د. سعيد إسماعيل مدير معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة: قطر تدشن عصر التحول إلى طب المستقبل
بدأنا عصر التحول من علاج المرض بعد حدوثه إلى الوقاية من الأمراض
دخلت قطر عصر طب المستقبل بعد إطلاق معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة الذي دشنته صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر قبل أيام. ويشكل المعهد نقلة نوعية في مسيرة الرعاية الصحية في قطر وتتويجاً لعشر سنوات من العمل والأبحاث المكثفة في بيوبنك وقطر جينوم، حيث تم تسجيل رقم قياسي في عينيات الجينوم على مستوى المنطقة والعالم بلغ 45 ألف عينة جينوم كاملة. وقد قام الباحثون داخل قطر بإعداد قاعدة بيانات وأبحاث ضخمة خصوصا وأن الجينوم الواحد يتكون من 3 مليارات حرف بما يعادل 70 ألف صفحة من القطع الكبير، وقد بدأ العمل على ترجمتها بإجراءات رعاية صحية. مما سيحدث تحولا إستراتيجيا في مفهوم الرعاية الصحية تجعل المستقبل الصحي آمنا ومنخفض التكاليف.
وقد حرصت “الشرق” أن تكون سباقة بتسليط الضوء على هذا الإنجاز الصحي الكبير من خلال حوار شامل مع أ.د. سعيد إسماعيل مدير معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، الذي أوضح أن المعهد يهدف إلى إعداد قطر للدخول في عصر الطب الدقيق، وهو طب يختلف عن الممارسة الطبية القديمة التي تقوم على مبدأ مقياس واحد يناسب الجميع. وقال إن مستقبل الرعاية الصحية في العالم سيكون حسب المكون الوراثي لكل فرد. وليس حسب بروتوكولات مقياس الأدوية الموحدة للأمراض.
وكشف الدكتور إسماعيل أن قطر جاءت في المرتبة الأولى عربيا في البحوث الطبية بعلم الجينوم بناءً على دراسة حديثة، مؤكدا أن قطر بدأت عصر التحول من علاج المرض بعد حدوثه إلى الوقاية من الأمراض بفضل علوم الجينوم، لافتا إلى وجود نظام صحي متطور جداً ورعاية طبية جاهزة للانتقال من البحوث إلى التطبيق، وقال ان التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على الأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال والقلب والسرطانات. مشيرا إلى دراسة للتوسع في فحص عدد من الأمراض يمكن كشفها قبل الزواج لتحقيق فائدة عظيمة.
وتركز الأبحاث في المعهد على الأمراض التي تشكل عبئاً على النظام الصحي في قطر، خصوصا ان الطب الدقيق سيساهم بشكل كبير في خفض تكاليف الرعاية الصحية التي تتحملها الدولة، وقال الدكتور إسماعيل التركيز في الرعاية الصحية المستقبلية سينتقل من معالجة الأمراض بعد حدوثها إلى مرحلة الوقاية من الامراض. خصوصا وأن كثيرا من الأمراض التي نتعرض لها توجد لها عوامل في الجينات الوراثية يمكن دراستها واكتشافها في سن مبكرة. حيث يمكن معرفة ان هذا الشخص لديه عوامل الإصابة بمرض معين بنسبة كبيرة. وبذلك يمكن اتخاذ إجراءات وقائية عديدة لمنع حصول هذا المرض.
وبخصوص الجينات الوراثية أوضح الدكتور إسماعيل ان الفحص الجيني في قطر يتم في سرية تامة وفق تشفير في غاية الخصوصية، مؤكدا ان العينات الجينية تفحص في قطر ولا ترسل للخارج وتحفظ في أماكن سرية غير متصلة بالإنترنت.
وتطرق الدكتور إسماعيل إلى الكوادر القطرية حيث يجري على استقطاب الكوادر القطرية للتخصص والعمل في الرعاية الصحية الدقيقة، لافتا إلى أن قطر هيأت بنية تحتية مجهزة وفق مواصفات عالمية للمختبرات والمعامل فيما جرى بناء شراكات مع الجامعات والمراكز البحثية حيث جرى استحداث برنامجين بجامعتيّ قطر وحمد بن خليفة لاستقطاب الشباب لدراسة الرعاية الصحية الدقيقة والاستشارات الوراثية.
الحوار حول دور وأهداف معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة كشف لنا مستقبلا صحيا آمنا ومشرقاً ومبشراً للمجتمع القطري والاجيال القادمة.
فيـمـــا يلـي تفاصيل الحوار..
إطلاق معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة لماذا الآن؟ وما هي الأهداف والثمار المتوقعة؟
معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة جاء ليتوج عشر سنوات من جهود مؤسسة قطر من خلال برنامجين مهمين قطر بيوبنك وقطر جينوم. بهدف إعداد قطر للدخول في عصر الطب الدقيق هو طب يختلف عن الممارسة الطبية القديمة التي تقوم على مبدأ مقياس واحد يناسب الجميع . مستقبل الرعاية الصحية في العالم ستكون حسب مكونك الوراثي. وليس حسب بروتوكولات مقياس الأدوية الموحدة للأمراض خصوصا وأن استجابتنا كأفراد للأدوية ليست واحدة وتختلف من شخص إلى آخر حسب المكون الوراثي لكل شخص.. وعليه لا يصح وصف نفس الدواء ونفس الجرعة للجميع.
وبما أن المستقبل للرعاية الطبية الدقيقة يجب أن نفهم المكون الوراثي للشعب وللسكان الموجودين في قطر قبل ان نخطط للرعاية الصحية المستقبلية. لقد كانت قطر من الدول السباقة ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم عندما اطلقت برنامج قطر بيوبنك عام 2012 وبرنامج قطر جينوم عام 2015. كانت هناك مشاريع محدودة على مستوى العالم وتعد على أصابع اليد. قطر كانت سباقة في هذا المجال انطلاقا من استشرافها لهذا المستقبل. والحمدلله الشوط الذي قطعته قطر عبر هذه المبادرة الطموحة لمؤسسة قطر سيوفر الكثير من الجهد لمواكبة هذا التطور العالمي في الطب الدقيق مما سيمكن قطر تصبح من الأوائل في هذا المجال.
نقلة نوعية في الرعاية الصحية
– هذا الدمج بين البرنامجين تحت مظلة المعهد، هل يعتبر نقلة نوعية في هذه المسيرة؟
مما لاشك فيه هو نقلة نوعية. خلال العشر سنوات السابقة حققنا إنجازا بتجميع عدد هائل للتسلسل الوراثي الجيني لعدد كبير من الجينوم للمواطنين وبعض المقيمين بحيث مكننا من إجراء أبحاث على مستوى عال جدا وأجرينا مسوحات للخريطة الجينية للشعب القطري بشكل موسع جدا. نحن اصبحت لدينا قاعدة بيانات وابحاث شاملة و عالية مكنتنا من ترجمة هذه الاكتشافات الى ممارسات رعاية صحية. الان انتقلنا من مرحلة البحث العلمي الى الرعاية الصحية والتطبيق.
التحول من العلاج إلى الوقاية
– بناء هذه الخريطة الجينية، وترجمتها لمارسات صحية، هل يمثل حائط صد للأمراض مستقبلا؟
التركيز في الرعاية الصحية المستقبلية سينتقل من معالجة الامراض بعد حدوثها الى مرحلة الوقاية من الامراض. جزء كبير من رعايتنا الصحية المستقبلية سيتجه نحو الوقاية كما يقول المثل العربي القديم درهم وقاية خير من قنطار علاج. كثير من الأمراض التي نتعرض لها توجد لها عوامل في الجينات الوراثية يمكن دراستها واكتشافها في سن مبكرة. حيث يمكننا معرفة ان هذا الشخص لديه عوامل الإصابة بمرض معين بنسبة كبيرة. وبذلك نتمكن من اتخاذ إجراءات وقائية عديدة لمنع حصول هذا المرض. وهكذا نكون تحولنا من معالجة الامراض بعد حدوثها الى الوقاية منها قبل قبل حدوثها.
إنجازات الطب الدقيق
– هل نحن وصلنا إلى هذه المرحلة في قطر؟
نعم لقد وصلنا الى هذه المرحلة في قطر. ولذلك كانت رؤية صاحبة السمو أن تعلن عن اطلاق المعهد بعد انجاز العمل الصعب في تجميع العينات والبيانات ودراستها وتحليلها نحن نعلم الآن اين نتجه. بدأنا بتجارب صغيرة على مئات المرضى مثل مرضى القلب حيث كان المعتاد أن يوضع للمريض جرعة محددة من مميعات الدم حتى لا تحصل التجلطات ثم يمر المريض بمرحلة لضبط الجرعة المناسبة له لكنها تختلف من شخص الى اخر. أما الآن وبالتعاون مع شركائنا في مؤسسة حمد الطبية بدأنا بفحص الجين المسؤول عن تخثر الدم قبل أن يخضع المريض للعملية وبذلك نعرف بالضبط ما هو الدواء المناسب والجرعة المناسبة مسبقا وبالتالي يخضع للجراحة ويعطى له الدواء بشكل آمن وفعال. وقد وجدنا من خلال هذه الدراسة أنه باستطاعتنا في بعض الحالات تقصير مدة إقامة المريض في المستشفى بعد العملية من 7 أيام الى ثلاثة أيام . وبذلك اصبح مثل هذا الفحص الجيني السريع الذي يجري بمكان مجاور لغرفة العمليات عاملا مساعدا ليس فقط لكي نشخص بالدقة المطلوبة لسلامة الإجراء الجراحي للمريض ولكن أيضا اصبح عاملا مساهما في خفض تكاليف الرعاية الطبية. ونوفر إقامة طويلة ونضمن سلامة المريض .
45 ألف عينة جينوم
– ما هي كمية العينات التي تم جمعها خلال فترة عشر سنوات؟
لقد تمكنا من جمع 45 ألف عينة في بيوبنك معظمها لمواطنين قطريين وبعضها لمقيمين في قطر، وتعتبر هذه الكمية من أغنى وأكبر القواعد الجينية في المنطقة والعالم، وتم دراستها عن طريق عشرات الباحثين الموجودين في قطر من مختلف المراكز البحثية والأجهزة البحثية في جامعة قطر ومؤسسة قطر مثل وحمد الطبية وجامعة حمد بن خليفة وسدرة للطب وكورنيل بالإضافة إلى جامعة قطر ومؤسسة حمد للرعاية الصحية، حيث تم التعرف على عدد كبير من الطفرات الجينية المسببة للأمراض والخاصة بالشعب القطري وهذا كنز علمي سيتم عليه بناء السياسات الصحية تشخيصية ووقائية في قطر.
علماء المستقبل والأبحاث العلمية
– نحن نتحدث عن معهد علمي بحثي أم مركز تدريبي لمشاريع علماء قادمين؟
لقد أرادت صاحبة السمو أن يكون الهدف من تأسيس قطر جينوم وبيوبنك ليس فقط إنتاج عينات وأبحاث إنما كانت رؤية شاملة تقوم على أسس وأركان أبرزها بناء علماء وأطباء المستقبل، ولذلك لدينا شراكات مع جامعة حمد بن خليفة لتأسيس برنامج دراسات عليا في هذا المجال. وفي جامعة قطر أنشأنا برنامجا لتخريج الاستشاريين الوراثيين وهناك أيضا برامج مع وزارة التربية حيث نجوب كل مدارس قطر للتوعية، وساهمنا بإدخال جرعات معينة في المنهج الدراسي حول علم الجينوم وأهميتها. وعملنا مع وزارة الصحة على كتابة سياسات صحية تنظم عمل الرعاية الصحية المستقبلية.أي أننا نعمل على جبهات مختلفة نحن نشتغل على العلم والأبحاث العلمية وبناء العلماء والباحثين ووضع السياسات الصحية بالتعاون مع الجهات المعنية وزارة الصحة.
شركاء وشراكات
– هذه العملية المتشعبة تسير وفقا لمسارات محددة بالتعاون مع الشركاء؟
نحن نرى دورنا كرافعة ووسيط ومنصة ومسهل وداعم يجمع كل هذه الأطراف لتكون قطر رائدة في مجال الرعاية الصحية الدقيقة. نحن في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة نلعب الدور الذي يربط الجميع ويوجه الجميع في مسار واحد نحو هذا الهدف الكبير.
الفحص الجيني ما قبل الزواج
– هل سيدخل الفحص الجيني في كشف ما قبل الزواج؟
هناك دراسة للتوسع في موضوع الفحص ما قبل الزواج، والبرنامج يشمل بعض الأمراض التي ستتم إضافتها، وأنه بناء على دراسة مبسطة مسبقة سيتم التوسع في فحص عدد الأمراض التي يتم كشفها قبل الزواج وهذا يحقق فائدة عظيمة.
التطبيق العملي للوقاية
– دور المعهد بدأ في التطبيق العملي بموضوع الوقاية.. هل توجد صورة عامة لكل الأمراض أم أمراض محددة مستهدفة؟
سوف يتم التركيز على الأمراض التي وردت برؤية قطر 2030 وهي أمراض السرطانات وأمراض القلب والأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال وبعض الأمراض العصبية التي نركز عليها، وهي الأمراض الأكثر شيوعاً في المجتمع القطري أو المجتمعات المجاورة.
شريحة لكل شخص
– كما أشرت مسبقاً إلى شريحة يحملها كل شخص تتضمن كل الأمراض التي يمكن أن يحملها مثل البطاقة الشخصية؟
هذا لم يحصل حتى الآن.. ولكنني لا أستبعد أن يأتي يوم يكون فيه التسلسل الجيني الكامل لأي شخص فينا موجودا على شريحة إلكترونية تسمى البطاقة الشخصية أو بطاقة تأمين بحيث ينتقل الجينوم معه من مستشفى لآخر.وللعلم فإنّ هذا ليس السهل لأن الجينوم الواحد إذا طبعته يتكون من 70 ألف صفحة من القطع الكبير أي 3 مليارات حرف وهي شيفرة ضخمة جداً يحملها كل واحد منا في خلاياه. ومع تقدم العلم فإنّ تكلفة الجينوم الواحد خلال العشرين سنة الماضية باهظة الثمن ولكن الجينوم الواحد اليوم يكلف 200 دولار لأنّ العلم يتقدم بسرعة مهولة. وبالتالي فإنّ التقدم التكنولوجي جعل آلية حصول الشخص العادي على التسلسل الوراثي ممكنة وتحقق نتائج رائعة والتقدم التكنولوجي يعني أنه قد يخزنها أولاً في ملفات إلكترونية وقد نصل إلى أن نحمل الجينوم في شريحة مع كل شخص لكن لا أحد يعلم متى سيطبق هذا الأمر.
ونحن في المعهد نجتمع مع أصحاب المشاريع المشابهه لنا حول العالم ودوماً تدور مثل هذه النقاشات بيننا وكيف يجب أن نكون مستعدين لمواكبة هذا التطور المتسارع. والحمد لله نحن في قطر من المشاريع الرائدة وأصبحنا مؤخرا عضوا قائدا ضمن التحالف دولي لمثل هذه المشاريع والذي يضطلع بوضع التوصيات لأفضل الممارسات والتعليمات التي تنظم عمل مثل هذه المشاريع والعاملين في هذا المجال.
شراكات عالمية
– ماذا عن الشراكات العالمية.. إلى أين وصلت ؟
من البدايات عقد المعهد شراكات مع برامج عالمية متقدمة واليوم وصلنا لنكون عضواً فاعلاً وقائداً في تحالف دولي في مثل هذه المشاريع التي تضع تصورات على مستوى عالمي، وبفضل من الله بشكل مستمر تردنا مطالبات من دول طامحة لإنشاء مشاريعها الخاصة وهم يريدون الاستفادة من تجربة دولة قطر.وسيتم خلال الفترة القادمة عمل ورشة عمل للدول التي بصدد إطلاق مشاريعها للتعلم من تجارب قطر مثل بيوبنك وقطر جينوم وقطر للرعاية الصحية الدقيقة، فإنّ المجال البحثي والأبحاث التي صدرت من المنطقة يشير بناءً على مسح جيني جاءت قطر في المرتبة الأولى في الوطن العربي وعلى مستوى التطبيق فإنه بفضل نظام صحي متطور ومتعاون جداً ورعاية طبية سواء مؤسسة حمد الطبية أو مركز سدرة للطب وغيرهما بالتالي فإنّ الانتقال من البحوث للتطبيق سيكون ممهداً.
إستراتيجية المعهد
– ما هي ملامح وإستراتيجية المعهد خلال السنوات القادمة؟
إنّ أهم ما يميز المرحلة الأولى وما جمعناه في الفترة السابقة في مركز قطر بيوبنك هم أشخاص في الغالب أصحاء قد يكون بعضهم مرضى سكري وضغط مثلاً يتبرع بالعينة وندرس الخارطة المرجعية وهذا التوجه سيكون حول مجموعات مرضية ويجري التركيز أولاً على مرضى القلب والسرطان والأمراض التي تشكل عبئاً على النظام الصحي في قطر ونبدأ بدراستها بتفصيل أكبر ونضع لها إجراءات داخل النظام الصحي لنزيد كفاءة التشخيص والعلاج.
الإنفاق على المنظومة الصحية
– جائحة كورونا كشفت أن الوطن العربي في مجال الإنفاق على المنظومة الصحية والعلاجية في مراتب متأخرة.. كيف تنظر إلى الإنفاق على القطاعين الطبي والبحثي للدراسات والوقاية؟
نحن في القطاع البحثي نفخر به جداً، عندما حلت الجائحة اجتمع المجتمع البحثي والطبي في قطر ونتج عنه نتائج رائعة جداً ولا أبالغ أنّ بعض النتائج التي تصدر من قطر عن مدى استجابة وكفاءة المطعوم ضد المتحور الجديد كانت النتائج الأولى على المستوى العالمي تأتي من قطر وتنشر في أهم المجلات العلمية المهمة حول العالم، وهذا يثبت فائدة الاستثمار في القطاع البحثي وعندما جاءت الجائحة كانت دولة قطر جاهزة من خلال المختبرات والمعامل المهيأة مع توفير أفضل الأجهزة والباحثين.
والاستثمار في القطاع البحثي في قطر هو الأعلى في المنطقة وهذا يؤتي ثماره خلال الجائحة أو ظروف أخرى وستدخل قطر مستقبلاً دون شك في الرعاية الطبية الدقيقة على مستوى عالمي.
إنتاج لقاحات
– هل يمكن أن يكون هناك مستقبلاً إنتاج علاجات أو لقاح ما لأنّ الجائحة كشفت أن دولاً تتسابق لإنتاج لقاحات بينما المنطقة العربية تنتظر استيراد لقاحات من الخارج؟
هو طموح موجود ولكنه ليس بالأمر السهل وتتم مناقشته على أعلى مستوى بمؤسسة قطر ويجب أن نعمل بجد لنكون منتجين وبمستوى رائد في البحث العلمي والتطبيقي وإنتاج شراكات مع مؤسسات عالمية لنقل الخبرات وتطوير العلاجات في قطر لمعالجة بعض الأمراض الشائعة سواء في قطر والمنطقة.
استثمار عالمي
-هل المعهد يمكن أن يكون أفضل استثمار عالمي؟
بكل تأكيد، وعائد هذا الاستثمار إن شاء الله لن يكون صحيا فقط بل واقتصاديا أيضا. ونحن حالياً نقوم بإثبات ذلك من خلال دراسات ونتائج موثقة أنّ التوسع في تطبيق الرعاية الصحية الدقيقة سيساهم مثلا بالتوفير في فاتورة العلاجات والأدوية، ومما لاشك فيه أنّ تطبيق الرعاية الطبية الدقيقة في مجال الوقاية من الامراض سيوفر على الوزارات وعلى الحكومات تكلفة الرعاية الصحية المستقبلية.
المختبرات والبنية التحتية
– قطاع المختبرات والعينات.. هل يترافق مع جهود المعهد في قطاع الأبحاث والدراسات لتلبية طموحات المعهد؟
معظم هذه الدراسات تنتج عن الأبحاث والبنية التحتية للمختبرات في قطر هي الأفضل في العالم لأنها تتميز بأعلى المواصفات والخبرات والكفاءات والتدريب على أعلى مستوى وهذا حرص من القيادة ومنذ إطلاق قطر جينوم وقطر بيوبنك أنّ يتم كل شيء في قطر من خلال بناء مختبرات متطورة واستقطاب كفاءات قادرة على تشغيلها بكفاءة عالية.
وكل الفحوصات تتم داخل مختبرات قطرية ولا يرسل منها شيء للكشف أو الفحص في الخارج بدءاً من لحظة تجميع العينة إلى لحظة إنتاج الجينوم وتحليل تلك البيانات ويتم أيضاً داخل قطر.
خصوصية البيانات
– ماذا عن الحفاظ على خصوصية بيانات الشخص في الرعاية الدقيقة؟
هو أمر مهم جداً ونعمل بحرص شديد للتأكد من أنّ كل متبرع بعينته وبياناته تتم وفق تشفير خاص بها ويتم التشفير على مرحلتين، حيث يستحيل ربط العينة بالمتبرع أبداً، ويكون في سرية تامة ومما يوفر للباحثين هو خلاصة البيانات الجينية دون التعرف على شكل أو شخص معين ويتم حفظها في أجهزة ذاكرة آلية (سيرفيرات) وأماكن تخزين غير مرتبطة بالإنترنت وموجودة جميعها في قطر وبأعلى درجات الخصوصية والأمان.
مستقبل صحي أفضل
– هل يمكن أن تكون الأجيال القادمة خالية من الأمراض؟
نطمح نحن وشركاؤنا من مقدمي الرعاية الصحية في قطر بأن نصل الى تقليل نسبة الكثير من الأمراض الوراثية في الأجيال القادمة كما نطمح الى زيادة نسبة التشخيص المبكر لأمراض أخرى وإلى نشر فحوصات جينية تمكن من وصف العلاج الفعال وتقليل الاعراض الجانبية وتقليل تكلفة الرعاية الصحية.
أدوار منتظرة من المعهد
– ماذا ينتظر المجتمع والأفراد والمؤسسات اليوم من أدوار قد يلعبها المعهد في المرحلة المقبلة؟
دعني أوجز بأنّ ما حدث في السنوات السابقة هو إنتاج قاعدة بيانات جينية وصحية ضخمة هي الأولى في الوطن العربي. تمّ تحليلها ودراستها واستخلاص النتائج المهمة منها، واليوم نحن في مرحلة الانتقال إلى التطبيق السريري المبني على هذه النتائج. لذلك دور شركائنا في القطاع الصحي مثل مؤسسة حمد ومركز سدرة للطب ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية في هذه المرحلة هو عامل حاسم ومهم جداً. بدأنا بالفعل بدراسات تجريبية صغيرة على مجموعات من المرضى مع هؤلاء الشركاء وبعد الانتهاء من كل دراسة سنقوم بتحليل النتائج وتحديد التحديات والفجوات ثم نقوم بجسرها لنتمكن مع شركائنا من تكبير وتعميم هذه الاجراءات داخل النظام الصحي.
ومن هذه التحديات على سبيل المثال هو ادخال مثل هذه الاجراءات ضمن النظام الالكتروني للمؤسسات الصحية، وقد أدخلنا مثلا مؤخرا تعديلات آلية على النظام البيانات الإلكترونية للمريض بحيث يمكن للطبيب في عيادته أن يتعرف على ملاءمة نوعية الدواء الذي يكتبه للمريض ومدى مناسبته له من خلال إشارة أو علامة تظهر له على النظام الإلكتروني وما إذا كان حاملاً لطفرة مثلاً وأنه في حال الحصول على دواء ما فسيكون معرضا بعض الأعراض الجانبية.
الذكاء الاصطناعي
– الذكاء الاصطناعي.. إلى أي مدى قد يخدم المعهد؟
الذكاء الاصطناعي بالطبع موضوع الساعة وهو يدخل في مجالات متعددة منها مجال عملنا. ونحن بصدد دراسة ذلك وقد تباحثنا قبل فترة مع المراكز البحثية في قطر في كيفية الاستفادة من وعرضنا عليهم التحدي وهو وجود بيانات صحية ضخمة وعن دور الذكاء الاصطناعي في ذلك تحليلها، بما يمكن أن يوفر على الجميع مجهود كبير ويساعد على اكتشافات اكثر وسنستمر وبالتعاون مع الشركاء خلال الفترة القادمة لتحقيق ذلك العمل بكل جهودنا.
– ماذا عن تحفيز المعهد للكوادر القطرية في المجال البحثي والعلمي؟
توجد الان بالفعل كفاءات قطرية في مواقع قيادية معطاءة بالمعهد منهم على مستوى قيادي وهناك مسؤولون وباحثون قطريون في مواقع مختلفة في المراكز البحثية وفي مؤسسات الرعاية الصحية الدقيقة، والمراكز البحثية المختلفة في مؤسسة قطر تحتضن العديد من الكوادر الشابة المتخصصة من مخرجات الكليات العلمية والطبية والبحثية بالدولة، وهناك كفاءات أخرى يتم تدريبها سواء في داخل مؤسسة قطر أو خارجها لإعداد جيل مؤهل ومتخصص وعلى مستوى الجيل الجديد فنحن نجوب مدارس قطر لتحفيز الجيل القادم من الشباب على اختيار مهن لها علاقة بالرعاية الطبية الدقيقة المستقبلية. كما نعمل على استقطاب الشباب في المرحلة الجامعية، فقد أنشأنا، كما قلنا، برنامجين متخصصين أحدهما بجامعة حمد بن خليفة وآخر للرعاية الصحية الدقيقة بجامعة قطر هو برنامج الاستشارات الوراثية، ووفرنا لهم منحاً دراسية ونعمل جاهدين لتخريجهم والعمل على استقطابهم أو التفاعل مع الشركاء لاستيعابهم في سوق العمل بعد تخرجهم.
مدير التواصل واستقطاب المشاركين محمد الدوسري: الحملات التوعوية ساهمت في استقطاب أكبر عدد من المشاركين
رداً على سؤال حول الخطوات المتبعة للمشاركة في الأنشطة البحثية والفحوصات بالمعهد، قال محمد الدوسري، مدير التواصل المجتمعي واستقطاب المشاركين، بمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة: إن شروط المشاركة في الأنشطة البحثية والحصول على البيانات الحيوية هي السماح بمشاركة أي فرد يبلغ من العمر 18 عامًا على الأقل ويكون مواطنًا قطريًا أو مقيمًا في قطر لفترة طويلة لا تقل عن 15 عامًا على الأقل، ولا يوجد حد أقصى لأعمار المشاركين، كما ان الفحوصات تتم في إطار كامل من الخصوصية بكل سهولة ويسر.
وتابع: ومن خلال جمع العينات والمعلومات حول الصحة وأنماط الحياة، سيتمكن الباحثون من فهم أسباب إصابة بعض الأشخاص في قطر بأمراض معينة وعدم إصابة البعض الآخر، حيث يتم إخضاع هذه العينات لمجموعة واسعة من الاختبارات. بعدها تتم معالجة العينات وتخزينها في مختبر معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة.
وأضاف: كانت قد تكللت جهودنا في استقطاب المشاركين قبل 15 عاماً بحملات توعوية مكثفة شملت حملات في المدارس والجامعات والمؤسسات المختلفة لنشر الوعي لدى المجتمع بأهمية تفعيل ممارسات الرعاية الصحية الدقيقة في المجتمع ليتمتع بصحة جيدة وحيوية.
يعد معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة رائدًا في نقل المعرفة، كونه المبتكر الوحيد لموارد التعلم والتعليم الترفيهي حول الجينوم باللغة العربية بغرض تثقيف جيل الشباب وإلهام خياراتهم الدراسية والمهنية في المستقبل من أجل بناء القدرات البشرية في هذا المجال.
ولفت قائلاً: نجحنا بتحقيق رقم قياسي حيث تمكنا من استقطاب أكثر من 45 ألف مشارك بدأنا باستقبال 4 مشاركين في اليوم حتى وصلنا إلى 36 مشاركا في اليوم وتدريجياً لمسنا مدى زيادة وعي الأفراد المشاركين وفهمهم لأهمية هذه الخطوة التي باتت تغنيهم عن السفر إلى الخارج لإجراء مثل هذه الفحوصات الجينية واكتشاف الأمراض الوراثية، وذلك بفضل وجود بنية تحتية متكاملة من المعدات والمختبرات الحديثة ونخبة المتخصصين من الأطباء والعلماء والباحثين.
وأضاف: يمكن للراغبين في المشاركة معنا زيارة موقعنا الإلكتروني أو التواصل معنا عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو الاتصال الهاتفي، ويتضمن موقعنا الإلكتروني كافة التفاصيل المتعلقة بالتسجيل، والبوابة المخصصة للمشاركة، ويتم تحديد موعد للمشارك لأخذ العينات في مبنى “قطر بيوبنك” التابع لمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة بجانب وزارة الصحة.