رئيس الطوارئ الحكومية ووزير البيئة اللبناني د. ناصر ياسين: دعم قطر بالغ الأهمية لاستقرار لبنان
تحرر سوريا من نظام الأسد يعيد الاستقرار للبنان والمنطقة.. والحوار الوطني يبدأ بعد انتخاب رئيس الجمهورية
أشاد وزير رئيس لجنة الطوارئ، ووزير البيئة اللبناني د. ناصر ياسين بمواقف حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، تجاه لبنان، منوها بأن سموه طرح قضية لبنان في جميع المنابر العربية والعالمية، وكان سباقا بإصدار توجيهاته لدعم لبنان وشعبه. وقال إن اللبنانيين حكومة وشعبا وسياسيين وأحزاباً يجتمعون على حب قطر ويقدرون عاليا تضامنها ومساندتها للشعب اللبناني خلال العدوان عبر إرسال جسر جوي محملا بأطنان المساعدات الإغاثية والطبية. وتطرق إلى دعم قطر للجيش اللبناني الذي يعتبر المؤسسة الأمنية الجامعة لكل اللبنانيين والحامية لوحدته واستقراره. مؤكدا أن الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته قطر مكن الجيش اللبناني من الاستمرار بتحمل مسؤولياته والقيام بدوره الوطني. وتحدث الوزير ياسين عن أهمية منتدى الدوحة الذي أصبح منصة جاذبة لكبار الشخصيات والقادة وصناع القرار في العالم للإضاءة على القضايا العربية وأبرزها فلسطين ولبنان. وقال: إن تكريم الصحفيين الذين أصيبوا في الحرب في غزة أو في لبنان في افتتاح المنتدى كانت طريقة ذكية جدا للإضاءة على الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وهي إشارة جريئة لجرائم إسرائيل وكسرها للقوانين الدولية وحقوق الإنسان من خلال استهداف المدنيين والطواقم الصحفية والطبية.
وأشاد بسقوط نظام الأسد في سوريا وقال: الاستقرار في سوريا والانتقال الديمقراطي نحو الحرية ونحو الحوار الداخلي بين كل المكونات السورية سيساهم في استقرار الدولة السورية والنهوض بها بعد سنوات من حروب وعقود من القبضة الحديدية على الشعب السوري مما قد يؤدي إلى انفراجات في المنطقة.
وتطرق الوزير ياسين إلى حجم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على لبنان وتعرض لبنان الى العدوان الإسرائيلي في 82 و93 و96 و2006. فهذه الحرب هي الأعنف من ناحية حجم الدمار الهائل الذي حصل بالنسبة لكلفة الحرب التي قدرت بـ 10 مليارات دولار.
وكشف أن العدوان الإسرائيلي تسبب باضرار فادحة للبيئة، وقال إن وزارة البيئة وثقت بالتنسيق مع خبراء استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض في مساحات واسعة في الجنوب خاصة، وقد تعمدت إسرائيل حرق أكثر من 5 آلاف هكتار في الجنوب، يعني هذا أكثر بخمس مرات مما احترق من غابات وأعشاب في كل الأراضي اللبنانية، وأعلن الوزير ياسين خطة وزارة البيئة اللبنانية للتعامل مع مخلفات العدوان والردميات، وقال أصدرنا إرشادات لكيفية معالجة الردميات وإزالة السموم منها. ولدينا خيارات أخرى كثيرة ومفيدة أهمها إعادة التدوير وإعادة تأهيل المقالع باعتبار ان الكسارات والمقالع شوهت الجبال وبالتالي نستطيع استعادة جمالية جبالنا. كذلك يمكننا الاستفادة من الردميات كمواد أولية لرصف الطرقات والبناء فالخيارات كثيرة ومتاحة وأفضل من ردم البحر.
بعد التغيير الهائل الذي حدث في الشقيقة سوريا، نظن أن تداعياته لن تقف في الجغرافيا السورية، كيف تنظرون في لبنان الى هذه التداعيات؟
التغيير الذي حدث في سوريا خلال أيام وبشكل سريع سيكون له بلا شك نتائج مباشرة على لبنان والمنطقة بصفة عامة، خاصة أن العلاقات بين لبنان وسوريا تمتد لسنوات طويلة وفي الحقيقة شهدت العلاقات بين لبنان وسوريا دائما “مد وجزر” خاصة على المستوى السياسي ولكن العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية متجذرة بين البلدين. وأعتقد أن الاستقرار في سوريا والانتقال الديمقراطي نحو الحرية ونحو الحوار الداخلي بين كل المكونات السورية سيساهم في استقرار الدولة السورية والنهوض بها بعد سنوات من حروب وعقود من القبضة الحديدية على الشعب السوري مما قد يؤدي إلى انفراجات في المنطقة.
– ملفات عالقة
العلاقات السورية اللبنانية التي تميزت بالمد والجزر والانعكاسات تختلف عن باقي الدول خاصة. وانكم تستضيفون عددا كبيرا من الاشقاء السوريين، هل ترون أن هذا التغيير سوف يفتح صفحة جديدة من العلاقات المميزة أم ستكون علاقات مضطربة ؟
منذ الساعات الأولى من هذا الانتقال الذي يحصل في سوريا، الإشارات إيجابية من ناحية لبنان، مختلف الأطياف اللبنانية ترحب بالانتقال السلمي في سوريا. كما أن أغلبية المكونات السياسية في لبنان تعتبر أن ما يحدث في سوريا هو شأن داخلي، لا نريد أن نتدخل في الشأن السوري، والعكس صحيح، يعني لا نريد لسوريا بالمستقبل أن تتدخل في الشعب اللبناني، وهذا كان أساس الالتباس الحاصل في السابق، ولدينا كذلك ملفات عالقة تتعلق بالمعتقلين اللبنانيين في سوريا الذين لم تعترف الحكومة السورية السابقة باعتقالهم. ولكن اليوم ثبت وجودهم هناك بعض الأشخاص عادوا اليوم إلى لبنان بعد عشرات السنين من الاعتقال. وهناك عمل مشترك لتقصي الحقائق عن وجود معتقلين آخرين منذ الحرب الاهلية وقد أوعز رئيس الحكومة لوزارة العدل لمتابعة هذا الملف.
– ملف اللاجئين السوريين
أما الموضوع الثاني هو موضوع اللاجئين السوريين، لبنان يستضيف أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، يعني نسبة لعدد السكان والجغرافيا اللبنانية، هذه أكبر نسبة لاجئين للسكان في العالم. لبنان استضاف كما نقول السوريين عن كل العالم، يعني في الوقت الذي رفضت بقية الدول استقبال اللاجئين السوريين بعد الحرب وبعد ما حدث من 2015 استقبلتهم لبنان بحكم الجوار والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية. أعتقد أن هؤلاء الناس من حقهم العودة لديارهم وأصبح الآن الوقت المناسب لذلك خاصة وان سوريا تنتقل إلى الاستقرار، الاقتصادي والسياسي، علينا أن ننظم العودة بشكل سريع.
– ضبط الحدود مع سوريا
الموضوع الثالث هو إعادة ضبط الحدود بين البلدين التي تمتد على عشرات الكيلومترات لوقف التهريب وتجارة المخدرات فهناك عدد من الملفات الكثيرة على الحكومة السورية المقبلة والحكومة اللبنانية الحايلة او القادمة مناقشتها بشكل فعلي. الى جانب تعزيز العلاقات الدبلوماسية. و للتذكير رغم العلاقات العريقة بين البلدين أول سفارة سورية فتحت أبوابها في لبنان سنة 2008 بعد اغتيال الرئيس الحريري. ونأمل أن يتم توطيد العلاقات بالشكل الذي يخدم مصالح البلدين. نحن نحتاج الى مصالحة وبناء الثقة بين لبنان وسوريا بعد أن تتمكن سوريا الجديدة من تحقيق التفاهمات والتوازنات الداخلية.
– منصة للقضايا العربية
نلتقي معكم على هامش مشاركتكم في منتدى الدوحة الذي جمع حشدا كبيرا من قادة الدول وصناع القرار. كيف كانت مشاركتكم وما هو انطباعتكم؟
هذا ثالث منتدى أشارك فيه، ودائما المشاركة في منتدى الدوحة تكون ذات قيمة ومفيدة وذات حصيلة من الأفكار والتبادلات المهمة، فعلا فضاء منتدى الدوحة مهم جدا على مستوى الفعاليات والجلسات. وكذلك المشاركة هذه السنة كانت فرصة لشكر صاحب السمو والحكومة وكل الشعب القطري الشقيق لدعم لبنان خلال العدوان الإسرائيلي الذي تعرض له وسبب خسائر كارثية وتهجير أكثر من مليون لبناني. نقدرعاليا تضامن دولة قطر ومساندتها لنا خلال العدوان عبر إرسال جسر جوي إغاثي وتضامني وإرسال رسالة مساندة ودعم كبيرة لنا وقت الحاجة أتذكر قدوم سعادة الوزيرة لولوة الخاطر وقت القصف على بيروت على متن طائرة عسكرية في الأيام الأولى للعدوان كان لهذا الموقف التضامني الأثر الكبير علينا.
كما كان حضوري لهذا المنتدى فرصة مهمة لمناقشة نتيجة وتأثيرات هذه الحرب على لبنان. ومن المواضيع المهمة التي تم مناقشتها في المنتدى هو قيمة المنظومة القانونية الدولية وعدم احترامها من قبل الاحتلال الإسرائيلي إن كان في غزة أو في لبنان، وأقصد بالتحديد القانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، كل هذه القوانين كسرها الاحتلال الإسرائيلي في غزة عبر الإبادة التي حصلت، وأيضا عبر ما حصل في لبنان من استهداف للمدنيين وطواقم طبية وتهجير أكثرمن مليون و200 الف لبناني وتدمير ممنهج للمدن وهو ما يسمى بالإبادة المكانية، والابادة البيئية وهي الإبادة الإيكولوجية. وكان منتدى الدوحة لحظة مهمة لرفع الصوت حول هذه القضايا بحضورعدد كبير من المفكرين ومراكز الأبحاث والسياسيين والمؤسسات غير الحكومية.
– المنتدى أضاء على جرائم إسرائيل
نحن نفتقر لتجميع هذا العدد من المفكرين وصناع السياسة على مستوى العالم في الدول العربية. ماذا يعني أن يكون هذا الحدث بهذا الزخم في عاصمة عربية؟ هل يشكل نقطة تحول في إبراز قضايانا العربية على مستوى العالم؟
تماما أصبحت الدوحة جاذبة للضيوف من العالم في عدد من المناسبات ليست فقط سياسية وانما ثقافية ورياضية وهذا الحضور الكبير بتنوعه وأعداده مهم أيضا لرفع القضايا العربية، هذه المنتديات العالمية أو المؤتمرات الدولية من المهم فيها الاضاءة على القضايا العربية على غرار فلسطين أو لبنان. نلاحظ دائما ان الموقف الرسمي لدولة قطر يساند ويعرض القضايا العربية. العام الماضي، كانت قضية غزة تأخذ حيزا كبيرا في المنتدى وهذا العام غزة ولبنان فكي لا تصبح هناك دول عربية أخرى تعاني يجب رفع الصوت.
كما ان تكريم الصحفيين الذين أصيبوا في الحرب في غزة أو في لبنان كانت طريقة ذكية جدا للإضاءة على الانتهاكات التي حصلت في حقوق الإنسان نتيجة الاحتلال الإسرائيلي وهي إشارة جريئة لجرائم إسرائيل وكسرها للقوانين الدولية وحقوق الإنسان من خلال استهداف المدنيين والطواقم الصحفية والطبية.
– جرائم إسرائيلية
بعد الاتفاق على وقف اطلاق بين لبنان وإسرائيل وخرقه المستمر من الاحتلال هل سيكتب النجاح لهذا الاتفاق أم قد ينتهي وتعود الحرب ؟
الأيام الماضية كان هناك حوالي 100 انتهاك من الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وتم قصف بعض البيوت والسيارات بشكل متفرق لكن لبنان لم ينتهك بأي شكل من الأشكال وقف إطلاق النار، جرى تبادل معين حدث في أراض لبنانية وتعمل الحكومة ولجنة المراقبة التي تضم جنرالا أمريكيا وجنرالا فرنسيا والقبعات الزرقاء في مهمة لحفظ السلام. كما ان الجيش اللبناني ينتشر بشكل تدريجي في المناطق الحدودية ولكن إسرائيل هي من تنتهك هذا الاتفاق.
– تكلفة رهيبة لإعادة الإعمار
بعد أن وقف هذا العدوان الصهيوني على لبنان، أكيد بدأتم في تقييم حجم الأضرار وما خلفه هذا العدوان، إن كان ذلك على مستوى المواطن اللبناني أو إن كان على صعيد البنية التحتية أو حتى على صعيد البيئة، وأنتم دكتور يعني وزيرا للبيئة ما هو أثر العدوان على مختلف الأصعدة؟
يعني أنا عشت معظم الحروب، كنت صغيرا خلال الحرب الأهلية، تعرضت لبنان الى العدوان الإسرائيلي في 82 و93 و96 و2006. هذه الحرب هي الأعنف من ناحية حجم الدمار الهائل الذي حصل بالنسبة لكلفة الحرب قدرت لحد الآن بشكل أولي،لأن عدد من المناطق لا تزال محتلة، هناك أكثر من 55 بلدة وقرية محتلة، وهي شبه مدمرة، ولكن التقدير الأولي لكلفة الحرب تفوق 10 مليارات دولار. تقدير البنك الدولي أواخر شهر 10 كان بحدود 8.6 مليار وهو تقدير للحد الأدنى.
ولكن ممكن أن تكون الكلفة أكبر اذ نظرنا للكلفة البيئية والقطاع الزراعي وبعض القطاعات الاقتصادية ولكن الرقم هو أكثر ضخامة بالنسبة للوضع الاقتصادي للبلد وعدم القدرة على إعادة الاعمار. بصورة أوضح نصف الناتج المحلي وكل ما يملك لبنان واللبنانيون والمصارف والحكومة، نصفهم سيذهب لاعادة الاعمار وهذا غير ممكن، لا قدرة للبنان بكل بساطة للبدء في الإعمار نحن نحتاج إلى الدعم. كلفة إعادة تأهيل محطات المياه في الجنوب والضاحية فقط يفوق 300 مليون دولار، ضف على ذلك إعادة تأهيل الطرقات، الكهرباء، الاتصالات، النظافة ورفع النفايات والركام. نحن أمام مرحلة ستكون جد شائكة فيها تحديات كبيرة ولكن بدأنا بشكل متدرج في دعم الناس لتمكينهم من العودة لبيوتهم بتقديم الخدمات الطارئة لتأهيل البنية الأساسية. هناك أكثر من نصف مليون لبناني فقدوا منازلهم بشكل كامل أو ألحق بها الضرر، هناك 100ألف بيت متضرر والناس محتاجون لمساعدة للإيواء، هناك مدينة النبطية تعرضت الى التدمير، صور تعرضت لغارات كبيرة أحياء كاملة في البلدات الحدودية تدمرت بشكل ممنهج، وأيضا في الضاحية.
يبقى لدينا الامل واللبنانيون لديهم قدرة على الاستمرار، ولكن هذه المرة الحرب وقعت في ظروف اقتصادية صعبة بالنسبة للحكومة والمواطنين خاصة بعد أزمة المصارف. نتمنى أن تحل هذه الازمات مع قدوم الرئيس الجديد في العام القادم.
– حكومة جديدة
هل هناك مؤشرات تشير إلى قرب تكوين الحكومة وتعيين الرئيس الجديد ؟
أعتقد أن الحراك الرئاسي أكثر جدية هذه المرة بسبب ضغط الحرب على البلاد، لبنان محتاجة إلى حكومة ورئيس جمهورية للتصديق على الاتفاقيات والقوانين. نحتاج الى حكومة دستورية ليستطيع مجلس النواب تشريع القوانين. خلال السنتين الماضيتين لم يستطع مجلس النواب التشريع واعتماد قوانين. لبنان تحتاج إلى رئيس دولة هذا من المسلمات لنتمكن من حل الازمات العديدة التي نعاني منها. الواقع السياسي والتحول في المنطقة وخاصة سوريا يفرض أكثر وجود رئيس وحكومة لفتح باب الحوار أيضا مع الحكومة السورية لتسوية المواضيع العالقة.
– أضرار جسيمة
هذا العدوان استخدم فيه ربما اسلحة لأول مرة يتم استخدامها ايضا مما يسبب اضرارا قد تكون لاحقة على البيئة والانسان، على الامور الصحية، هل توفرت لدى الحكومة اللبنانية تقارير تتحدث عن مثل هذا الامر؟
نحن وثقنا في وزارة البيئة مع خبراء استخدام الفوسفورالأبيض في مساحات واسعة في الجنوب خاصة وقد تعمدت اسرائيل حرق أكثر من 5 آلاف هكتار في الجنوب، يعني هذا أكثر بخمس مرات مما احترق من غابات وأعشاب في كل الأراضي اللبنانية، وبعد توقف العدوان بدأنا في التوسع لأخذ عينات أكبر لدراسة اثار الحرب على البيئة. ورفعنا تقارير لعدد من الهيئات الحقوقية مثل أمنستي وهيومن رايتس ووتش، ومكاتب الأمم المتحدة، ناقشنا الموضوع مع مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة لإجراء تقصي الحقائق موثق أكثر من قبلهم لهذه الانتهاكات. هناك دراسات من جامعات ومراكز أبحاث تفيد بأن الفسفورلا يبقى كثيرا في التربة، ولكن يؤثر على مياه الجوفية، نحن نحتاج للوصول إلى المناطق،لا تزال محتلة الآن لإجراء دراسات أكثر على التربة والمياه والمزروعات وغيرها.
ألا تفكرون في رفع قضايا دولية على إسرائيل؟
نحن رفعنا قضية لمجلس الأمن اذ لم ينظر فيها سنذهب للجمعية العامة وممكن استخدام كل الأطر والقوانين الدولية يعني لهذا الموضوع نحن في السابق في 2006 ادعينا على إسرائيل بالجمعية العامة لتعمدها إجراءات تسرب نفطي في منطقة الجييف. والجمعية العامة غرمت إسرائيل بـ 860 مليون دولار و لم تدفعها، ولكن كل سنة نذكر ونطالب بالدفع، فالأساس هو المتابعة والمطالبة المستمرة.
أشرت دكتور إلى بدء عودة اللبنانين إلى مناطقهم، هل بدأتم وأنتم رئيس لجنة الطوارئ بإعادة النازحين إلى المناطق التي خرجوا منها؟
في لبنان الناس لا تبقى في مراكز الإيواء طويلا خلال الـ24 ساعة، كان 80% من الناس قد رجعوا إلى منازلهم أو السكن عند الأهالي والأصدقاء والأقارب، تبقى 6% فقط في مراكز الإيواء، نحن نجري كل الإحصاءات لمعرفة الحاجات الاولية وكلفة إعادة الإعمار وإعادة الخدمات التي من المؤكد ستأخذ وقتا طويلا في ظل غياب التمويل.
– تمويل إعادة الاعمار
ما هي المدة الزمنية المتوقعة لإعادة الاعمار؟
الاعمار يبدأ عندما يتوفر التمويل. وقد يستغرق الأمر من سنة الى سنتين. حتى الان لم تتبلور الصورة الكاملة للجهات التي ستمول إعادة الاعمار.
هل تلقيتم وعودا من دول عربية لإعادة الإعمار؟
تلقينا وعودا من عدة جهات ولكن هذه الوعود بدعم لبنان وليس تحديدا في مجال إعادة الإعمار. ومازلنا ننتظر. لابد من خطة حكومية لإعادة الاعمار ويتم على أساسها دعوة الدول الشقيقة والصديقة للمساهمة في هذا الخطة. واظن ان هذه العملية مازالت في مراحلها الأولى.
– غياب رئيس الجمهورية
هل تعتقدون ان عدم وجود رئيس للجمهورية هو السبب في تأخر المساهمات العربية في إعادة الاعمار ؟
من المؤكد انه لوكان لدينا رئيس للجمهورية والمؤسسات الدستورية منتظمة لما تأخرت الدول العربية الشقيقة بالمساهمة في تمويل إعادة الاعمار.الرئيس القادم يجب ان يكون برنامجه إعادة الاعمار والمؤسسات. وربما هذا يتطلب حوارا وطنيا لأننا في لبنان نحتاج في كل المراحل الى حوار داخلي.
– الحوار الداخلي الوطني
هل نحن في مرحلة تتطلب الحوار الداخلي ريثما يتم انتخاب رئيس الجمهورية ؟
الحوار الداخلي قائم بطريقة غير مباشرة عبر لقاءات ثنائية خصوصا وان التطورات تطرح الكثير من الملفات التي يجب التفاهم عليها فهناك تطبيق القرار 1701 وتوابعه وهناك اعادة الاعمار وهناك ملف المؤسسات الدستورية وهناك الملف السوري وكيفية التعاطي معه. وهناك ايضا مشكلة غياب الثقة بين الاطراف والقوى اللبنانية.
هل نفهم ان الحوار الوطني سينطلق بعد انتخاب رئيس الجمهورية ؟
من المؤكد ان رئيس الجمهورية القادم سيكون رئيسا حواريا بحيث يطرح جدول اعمال حول القضايا الوطنية والقضايا الخلافية تشمل: الاستراتيجية الدفاعية والعلاقة مع سوريا وترسيم الحدود وبناء المؤسسات وتفعيل السلطات القضائية وغيرها الكثير من القضايا التي تحتاج الى حوار طويل ومعمق.
– الحاجة لطرف خارجي
عندما تتعقد الامور يبحث اللبنانيون عن طرف خارجي يجمعهم للحوار والتفاهم لماذا لا يلتقي اللبنانيون الا في الخارج ؟
اذكر عندما استضافت الدوحة الحوار الوطني اللبناني طلب صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سحب الهواتف من المشاركين في الحوار حتى يمنع المؤثرات الخارجية عنهم. وهكذا نجح الحوار. في مسيرة لبنان كثير من المواقف في هذا الاطار. ولعل اتفاق الطائف كان اكثرها جدية واطولها زمنا. غير ان مشكلتنا ان كثيرا من بنود الطائف لم يتم تطبيقها. حاليا توجد اللجنة الخماسية التي تضم قطر ومصر والسعودية وفرنسا وامريكا تقوم بدور جيد وبجهد دؤوب لانتخاب رئيس للجمهورية. لكن تبقى المشكلة في اقتناع القوى السياسية اللبنانية باهمية الحوار الداخلي. لدينا انقسام واضح في الكتل البرلمانية في مجلس النواب وهذا الامر انعكس على دور مجلس النواب. وهذا يؤكد الحاجة لاقتناع اللبنانيين بأهمية الحوار الوطني الداخلي.
– نزع سلاح حزب الله
بعد الذي حدث جراء العدوان الاسرائيلي هل اصبح موضوع نزع سلاح حزب الله اقرب للتنفيذ مما كان عليه في السابق؟
هذا الموضوع سيكون جزءا من الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار المنتظرة. وموضوع سلاح حزب الله لطالما كان موضع تجاذبات سياسية وهو موضوع قديم متجدد سبق ان طرح في محطات مختلفة وهناك تساؤلات مطروحة كيف نحمي لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية وما هو دور المقاومة بمختلف اشكالها وهذه الاسئلة مشروعة في الحوار الوطني. وتحتاج الى كثير من الحكمة في التعامل مع هذا الملف. واذكر هنا تجربة حصلت في ايرلندا حيث ان الاتفاق الذي تم مع الجيش الايرلندي عام 1997 لوقف الحرب الاهلية غير ان المفاوضات لنزع السلاح مازالت مستمرة حتى تاريخنا الحاضر علما ان الجيش الايرلندي لا يشكل سوى 10% من حجم قوة العتاد والسلاح الموجود لدى المقاومة في لبنان. هذه التجربة تؤكد ان موضوع سلاح المقاومة في لبنان يحتاج الى عمل طويل ومراحل متتالية. تبدأ بحوار وطني وبناء مؤسسات الدولة وتوفير الدعم الكامل للجيش اللبناني وتنتهي بتطيمنات وضمانات توفر الطمائنية لجميع اللبنانيين.لا حل في لبنان بدون بناء مؤسسات الدولة بشكل كامل غير منقوص.
– مسؤوليات الجيش اللبناني
يقع على عاتق الجيش اللبناني مسؤوليات كبيرة ولكن ماذا بشأن تسليح الجيش اللبناني وهل مسموح الحصول على الاسلحة المطلوبة؟
تم تسليح الجيش بحدود القدرة على حفظ الأمن. لكن الجيش بوضعه الحالي ظروفه صعبة سواء لجهة الناحية الاقتصادية ام لجهة الناحية اللوجستية والعتاد. خصوصا وان رواتب عناصر الجيش وضباطه زهيدة جدا. وقد كان لدعم دولة قطر دور مهم في استمرار الجيش وقدرته على القيام بدولة. والشكر والتقدير لقطر التي رفدت الجيش بشريان الحياة عبر دعمها المادي واللوجستي. ونحن بحاجة لمزيد من تكاتف الجهود لدعم الجيش في المسؤوليات المضاعفة والكبيرة التي القيت على عاتقه في الفترة الاخيرة. تقدر احتياجات الجيش بما يعادل مليار دولار للقيام بكل المهام المطلوبة منه. عندما يتم الاستثمار في دعم الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام والاجهزة الامنية الاخرى. وعندما يكتمل هذا الدعم تنتفي الحاجة لأي سلاح اخر.
– قوة لبنان في مؤسساته
غياب الجيش ودوره القوى احدث فراغا ملأته المقاومة وبوجود جيش قوي تنتفي الحاجة الى المقاومة ؟
كان لدينا مقولة سابقة وهي غير صائبة تقول ان قوة لبنان في ضعفه. في حين ان الحقيقة هي ان قوة لبنان في مؤسساته القوية وهي التي تحمي لبنان وليس المؤسسات الضعيفة غير القادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها.
– إعادة تدوير الردميات
بصفتك وزيرا للبيئة أصدرت تعميما بخصوص الردميات التي خلفها العدوان الإسرائيلي كيف سيتم التعاطي مع هذا الموضوع ؟
نحن موقفنا واضح بأهمية الاستفادة من الردميات وإعادة تدويرها وإزالة السموم منها. ولذلك اصدرنا إرشادات لكيفية معالجتها. ولست أرى ان رمي الردميات ومخلفات الدمار في البحر. لدينا خيارات أخرى كثيرة ومفيدة أهمها إعادة التدوير وإعادة تأهيل المقالع باعتبار ان الكسارات والمقالع شوهت الجبال وبالتالي نستطيع استعادة جمالية جبالنا. كذلك يمكننا الاستفادة من الردميات كمواد أولية لرصف الطرقات والبناء فالخيارات كثيرة ومتاحة وافضل من ردم البحر الذي يحتاج الى دراسات معمقة لمعرفة نوعية التربة وهناك كلفة مالية أيضا لبناء الحاجز البحري وهذا غير متاح الان. وبدلا من انفاق الأموال على ردم البحر نحتاج ان ننفق الأموال على إعادة الاعمار. وكذلك هناك التأثير السلبي على البيئة البحرية. لدينا كميات هائلة من الردم والدمار وهي بحجم خمسة اضعاف لحرب تموز 2006. في هذه الحرب حجم التدمير للعدوان الإسرائيلي غير مسبوق بتاريخ لبنان.
– ملف الحدود مع سوريا
في الملف السوري اللبناني توجد مشكلة الترسيم البحري لآبار الغاز ومشكلة اعتراف سوريا بلبنانية مزارع شبعا هل سيكون متاحا حلهما مع الحكومة السورية الجديدة ؟
موضوع ملف الحدود اللبنانية السورية تدخل فيه كل هذه التفاصيل. ولابد من التعاطي مع الحكومة السورية الجديدة بانفتاح كامل. وهذا الملف يحتاج الى وجود رئيس جمهورية في لبنان لكي يتفاوض مع الجانب السوري بكل التفاصيل. الحوار مطلوب بين الجانبين لحل كل المشاكل العالقة بين البلدين الشقيقين.
– العلاقات القطرية اللبنانية
كيف تنظرون إلى العلاقة القطرية اللبنانية في ظل هذه التطورات المتسارعة ؟
علاقة لبنان مع قطر هي دائما علاقة اخوة ومحبة وتكاتف. ولطالما كانت سباقة ومبادرة للوقوف الى جانب لبنان ومساعدته واغاثته بدون طلب. حيث ان قطر تلتزم بهذا الدعم للبنان من منطلق سياستها الحكيمة التي تقوم على دعم الاشقاء. لقد شمل صاحب السمو لبنان برعايته واهتمامه واعلن في جميع المنابر الدولية والإقليمية التزام قطر بدعم لبنان ووحدة أراضيه واستقراره وازدهاره. وقد ترجم هذه المواقف السياسية بكثير من الدعم الإنساني والاغاثي والصحي والتعليمي عبر برامج اطلقها صندوق قطر للتنمية وعبر مبادرات السفارة القطرية في لبنان وعلى رأسها سعادة السفير الشيخ سعود بن عبد الرحمن. وكذلك نجد في المقابل احتراما وتقديرا ومحبة لدولة قطر لدى جميع اللبنانيين حكومة وشعبا واحزابا وزعماء الكل يجتمعون على محبة قطر. وكما عودتنا قطر بالوقوف الى جانب لبنان نأمل أن تكون أول الداعمين والمساهمين في إعادة الإعمار.