د. رياض حجاب رئيس الحكومة السورية المنشق: الثورة في عامها الرابع بحاجة إلى إعادة تقييم ومراجعة
كتب عنه الكثير، لكنه لم يقل سوى القليل.. تضاربت الآراء السياسية حول شخصيته التي تبدو اقرب الى صندوق من الأسرار وتباينت القراءات التحليلية حول دوره المؤثر في صنع مستقبل سوريا. لكن معظم المنضوين تحت لواء الثورة السورية يجمعون على اهمية رياض حجاب رئيس الحكومة السورية المنشق عن النظام السوري. خصوصا ان انشقاقه بتاريخ 6/8/ 2012، كان اهم حدث سياسي شهدته الثورة السورية كونه اعلى مسؤول في هرم السلطة ينشق عن النظام. فهو ليس مسؤولا سابقا ولا متقاعدا انما كان واحدا من ابرز الذين تم اختيارهم لمواجهة الثورة فاذا به يشكل صفعة سياسية قاسية للنظام ورافدا اساسيا للثورة حيث اعلن انشقاقه بعد شهرين فقط من تسلمه منصب رئاسة الحكومة وغادر سوريا في عملية امنية معقدة وبارعة تحتسب في رصيد انجازات الجيش الحر.
د. رياض حجاب نجح في حجب شخصيته عن الاضواء الاعلامية والمنابر السياسية لينصرف الى العمل الدؤوب والصامت لدعم الثورة السورية وانقاذ الشعب السوري من محنته التي فاقت في قساوتها القدرة على الاحتمال والتصور.
هذا الاحتجاب عن الاضواء اضفى على شخصيته مزيدا من التمايز عن جميع قادة الثورة والمتحدثين باسمها نائيا بنفسه عن حساسيات التنافس على المناصب بين رفقاء الدرب ومبتعدا عن الاستقطابات الخارجية. لقد اختار العمل الجاد والصامت على الكلام المباح. مما جعله مخزنا للالغاز يثير شغف الاعلاميين واهتمام الباحثين.
ينفرد رياض حجاب بشخصية رجل الدولة الثائر حيث لديه من النفوذ في الداخل مثلما لديه من الحضور المؤثر في الخارج مما يزيد من وزنه السياسي ويعزز مصداقيته لدى الشعب السوري فهو مع الثورة ضد النظام ومع الدولة ضد الفوضى ولذلك سعى الى تفعيل اطر العمل السياسي للمعارضة وجمع الكوادر السورية من وزراء وسفراء سابقين وكفاءات من التكنوقراط والمهنيين والمتخصصين باسم التجمع الوطني الحر للعاملين في الدولة بهدف رفد سورية الجديدة باحتياجاتها من الكفاءات والموارد البشرية.
***
◄ كيف تقرأون الثورة في عامها الرابع وكيف ترون مستقبلها بعد ثلاث سنوات وهي اليوم تدخل عامها الرابع؟
► الثورة انطلقت بشكل عفوي وقبل درعا في الواقع وذلك في دمشق عندما انطلقت مظاهرة وجاء وزير الداخلية وحضر إلى مكان الاحتجاج نتيجة تصرف رجال الأمن الداخلي مع احد المواطنين في الحريقة في دمشق ومن ثم انطلقت الثورة عندما كتب أطفال درعا شعارات ضد بشار الأسد وقام الأمن السوري حينها بمعاملة الأطفال معاملة لا إنسانية والإساءة بعد ذلك إلى أهاليهم من خلال الالفاظ التي صدرت عن المحافظ وعن رئيس فرع الأمن السياسي والثورة مستمرة إلى اليوم ولا شيء تغير وانتقال الثورة من السلمية الى العمل المسلح كان مخطط النظام كي يجر الثورة الى العمل العسكري وكان يظن انه يستطيع من خلال العمل العسكري السيطرة على الثورة وبعد ذلك صدر العفو من قبل بشار الأسد في عام 2011 في بدايات الثورة وقد قام بإطلاق سراح العديد من المعتقلين السياسيين والجنائيين وهو عمل على تسليح الثورة ودفعها للتعامل بعنف شديد وذلك كي يجابهها بالسلاح وكان هناك فرق كبير في موازين القوى بين جيش نظامي تعداده أكثر من 500 ألف مقاتل يمتلك مختلف صنوف الأسلحة وبين متظاهرين سلميين يحملون الكلاشينكوف والأسلحة الخفيفة وهنا حدث تحول كبير في مجرى الثورة في سورية فالنظام إلى الآن يستخدم كل أنواع البطش تجاه الشعب السوري واستخدم كافة أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا والطيران وصواريخ سكود والغازات السامة وحتى هناك شيء لم يكن معروفا وهو البراميل المتفجرة التي يلقيها على المدنيين العزل وهو طورها وأصبح يلقيها وهي تحتوي على مواد سامة تؤدي إلى اختناقات وهي سياسة تدمير ممنهجة شاملة للمناطق التي خرجت لتحتج على النظام وكان النظام يقول سندمر الحاضن الاجتماعي الذي سمح بخروج متظاهرين ضد نظام الحكم.
◄ وتيرة الثورة لم تنخفض
نحن في العام الرابع للثورة ووتيرة الثورة لم تنخفض على الإطلاق بل هي في تصاعد وكلما زادت همجية النظام وقتله وتعذيبه لأبناء الشعب السوري زادت وتيرتها وعلى عكس ما يقول الآخرون بان الثورة بدأ يتغير مجرى الأمور فيها نعم هناك مدخلات جديدة على الثورة السورية كوجود تنظيمات جديدة متطرفة تتبع تنظيم القاعدة مثل داعش والنصرة والتنظيمات التي جلبها النظامان السوري والإيراني من الكثير من بلدان العالم للدفاع عن نظام بشار الأسد من إيران وأفغانستان وباكستان والعراق ولبنان حزب الله وغيرها، في الحقيقة هذه التنظيمات دخلت ارض المعركة ضد النظام ولولا دخول هذه التنظيمات لحسم الموضوع منذ بداية عام 2013، وهذا الاختلال في موازين القوى استطاع النظام من خلاله تغيير بعض المجريات على الأرض ولم يغير كافة المجريات، ورغم كل الدعم الذي يتلقاه النظام بشريا وعسكريا وما تقدمه روسيا وإيران من عتاد متطور للنظام فان الثورة للأسف الشديد لا تتلقى سوى دعم محدود قياسا بما يتلقاه النظام ومع ذلك فالثورة صامدة وتحقق انجازات كبيرة رغم الدعاية الكبيرة لوسائل إعلام النظام بأنه غير الأمور على الأرض ولكن في الحقيقة أن انجازات المعارضة كثيرة في القنيطرة ودرعا والمنطقة الشرقية وحلب وحمص وحتى من يرى خروج الإخوة من حمص القديمة على أنه نهاية الثورة فهذا غير صحيح فالثوار كانوا محاصرين وإمكانية المناورة والقتال لديهم محدودة جدا نتيجة عدم وجود ذخيرة وسلاح والآن هم موجودون في شمال حمص وهم يعيدون ترتيب الصفوف والتدريب والتجهيز للمرحلة القادمة، أنا لا أرى تغييرا لصالح النظام على الارض فالنظام يأخذ في مكان والثورة تأخذ في مكان آخر.
◄ وأنت كنت مطلعا على سير الثورة ومفاصل العمل منذ بدايات الثورة هل كان القرار متخذا باستخدام الخيار الأمني كحل منذ البداية؟
► منذ الخطاب الأول لبشار الأسد في مجلس الشعب في نيسان في العام 2011 كان القرار متخذا باتجاه القضاء على الثورة والمظاهرات السلمية وقد بدأ هذا الموضوع من خلال الترهيب والترغيب، والترهيب كان من خلال الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والترغيب من خلال اللقاءات التي كان يقوم بها بشار الأسد مع اهالي المناطق او ما تسميه “الأجهزة المعنية” بالحوار ولكن منذ البداية رفض بشار الأسد ان تكون هناك أي صيغة للإصلاح؛ لأن هذا النظام حقيقة غير قابل للإصلاح ولو قام بشار الأسد حقيقة بإصلاحات في سورية في النظام السياسي لما وصلنا الى ما وصلنا إليه الآن.
◄ ولكن كان هناك حديث مستمر عن اصلاحات وإصلاح النظام الانتخابي.. هل كانت مجرد وعود؟
► في الحقيقة هذا حدث ولكن بشكل بطيء جدا جدا وأنا كنت وزيرا في ذلك الوقت والنظام لم يقدم الإصلاحات المطلوبة لإشراك الآخرين في العمل السياسي في سورية وجاء بعض الإصلاح بعد أن أمعن النظام بالقتل والحل الأمني ولو قام النظام منذ البداية وفي خطابه الاول ولو طرح مشروعا سياسيا للتغيير في سورية لما كنا وصلنا الى هنا.
◄ الثورة خرجت من كل المحافظات
◄ ولكن الكلام كان ان سورية ليست مصر وليست تونس وكانت النغمة السائدة انه ليست هناك ثورة ومطالبات حقيقية بل هي مجرد مظاهرات يقوم بها مندسون وأطراف خارجية تدعمهم؟
► هذا غير صحيح ونحن نغالط أنفسنا اذا قلنا ذلك، فالنظام ومنذ بداية الثورة يسعى لبث مثل هذا الكلام في الحقيقة المظاهرات خرجت في كافة المدن السورية وفي بعض المدن خرج مئات الآلاف في حمص وحماة وحلب ودير الزور ودرعا وكافة المحافظات وفي دمشق واللاذقية معقل بشار الأسد وأنا كنت محافظا للاذقية وفي أول مظاهرة خرجت في اللاذقية وأنا كنت محافظها خرج عشرات الآلاف وذلك في 25 أذار 2011 ومن يقول ان هؤلاء مندسون وغير ذلك، هذا غير صحيح واللاذقية انضمت للثورة منذ أول مظاهرة في يوم الجمعة 25 آذار لباقي محافظات الشعب السوري ومن يقول ان هؤلاء مندسون وان ما يحصل في سورية مختلف عن مصر هذا غير صحيح فالثورة كانت تنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتغيير كافة القيم الموجودة في هذا المجتمع والتي كرسها النظام ولكن للأسف النظام قابل المطالبات بالعنف الشديد والعمل العسكري وكان يظن انه لا يمكن استيعاب المسألة الا بالعمل العسكري وإيران لها دور كبير جدا في ذلك والنصائح الإيرانية لبشار الاسد كانت منذ البدايات ألا يقدم اية تنازلات وانه في أي تنازل يقدم سوف تكون هناك تنازلات كثيرة ونهاية الحكم والحل الأمني منذ بدايات الأزمة الى اليوم لم يتغير.
◄ قاسم سليماني يحكم سوريا
◄ هذا يقودنا الى سؤال من يقود سورية بالفعل هل الحرس القديم هم من يقود وبشار واجهة وإيران لها دور في اتخاذ القرارات ومنذ البدايات من بالفعل يوجه ويقود هذه العقلية وهذا التوجه للحل الأمني؟
► موضوع أن الحرس القديم هو من يقود وأن بشار لا حيلة له هذا كلام غير صحيح وليس هناك شيء اسمة حرس قديم ومن يقود الأمور في سورية منذ البدايات كانت الحلقة الضيقة حول بشار الأسد من اولاد أخواله وشقيقه والمقربين جدا من بشار الأسد في القصر الجمهوري والمخابرات ومن ثم أصبح الأمر للإيرانيين وهم أصحاب القرار في سورية الآن والآن من يسيطر على سورية وكافة مرافق الحياة فيها عسكريا واقتصاديا وسياسيا هم الإيرانيون وهم أصحاب الكلمة وقاسم سليماني هو من يحكم سورية وبشار الأسد هو مجرد دمية في القصر الجمهوري وليس بيده أي قرار لا في حرب ولا في سلم.
◄ هل يرضى المسؤولون السوريون في الحلقة الضيقة المحيطة ببشار الأسد عن هذا الوضع أم ان هناك نوعا من التذمر؟
► بصراحة عندما كنت موجودا في سوريا لم يكن هناك رضا تجاه ما يحدث، سواء مني كرئيس وزراء أو من نائب الرئيس فاروق الشرع أو حتى من بعض قيادات الحزب وليس كلهم ولكن بشار كان دوما يقول إن هذه حرب يجب ان ينتصر فيها وناقشنا هذا الموضوع كثيرا وقلنا الانتصار في هذه الحرب على من على الشعب السوري؟.. على العكس كان يجب أن يكسب الشعب السوري من خلال الإصلاحات ومنع الاستبداد والقتل والتجاوزات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية بشكل فظيع جدا تجاه أبناء الشعب السوري ولكن النظام اتخذ قرارا هو والإيرانيون ومضوا في هذا القرار الى اليوم وهو قرار العمل العسكري، الحل الامني.
◄ النظام لا يأبه بالمسؤولين
◄ ألم يلتفت إلى رأي المسؤولين والشخصيات في ذلك؟
► على الإطلاق المسؤولون التنفيذيون سواء كانوا في السلطة التنفيذية أو الحزبية أو حتى وزير الدفاع ليس بيدهم أي شيء على الإطلاق وليس بيدهم أية صلاحية أنا كنت رئيس وزراء ولدي وزير الدفاع في الحكومة ووزير الداخلية، ورئيس مجلس الوزراء في الدستور لا يملك أي صلاحية وفي الدستور رئيس الوزراء في سورية هو رئيس السلطة التنفيذية الإدارية والوزارات السيادية تتبع لرأس النظام، وبشار الأسد هو من يسير وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والوزارات السيادية كالخارجية وغيرها.
◄ ألم يكن لديك أية صلاحيات بوصفك رئيسا للوزراء حتى لإدارة الأمور على الأرض؟
► من الناحية المدنية نعم أما من الناحية العسكرية لا، ومثال على ذلك عندما كنت رئيسا للوزراء أعطى بشار الأسد أمرا بقصف محافظتي محافظة دير الزور ومدينتي وقد حاولت جاهدا منع هذا الموضوع ولم استطع.
◄ ما صحة وجود عدد من المسؤولين السوريين الرافضين لسياسة بشار الاسد وحقيقة فرض الإقامة الجبرية عليهم حاليا أو احتجاز أسرهم منعا لهم من القيام بأي تصرف خارج إرادة النظام؟
► في الحقيقة كان للسيد فاروق الشرع موقف مميز تجاه ما يحصل في سورية وهو حاول أكثر من مرة من خلال الاجتماعات أن يطلب أن يكون هناك حل سياسي لما يحدث في سورية وهذا ينطبق على عدد من المسؤولين السوريين ولكن الأمر ليس بيده وليس بيد المسؤولين السوريين المدنيين وهناك رقابة لصيقة جدا وحراسة مشددة لعدد من المسؤولين لمنعهم من الانشقاق وبعد انشقاقي أصبحت هناك إجراءات أمنية مشددة جدا تجاه المسؤولين السوريين منعا لانشقاقهم ومن يشعرون بوجود بوادر لديه باتجاه دعم الثورة أو التعاطف مع الثورة هناك إجراءات تتخذ بحق المسؤولين السوريين، لذلك من يكلف بالمسؤولية يكلف اليوم من حيث الولاء وليس من حيث الكفاءة.
◄ تفجير خلية الأزمة
◄ التفجير الذي اطاح بما تعرف بـ “خلية الازمة” في يوليو 2012 ما هي ملابسات.. الغموض مازال يحيط به؟
► هذا التفجير من تدبير النظام بنسبة 99 % هو من يقف وراءه..
◄ لماذا النظام يقوم بتصفية شخصيات بارزة من صفوفه؟
► اولا هذا ليس بالجديد او الغريب على النظام، ثانيا باعتقادي ان المستهدف كان آصف شوكت، لأنه كان الشخصية الاقرب والاقوى في النظام، ويمكن ان يكون البديل المحتمل لبشار في اي لحظة.
◄ هل صحيح ان ماهر الاسد كان ضمن الخلية المستهدفة؟
► غير صحيح تماما.. من قتل في خلية الازمة كل من آصف شوكت وحسن توركمان وداود راجحة وزير الدفاع ومحمد الشعار وزير الداخلية واللواء هشام بختيار رئيس مكتب الامن القومي، ولواء آخر كان يتولى منصب امين سر خلية الازمة.
اما ماهر الاسد والذي قيل انه اصيب وقطعت رجله فهذا كله غير صحيح، ولم يكن متواجدا بالاجتماع.
ايضا لم يكن متواجدا بالاجتماع عمر سليمان نائب الرئيس المصري الاسبق ورئيس جهاز المخابرات المصرية، الذي تحدث الكثيرون انه اصيب في هذا الاجتماع، ونقل لامريكا للعلاج وتوفي هناك.
◄ 6 آلاف ضابط منشق
◄ في بداية الثورة شهدنا انشقاقات كبيرة على مستوى المسؤولين والضباط الكبار والأفراد ولكن في الفترة الأخيرة وعلى مدى عام لم نشهد انشقاقات مهمة هل يعني هذا زيادة الولاء للنظام عن السابق؟
► بالنسبة للضباط السوريين لقد تم انشقاق أكثر من 6 آلاف ضابط سوري والجيش السوري بطبعه جيش طائفي وأكثر من 85 % من الضباط هم من الطائفة العلوية والضباط السنة وبقية الأقليات في غالبيتهم انشقوا وما زالت الانشقاقات مستمرة ولكن أصبح من تبقوا في الغالبية المطلقة من الطائفة العلوية وقلة قليلة جدا من الطوائف الأخرى والجيش السوري حاليا بشكل كامل هو جيش طائفي ولم يعد هناك شيء اسمه جيش وهو في الحقيقة مجرد عصابة حتى الالتحاق بالخدمة الإلزامية لم يعد موجودا على الإطلاق وحاليا تلقي الشرطة العسكرية القبض على الشباب وترسلهم للخدمة في القطعة العسكرية وإذا حانت أية فرصة للشباب يقومون بالانشقاق، وهنا أود أن انوه بتعامل المعارضة السورية مع المنشقين سواء كانوا مدنيين أو عسكريين وللأسف كان التعامل سيئا جدا ونظرة تشكيك واتهام بشكل دائم لكل المنشقين والمفروض أن يتولى الضباط العسكريون في الجيش السوري من ذوي الكفاءة والخبرة العمليات العسكرية للثورة السورية وان يتولوا القيادة الميدانية في الجيش الحر ولكن ما نلاحظ أن العسكريين السوريين هم قلة والغالبية هي من المدنيين عديمي الخبرة في العمل العسكري.
◄ أين يوجد هؤلاء الستة آلاف ضابط الذين قاموا بالانشقاق حاليا؟
► هم موجودون في مخيمات النزوح في الأردن وفي تركيا، وقسم كبير منهم في الداخل السوري في المناطق المحررة وأنا تحدثت عن عدم الثقة من قبل المدنيين في الضباط السوريين وهذه إشكالية كبيرة جدا وقد تكون عدم الثقة او حب القيادة لذلك نلاحظ وجود قلة قليلة جدا من الضباط السوريين في موقع القيادة العسكرية، ومن إشكالات المعارضة أيضا أن المسئولين الذين كانوا يتولون مناصب مدنية في الحكومة السورية أيضا للأسف الشديد لديهم مشكلة وانا عندما خرجت من سورية في عام 2012 كان هناك المجلس الوطني ولم يكن هناك ائتلاف وقد بقيت في الأردن لعدة أشهر ولم يتواصل معي أحد من المجلس الوطني ولم يقل لي أحد حمدا لله على السلامة وأنا رئيس وزراء، ومن عمل في مؤسسات الدولة ولديهم خبرة إدارية كبيرة جدا يمكنهم العمل في المؤسسات التنفيذية التي تتبع الائتلاف ولكن للاسف وجودهم محدود جدا.
◄ المستفيدون 10 %
◄ كم نسبة الاستفادة سواء من القطاعين العسكري او المدني ممن انشقوا في المجلس الوطني سابقا او في الائتلاف؟
► للأسف هي نسبة ضعيفة جدا لا تتجاوز 10 % أو أقل من ذلك واليوم هناك سفارات للائتلاف ونلاحظ ان هناك الكثير من الدبلوماسيين الذين انشقوا عن النظام برتب مختلفة ونلاحظ في كل السفارات التي تتبع الائتلاف ليس هناك أي دبلوماسي منشق فيها والسبب للأسف الشديد أن المعارضة دخلت أيضا في مفهوم أن التكليف يكون وفقا للولاء سواء كان للمكون السياسي أو الولاء الشخصي وهذا مقتل للثورة أن يعين النظام في المناصب وفقا للولاء وان تفعل المعارضة ذلك وفقا للولاء والمحاصصة بين مكوناتها. وبالنسبة للحكومة المؤقتة هناك الكثير من المنشقين لديهم خبرات ممتازة ونلاحظ وجود وزير واحد فقط فيها وهو قاض منشق ولولا أن المكون المعارض هو من رشحه لما تم تعيينه قياسا لكفاءته.
◄ مسؤولية قيادة المعارضة
◄ هناك من يرى أن قيادة المعارضة من مجلس وطني وائتلاف هي السبب فيما وصلت له الثورة في الداخل ان كان تراجعا أو عدم وصول الدعم؟
► لا أقول ان قيادة المعارضة هي السبب المباشر أو كل السبب بالقطع لا هناك أسباب عديدة ولكن احد الأسباب هي المعارضة السورية فمنذ قيام الثورة إلى الآن ليس لدينا قيادة متماسكة ومنسجمة وتمتلك الرؤية الواضحة تجاه مستقبل سورية ولدينا مجرد مكونات وأشخاص يعيشون حالة من التشرذم والخلافات المستمرة منذ بداية الثورة إلى الآن والمطاحنة على مناصب وهمية لا تعني شيئا، للأسف هذا أثر بشكل كبير جدا على منظومة عمل الثورة بالإضافة إلى أن الداعم العربي والإقليمي للثورة للأسف يعيش حالة تناقض تجاه دعم الثورة واختلاف الأجندات وهذا الاختلاف أثر بشكل كبير على واقع الثورة وصارت لدينا حالة استقطاب حادة ما بين مكونات الثورة التي دخلت في أجندات الدول الإقليمية.
◄ الاستقطاب داخل الائتلاف
◄ هناك تقارير تقول انه خلال أي اجتماع للائتلاف يكون هناك ممثلون عن مجموعة من الدول إن كانوا سفراء أو غير ذلك فهل يتلقى الائتلاف املاءات يجب عليه أتباعها حتى لو كانت لا تخدم الميدان الفعلي؟
► هناك حرص شديد من بعض الموجودين في الائتلاف على استمرار حالة الاستقطاب لأن الحقيقة ان وجودهم في قيادة الائتلاف مرتبط بحالة الاستقطاب ودون حالة الاستقطاب ليس لهم وجود لأنهم لا يمتلكون لا التاريخ النضالي وليست لديهم الخبرة ولا الكفاءة في العمل الإداري أو السياسي ووجودهم واستمرار وجودهم في قيادة المعارضة مرتبط باستمرار الاستقطاب في مؤسسات المعارضة السورية وللأسف الشديد ان وجود البعض في المعارضة السورية هو حالة ارتزاق فهو يعيش على حالة التناقض..
◄ في ظل هذه الوضعية في الائتلاف والحكومة المؤقتة دون أن تخدم فعليا السوريين على ارض الوقع الا يتيح للنظام التمدد واستعادة شرعيته؟
► بالتأكيد وانا تحدثت الى العديد من اقطاب المعارضة منذ خروجنا الى الآن والنظام يراهن على بقائه واستمراره في الحكم على خلافات وتشرذم المعارضة السورية وما يحدث على مستوى المعارضة لا يخدم الا النظام وهذا يؤثر على تأييد الحاضن الاجتماعي للثورة نتيجة تصرفات المعارضة السورية، فعندما تعيش بعض العائلات السورية في مخيمات اللجوء على 37 دولارا شهريا فيما تصل مرتبات بعض أفراد المعارضة الى آلاف الدولارات فهذه مفارقة كبيرة جدا.
◄ الدعم العربي للمعارضة
◄ انتم تدعون الدول العربية للوقف مع المعارضة السورية فكيف تستطيع تلك الدول دعم المعارضة في ظل هذه الاوضاع التي تعيشها؟
► انا اتمنى ان تساعد الدول العربية المعارضة السورية على انهاء هذه الحالة للأسف الشديد ان هذا التنافر العربي هو ما يساعد على تشتت المعارضة وتنافرها واستقطابها العنيف وندعو دوما الى وحدة الصفوف سواء على مستوى المعارضة السياسية أو العسكرية، فاذا ما وحدنا صفوفنا ورتبنا بيتنا الداخلي سواء كان سياسيا أو عسكريا فهذا يجعلنا في وضع افضل فليس هناك عاقل يقبل ان تسلم سوريا الى معارضة في هذه الحالة ففي كل محافظة هناك اكثر من ثلاثين لواء مقاتلا، وقيادة المعارضة ساهمت في التشرذم وبدلا من قيادة أركان واحدة أصبحت لدينا قيادتان والتشرذم الحاصل حاليا حاد في الحكومة ووحدة تنسيق الدعم وقيادات الائتلاف واعتقد أن كل هذه المؤسسات هي ادوات لإسقاط النظام وليست غاية كي نتنافس عليها ولكن للاسف فالتنافس بين الدول وبين مكونات المعارضة أدى الى تشرذم الواقع السوري والفوضى.
◄ التدخلات الخارجية في الائتلاف
◄ هل تم فرض شخصيات لتولي مناصب داخل الائتلاف؟
► بالتأكيد فالقيادات الموجودة في الائتلاف ولو قمنا بمتابعة كيفية اجراء الانتخابات في المؤسسات من الواضح أن هناك للأسف تدخلات فالتوسعة التي حدثت في الائتلاف ما كانت لتتم لولا التدخل العربي والدولي الكبير جدا حتى تمت هذه التوسعة.
◄ الانقسام في المؤسسة العسكرية للثورة
◄ هناك قادة عسكريون في الميدان يشتكون من عدم توافر اسلحة لمواجهة النظام فهل نحن مقبلون على انشقاق في الجسد العسكري للمعارضة؟
► بالنسبة للجسد العسكري المعترف به والذي يتبع قيادة المعارضة هو قيادة الاركان وفي الحقيقة ان قيادة اركان اي الجيش الحر ومنذ تشكيلها في انطاليا في عام 2012 حدثت فيها تغييرات كبيرة جدا والتشكيلات العسكرية التي دخلت أركان أصبحت غالبيتها خارح الاركان وابتعدت والسبب هو ان الأركان لا تملك أي دعم تقدمه لهذه الفصائل وبالتالي أصبح من يقود الاركان هو المجلس العسكري الاعلى المؤلف من ثلاثين شخصا استقال منهم الثلث وما تبقى لم يعد له اي امتداد على الارض وحتى قادة المجالس العسكرية وقادة الجبهات ورئيس الاركان مثلا ممنوع من الدخول الى غرفة العمليات الموجودة في تركيا والاردن فمن الطبيعي عندما يطالب القادة الميدانيون قيادة الاركان بتقديم الدعم لقتال النظام وقتال المتطرفين مثل داعش وغيرها وهم لا يملكون شيئا فان وجودهم اصبح مثل عدمه، وانا التقيت رئيس الاركان منذ أيام وقال لي انا لا املك ان اقدم طلقة لمقاتل في الداخل فكيف يمكن للثوار ان يستمعوا لقيادة الاركان او يتلقوا اوامرها، وعلينا ان نعترف بأن القرارات الخاطئة التي اتخذتها قيادة الائتلاف بتغيير رئيس الاركان سليم ادريس وفقا للصيغة التي تمت تسببت بانقسام شديد ولكن لم اكن اتمنى ان يتم ذلك بالصيغة التي تمت فالطبيعي أن يتم التغيير في المؤسسات وخاصة في الحالة التي نعيشها وقد اتبع رئيس الحكومة المؤقتة ذلك بقرار وتغيير آخر بذات الأسلوب عندما اقال رئيس المجلس العسكري الاعلى ورئيس الاركان وهذا أدى الى المزيد من الانقسام داخل المؤسسة العسكرية التي لا تمتلك شيئا والى الآن نحن لم نستطع البناء بشكل صحيح جسما عسكريا للثورة السورية وما هو موجود الآن مجموعة كبيرة من الالوية والكتائب ذات الانتماءات المختلفة، ولذلك لا يمكن القول ان رئيس الاركان قادر على الزام تلك الالوية باوامره.
◄ اولوية بناء الجيش السوري الحر
◄ اذا هي اجتهادات قبل قادة الالوية والفصائل الموجودة؟
► في بداية الثورة وجدت هذه القوى العسكرية بشكل عفوي واصبحت تشكيلات كثيرة وصار هناك تمسك شديد بالقيادة العسكرية لكل قائد ولكن لو قمنا بانشاء جسم عسكري بتراتبية صحيحة وتدريب وهيكلية ويأتمر برئاسة الأركان من الضباط المنشقين الذين يجب ان يكونوا عماد الجيش فستكون لدينا تغييرات كبيرة فمن غير المعقول أن يكون لدينا 6700 ضابط منشق ليس فيهم 500 ضابط لديهم الكفاءة والمقدرة لقيادة الجيش، ووجهة نظري اذا أردنا بناء جيش صحيح يجب ان يتم بناء الجيش الحر على أسس صحيحة وسليمة منذ بداية الانتساب لهذا الجيش من حيث التدريب والهيكلة والتراتبية وبهذا نبني جيشا يتبع للثورة وليس لاشخاص.
◄ إنفاق اموال طائلة
◄ هل هناك محاولات في هذه الاتجاه؟
► الحقيقة الى الآن ليست هناك ارادة وجدية لانشاء مثل هذا الجيش والحكومة المؤقتة والائتلاف انفقوا اموالا كثيرة جدا كان يمكن من خلالها البدء ببناء هذا الجيش.
◄ صرف اموال لكسب ولاءات أم لدعم ثورة؟
► بعضه لدعم الثورة على الأرض وبعضه للاسف لشراء الولاءات.
◄ كم عدد الالوية والفصائل التي تقاتل في الميدان؟
► للأسف هي بالمئات.
◄ الدعم الغربي والامريكي
◄ هل هناك دعم عسكري لكم من دول غربية؟
► هناك دعم ولكنه ضعيف جدا فهم يعطون حاجة المقاتل ليوم واحد في شهر كامل وفي الحقيقة ان ما يقدم للثوار في سورية محدود جدا وليس هناك سلاح نوعي لمجابهة الآلة العسكرية الكبيرة او المدد العسكري للنظام بشكل كبير جدا، فكل اسواق ايران وروسيا مفتوحة للنظام وهو يملك احدث أنواع السلاح ويقاتل بالدبابات والطيران والصواريخ والثوار للاسف الى الحىن يقاتلون بالسلاح المتوسط والخفيف وحتى الهاونات هي صنع محلي والذخيرة يصنعها الثوار والثوار يقولون مثلا اليوم قمنا بصنع مدفع جهنم مسافات وهو من صنع محلي يمكن ان تصل قذيفته الى مدى 2 كم بينما تصل صواريخ النظام الى مئات الكيلو مترات وجميع المناطق المحررة في سوريا تتعرض الى اليوم لقصف النظام وداعش تساعد النظام بشكل كبير جدا والدليل ما يحصل في حلب والعلاقة واضحة الوثيقة بين النظام وداعش. —
◄ هل يوجد بالفعل دعم امريكي للمعارضة؟
► الدعم الامريكي هو بالوسائل غير الفتاكة أي بالأغذية واللباس وهذه لا تفعل شيئا أمام الطائرات والصواريخ وهذا كل ما قدم والامريكيون قدموا مساعدات انسانية للاجئين في دول الجوار، وفي الحقيقة ان الدعم الذي يقدم من اشقائنا العرب مشكور جدا ولكنه غير كاف فليس هناك سلاح نوعي كي تحرز تقدما ضد النظام.
◄ هناك بعض الدول تتعذر بالقول كيف نرسل سلاحا نوعيا في ظل غياب الخريطة العسكرية الواضحة في الميدان وفي ظل امكانية وصولها الى اطراف غير مرغوب فيها؟
► اولا نحن نوجه اللوم لانفسنا لاننا لم نستطع توحيد الصفوف ونحن نتوجه بالعتب الى الاصدقاء والاشقاء الذين لم يساعدونا على توحيد صفوفنا بل في بعض الاحيان ساعدوا على شرذمة الداخل السوري نتيجة اختلاف الاجندات والمواقف وبالتالي حدث ما حدث ولو كانت هناك ارادة من الاصدقاء والاشقاء الداعمين للشعب السوري باتجاه توحيد الصفوف السياسية والعسكرية لقمنا بتجاوز خلافاتنا منذ وقت طويل.
◄ جبهة النظام وجبهة المعارضة
◄ هناك ما يقارب 140 دولة من اصدقاء الشعب السوري في حين لا يتجاوز اصدقاء النظام اربع او خمس دول فهل غلب اصدقاء النظام القلائل 140 دولة؟
► روسيا وايران الداعمتان بشكل فعلي للنظام تفتحان كافة مخازنهما للنظام ووضعتا كافة الامكانات لصالح النظام وهما تقاتلان في ارض الميدان بينما للأسف الشديد أصدقاء الشعب السوري يتصارعون على مقولات مثل هل ولاء هذا الشخص لهذه الدولة او تلك وهل ينتمي فلان الى كذا أم كذا وبالتالي ليس هناك دعم حقيقي، والجبهة التي تدعم النظام جبهة متماسكة قوية تقدم كل امكاناتها للنظام ماديا وعسكريا وبشريا والجبهة التي تدعم الثورة السورية جبهة مفككة متناحرة متناقضة ودعمها ضعيف لا يقارن بما يقدم للنظام.
◄ المقاتلون الاجانب
◄ هناك حديث عن وجود مقاتلين أجانب مع المعارضة، وهو أحد الأسباب التى تدفع الآخرين الى الاحجام عن دعمكم، وتدفع الطرف الآخر (ايران) الى أنْ تتواجد بذريعة وجود هؤلاء المقاتلين الأجانب على الأراضى السورية.؟
► منذ بدأت الثورة عام 2011، حتّى منتصف 2013 لم يكن هناك أجانب — الا قلة قليلة جدا — ولم تكن توجد “داعش” الدولة الاسلامية فى العراق والشام، وحتى “جبهة النصرة” الى نهاية عام 2012 كان وجودها محدودا جدا.. لم تكن توجد ارادة لنصرة الثورة السورية، والسوريون أيضا لم يُساعدوا أنفسهم من خلال توحيد الصفوف وايجاد قيادة قادرة على توجيه الأمور بالشكل الصحيح، ولم تكُن توجد ارادة دولية تعمل على اسقاط النظام وتساعد الثورة على اسقاط النظام.. فى ذلك الوقت لم يكن هناك أجانب، والآن يتم الحديث عن وجود أجانب يُقاتلون مع الثوار وأنّ هناك متطرّفين؛ حسنا وعشرات الآلاف الذين يُقاتلون مع النظام وهم كُلّهم متطرّفون من العراق ومن لبنان وأفغانستان واليمن وروسيا وأرمينيا ومختلف الدول؟ الذين يُقاتلون ويقتلون الشعب السورى ويرتكبون أفظع الجرائم والمجازر بحقّه.. لماذا نتحدّث عن هؤلاء ولا نتحدّث عن هؤلاء؟
◄ كم — تقريبا — نسبة المقاتلين الأجانب فى صفوف الثوار؟
► هناك مبالغات كثيرة فى عدد المقاتلين الأجانب فى صفوف الثوار، ولكنّه لا يتجاوز الـ 5 % . ويتم تضخيم هذا الأمر بشكل كبير؛ اعلام النظام نجح بشكل كبير فى تغيير وتشويه صورة الثورة. والنظام نفسه اعترف أنّ له أناسا قد دسّهم سواء فى صفوف النخب السياسية أو فى ضمن الفصائل المقاتلة. هناك الكثير من الناس الذين يوجّههم النظام لِيرتكبوا المجازر، ومثال على ذلك “داعش” التى استطاعت أنْ تُؤثّر بشكل كبير على صورة الثورة، ولكن “داعش” تقاتل مع من، مع النظام أم الثوار؟ نلاحظ الآن على الأرض أنّها تُقاتل مع النظام، تُقاتل الثوار، تُقاتل الجيش الحر. خلال أقل من سنة، أكثر من سبعة آلاف شهيد من الجيش الحر قُتلوا على يد “داعش”. وهى تُقاتل الثوار وتأخذ المناطق التى قاموا بتحريرها. وبالتالي، النظام من الأمام و”داعش” من الخلف. فى حلب، انسحبت “داعش” من الكثير من المواقع وسلّمتها للنظام وسهّلت عليه الدخول للاحتلال والسيطرة على مواقع أخرى من الثوار. “داعش” صنيعة النظام (السوري) وصنيعة النظام الايراني، وما يحصل فى العراق وفى سوريا لا ينفصل عن بعضه أبدا.
◄ انهيار النظام
◄ التقارير تقول انّ هناك تراجعا للثوار — وخاصة فى المدن الكبرى — وعودة سيطرة للنظام، هل هذا مؤشّر على أنّ النظام بدأ يتعافى بالفعل ويعود الى وضعه الطبيعي؟
► لا أبدا، فى الحقيقة هناك مغالطات ووهم كبير جدا. وقد تحدّثتُ لتوّى عن الآلة الاعلامية الكبيرة التى يعمل عليها النظام. للأسف الشديد، المعارضة السورية لم تمتلك منذ بداية الثورة وحتى الآن أيّة استراتيجية اعلامية باتّجاه مجابهة اعلام النظام ومن يدعمه. النظام فى حالة انهيار تام؛ الوضع الاقتصادى فى الحضيض، العجز فى الموازنة السورية نسبته 100% وأكثر، احتياطى النظام من العملات الأجنبية صفر، الوضع العسكري: لم يعد هناك جيش بمعنى الكلمة بل هناك عصابة، ولولا هذا الوجود لـ”حزب الله” والميليشيات العراقية وغيرها لانهار النظام من منتصف عام 2013. ولذلك فانّ هذا التضخيم الاعلامى والحديث عن أنّ النظام انتصر وأنّ الانتخابات الرئاسية هى التى ثبّتت النظام ونهتْ الأمر.. هذا كلّه وهم بعيد كلّ البعد عن الواقع.
◄ اذا من يُقاتلون حاليا ليسوا السوريين؟
► لا، على الاطلاق. فى أيّ هجوم وتقدّم للنظام لو لم يكن “حزب الله” والميليشيات الشيعية وغيرها موجودين لَمَا كان للنظام أيّ تقدّم.
◄ السيطرة الايرانية على النظام
◄ كيف هو الوجود الايرانى فى مفاصل الدولة؟
► ايران تُسيطر الآن على سوريا بالكامل؛ على كلّ مفاصل الحياة فى سوريا، سواء الاقتصادية أم المدنية أم العسكرية. وهذا ما تُريده، لذلك عندما يتحدّث قادة ايران عن أنّهم حقّقوا حلمهم من البحر الأبيض الى ايران، أيْ امبراطورية ايرانية ثالثة، فانّهم يتحدّثون من خلال وجودهم الحالى فى العراق وعلى الأراضى السورية وفى لبنان من خلال “حزب الله”.. ايران لن تتخلّى عن ذلك بسهولة فهى دفعت ثمنا باهظا، ماديا وعسكريا واستثمارات كبيرة جدا استثمرتها عبر سنين طويلة لن تتخلّى عنها بسهولة، ولذلك فالأمر لنْ يتوقف.. ولا الثورة ستتوقّف حتى تُحقّق أهدافها باذن الله تعالى.
◄ ما الخيار الذى أمام الشعب السورى حاليا للتخلّص من هذا العبء؟
► ثورة الشعب السورى بدأت مُعتمدة على ذاتها، وتهتف دائما “ما لنا غيرك يا الله”، وتطلب المدد من الله رب العالمين. هناك حقيقة جليّة أمامنا ولكنّنى لا أعرف لماذا لا تراها قيادات المعارضة السورية بشكل واضح: الأمريكيون منذ بداية الثورة وحتى الآن وهم يتحدّثون بكلام واضح عن أنّهم لن يدعموا عسكريا ولن يتدخلوا عسكريا، ومع ذلك لازلنا بعد أكثر من ثلاث سنوات نطلب منهم ومن غيرهم السلاح والتدخّل. وبالتالى فنحن اتّجهنا باتّجاه الأمريكيين والغرب بشكل كبير جدا حتى صرنا بعيدين عن واقعنا، وأصبح هناك انفصال ما بين الائتلاف وما بين الواقع السورى على الأرض. للأسف الآن ليس بامكان قيادات الثورة دخول الأراضى السورية؛ لديها خوف شديد لأنّها غير مقبولة على الأراضى السورية، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل جاء من الابتعادوعدم التواصل مع الحاضن الاجتماعي. وبالتالي، من وجهة نظرى لا يُمكننا أنْ نتقدّم ونُحقّق الانجازات الا اذا وحّدنا صفوفنا وعدنا الى الداخل السوري، وعدنا الى الحاضن الاجتماعى الذى تركناه فى وضع مأساويّ جدا فى مخيّمات اللجوء أو فى أماكن النزوح فى الداخل السوري.
◄ مؤتمر سورى جامع
◄ لكنْ فى ظلّ غياب استراتيجية عسكرية واعلامية وأمنية..
► هذا واجبنا، لذلك لا بُدّ لنا من أنْ نسعى الى عقد مؤتمر سورى جامع، يضمّ كلّ الأطراف فى الداخل والخارج — ويكون الداخل هو الأساس — وأن نضعَ استراتيجية واضحة للمرحلة القادمة تُعطى الثقة لكلّ مكوّنات الشعب السورى بكلّ أطيافه وأنْ نُقدّم رؤيتنا نحن كسوريين لمستقبل البلد، وأنْ نُوحّد صفوفنا ونبتعدَ عن ولاءاتنا الضيّقة (الحزبية وغيرها) ونجعل ولاءنا لثورتنا ولأبناء شعبنا.
◄ تحدّثت عن أنّ النظام مُنهار، وأنّ كلّ ما يُصاغ انّما هو كلام اعلامي.. بالمقابل، كيف هو الوضع الفعلى للثوار على الأرض؟ أليست هناك تراجعات، أو خسارة مكاسب كانوا قد اغتنموها؟
► بكلّ الأحوال، انّ مثل هذه الحرب الطويلة ودخول عناصر جديدة على الحرب الموجودة فى سوريا، سواء من “حزب الله” أو الميليشيات العراقية، او ضخ السلاح بكمّيات كبيرة.. هذا غيّر بعض الموازين فى بعض المناطق، ولكنّ الثوار أيضا قد حقّقوا انجازات فى مناطق أخرى. نحن نتحدّث عن نحو أربع سنوات فالثورة قد دخلتْ فى عامها الرابع والثوار يُقاتلون، الثوار بشر، ولهم طاقة، ولكنّ هذا لا يعنى أنّ الثورة أصابتها انتكاسات كبيرة، بالعكس، معنويات الثوار عالية
والحمد لله، الا أنّنا نحتاج حقيقة الى اعادة تقييم واعادة مراجعة لواقع ثورتنا، ونحتاج بشكل كبير الى رصّ الصفوف وتوحيد جهودنا، ونحتاج أيضا الى دعم أشقّائنا وأصدقائنا، ومساعدة قيادات المعارضة السورية فى أنْ توحّد صفوفها وجهودها لمقاتلة هذا النظام، ولِمقاتلة “داعش” التى تتمدد الان بشكل كبير فى الداخل السورى لغياب الدعم.
◄ تحدّثت عن أنّ النظام مُنهار، وأنّ كلّ ما يُصاغ انّما هو كلام اعلامي.. بالمقابل، كيف هو الوضع الفعلى للثوار على الأرض؟ أليست هناك تراجعات، أو خسارة مكاسب كانوا قد اغتنموها؟
► بكلّ الأحوال، انّ مثل هذه الحرب الطويلة ودخول عناصر جديدة على الحرب الموجودة فى سوريا، سواء من «حزب الله» أو الميليشيات العراقية، او ضخ السلاح بكمّيات كبيرة.. هذا غيّر بعض الموازين فى بعض المناطق، ولكنّ الثوار أيضا قد حقّقوا انجازات فى مناطق أخرى. نحن نتحدّث عن نحو أربع سنوات فالثورة قد دخلتْ فى عامها الرابع والثوار يُقاتلون، الثوار بشر، ولهم طاقة، ولكنّ هذا لا يعنى أنّ الثورة أصابتها انتكاسات كبيرة، بالعكس، معنويات الثوار عالية والحمد لله، الا أنّنا نحتاج حقيقة الى اعادة تقييم واعادة مراجعة لواقع ثورتنا، ونحتاج بشكل كبير الى رصّ الصفوف وتوحيد جهودنا، ونحتاج أيضا الى دعم أشقّائنا وأصدقائنا، ومساعدة قيادات المعارضة السورية فى أنْ توحّد صفوفها وجهودها لمقاتلة هذا النظام، ولِمقاتلة «داعش» التى تتمدد الان بشكل كبير فى الداخل السورى لغياب الدعم.
◄ لكن ليس هناك ضوءا فى نهاية النفق الى الآن..
► هذا النظام غير قابل للاصلاح، وهو لا يرى أيّة امكانية للجلوس والقبول بحلّ سياسى لأنّه يشعر بأنّه لا أحد يضغط عليه لِيُقدّم تنازلات.. أو ايران ترى ذلك وليس النظام. حتّى مؤتمر جنيف، لقد اتّخذنا موقفا ولم نكن ضدّ العملية السياسية على الاطلاق فنحن نرى أنّه فى النهاية لا بُدّ من الحلّ السياسى حتى تُحفظ وحدة سوريا وتُحفظ وحدة أراضيها ونسيجها الاجتماعي، ولكنّنا كنّا نتمنّى أنْ تكون هناك ضمانات وأنْ تكون الشروط أفضل للذهاب الى مؤتمر جنيف. يعنى الآن قد فشل المؤتمر ولم يستطِع المجتمع الدولى أنْ يفعل شيئا.. فبالتالي، كنّا نتمنّى أنّنا بذهابنا الى المؤتمر أنْ تكون هناك رؤية واضحة للدخول فى هذه المفاوضات، وأنْ تكون هناك تبعات لعدم التزام النظام باتفاقات جنيف1. اذا النظام لم يشعر، وايران بالذات انْ هى لم تشعر بوجود تغيّر كبير فى موازين القوى على الأرض فلنْ يتمّ القبول بأيّ حلّ سياسي.
◄ المفاوضات مع ايران
◄ لماذا لا تتفاوضون مع ايران؟ أنتم جلستم مع الروس، ومع النظام فى جنيف، وها أنتم الآن تؤكّدون أنّ ايران هى صاحبة القرار فلماذا لا تجلسون معها؟
► هناك من قابل ايران من أطراف المعارضة؛ رئيس الائتلاف السابق الأستاذ معاذ الخطيب فى مؤتمر ميونخ فى بداية عام 2013، كان له لقاء مع وزير الخارجية الايراني. للأسف، الايرانيون يرفضون الحلّ السياسى المبنى على أساس جنيف1، وهم متمسّكون الى الآن ببشار الأسد، وهم من يقتلون الشعب السورى من خلال الدعم المادى والعسكرى الذى يُقدّمونه، سواء بالقوى البشرية أو العسكرية وحتىّ الاقتصادية، فهذا هو ما ساعد النظام على البقاء الى الآن. وبالتالي، فهم يعملون على انهاء الثورةِ لا على ايجاد حل. نحن لم نرَ أيّة جدّية لا من الجانب الايرانى ولا حتى من الطرف الروسى باتّجاه انهاء الأزمة فى سوريا والتوصّل الى حلّ سياسيّ يُحقّق أهداف الثورة ويحفظ وحدة سوريا.
◄ يعنى أنّ هدف الثورة هو طرد ايران من سوريا مثلا؟
► فى الحقيقة، القتال الآن هو لطرد المحتلّ الايراني، سوريا اليوم مُحتلّة بالكامل من قِبل ايران.
◄ وماذا تُريدون من ايران حتّى تجلسوا وتتحاوروا معها؟ أليستْ هى صاحبة القرار؟
► المطلوب من ايران هو أنْ تسحب الميليشيات التى أدخلتها الى سوريا وتسحبَ الحرسَ الثورى الايرانى المُحتل، وأنْ ترفع يدها عن سوريا وعن القرار السياسى فيها وعن الشعب السورى وأنْ توقف هذه المجازر التى ترتكبها بحقّه. فى المحصّلة، ايران دولة جوار، واذا تعاملت مع الشعب السورى وفق هذا المنظور، فنحن نحترمها كدولة جارة لسوريا ونتعامل معها وفق مبدأ تبادل المصالح.
◄ دعم عربى للنظام
◄ أنتم تتحدّثون عن دعم ايرانى ودعم روسى لنظام الأسد، فى حين أنّ هناك دولا عربية تدعم النظام أيضا؟
► هذا الكلام صحيح، ومنذ بداية الثورة كانت هناك دول عربية تدعم النظام، وهى الى الآن تقف بجانبه. وللأسف، هى تدعمه وتخالف قرارات جامعة الدول العربية. تدعمه اقتصاديا واعلاميا وحتّى أمنيا.. تنسيق أمنى مع نظام الأسد. وهذا شيء محزن لأنّ هذه الدول العربية لا تُريد أنْ ينجح الربيع العربى فى المنطقة ولا أنْ تُحقّق الشعوب النقلة الديمقراطية الصحيحة حتّى تُدير شؤونها بنفسها.
◄ جامعة الدول العربية اتّخذت أكثر من مرة قرارات ثمّ تراجعت عنها؛ بما فيها اعطاء مقعد للائتلاف السوري.. أليس هذا أمرا مُخيّبا لكم؟
► بالتأكيد، وهو يقع ضمن اطار الدعم العربى للنظام السوري. العراق يدعم النظام بشكل كبير: اقتصاديا وعسكريا واعلاميا ومادّيا، ولبنان، وهناك دول عربيّة أخرى.
◄ هل من الممكن أنْ تُشكّل الدولُ التى فشلت فيها الثورات عنصر ضغط عليكم، وعنصر مُساندة للنظام السوري؟
► بالتأكيد، هذه الدول تُريد أنْ تُفهم الشعوب العربية أنْ «انتبهوا الى ما حصل فى سوريا، ولا تُفكّروا بالقيام بالثورة أو التغيير»، ولكنْ مهما طال الزمن ستنتصر الثورة باذن الله تعالى.
◄ لكنّ الجميع يرى أنّ قطار الثورات توقّف فى سوريا ودُفن اليوم فى مصر..
► لا، أبدا. عشرات السنين من القمع والدكتاتورية والاستبداد لا تتغيّر فى سنة أو سنتين. الثورات لم تتوقف، بل هى مستمرة. حاجز الصمت والخوف لدى الشعوب العربية انكسر، وبالتالى لنْ تقف هذه الثورات على الاطلاق وانّما ستستمر.
الشعب السورى اقوى من الاحباط
◄ لكنّ الشعب السورى قد تعب، الثورة السورية فى عامها الرابع وهذا الشعب قد قدّم تضحيات رُبّما لم يُقدمها شعب عبر التاريخ..
► هذه الثورة عظيمة وهذا الشعب عظيم، وقد قدّم فى الحقيقة تضحيات أسطورية. وبشار الأسد دخل التاريخ من أوسع أبوابه بصفته أكبر مجرم فى العالم، لم يرتكب مجرم مجازر بحقّ شعبه كما فعل هو بحقّ الشعب السوري، ومع ذلك الثورة مستمرة. وهذه الأجيال التى فتّحت عيونها على الثورة وتربّت فى كنفها ستستمر بالثورة ولن تتوقف. هذه المجازر والجرائم التى ارتكبها النظام وايران لن تضيع، وهذه الدماء لن تذهب هدرا، هذه الدماء ثمن للحرّية القادمة باذن الله تعالى.
◄ لكنّها أصابها نوع من الاحباط؟
► الكثير من الثورات فى العالم لم تنتهِ بسنتين أو ثلاث، فعامل الزمن له دوره بالتأكيد. لا نقول بأنّ عامل الزمن فى صالح النظام، بل هو كارثة للنظام بقدر ما هو موجع للحاضنة الاجتماعية للثورة السورية.
◄ لكنْ فى يوم من الأيام كان الثوار يطرقون أبواب دمشق؟
► ولازالوا كذلك، وسيطرقونها قريبا ان شاء الله تعالى. الآن، هذا التقدّم الذى حصل فى محافظة درعا وفى حما وحمص والقنيطرة هو أيضا انجازات عسكرية كبيرة جدا.
التنسيق مع اسرائيل
◄ البعض يرى أنْ وقوف العالم مُتفرّجا وعدم دعم أمريكا سببُه أنّ المعارضة لم تُقدّم ضمانات لاسرائيل، هل طُلب هذا الأمر منكم؛ أى أنْ تُنسّقوا مثلا مع اسرائيل كما يُنسّق النظام معها؟
► النظام يُنسّق مع اسرائيل، ومن يحمى النظام حتّى الآن هو اسرائيل ، رغم أنّ أبواق النظام تعزف على الدوام أنّه نظام مُمانعة ومقاومة، وهذه كذبة كبيرة. سرّ بقاء النظام الى الآن هو اسرائيل لأنّها تحمى حدودها الشمالية لأكثر من أربعين عاما، فلا يُناسبها أفضل من هذا النظام. وبالتالى لا أعتقد أنّ هناك أحدا من الثورة قادر على تقديم أيّة ضمانات لاسرائيل.
◄ الثورة في العراق، وانتفاض العشائر ضدّ نظام المالكي، هل يُشكّل هذا بالنسبة لكم عنصر دعمٍ يؤدّي إلى أنْ يقلّ الدعم العراقي المفتوح للنظام السوري، وأنْ تنسحب الميليشيات التي كانت تُقاتل معه وترجعَ إلى العراق لِتُقاتل مع الثوّار أو العشائر؟
► ما حصل في العراق هو بالتأكيد مشابه لما حصل في سوريا، هناك دكتاتورية وظلم وتهميش من الحكومة الطائفية في العراق؛ حكومة المالكي الذي أعلنَ بكلٍّ صفاقةٍ ودون خجل أنّه باتّجاه القتال الطائفي، وللأسف، ضخّم الإعلام المسألة وأعطاها صبغة أنّ من سيطر على الأرض هو «داعش»، وأنّ من يتمدّد هو «داعش»، وهذا التضخيم الإعلامي الكبير، حتّى من الغرب والأمريكيين أنفسهم هناك من اعترف بأنّه يوجد ظلم وتهميش في العراق، وهناك اعتصامات مستمرة منذ أكثر من سنة ونصف، والعالم يُغمض عينيه عنها وعن القتل والمجازر التي يرتكبها الجيش الطائفي الموجود في العراق والإيرانيون بحقّ أهلنا في العراق من مختلف الطوائف وليس فقط السنّة، فهناك مسيحيون وأكراد وطوائف أخرى موجودة في غرب وشمال العراق، في الحقيقة، إنّ هذا الذي يحصل هو ما دفع الناس إلى حملِ السلاح وقتال هذا الجيش الطائفي، إنّ وصفَ ما حدث في العراق والتعامل معه على أساس أنّه «داعش» فقط هو ظلمٌ كبير.
◄ داعش بالارقام
◄ وكم — تقريباً — تُشكل «داعش» التي يبدو أنّ العالم اليوم كلّه مشغولٌ بها؟
► عندما يتحدّثون عن أنّ وجود «داعش» في العراق لا يتجاوز الخمسة آلاف، وأنّه في سوريا لا يتجاوز الأربعة آلاف، هل من المعقول أنّ هذه الأعداد فقط هي التي تقوم بكلّ ذلك في العراق وسوريا؟ أمْ أنّ هنالك شيطنة للثورة العراقية والثورة السورية وبالتالي وصفها بهذا الوصف، وإلباسها هذا الثوب، والقول إنّها أصبحت ثورةً مُتطرّفةً يقودها تنظيم القاعدة وغيره، لِعدم نصر هاتين الثورتين، هذا في الحقيقة إشارة استفهام كبيرة لدينا تجاه الدول التي تقول إنّها تدعم ثورة الشعب السورية وتدعم حقّ أبناء الشعب العراقي بالمساواة والعيش بكرامة كبقية المواطنين.
◄ ألا يُراودكم خوفٌ على الثورة السورية؟
► أبداً، صمود الثورة عبر أكثر من ثلاث سنوات هو نصرٌ كبيرٌ جداً. البعض يتحدّث ويقول إنّ النظام حقّقَ بعض المكتسبات هنا وهناك، صمود الثورة بحدّ ذاته هو نصرٌ كبيرٌ جداً.
◄ كنّ ثمنه باهظٌ جداً؟
► صحيح، لا شيء يأتي بدون ثمن، أنْ ندفع الثمن عبر سنواتٍ خيرٌ من أن ندفعه عبر سنين طويلة أمامنا.
◄ اللاجئون السوريون
◄ الآن، اللاجئون يتحدّثون أنْ ماذا قُدّم لهم؟
► أكثر من عشرة ملايين من أبناء سوريا يعيشون الآن في مخيّمات اللجوء، ومنهم نازحون، سوريا بلد الخير والآن شعبها يطلب لقمة الخبز. في الغوطة الشرقية الناس تجوع فتبحث عن لقمة الخبز ولا تجدها بسبب الحصار الجائر الذي يقوم به النظام، ومجلس الأمن الدولي أصدر قرار 21 — 39 وقال إنّ النظام السوري إذا لم يُنفّذ هذا القرار بإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة فسيتمّ اتّخاذ إجراءات أخرى، لم نرَ أيّة إجراءاتٍ أخرى من المجتمع الدولي، هناك تلكّؤٌ شديدٌ جداً بالتعامل مع المأساة الإنسانية للشعب السوري ونصر ثورته. ونلاحظ الآن ما يفعله النظام اللبناني باتّجاه دعوة لطرد السوريين من لبنان وتأثيرهم على النسيج الاجتماعي، هذا كلّه تواطؤ مع النظام السوري.
◄ وماذا عن أنّ العالم الآن بدأ يلتفت إلى النظام بعد أنْ كان يقول إنّه فقد شرعيّته؟
► لأنّ العالم الآن يتحدّث فقط عن الإرهاب، ونسيَ من سبّبَ هذا الإرهاب وأوجده في المنطقة، النظام هو سببُ الإرهاب، من خلق الإرهاب في هذه المنطقة هو النظام الإيراني والنظام السوري. والآن تبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن أنْ يكون لإيران دورٌ في مكافحة الإرهاب، ومن أوجد هذا الإرهاب وتسبّبَ به؟
◄ الدعم القطري للشعب السوري
◄ بالنسبة لمخيّمات اللاجئين السوريين الموجودة في الخارج، هل الائتلاف والحكومة المؤقّتة مُلتفتة لهم بالفعل؟
► هناك تقصيرٌ كبير، ولكنّ في الحقيقة الإمكانات ضعيفة. وحدة تنسيق الدعم التي تمّ إنشاؤها من أجل مساعدة السوريين وتقديم الدعم لهم، وخاصّةً في داخل سوريا، النازحون في المناطق المحرّرة أو في مخيّمات اللجوء التي تقوم منظّمات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بمدّ يد العون لها الآن، المبالغ التي تُقدّم مبالغ محدودة لا تتناسب مع حجم الكارثة والمأساة الإنسانية الكبيرة التي يعيشها الشعب السوري، أتوجّه إلى سمو الأمير والحكومة القطرية والشعب القطر بأسمى آيات الشكر والامتنان للدعم الذي قُدّم للشعب السوري، إذا نظرنا الآن إلى وحدة تنسيق الدعم السوري نرى أنّ 90% من المبالغ التي قُدّمت لها كانت من دولة قطر، في عام 2013 قدّم سمو الأمير 100 مليون دولار لوحدة تنسيق الدعم، ولكنّ للأسف لِقصورٍ في الأداء لم يستطيعوا أنْ يصرفوا هذه الأموال مع أنّ الشعب السوري في أمسّ الحاجة. حتّى الحكومة المؤقّتة الدولة الوحيدة التي دعمتها هي دولة قطر بـ50 مليون يورو، ونتقدّم لسمو الأمير بخالص الشكر والتقدير. كانت دولة قطر مع أشقائها من الدول العربية خاصّةً المملكة العربية السعودية هم الداعم الأكبر لثورة الشعب السورية.
◄ ماذا حول ما يُقال بأنّ ما يدخل سوريا يأتي في الغالب من الأتراك، بما فيه الأسلحة؟
► بالتأكيد هناك جبهتان: جبهة الشمال وجبهة الجنوب؛ من الشمال تركيا، ومن الجنوب الأردن، والأتراك حقيقةً هم الحاضنة للثورة السورية وقد قدّموا دعماً هائلاً لها، وأيضاً لا ننسى أنّ المملكة الأردنية الهاشمية تستقبل الآن أكثر من مليون لاجئ سوري، وكذلك هناك تُقدّم للاجئين.
◄ بالنظر إلى مشهد الثورة السورية ومشهد النظام، كيف يُمكن أنْ يحدث التغيير؟ وكيف يُمكن لهذه الثورة اليتيمة التي تخلّى عنها العالم أنْ تُحقّق أهدافها؟
► نحن اليوم بحاجةٍ ماسة إلى أنْ نوحّد صفوفنا ونُوحّد جهودنا، سواءً على مستوى العمل السياسي أو العسكري. وهذه الثورة تحتاج إلى مزيدٍ من الصبر فليس أمامنا إلا تقديم مزيد من التضحيات. لا يُمكن الوقوف ولا التراجع على الإطلاق، حتى تُحقّق الثورة أهدافها ويقتعَ من يحتلّ سوريا الآن بأنّ الثورة ستُحقّق أهدافها وأنّ هذه الأرض لأبنائها وليست للمحتل الإيراني.
- الحلّ السياسي أو الصلح مع النظام هل مُمكنٌ أنْ يحدث؟
في ظلّ وجود هذا النظام لا يُمكن. هذا النظام أجرم بحقّ الشعب السوري وارتكب المجازر ودمّر سوريا. كيف له أنْ يحكم سوريا وهو من قام بتدميرها؟
◄ كذبة الانتخابات
◄ لكنّه رئيسٌ مُنتخب؟
► من انتخب بشار الأسد؟ هذه كذبة كبيرةٌ لم يُصدّقها أحد، ولا حتّى هو نفسه، أيّة انتخاباتٍ هذه في ظلّ وجود عشرة ملايين سوري بين نازحٍ ومُهجّر، وعمليات قتالية في كلّ مناطق سوريا حتّى في دمشق؟ ويقول النظام إنّه أجرى انتخابات وأقام عرساً ديمقراطياً! أيّة ديمقراطية؟ إنها ديمقراطية موجودة فقط في ذهن بشار الأسد.
◄ هل تتوقّع سيناريو مُختلف يُمكن أنْ يحدُث كتغيير من داخل النظام؟
► لا، لقد سمعت هذا الكلام كثيراً، وهو كلامٌ غير دقيقٍ أبداً.
◄ إذا ما قُدّمت لكم شخصيّة من داخل الطائفة..
► لا توجد شخصيّة، هذا النظام مثلما همّش كلّ الرموز الوطنية في سوريا عمِل على تهميش كلّ الرموز التي يُمكن أنْ يكون لها دور في الطائفة العلوية أيضاً. الطائفة العلوية — للأسف — رغم مضي جزء كبير من أبنائها في عملية القتل والإجرام بحقّ الشعب السورين ولكن أيضاً هناك أناس هم ضحايا للنظام السوري.
◄ هناك من يتحدّث عن تقسيم سوريا، هل يُمكن أنْ يحدث؟
► في الحقيقة، إنّ ما يحدث في سوريا والعراق، وهذا الإهمال الدولي هو مُقدّمات للتقسيم، ونحن من عشرات السنين، ومنذ عام 1980، سمعنا عن أنّ هناك مُخطّطات باتّجاه تقسيم المنطقة وفرض رؤى جديدة، وسمعنا الكثير عن ولادة الشرق الأوسط الكبير والتقسيمات في المنطقة، نتمنّى ألا يحدث ذلك، ولكن للأسف هناك دفع باتّجاه التقسيم، سواءً كان في سوريا أم العراق. إذا كان هناك تقسيم فلنْ يقتصر على سوريا والعراق بل سيشمل المنطقة كلّها.
◄ وهل تعتقد بأنّه من الممكن للشعب السوري أنْ يعود كما كان بعد كلّ هذه الضغائن وآليات القتل التي مورِسَت بحقّه طوال سنوات؟
► بالتأكيد، بإمكان الشعب السوري أنْ يمتصّ ويستوعبَ ذلك، نأخذ لبنان على سبيل المثال، 15 سنة من الحرب الأهلية. والحقيقة ما حصلَ في سوريا ليس حرباً أهليةً على الإطلاق، إلى الآن لم يصل الأمر إلى مسألة الحرب الأهلية، ولكنّ النظام والداعمين له يُريدون أنْ يُصوّروا ما حصل على أنّه حربٌ أهلية، وهم من قاموا بالتجييش الطائفي وبدفع العلويين إلى حمل السلاح بعد أنْ أقنعهم النظام بأنّ الطائفة العلوية مهدّدة ككُل إذا انتصرت الثورة. والنظام، حتّى يبقى بشار الأسد، دفّع العلويين عشرات الآلاف من القتلى.
◄ هل هنالك من الشخصيات العلوية من هو معكم؟
► يوجد في الصفوف المعارضة الكثير من العلويين، وحتّى في الداخل السوري ما بين الصفوف العلوية هناك من هو ضد سياسة بشار الأسد التي اتّبعها في معالجة الثورة السورية.
◄ مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، هل هناك جديد في هذا الشأن؟ أي هل سيُمنح أم أنّه مازال مُجمّداً؟
► ما تمّ اتخاذه من قرارات في قمّة الدوحة هو تسليم المقعد للائتلاف، وهذا القرار واضحٌ لا لبس فيه، ولكنْ للأسف الأمين العام لجامعة الدول العربية والاعتراضات من بعض الدول العربية حالت دون ذلك. ونتمنّى أنْ تلتزم جامعة الدول العربية بتسليم المقعد للائتلاف.
◄ هل هناك وعود من قِبل دول عربية بفتح سفارات جديدة للائتلاف السوري؟
► خلال المؤتمر الأخير لأصدقاء الشعب السوري في لندن، سمعنا الكثير من التصريحات باتّجاه تعزيز الدور الدبلوماسي للائتلاف عن طريق رفع التمثيل في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ونتمنّى أنْ تقوم بعض الدول العربية بتسليم السفارات مثلما فعلتْ دولة قطر.
◄ كيف يُمكن إصلاح مسار الائتلاف وجانب الجسد السياسي للثورة السورية؟
► إذا لم تشعر كل مكوّنات المعارضة السورية بالمسؤولية تجاه معاناة وتضحيات الشعب، وغلّبتْ مصلحة الثورة ومصلحة أبناء الشعب السوري على المصلحة الضيّقة (الحزبية وغيرها) فلا يُمكن لنا أنْ نُحقّق الإنجازات. نحن بحاجة إلى الأشقّاء والأصدقاء،ولكنّنا نبقى لدينا ثورة ولدينا أجندة واحدة وهي نصرة ثورتنا ونصرة شعبنا. نحن بحاجة إلى مساعدة أشقّائنا، ولكنْ أنْ لا نكون أداةً بأيديهم، نُريد مساعدة الأشقاء في سبيل نصرة ثورتنا ، وأنْ تكون لنا أجندة سورية وبرنامج عمل سوري باتّجاه نصرة الثورة، للأسف الشديد، واقعنا سيء ضمن الائتلاف لأنّه خلال الفترة من تأسيسه إلى الآن لم يتعاف ولم يشتغل بالشكل الصحيح تجاه الثورة السورية على الإطلاق.
◄ وليس هناك تفكير بتغيير الجسد أيضاً؟
► نتمنّى أنْ لا نسير في هذا الاتجاه، ونتمنّى أنْ يمشي الائتلاف بالشكل الصحيح وأنْ يكون مُمثّلاً حقيقياً للشعب السوري.
◄ وفي حال عدم حصول ذلك؟
► إذا لم يكُن ذلك فأعتقد أنّ المعارضة السورية بكلّ أطيافها ستكون مدعوّةً إلى أنْ تعمل، ليس من منطلق أنّنا نحتاج كلّ فترة إلى عمل جسم سياسي؛ كان عندنا المجلس الوطني ثمّ الائتلاف الذي قُلنا إنّه المُمثّل الأوسع لكلّ أطياف المعارضة السورية، ولكنْ للأسف الشديد نتيجة ممارسات قيادات المعارضة التي تولّت رئاسة الائتلاف بعقليتها الانفرادية وبتهميشها للمكوّنات الأخرى، لا بُدّ للائتلاف من أنْ يعمل بعقليةٍ تشاركية، وأنْ يعمل كمؤسسة حقيقية وأنْ يُعطي دوراً لأدواته التي أنشأها مثل الحكومة والأركان وغيرها، وأنْ يُعزّز من عملها ودورها على الأرض. إذا ما استطاعت الحكومة السورية المؤقّتة أنْ تبني في الداخل السوري مؤسّسات الدولة تدريجياً، وأنْ تُقدّم الخدمات وترعى شؤون السوريين اللاجئين والنازحين، في الحقيقة يبقى دورنا محدودٌ جداً.
◄ أليس هناك تفكير بانتقال جزء من الائتلاف إلى الداخل؟
► نحن نتمنّى ذلك، ولكنّ قيادات الائتلاف غير مقبولة على الإطلاق في الداخل السوري، لذلك لا أحد لديه الجرأة على أنْ ينتقل إلى الداخل السوري، والسبب في ذلك هو التقصير وعدم التواصل. في الحقيقة، نحن نتمنّى أنْ يعود الائتلاف مؤسّسةً حاضنةً للسوريين ويكون همّه السوريين والثورة السورية.
◄ ما هي رسالتكم للشعب السوري في الداخل وللاجئين والنازحين من أهل سوريا؟
► نتمنّى الصبر من الجميع والثقة المطلقة بأنّ الله -تعالى- سيُحقّق أهدافنا، المعاناة الإنسانية كبيرة جداً بالنسبة لأبناء الشعب السوري، والحاضن الاجتماعي للثورة السورية مُتعبٌ إلى أقصى الحدود، حتى الذي هو موجود الآن تحت سيطرة النظام يُعاني معاناة كبيرة، فليس هناك رقيب على الاعتقالات وممارسات التعذيب والقتل بحق الشعب السوري في المناطق التي يُسيطر عليها النظام. نقولُ لأبناء شعبنا: المزيد من الصبر والنصر قادمٌ بإذن الله -تعالى-.
◄ هل هناك أرقام بالنسبة للاعتقالات؟
► لا توجد أرقام واضحة، ولكنّها بمئات الآلاف، والصور التي تمّ نشرها عن المعتقلين وأساليب التعذيب التي تُمارس في المعتقلات هي جزءٌ في محافظة واحدة، وباقي المحافظات؟ وبقية فروع الأمن والأجهزة؟ المأساة السورية مأساة كبيرة جداً، شيءٌ فظيعٌ لم يحدث في التاريخ.
◄ يُقال إنّ هناك المعارضة داخلية، هل هذا صحيح بالفعل؟
► لا يوجد شيء اسمه معارضة داخلية، لا أتخيّل بأنّ نظام بشار الأسد يسمح بمعارضة داخلية، يعني هو يُريد معارضةً تقولُ ما يقوله، يصنعها هو بنفسه ويقول للعالم بأنّها معارضة داخلية.