الرئيس لي ميونج باك: قمة قطرية-كورية تبحث خطوات بناء شراكة شاملة
أكد فخامة الرئيس لي ميونج باك رئيس جمهورية كوريا الجنوبية أهمية القمة القطرية الكورية التي تنعقد في الدوحة اليوم، موضحاً في حوار لـ الشرق أن مباحثاته في الدوحة مع حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى سوف تتطرق لخطوات بناء شراكة اقتصادية شاملة بين البلدين.
كما ستشهد القمة الكورية القطرية مناقشات عميقة حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لافتا الى ان كوريا الجنوبية تطمح الى أن تصبح شريكا مهما لقطر ولدول الخليج لتحقيق التنمية.
وقال ان أمام البلدين آفاقا واسعة للعلاقات وتطوير مجالات جديدة للتعاون في مقدمتها الصحة والعلوم والتكنولوجيا، فضلا عن تطوير التعاون مع قطر في مجالي الإنشاءات والطاقة خاصة النفط والغاز المسال. ونوه بمساهمة شركات كورية في مشاريع البنية التحتية بالدوحة المتعلقة باستضافة كأس العالم 2022.
وقال ان كوريا تضع مهاراتها التقنية المتراكمة في مجال انشاء المدن وشبكات الطرق السريعة تحت تصرف قطر.
وأبدى الرئيس الكوري إعجابه الشديد بما حققته قطر من نجاحات داخلية تتمثل فيما تشهده الدوحة من تسارع في خطى النهضة الشاملة التي تعكسها الطفرة العمرانية المذهلة، كما لم يخف إعجابه الشديد تجاه خطط قطر المستقبلية، مؤكدا أن دولة قطر تقود جهوداً جبارة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما أشاد بالنجاحات التي حققتها الدبلوماسية القطرية على الصعيد العربي والاقليمي والدولي وقال ان المجتمع الدولي يدرك جيداً الدور الكبير الذي قامت به قطر تجاه الشعب الليبي، مؤكدا أن دولة قطر باتت تلعب دورا مهما في حل النزاعات وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
كما أشاد بحرص دولة قطر على التعاطي بإيجابية وبجهود وثابة مع المجتمع الدولي لتحقيق اهداف الالفية الانمائية ودعم برامج الامم المتحدة خاصة تلك المتعلقة بالمحافظة على البيئة، وأكد في هذا الاطار اهتمام كوريا الجنوبية باستضافة دولة قطر للقمة العالمية للمناخ لمواجهة أزمات الطاقة والاقتصاد والبيئة.. وفيما يلي نص الحوار..
***
◄ ما جدول أعمال لقاء القمة بين كوريا الجنوبية ودولة قطر؟ وما هي رؤيتكم يا فخامة الرئيس حول تعزيز العلاقات بين كوريا الجنوبية ودول منطقة الخليج، وعلى رأسها دولة قطر؟
► من المتوقع أن أجري خلال لقاء القمة مع حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مناقشات عميقة حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ومن بينها الطاقة والإنشاءات والتغيرات المناخية، فضلا عن النمو الأخضر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنني أود أن أناقش على نطاق واسع مجالات التعاون الجديد، مثل: الصحة والطب والعلوم والتكنولوجيا. وأعلم أن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها دولة قطر التي تبذل جهودا جبارة في تحقيق التنمية الوطنية بناء على رؤية قطر الوطنية لعام 2030. وبالتالي فإنني أثق بأن كوريا الجنوبية يمكن أن تصبح شريكا مهما لدول منطقة الخليج في هذه المجالات. وأعتقد أن دول منطقة الخليج يمكن أن تستفيد من التجارب والمهارات التقنية لكوريا الجنوبية التي حققت تنمية صناعية واجتماعية معا في وقت وجيز. كما أرى أن هناك مجالات واسعة جدا للتعاون الكوري القطري بشأن التنمية الخضراء لمواجهة حقبة ما بعد النفط.
تعاون وثيق
◄.يعد مجال الاقتصاد من بين المجالات المهمة ذات الاهتمام المشترك للجانبين الكوري والقطري، كما تعتبر كوريا الجنوبية شريكا استراتيجيا مهما لدولة قطر، حيث تجاوز حجم التجارة بينهما 20 مليار دولار في عام 2011. إذن ما هو رأيكم في مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟ وما هي سبل تفعيل التبادل التجاري بين كوريا الجنوبية ودول منطقة الخليج؟
► تعاونت كوريا الجنوبية ودولة قطر بشكل وثيق في مجالي الإنشاءات والطاقة، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي المسال. وأرى أن الجانبين سيحققان مزيدا من التعاون الثنائي في هذه المجالات مع تطوير التعاون الثنائي في مجالات أخرى، مثل: الطاقة الجديدة والمتجددة، والتعليم، والصحة والطب، والرياضة، والنمو الأخضر. وأعتقد أن دولة قطر وغيرها من دول منطقة الخليج كانت ولا تزال تسعى لتطوير العلاقات التعاونية الودية مع كوريا الجنوبية باهتمام وعزم كبيرين، ومن ثم فإنني أتوقع أن يتوسع نطاق التعاون المشترك في مختلف المجالات باستمرار.
تقدم مذهل
◄ تدفع دولة قطر عجلة التنمية الوطنية على كل المجالات. إذن ما هي التجارب المتعلقة بهذا المجال التي يمكن أن تقدمها كوريا الجنوبية إلى دولة قطر؟
► شهدت دولة قطر تقدماً كبيراً بسرعة مذهلة من بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشعر بالإعجاب تجاه خطط قطر المستقبلية، فضلا عن الإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة قطر في مجالي التنمية الاقتصادية والتنمية الوطنية. وفي حدود معرفتي، فإن دولة قطر تسعى لإنشاء البنية التحتية مثل الطرق والسكك الحديدية قبيل بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستستضيفها في عام 2022، مع بذل الجهود في تنمية المدن الجديدة بقوة. وأتمنى أن يحقق الجانبان تعاونا ثنائيا في هذه المجالات في المستقبل. وفي هذا الصدد، تمتلك الشركات الكورية خبرات كثيرة في هذه المجالات على المستويين الدولي والمحلي، حيث بدأت الشركات الكورية في عمليات بناء شبكات الطرق السريعة بنشاط منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي، وشاركت في العديد من عمليات البناء في دول العالم باستخدام مهاراتها التقنية المتراكمة عبر سنوات طويلة من العمل الدؤوب في هذا المجال، وهي تمتلك خبرات وفيرة في مجال السكك الحديدية، كما بنت كوريا الجنوبية 5 مدن جديدة في إطار مشروع بناء مليوني منزل في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وتبني حاليا 12 مدينة جديدة أخرى. وبالتالي فإن كوريا الجنوبية تمتلك خبرات كبيرة في مجال تطوير المدن الجديدة أيضا. وأتوقع أن نناقش هذه القضايا في لقاء القمة، كي تسهم تلك الخبرات الكورية الوفيرة في إثراء جهود قطر المبذولة من أجل التنمية الوطنية.
امدادات النفط
◄ كم هي نسبة الواردات من خام النفط الإيراني من بين إجمالي واردات كوريا الجنوبية من النفط؟ وما هي الإجراءات الوقائية التي ستتخذها كوريا الجنوبية عندما يفرض المجتمع الدولي عقوبات على إيران؟
► لا يمثل الخام الإيراني نسبة كبيرة من إجمالي واردات كوريا الجنوبية من النفط. وسنركز على توفير إمدادات نفطية مستقرة بالتعاون مع الحكومة القطرية عند الحاجة حسب تطورات هذه القضية. ومن المخطط أن أناقش في لقاء القمة سبل التعاون في هذا المجال.
◄ كيف تقيم الحكومة الكورية الجنوبية دور قطر في حل قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي؟
► تعتقد الحكومة الكورية أن دولة قطر تلعب دورا ملحوظا في حل النزاعات وتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومن بين أبرز الأمثلة على ذلك: حل أزمة ليبيا. ويدرك المجتمع الدولي جيدا هذا الدور الكبير الذي تقوم به دولة قطر. وفي هذا السياق أود أن أشيد إشادة كبيرة بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، متمنيا أن تواصل دولة قطر جهودها البناءة من أجل تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.
مؤتمر المناخ
◄ تستضيف دولة قطر مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية في هذه السنة. إذن ما هي فلسفتكم يا فخامة الرئيس في النمو الأخضر الذي تسعى كوريا الجنوبية لتحقيقه بقوة حاليا؟
► أود أن أتقدم بخالص التهاني باستضافة دولة قطر لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، متمنيا أن يُكلل هذا المؤتمر الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط لأول مرة، بالنجاح. وترغب كوريا الجنوبية في أن تتعاون بشكل فعال من أجل إنجاح استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر المهم.
وأشير إلى أن كوريا الجنوبية حققت نموا كميا متسارعا خلال الستين عاما الماضية، لتصبح ضمن أكبر 11 اقتصادا في العالم. لكنها تدرك حاليا ضرورة تغيير النموذج التنموي لتصبح ضمن الدول المتقدمة، متغلبة على الأزمات العالمية في الطاقة والاقتصاد والبيئة. وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة الكورية الجنوبية سياسة النمو الأخضر منخفض الكربون في عام 2008 كرؤية جديدة للستين عاما المقبلة. وبموجب هذه الرؤية، تسعى الحكومة الكورية الجنوبية لإرساء الأساس للتنمية المستدامة على المستوى المحلي، عن طريق وضع الأساس القانوني والنظامي واستثمار 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا لتنمية صناعات التقنيات الخضراء، وإطلاق مشروع تطوير الأنهار الأربعة لتحسين القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، وترويج نمط الحياة الخضراء.
من جهة أخرى، تبذل كوريا الجنوبية جهودا مستمرة لجعل موضوع النمو الأخضر أجندة رئيسية ثابتة في المنتديات التي تعقدها المنظمات الدولية المختلفة، مثل: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبرنامج ﺍﻷمﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ، وقمة مجموعة العشرين، ومؤتمر ريو 20+، وذلك من خلال لعب دور الوساطة الهادفة لتجاوز الصراعات بين الدول المتقدمة والدول النامية، كما تسعى في نفس الوقت لجعل معهد النمو الأخضر منظمة دولية ومركزا بحثيا ومؤسسة تعاونية عالمية، من أجل نشر ثقافة النمو الأخضر. والجدير بالذكر أن كوريا سترسخ نظام النمو الأخضر بدءا من هذه السنة، كي تحقق هدفها بأن تصبح ضمن أكبر سبع دول خضراء على مستوى العالم بحلول عام 2020.
وأعتقد أن النمو الأخضر طريق صعب يتطلب تنفيذ مختلف التغييرات في نمط الحياة القائم حاليا، مثل تخفيض غازات الاحتباس الحراري، وتوفير الطاقة. لكنه طريق يجب أن نسلكه من جهة، ومن جهة أخرى هو مهمة ملقاة على عاتق كل دول العالم يجب أن تقوم بها خلال أكثر من 100 سنة. وأظن أننا من الضروري أن نسهم في مواجهة التغيرات المناخية ودعم الدول النامية فضلا عن خلق حضارات جديدة معا لتحقيق “النمو الأخضر للجميع”. وأتمنى أن تعطي دولة قطر اهتماما كبيرا لهذه الجهود.
الامن النووي
◄ تستضيف كوريا الجنوبية الدورة الثانية لمؤتمر قمة الأمن النووي في مارس القادم. إذن ما هو جدول الأعمال الرئيسي للمؤتمر؟ وما هي الأهداف التي تتطلع كوريا الجنوبية لتحقيقها من هذا المؤتمر كدولة مستضيفة له؟
► يهدف مؤتمر قمة الأمن النووي إلى بناء عالم سلمي خالٍ من خطر الإرهاب النووي في نهاية المطاف، والالتزام بإدارة المواد النووية بشكل سليم، وتقليلها خلال خطوات تحقيق هذا الهدف. ومن المتوقع أن يتم في مؤتمر سيول للأمن النووي الذي سيعقد يومي 26 و27 من مارس القادم، تقييم حالة الالتزام بالتعهدات الموقعة في مؤتمر قمة الأمن النووي الأول الذي عقد في واشنطن في عام 2010، وإجراء مناقشات حول التدابير التفصيلية لتعزيز الأمن النووي. كما يتوقع أن يتم إجراء مناقشات إضافية حول العلاقة المتبادلة بين الأمن النووي وسلامة الطاقة النووية، وتعزيز إجراءات حماية المواد المشعة، وذلك في إطار حالة الاهتمام المتزايد بسلامة الطاقة النووية بعد حادث انفجار المفاعلات النووية في محطة فوكوشيما اليابانية.
وقد تم إحراز إنجازات عديدة حتى الآن منذ مؤتمر قمة الأمن النووي الأول في واشنطن، وعلى رأسها التصديق على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالأمن النووي وتقليل المواد النووية إلى أدنى درجة، وتأسيس مركز لتعليم وتدريب الأمن النووي، وزيادة المساهمة في صندوق الأمن النووي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي هذا الإطار، صادقت 17 دولة، من بينها دول لم تشارك في المؤتمر، على اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية التي تم تعديلها، كما صادقت 12 دولة على المبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي، وتمضي كل الدول المعنية قدما نحو تأسيس 12 مركزا لتدريب الأمن النووي منذ مؤتمر واشنطن الذي عقد في أبريل من عام 2010.
وفي هذا الصدد، سيتم في مؤتمر سيول: اولا عرض الخطط التفصيلية لتقليل المواد النووية، والتي ستلتزم بها كل دولة من الدول الأعضاء بحلول عام 2014، وهو العام الذي سيعقد فيه مؤتمر قمة الأمن النووي الثالث. كما سيتم: ثانيا توجيه الدعوة لكل دولة معنية من أجل اتخاذ إجراءات للتصديق على اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية المطلوبة، لبدء سريان مفعول الاتفاقية بحلول عام 2014.