناك قضية مهمة الى درجة كبيرة بالوطن العربي ومرتبطة تحديدا بالشباب ألا وهي البطالة.. هل تمثل البطالة باعتقادكم قنبلة موقوتة في العالم العربي؟

–  نعم، فالبطالة تعتبر من إحدى أكبر التحديات التي تواجهنا في العالم العربي، خاصة في ظل تأكيد التقارير الدولية بأن نسبة البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأعلى في العالم.

ولكي نتفادى أي زيادة في معدلات البطالة الحالية علينا أن نوفر 4 ملايين وظيفة سنوياً، وهناك حاجة ماسة لخلق 80 مليون فرصة عمل خلال العقدين القادمين.

وتكمن الخطورة في الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية التي ترافق نسب البطالة العالية، والتي منها زيادة نسب الجريمة والإحباط لدى الفئة التي تمتلك أكبر قدر من الأمل والطموح – فئة الشباب – إلى جانب هجرة الأدمغة التي تؤثر في نهاية المطاف على الاقتصاد الوطني.

 

لا مجال للفشل

  • هل يمكن الرهان على الجيل العربي الحالي لتغيير الواقع أم الانتظار للأجيال القادمة؟

–  إذا فقدنا الأمل بهذا الجيل، لن تكون هناك فرصة لمجتمعاتنا العربية.. لا مجال للفشل.. لذا على الجميع تحمل مسؤولياته اتجاه الوضع الراهن.

 

كارثة انسانية في فلسطين

– في مقال لجلالتكم مؤخرا في ذكرى سقوط جدار برلين قارنت جلالتكم بين هذا الحدث وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من بناء جدار الفصل العنصري.. فكيف تنظرين جلالتكم إلى ما يحدث في فلسطين من حصار وعدوان؟

– أبسط ما يمكن قوله حول الوضع في فلسطين أنه، ويوميا، مدعاة لليأس والإحباط على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. فعلى الصعيد الاجتماعي، عندما تحدثت عن هذا الجدار، تحدثت عن فصل الرجال والنساء والأطفال والمسنين عن أقاربهم، عن مصادر كسب الرزق، عن المدارس، وعن المستشفيات والمراكز الصحية.. هم معزولون عن أبسط متطلبات الحياة وأكثرها أهمية.. وعلى الصعيد السياسي، لا نرى أي تقدم أو أي بارقة أمل. ما يحدث في فلسطين هو كارثة إنسانية مستمرة، نحن في العالم العربي ندرك هولها تماما، لكن الغرب قلما يشاهدها أو يستطيع فهم جوانبها أو تداعياتها، لذا أردت أن يكون هذا المقال، الذي نشر في صحيفة هفنغتون بوست الأمريكية، تذكيرا بأن هناك جدارا آخر يجب أن يسقط.

 

العملية السلمية

  • أشرتم جلالتكم الى العملية السلمية.. كيف تنظرين جلالتكم إلى تطورات العملية السلمية، وتعثر جهود استئنافها في ظل التعنت الإسرائيلي واستمرار الاستيطان؟

– العالم العربي يعيش اليوم حالة من الإحباط والقلق من الوضع المتدهور في الأراضي الفلسطينية، ونحن نؤمن بعدم شرعية المستوطنات وضرورة إيقافها حالاً وبصورة كاملة، ونؤكد أن حل الدولتين وبدء المفاوضات الجادة ضرورة ملحة، فالناس مع كل يوم يمر يفقدون الأمل.. نحن لا نريد المزيد من الوعود من الجانب الاسرائيلي، بل نتطلع إلى حقائق نلمسها على أرض الواقع.

 

المشاركة بالإعلام بالجديد

  • من المعروف عن الملكة رانيا العبدالله أن لكم صفحة على موقع «تويتر» وأخرى على الفيس بوك.. ما أهمية المشاركة في هذه المواقع أمام التحديات التي تواجه المجتمعات العربية؟

– هذه المواقع أصبحت الوجه الجديد للإعلام، وهي وسيلة فعالة للتواصل المباشر، سماع صوت الآخر ومشاركته آرائك وطموحاتك وخبراتك.

وهذه الأدوات ساعدتني على إيصال صوتي لملايين الشباب ومناقشة قضايا الوطن العربي والعالم، وبالأخص التعليم.

وبالمقابل أتاحت لي فرصة الاستماع أكثر لآراء الآخرين حول القضايا المختلفة، ومن خلال أيضا صفحتي على موقع يوتيوب، أحاول أن استخدم التكنولوجيا في تفنيد وتغيير الصورة النمطية عن العالم العربي والإسلام، فأنا أستخدم الإعلام الاجتماعي ووسائل التكنولوجيا الحديثة لإحداث تغيير اجتماعي ولزيادة الوعي حول قضايا معينة.

 

المرأة الأردنية.. فوز منقوص

  • جلالة الملكة إذا انتقلنا إلى الشأن الأردني وتحديدا المرأة.. هناك من ينظر إلى فوز المرأة الأردنية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على أنه منقوص، كون عضوات البرلمان الحالي فزن بواسطة «كوتا نسائية» ولم يفزن بالانتخاب المباشر القائم على المنافسة المطلقة.. فما تعليق جلالتكم؟

– في الواقع، في الانتخابات الأخيرة انتُخبت إحدى المرشحات خارج «الكوتا»، ولكن إن أردت تعليقي على نظام «الكوتا» فأعتقد أنه خطوة جيدة على أول الطريق لضمان وتحفيز مشاركة المرأة في الانتخابات، وأتمنى أن نصل إلى مرحلة لا نحتاج فيها إلى «الكوتا» لأن النساء سيترشحن ويشاركن ويفزن وفقاً لمؤهلاتهن.

 

الديمقراطية بالأردن

  • هل جلالتكم راضية عن مستوى الديمقراطية في الأردن؟

– أستطيع القول أن الديمقراطية في الأردن هي نتاج محلي خالص يتوافق مع أولوياتنا الوطنية، ونجاح أي ديمقراطية في أي دولة قائم على إيمان الشعب وقناعته بها. الديمقراطية عملية مستمرة، هناك إنجازات، لكن ما زال لدينا الكثير لنحققه.

 

دور الملك عبد الله

  • كيف تنظرين جلالتكم إلى الدور والجهود التي يقوم بها جلالة الملك عبد الله الثاني في سبيل رفعة شعبه وخدمة القضايا العربية والإسلامية؟

– منذ اليوم الأول لتولي جلالة الملك عبدالله سلطاته الدستورية نذر نفسه إلى شعبه وأمته، وما يقوم به من جهد يعكس التزامه بمسيرة والده المغفور له الملك الحسين تجاه أفراد شعبه وأمته.

وخلال السنوات العشر الماضية، استطاع الأردن بجهود جلالته ومشاركة أبناء الأردن من تحقيق الكثير من الإنجازات على الصعيد التنموي والاقتصادي، ولعب الأردن دوراً محورياً في القضايا العربية والإسلامية، وبرؤيته وعزيمته مَنحنا الإرادة والدافع للطموح والمزيد من الانجاز.

 

فريق واحد

  • عبر التاريخ لعبت زوجات الرؤساء والملوك أدوارا مختلفة.. هل هناك تحديد لدور جلالة الملكة رانيا في الأردن؟

– جلالة الملك وأنا فريق واحد، يكمل كل منا الآخر، فانشغالات الملك عبدالله كثيرة وتأخـذ الطابع السياسي، أما أنا فتتـــركز نشـــاطاتي على الجوانب التعليميــة والاجتماعيـــة فــي الأردن والعالم.

 

الملكة رانيا.. المسؤولة والأم

  • المتابع لأنشطة جلالتكم المتعددة يحب أن يعرف كيف توفق جلالة الملكة بين مسؤولياتها من خلال هذا الموقع وواجباتها كونها زوجة وأما؟

– في بعض الأحيان يصعب عليّ التفكير بكل ما عليّ القيام به، ولكنني أدرك بأنه لا يوجد إنسان قادر على تحقيق كل ما يريده كل الوقت.

لذلك أقوم بترتيب أولوياتي وإعادة ترتيبها بين الحين والآخر، ففي بعض الأحيان يحصل أبنائي على معظم وقتي وفي أحيان أخرى أقضي وقتا أطول من المعتاد في عملي، ولكن تبقى عائلتي في المقدمة، والأهم أن أكون معهم في الأوقات التي يحتاجونني فيها.

 

أحب أبنائي متواضعين

  • جلالة الملكة رانيا بوصفها أماً، ما القيم التي تحرص على زرعها في أسرتها الصغيرة؟

– مثل أي أم، أحرص أن يحصل أبنائي على القيم التي تُقرّب الناس منهم.. أحب أن يكونوا متواضعين.. ويشعروا بالآخرين، يساعدونهم ويقفوا إلى جانبهم.. أن يعرفوا بأن عليهم أن يبذلوا جهداً ليحصلوا على ما يريدون.

 

الملك عبدالله الزوج والأب

  • كيف تصفين جلالتكم جلالة الملك عبدالله كزوج وأب؟

– الملك عبدالله يمتاز بالود والصفاء والشفافية. وهو الأب الذي بالرغم من انشغالاته الكثيرة يحاول دوماً أن يجد الوقت لمتابعة أمور عائلته الصغيرة، وتمضية الوقت مع ابنينا وابنتينا ومتابعة احتياجاتهم وأدق تفاصيل حياتهم.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x