وزير الإعلام السوري: قطر الحليف الكفء وسند دائم وداعم للشعب السوري
صاحب السمو أول قائد عربي يرحب بالتغيير في سوريا.. والدوحة تواصل دورها كوسيط إقليمي فاعل لتعزيز الاستقرار في المنطقة

أكد سعادة الدكتور حمزة المصطفى، وزير الإعلام في الجمهورية العربية السورية، أن العلاقات السورية- القطرية تمثل نموذجًا فريدًا من الثبات والتفاهم الإيجابي، مشيرًا إلى أنها، على مدى أربعة عشر عامًا، حافظت على مكانتها كـ»علاقة متميزة من جميع النواحي»، وتحظى بإجماع وطني داخل سوريا لما تتميز به من صدق ووضوح في المواقف. وأوضح د. المصطفى أن دمشق تنظر إلى قطر كحليف كفء وصادق، وأن هذه العلاقة تشكّل ركيزة أساسية لبناء مرحلة جديدة من التعاون العربي والإقليمي بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وأشار الدكتور المصطفى، إلى أن قطر كانت الدولة الوحيدة التي دعمت الثورة السورية منذ بدايتها، ورفضت التعاون مع النظام السابق أو الدخول في أي مسار تطبيع معه، وهو موقف استثنائي يعكس التزامًا مبدئيًا تجاه تطلعات الشعب السوري. وأضاف أن الدوحة لم تدخر جهدًا خلال السنوات الماضية في مساعدة السوريين والتخفيف من معاناتهم، مؤكدًا أن هذا الدعم الإنساني والسياسي يعكس رؤية قطرية ثابتة تقوم على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
ولفت وزير الإعلام السوري إلى أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، كان أول قائد خليجي يرحب بالتغيير في سوريا، معتبرًا ذلك دليلًا على متانة العلاقات الثنائية وحرص الدوحة على دعم مرحلة التحول السياسي الجديدة. كما أشاد بالمساهمات القطرية في القطاع الإعلامي السوري، مؤكدًا رغبة المؤسسات الإعلامية القطرية في التعاون وتطويرالإعلام السوري ضمن رؤية مهنية حديثة. وفي سياق أوسع، تطرّق الدكتور حمزة المصطفى، إلى عدد من الملفات والتحديات التي تواجه سوريا الجديدة، ومنها إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتثبيت الأمن، واستعادة الدور السوري الإقليمي. وأوضح أن دمشق ماضية في سياسة الانفتاح والتوازن الدبلوماسي مع دول الجوار والعالم، وأن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الأمم المتحدة شكّلت تتويجًا لمسار سياسي ودبلوماسي يعيد لسوريا حضورها الدولي.
وفيما يلي تفاصيل الحوار الكامل:
◄ أجريتم محادثات ليست الأولى في الدوحة.. بماذا تصفون العلاقات مع قطر؟
العلاقة السورية القطرية منذ 14 عامًا، هي علاقة إيجابية من جميع النواحي. قطر لديها موقف تاريخي متميز، لأنها الدولة الوحيدة التي راهنت واستثمرت في دعم الثورة السورية، وبقيت على هذا الموقف حتى اليوم. هي الدولة الوحيدة التي لم تتعاون مع النظام، ولم تطرح فكرة التطبيع، ولم تناقش ذلك أصلًا، وهذا موقف استثنائي يحظى بتقدير كبير.فمسألة العلاقة مع قطر تكاد تكون المسألة النادرة التي تحظى بإجماع الشعب السوري ككل. وقطر، على مدار السنوات العشر الماضية، لم تدخر جهدًا في مساعدة السوريين والتخفيف من معاناتهم، وكانت دائمًا سندًا وساعدًا لهم. وعندما حصل التغيير، كانت من أولى الدول التي رحبت به، ورأت فيه تغييرًا مباركًا وفي مصلحة الجميع. وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كان أول قائد خليجي وعربي يرحب بذلك، وهذا يعكس حقيقة متانة العلاقات والتعاون بين البلدين.
قطر أيضًا كان لها مساهمات كبيرة في دعم وتثبيت التغيير الذي حصل، وفي محاربة الكثير من المشكلات التي واجهتنا. نثمن جهود قطر والتزامها، حيث قررت أن تساعد الدولة السورية الجديدة في مجالات متعددة، منها القطاع الإعلامي. دولة قطر ومؤسساتها الإعلامية الرائدة أكدت بوضوح رغبتها الصادقة في التعاون الإعلامي ودعم القطاع العام في سوريا بمختلف المجالات.
نحن هنا من أجل تقديم صورة مختلفة، والوقوف على أوجه التعاون في المجالات التي يمكن أن تسهم فيها دولة قطر. تقريبًا جميع الوزراء السوريين كانوا في قطر مؤخرًا، وأعتقد أن المباحثات والتعاون بين الجانبين سلك مسارًا مهمًا.
وهذه المواقف لا تعبّر فقط عن شهادة سياسية في التعاون المتبادل، بل هي تبنٍّ حقيقي من قبل الدولة السورية لموقف قطر، وهو موقف مقدّر. قطر دولة لها مساهمات وتأثير إيجابي كبير في ملفات المنطقة، وبحكم دور الوساطة المعروف عنها، فهي تسعى دائمًا إلى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. وهذا إحدى ركائز السياسة الخارجية القطرية، القائمة على فكرة الأمن والاستقرار ومنع الانزلاق نحو الفوضى. لذلك، فإن سوريا تمثل عامل استقرار في المنطقة، كما أن التغيير الذي حصل فيها ساهم في رسم ملامح جديدة للمنطقة من حيث الفرص والمخاطر، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الإيرانية والتوجهات الإسرائيلية. وبالتالي، أعتقد أن سوريا الجديدة، وصفت قطر في أكثر من مناسبة بأنها الحليف الكفء، وتم توجيه الشكر لها على مواقفها الرائدة. ونحن هنا من أجل ترجمة هذه الأجواء الإيجابية، التي ليست أجواء مستجدة، بل ممتدة منذ أربعة عشر عامًا، وما زلنا نصيغها ضمن إطار العلاقات الدولية والمؤسساتية بين البلدين.

• التعاون الإعلامي
◄ في المجال الإعلامي.. إلى أي مدى يمكن أن تستفيد سوريا من التجربة القطرية؟ وكيف يمكن أن يتم تشكيل المؤسسات الإعلامية في سوريا الجديدة في هذه المرحلة؟
الآن نحن في سوريا جديدة نحاول إعادة هيكلة الإعلام الرسمي ليؤدي دوره الفاعل من حيث تحديد هوامش الاستثمار في حرية الإعلام وحرية التعبير، باعتبارهما أحد أبرز ملامح ثبات السوريين بعد الثورة. أعتقد أن مستوى حرية التعبير وحرية الإعلام في سوريا متقدم مقارنة بالمنطقة العربية. نحن نحاول تقديم شخصية سوريا الجديدة فيما يتعلق بعلاقتنا مع الإعلام والإعلاميين والصحفيين بطريقة مختلفة وجديدة، وأكثر احترافية. نحن نستثمر في مفهوم الصحافة المسؤولة والبنَّاءة، باعتبارها أساسية في المرحلة الانتقالية. بدأنا بإعادة هيكلة وتفعيل المؤسسات الإعلامية وسوف نكمل هذا المسار، وبدايةً من شهر رمضان إن شاء الله، سنطلق الفضائية السورية.
كما فتحنا المجال أمام الإعلام الخاص والمستقل ليكون حاضرًا وفاعلًا في سوريا. حتى الآن تقدم لدينا أكثر من 500 طلب ترخيص لمؤسسات إعلامية، منحنا منها ما يقارب 300 ترخيص، وخلال الأشهر القادمة سنعالج جميع الطلبات المتبقية من الناحية القانونية.
أطلقنا أيضًا مشروع المدينة الإعلامية، وهو مشروع إستراتيجي وطويل الأمد. المدينة الإعلامية تعني أن مستقبل التعددية الإعلامية في سوريا سيكون حقيقيًا، لا شكليًا. فلا يمكن أن تنشأ مدينة إعلامية من دون تعددية حقيقية، ومن دون توطين وإسكان المؤسسات الإعلامية الخاصة والمستقلة والدولية في سوريا.لذلك جعلنا جميع وسائل الإعلام الأجنبية قادرة على القدوم وتأسيس مقرات لها داخل سوريا، ونحن حريصون على أن تتبلور هذه الرؤية على أرض الواقع. كما نحاول رفع الوعي الإعلامي فيما يتعلق بتفكيك الخطاب الطائفي ومواجهة انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة. ومن هنا، كانت أولى خطوات المواجهة هي الاستثمار في الصحافة الاحترافية التي تنتج محتوى يلبي حاجات الجمهور، ويقف في الوقت ذاته سدًا منيعًا أمام محاولات التضليل التي نراها في بعض الوسائل الإعلامية داخل البلاد. بدأنا أيضًا عملية تشاركية طويلة من الأسفل إلى الأعلى لكتابة مدونة لأخلاقيات المهنة ومدونة للسلوك الإعلامي، من خلال التشاور مع الصحفيين السوريين والمؤسسات الإعلامية والنقابات، للوصول إلى صيغة تفصيلية وموسّعة لهذه المدونة.
فتحنا البلاد أمام الإعلام الأجنبي، حيث زار أكثر من ثلاثة آلاف صحفي سوريا خلال تسعة أشهر، وهو رقم يفوق ما تحقق خلال ستة عقود سابقة. نحن نقوم بتسهيل عملية الوصول إلى المعلومات، ولا توجد قيود تُذكر سوى بعض القيود البنيوية على الأرض في المناطق صعبة الوصول. لسنا في حالة مثالية، لكننا نطمح، بشكل أو بآخر، إلى تطوير زمن التحقيق الصحفي وآليات المتابعة. نحن لا نقوم على فكرة المراقبة والتقييم، بل على المتابعة والإتاحة والتمكين. لدينا قناعة تامة بأن وجود العمل الصحفي الحر قد يكون متعبًا في المرحلة الانتقالية، لكن غيابه سيكون كارثيًا.
• ضمان الاستقرار
◄ بعد 14 سنة على الثورة، هل يمكننا اليوم أن نقول إن سوريا تحوّلت إلى دولة يسودها الاستقرار والأمن، وتعمل ضمن إطار مؤسساتي ؟
يعني عوامل الاستقرار موجودة وقد حرصت الحكومة الجديدة على إرسائها. نعم، يعني تبلور الشخصية الدولية لسوريا الجديدة حصل وترسخ على أرض الواقع وحصل ايضا الاعتراف الخارجي من خلال دبلوماسية فاعلة بلا شك، يعني انه نتيجة 14 عاما من الحرب والمضاعفات التي حصلت على الثورة، هناك بعض الملفات الإشكالية مثل ملفات شمال شرق سوريا وملف السويداء وغيرهما. لدى الدولة مقاربات مختلفة سياسية من أجل حل المسائل العالقة وفق الاتفاقيات التي تم توقيعها مثلا، فيما يتعلق بالعلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية، تم توقيع اتفاق 10 مارس / آذار وهو يشكل مرجعية سياسية بالنسبة للطرفين. ونحن دخلنا بمرحلة مفاوضات وصلت تقريبًا إلى مراحلها النهائية مع قوات سوريا الديمقراطية من أجل تفعيل هذا الاتفاق ووضعه موضع التنفيذ العملي قريبا، كما على الصعيد الآخر فيما يتعلق في السويداء خصوصا بعد الأزمة الأخيرة، توصلنا إلى خريطة طريق من أجل اتمام المصالحة المجتمعية وتعويض المتضررين وإعادة إصلاح ما تهدم نتيجة المواجهات التي حصلت بين عشائر بدوية وبين المقاومة.
الدولة تحاول ترسيخ وجودها سواء من خلال حصر السلاح في يد الدولة ومنع وجود أي ميليشيات أو أي قوات مسلحة خارج الجهاز العسكري وخارج الجهاز الأمني. نحن نسعى إلى إعادة تنظيم الجيش، وقد حققنا خطوات عملية فيها أيضا إلى إعادة تأهيل الجهاز الأمني ليكون جهازا يتناسب مع وظائف الدولة ويشمل مكونات المجتمع السوري. مسألة بناء الدولة ليست سهلة خاصة بعد نظام استبدادي وثورة مسلحة. لكن ما حققناه على مدار الأشهر التسعة الماضية يعد كثيرا مقارنة بما يمكن تحقيقه في مرحلة انتقالية دقيقة.
وقد جاءت زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الأمم المتحدة وحضوره اجتماعات الجمعية العامة لأول مرة منذ عام 1967، باعتبارها تتويجًا لمسار دبلوماسي ومسار استقرار سياسي ومؤسساتي، بدأته الحكومة السورية بتنوعاتها المختلفة على مدار الأشهر الماضية. ومن المتوقع أن تُسفر هذه الزيارة عن نتائج أكثر إيجابية، تمكّن من التركيز على حل المشاكل الأساسية، لا سيما الاقتصادية منها، التي يعاني منها الشعب السوري.
• قوات خارج النظام
◄ بالنسبة لموضوع قوات سوريا الديمقراطية والاتفاق الذي تم التوقيع عليه إلى أي مدى بالفعل تمت ترجمته على أرض الواقع؟ هل أنتم متفائلون؟ والأمر الآخر موضوع السويداء ؟
فيما يتعلق بملف قسد، فقد كان فخامة الرئيس الشرع حريصًا منذ البداية على التأكيد أن المكون الكردي جزء أصيل من الشعب السوري، وأن الحقوق اللغوية والثقافية لهم مكفولة ولا تحتاج إلى اتفاق أو تفاوض. وقد صرح مرارًا بأن حقوق المواطنين الأكراد في سوريا حقوق مضمونة وستكون مضمونة بالدستور، بينما يمكن التفاوض على القضايا الأساسية بشكل رئيسي.
وعلى هذا الأساس، تم توقيع اتفاق 10 مارس / آذار ، الذي جاء في لحظة وجود شبه إجماع إقليمي ودولي على ضرورة تحقيق الاستقرار في سوريا، باعتبارها عامل استقرار حقيقيا للمنطقة. خلال فترة تطبيق الاتفاق، وخاصة في الأشهر الستة الماضية، ظهرت مجموعة كبيرة من التحديات، وربما أحيانًا سوء تقدير من قبل قوات سوريا الديمقراطية، التي حاولت تفسير الاتفاق بصيغ مختلفة، أو تأويله باتجاهات معينة، أو استغلال بعض الظروف الداخلية لطرح شروط أو مطالب جديدة بشأن التفاوض.
في الفترة الأخيرة، كان هناك توجه من الدولة السورية لتقييم مدى تطبيق الاتفاق وفق الموعد المحدد له بنهاية العام. وقد عقدت سلسلة من الاجتماعات، منها حضور مظلوم عبدي الأسبوع الماضي إلى دمشق لإجراء مباحثات مع وزير الدفاع ووزارة الداخلية والأسايش، إضافة إلى اجتماعات مع بعض اللجان والمؤسسات المدنية ضمن قوات سوريا الديمقراطية، للاطلاع على النماذج الإدارية المعمول بها في الدولة السورية، وتبادل البيانات لدراسة عملية الدمج. حتى الآن، نحن متفائلون بحذر، ونعتبر أن اتفاق 10مارس / آذار هو المرجعية الأساسية والوحيدة التي يمكن من خلالها الوصول إلى تسوية عادلة تفتح الباب للنقاش حول القضايا المختلفة.
النقاش يتركز على فكرة أن إدماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مبدأ من ثلاثة أعمدة تقوم عليها سياسة حكومة من بلد واحد وحكومة واحدة وجيش واحد، أي لا يمكن السماح بوجود كتلة عسكرية خارج الدولة، وبالتالي لا بد من إدماج قوات قسد ضمن الجيش السوري في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، مع عملية انسجام ودمج بين المكونات أو المجتمعات المدنية في شمال سوريا وفي شمال شرق سوريا مع الحكومة المركزية. بالتأكيد إننا منفتحون على تذليل الكثير من الصعوبات التي قد تعوق تطبيق هذا الاتفاق.
◄ هل بدأت خطوات فعلية؟
الآن تقريبا يمكن القول إننا وصلنا إلى شبه التفاصيل النهائية وفق ما رسمه الاتفاق. نحن مصرون على تطبيق الاتفاق كما هو وبالطريقة التي جرى التفاهم عليها دون أي تأويل آخر.
◄ بنهاية هذا العام سوف يتم ما تم الاتفاق عليه؟
إذا سارت العملية التفاوضية بطريقة جيدة، هناك بعض الانفراجات الجزئية ولكن دائما يعني المسار في سوريا مسارًا مليئًا بالحذر.

• السويداء جزء من سوريا
◄ والسويداء ماذا عنها؟
بلا شك إن الواقع الحالي في السويداء هو واقع ليس مثاليا، وأزمة السويداء هي أزمة مركبة ومعقدة ناجمة بالأصل عن وجود مجموعات مسلحة حاولت أن تضع نفسها في موقع المرجعية لمكون أصيل من مكونات الشعب السوري، وحاولت أن تفرض وقائع عسكرية على الأرض ليس فقط ضمن مدينة السويداء ولكن خارجها، الأمر الذي أدى إلى توترات اجتماعية وخاصة بين المجتمعات الدرزية وبعض العشائر البدوية، الأمر الذي حتم على الدولة أن تتدخل في محاولة لإيقاف هذا التوتر وهذا الاقتتال.
كذلك قوات الحكومة ارتكبت أخطاء وبعض التجاوزات، وقد شكلت لجنة تقصي الحقائق وبدأت عملية توقيف المتورطين في أي نوع من أنواع التجاوزات والانتهاكات. مسألة السويداء عليها اجماع انه اخطأ فيها الجميع وهي أزمة مركبة لأن السياسات الاسرائيلية العدوانية تمادت وقامت بقصف مبنى وزارة الدفاع والقصر الجمهوري، ربما هذه أول مرة تحصل في العالم العربي منذ تأسيس الكيان الاسرائيلي وحتى الان، وقد صرح الرئيس الشرع بأن سوريا الجديدة لا تخشى المواجهة ولكن هناك تركيزا على استقرار وتنمية الشعب السوري، وأن سوريا الحالية ليست راغبة لا في حرب ولا في نزاعات مسلحة طويلة. لكن هذا لا يعني السكوت أو الصمت عن السياسات الاسرائيلية العدوانية. فلذلك تم بوساطة أمريكية الاتفاق على مجموعة من الاجراءات اكتملت أخيرًا بوجود خريطة طريق تمثل بداية مسار من أجل حل الأزمة بشكل نهائي.
كما أسلفت بأن خريطة الطريق كانت تقول إن أبناء السويداء جزء أصيل لا يتجزأ ضد المطالب الانقسامية أو الانفصالية التي تسعى لها بعض الجماعات.
أو التي طرحتها في خطاباتها والتأكيد على مسألة الوحدة والتكامل الوطني باعتبار أن السوريين جميعًا متساوون في المواطنة وفي الحقوق والواجبات وبأن هناك مجموعة من التداعيات الجانبية ذات التأثير الكبير التي حصلت في الاشتباكات هناك بعض القرى التي تم إحراق بعض المؤسسات أو ما شابه ذلك، وهناك حالة تهجير حصلت ما بين المجتمعات الدرزية والعشائر البدوية، وهناك أيضا مختطفون من قبل الجانبين، فلذلك بدأت الدولة بمحاولة إصلاح تقريبا أكثر من 200 قرية بما يسمح بعودة المهجرين مجددا، وأيضا تعهد الدولة بتعويض بعض المتضررين من أجل مساعدتهم على الرجوع. الحكومة السورية وبتوجيهات من فخامة الرئيس قامت بحملة تبرعات للسويداء لعملية الإصلاح وجبر الضرر، على الأقل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، تمهيدا للمصالحة المجتمعية والمصالحة السياسية.
◄ هل نفهم من هذا الكلام أن أطروحات بعض الرموز في السويداء بالاستجداء بإسرائيل وبالاطراف الخارجية قد انتهت؟
الوطنية السورية تتنافى مع الاستجداء بإسرائيل المعروفة بسياساتها العدوانية في المنطقة التي طالت حتى قطر كما ان هذه الاطروحات ليست لها شعبية وليست متجذرة في المجتمع هي فقط وليدة لحظة الأزمة. نراهن على الوطنية المتأصلة للمواطنين السوريين في السويداء وعلاقتهم بدولتهم وشعبهم ويمكن أن نقول إن هذه الأساليب والاطروحات أصبحت غير واقعية غير قابلة للتطبيق، هناك واقع جغرافي ديموغرافي وهناك واقع سياسي لا يسمح لهذه الأطروحات أن تكون على الأرض هي محاولات لرفع السقف السياسي.
◄ تم مؤخرا إنجاز انتخابات مجلس الشعب وفي نفس الوقت تم استثناء بعض المناطق وهو ما يشير إلى عدم الاستقرار الأمني وعدم التوافق بين مكونات المجتمع السوري. إلى أي مدى يمكن التخلص من قصة الاستثناءات في مثل هذه الأمور؟
لم تُسجَّل استثناءات، بل تم تأجيل العملية الانتخابية في بعض المناطق لعدم وجود مراكز أو حضور كامل للدولة. لذلك فضّلنا تأجيل الانتخابات حتى يُترجم الاتفاق مع قسد، حرصًا على الشفافية وتمثيل أكبر عدد من السوريين وضمان ظروف مناسبة للمشاركة الجماعية.
• سيادة الدولة السورية
◄ بسط السيادة السورية على كل الأراضي هل سيكون مع مطلع العام؟
دائماً هناك توقف حول الملفات الإشكالية مثل ملفات شمال شرق سوريا وملف السويداء وداعش وغيرها من التحديات، فيما يتعلق بالعلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية، تم توقيع اتفاق 10مارس وهو يشكل مرجعية سياسية بالنسبة للطرفين. ونحن دخلنا بمرحلة مفاوضات وصلت تقريبًا إلى مراحلها النهائية من أجل تفعيل هذا الاتفاق. ولاحقا سوف يتم نقاش كل القضايا. لدينا مجموعة من الملفات المعقدة والصعبة سواء كان مع الجيران أو مع العالم. السوريون أنفسهم يحملون الحكومة مسؤولية حماية جميع مواطنيها وقد برهنت الأحداث أن الحكومة الطرف الأكفأ في محاربة التهديدات.
• علاقة قائمة على الندية
◄ الرئيس السوري كان في موسكو بماذا عاد؟ خاصة أن دور روسيا معروف خلال فترة الثورة السورية؟
العلاقة مع روسيا معقدة، لأن روسيا تدخلت لصالح النظام السابق وساهمت في ارتكاب العديد من المجازر في حق الشعب السوري، وحافظت روسيا على موقفها، ولم تتغير إلا عندما تبدلت الموازين العسكرية خلال المعركة ضد الإرهاب. وهناك علاقة موروثة تمتد إلى عقود في القطاعات الرئيسية الغذائية والصناعية.
هناك عدم ممانعة لدى القيادة السورية من فتح صفحة جديدة في العلاقات مع روسيا تكون قائمة على أساس الندية ومصلحة الشعب السوري. زيارة الرئيس تؤكد أن الشراكة هي خطوة من أجل إعادة تعريف العلاقات مع روسيا لأن كل الاتفاقيات في إطار تبعية وهيمنة. وبنفس الوقت روسيا هي عنصر فاعل وأحد أعضاء مجلس الامن ورفع العقوبات الدولية يفترض موافقة الدول الاعضاء في مجلس الامن. كما أجرينا حوارا مع الصين لزيارة قريبة لوزير الخارجية لإعادة العلاقات من جديد.
• مصالحنا أولاً
◄ جزء من هذه الاتفاقيات كان اتفاقيات وقواعد عسكرية روسية موجودة في سوريا، هل سيتم أيضا مراجعتها؟
بدأت عملية مراجعة الاتفاقيات العسكرية سواء العسكرية أو غير العسكرية أيضا، بمجرد التحرير، تقريبا جزء كبير من القواعد العسكرية الروسية انسحبت، كان هناك مجموعة من القواعد العسكرية الروسية في مناطق مختلفة من سوريا، اقتصر الوجود الروسي الان على وجود محدود ضمن قاعدة حميميم وطرطوس. القيادة السورية تعتمد على المرونة فيما يتعلق بدور روسيا سواء في سوريا او في المنطقة، ولكن على اساس السيادة السورية ومصالح الشعب السوري.
◄ خلال زيارة الرئيس إلى موسكو، تحدثت تقارير عن أن سوريا تقدّمت بطلب لتسليم بشار الأسد. ما حقيقة هذا الأمر؟
صحيح، فـسوريا في كل لقاء يتم مع الجانب الروسي تعيد التأكيد على أن بشار الأسد يجب أن يُعرض على المحاكم السورية، وأنه ارتكب جرائم بحق السوريين. هذه المسألة أصبحت أساسية في كل الاجتماعات التي تُعقد مع الروس، تمامًا كما هو الحال مع أي مبدأ آخر مثل مبدأ الانسحاب أو غيره من القضايا المطروحة..
◄ لكن هل تربط سوريا عودة العلاقات مع روسيا بتسليم الأسد؟
ليست مسألة «عودة علاقات»، فالسفارة الروسية استمرت في عملها بدمشق بعد التحرير مباشرة. لكن، كما أشرت، هناك نهج جديد تتبعه سوريا، كل شيء يُطرح ضمن مسار العلاقات، وهذا المسار قد يختلف أحيانًا عما هو مأمول أو ممكن تحقيقه في الوقت الراهن، وقد يتحقق لاحقًا.
◄ وزير الخارجية كان في لبنان قبل أيام وربما العلاقة فيها نوع من الاشكاليات هل هناك مسار واضح لتصحيح العلاقة؟
النظام البائد كان محط أزمات بالنسبة للجميع، نحن نحاول فعلا تخفيف هذه الأزمات. العلاقة مع لبنان ليست فقط مرتبطة بالماضي هناك اشكاليات حديثة مرتبطة بتدخل حزب الله وقوى سياسية لبنانية في سوريا وحربهم ضد السوريين. ونحن حريصون خصوصا بعد مجموعة من المتغيرات التي حصلت في لبنان، انتخاب الرئيس وتعيين رئيس حكومة جديد ربما برؤية سياسية أكثر انفتاحا وأيضا سوريا الجديدة حريصة على علاقات على أساس الاحترام الكامل للسيادة اللبنانية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، هناك مجموعة من الملفات العالقة منها مسألة حزب الله والحدود وتم التواصل خلال الفترة الماضية لعملية ترسيم الحدود والتعاون في المجالات الأمنية منها مسألة الموقوفين السوريين واللاجئين كانت هناك مرونة من الجانب اللبناني ومساهمة إيجابية من الجانب السوري. وصلنا إلى مرحلة أن نبدأ إعادة تطبيع العلاقات القائمة على أساس الندية،
نحن منفتحون على اقامة علاقات طبيعية ودائمة، وأن تكون مصدر تعاون وليس مصدر أزمات في كل دول الجوار. هذا لا ينسحب على لبنان فقط، طورنا العلاقات مع العراق أيضا رغم أن بعض الفصائل العراقية ساهمت في قمع الشعب السوري. العلاقة مع الأردن في أفضل أيامها.
العلاقة مع دول الخليج، قطر، السعودية وتركيا. سوريا تعمل على الانفتاح على كل دول العالم، ووضع العلاقة السورية مع كافة دول الجوار على مسارها الصحيح.
◄ تحدثت عن كل هذه الدول لكن إيران كان لها حضور في المشهد السوري ما هو موقفكم من العلاقة مع إيران؟
يعني حتى الآن، المسألة فيما يتعلق بإيران ما تزال إشكالية، لأن إيران لم تكفّ عن دعم النظام، وقد ساهمت في عمليات تمسّ المجتمع السوري. وكانت السياسات الإيرانية لها تأثير على المجتمع السوري، لذلك هناك تحفظ كبير لدى السوريين راكمته السياسة الإيرانية وعدم اعترافها – بشكلٍ أو بآخر – بالخطأ الذي تم ارتكابه خلال الفترة الماضية، وإصرارها على الاستمرار في السياسات نفسها بعد المرحلة الانتقالية. بالتأكيد، العلاقة مع إيران معقّدة ويجب أن تخضع لمراجعة معمّقة، وأن تكون هناك دراسة متأنّية لها. لكن لا أعتقد أنه خلال المرحلة الحالية ستكون سوريا في موقع يؤدي إلى علاقةٍ ما مع إيران، رغم رغبة سوريا في النهاية بإقامة علاقات طبيعية مع كل الدول.
• لا توجد علاقة مع إسرائيل
◄ وربما أيضًا الملف الأصعب بالنسبة لسوريا اليوم هو العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، خاصة في ظل استمرار الاحتلالات وفرض أمر واقع، حيث يتحدث نتنياهو عن احتلال دائم لأراضٍ أصبحت، بحسب زعمه، «إسرائيلية». في الوقت نفسه، هناك حديث عن لقاءات سورية –إسرائيلية، فما هو الموقف السوري من العلاقة مع إسرائيل؟
لا توجد علاقة رسمية مع إسرائيل، وبخلاف ما كانت تدّعي إسرائيل بأنها متضررة وأن نظام الأسد عدوّ لها، إلا أنها كانت مستاءة من التغيير. ومن الواضح أن هناك قراءة إسرائيلية تشير إلى أن التغيير الذي حصل في سوريا جاء مخالفًا لحساباتها، وقد فوجئ الإسرائيليون بذلك بشكل كبير، لذلك لجأوا إلى نوع من الخطوات الاستباقية.
نتيجة الموقف السلبي من التغيير، قامت إسرائيل باستغلال الوضع، وتدخلت في الداخل السوري بمقدرات الشعب قبل أن يتمكن الشعب السوري نفسه من استعادتها. فالشعب السوري تعرّض لأكثر من مائة ألف غارة خلال حربٍ كاملة، بالإضافة إلى أكثر من أربعمائة توغّل بري. وهناك أيضًا تصريحات إسرائيلية استفزازية كثيرة تجاه السياسات السورية.
الآن، سوريا تتعامل مع المسألة من اتجاهين فيما يتعلق بإدارة العلاقة مع إسرائيل، أي من زاوية المصالح ذات الصلة، وليس على أساس علاقة مباشرة، لأن الحديث عن علاقة في هذه المرحلة ما يزال مبكرًا. وقد وجدنا أنه إذا كانت هناك تخوّفات، فقد أصررنا على أن سوريا الجديدة سوف تلتزم بما تم التوقيع عليه في اتفاق أوسلو، أما اللقاءات التي حصلت لم تكن من أجل إقامة علاقات أو تطبيع، بل كانت تتعلق ببحث إمكانية العودة إلى الاتفاقات السابقة، ومع ذلك لم يكن هناك أي إعلان عن علاقات أو نية لإقامتها. موقفنا واضح وصريح: لا يمكن الحديث عن أي نوع من العلاقة مع إسرائيل، قبل التزامها باتفاقيات عام 1967 وانسحابها من جميع الأراضي التي احتلتها.
◄ بالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، هناك بالفعل خطوات تم إحرازها حتى اليوم وما يزال هناك ما ينتظر من تطورات لاحقة؟
مرت العلاقات الأمريكية – السورية بمرحلة شبه انقطاع، وطبعًا، أمريكا تُعدّ لاعبًا أساسيًا في السياسة العالمية، وكذلك في المسائل المتعلقة بسوريا خاصة مع تموضع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال تلك الفترة، استغلت هذه القوات الوضع القائم، ومع ذلك فإن السياسة السورية بقيت سياسة عقلانية تحاول الوصول إلى الجميع، وتسعى لبناء علاقة متوازنة تقوم على مصالح صحيحة.
كما أن هناك جهدًا وتعاونًا في ملفات مختلفة، ومن هذا المنطلق جاءت الاستفادة من الجهود السعودية، والجهود القطرية، وكذلك التركية. وعندما صدر القرار التنفيذي برفع بعض العقوبات، ساهم ذلك بطريقة أو بأخرى في فتح صفحة جديدة وبدء حوار مع الجميع. وخلال الأشهر الماضية، قامت الدبلوماسية السورية بشرح وجهة النظر السورية بوضوح، وكانت هناك تقاطعات كبيرة بين الموقفين السوري والأمريكي.
الولايات المتحدة الأمريكية تكرر ليلًا ونهارًا أنها مهتمة بسوريا موحدة وواحدة، وهذا أيضًا هدف بالنسبة لنا. وعلى هذا الأساس، تطورت العلاقات بيننا وبين السفير الأمريكي الجديد، وتم النقاش حول مسألة التمثيل السياسي.
ما يحدث اليوم لا يقتصر على تطبيع العلاقات، بل هو ارتقاء بها إلى مستويات متقدمة وهناك فرصة حقيقية لبناء علاقات مع الغرب ومع الولايات المتحدة الأمريكية على أسس صحيحة تراعي مصلحة سوريا. كما تعلمون، سوريا خاضعة للعقوبات الأمريكية منذ عام 1979، هناك «قانون قيصر»، وكمّ لا ينتهي من العقوبات المفروضة. وسوريا بحاجة إلى علاقات طبيعية مع الغرب، لأن الحركة البنكية والاقتصادية لا يمكن أن تتطور من دون رفع هذه العقوبات.
• العدالة الانتقالية
◄ هل لا زال هناك فلول للأسد يحاولون زعزعة الاستقرار والامن؟ ام كما يتحدث البعض شماعة لقمع بعض الاطراف؟
لا، ليست شماعة، ولا يوجد قمع. مثل عمليات الساحل كانت عملية عسكرية قام بها فلول النظام، وأسفرت عن مقتل ما يقارب 400 عنصر من الأمن السوري. هذا ما أحدث الفوضى في كامل المنطقة، وأدى إلى إعادة تموضع عسكري. ظهرت بعض الشعارات السيئة الناتجة عن الانقسامات المجتمعية والاختلافات الاجتماعية الكبيرة. نجحت قوات الجيش في تفكيك الكثير من الخلايا التي كانت قد تشكل حالة تنظيمية صعبة. داعش تراجعت وضعفت، والسيطرة لدى داعش لم تعد كما كانت قبل سنوات، لكنها ما تزال تشكل خطرًا كبيرًا، خصوصًا أن داعش دائمًا تحاول اللعب على مسألة تعزيز الانقسامات والقيام بأفعال تؤدي إلى رد فعل وتعميق الشرخ المجتمعي. لذلك رأينا أن داعش قامت باستهداف كنيسة بهدف تعميق الانقسامات وإشاعة حالة من الاحتقان. وأيضًا، جماعة الأسد المدعومين من دول إسلامية قاموا بتنظيم حالة أدت إلى انتشار الفوضى. هذه الفوضى وغياب سلطة الدولة أدّيا إلى انقسامات اجتماعية، وإلى حصول أحداث مؤسفة، نجم عنها انكشاف التجاوزات. الدولة لم تتوانَ عن الاعتراف بها، وتعهدت بمحاسبة مرتكبيها وبدأت بالفعل بمحاسبتهم عبر اعتقالهم.
لذلك نقول إن حالة الفلول ليست عنوانًا سياسيًا، فالأزمة هي حالة عسكرية تسعى الدولة إلى تفكيكها، وهي تأخذ وقتًا وجهدًا كبيرين. كما أنها تعطل مسار بناء المؤسسات، لأن بعض الأطراف تتفرغ لإعداد جماعات مسلحة تسعى دائمًا إلى خلق حالة من التوتر والاحتقان الدائم في الساحل.
◄ محاكمة رموز النظام السابق، هل فيها من الشفافية الكافية أمام الأطراف الخارجية؟
رغم وجود مطالب كثيرة تتعلق بالتسليم، نحرص في هذه المرحلة الجديدة على إرساء مفهوم الدولة وعلى تحقيق العدالة الانتقالية وليس العدالة الانتقامية، وهو ما يجعل هذه الإجراءات تأخذ وقتًا حتى تسير بطريقة صحيحة. سوريا لا تمتلك موارد كبيرة، وهناك كما تعرف عجز في الجانب القضائي، لأن نظام الأسد خلّف أوضاعًا صعبة. تم تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، وهي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل تفعيل هذا المسار، لأن هذا المسار يُعتبر أحد أهم أسس السلم الأهلي في سوريا. تم اعتقال عشرات بل مئات العناصر القتالية، وما يُعرض على الشاشة من المسؤولين الكبار هو جزء مما يجري فعليًا. صدرت أحكام بحق بعضهم، ولم يتم تنفيذ أي إعدامات.
• سوريا الجديدة والتحديات
◄ نسأل عن سوريا الجديدة وهي تقترب من العام الأول من نجاح الثورة.. كيف هي اليوم؟ طمأنة للشارع العام عن سوريا الجديدة؟
سوريا تقريبًا بعد شهرين تطوي عامها الأول من المرحلة الانتقالية. لا شك أن التحرير كان لحظة مفصلية في تاريخ سوريا وكان أيضا لحظة عاطفية لجماعة السوريين ووحدت البلاد لأول مرة وتخلصت من نظام استبدادي جثم على صدور السوريين لأكثر من ستة عقود. بالتأكيد دائما المراحل الانتقالية مشوبة بالتحديات والصعوبات، وخاصة في دولة منهكة، وفي دولة كانت خارج الزمن بكل معنى الكلمة فيما يتعلق بالعمل المؤسساتي والتطور التقني، وبعد حرب وثورة شعبية استمرت لأربعة عشر عاما وتدخلات دولية مختلفة. فلذلك يعنى بالمرحلة الأولى خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى كان كل عمل الحكم الجديد منصبا على مسألة الحفاظ على مؤسسات الدولة وإعمال العمل المؤسساتي. ثم جاءت الحكومة الحالية التي تم تشكيلها في نهاية مارس بالتأكيد ورثت الكثير من التحديات الداخلية والعزلة الخارجية نتيجة سياسات النظام البائد، أيضا حزمة غير متناهية من العقوبات الدولية. سوريا تحت العقوبات الدولية منذ عام 1979. وبتوجيهات من فخامة الرئيس الحكومة عملت على ثلاثة محاور مختلفة: الدبلوماسية المتوازنة، الاستقرار والتنمية. وأيضا مسألة ترسيخ الواقع الأمني ومحاولة إعادة توحيد شمال البلاد. في الفترات الأولى بعد انتظام العمل المؤسساتي بدأت عجلة التنمية تطلق بشكل بطيء مع الكثير من الصعوبات. ونحن نمضي باتجاه إعادة تفعيل العمل المؤسساتي من خلال التركيز على الجانب الاقتصادي وعلى توفير حالة من الأمان وضبط كل المظاهر المسلحة التي رافقت مرحلة الفوضى على مدار الـ 14 عاما الماضية، والتي سببتها سياسات النظام البائد. يمكن القول إن سوريا داخليا أصبحت أكثر استقرارا، لديها مقاربات سياسية من أجل حل التحديات الداخلية والخارجية. نحن نشهد انفتاحا غير مسبوق لسوريا على الخارج وانفتاحا من الخارج غير مسبوق على سوريا، وهذا ما يساهم بشكل كبير في حل الإشكاليات.




