مقالات

ماذا بقي في «السلطة»؟

في كل يوم يصحو الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره، على ” فضيحة ” مجلجلة، أبطالها أطراف في ما تسمى بـ ” السلطة الوطنية الفلسطينية “، فلا يكاد يمر يوم، إلا ونسمع عن فساد أخلاقي أبطاله مسؤولون في السلطة، أو فساد مالي متجذر ومتغلغل في أركان السلطة منذ سنوات، دون مكافحة لهذا الفساد أو تطهير لأركانه، والسبب أن الغالبية من قادة السلطة مشارك فيه.

ثم جاءت ” فضيحة ” اتهام أطراف كان منهم مسؤولان في أجهزة السلطة بالتآمر والتعاون مع الموساد الإسرائيلي لاغتيال الشهيد محمود المبحوح أحد قادة حماس في مدينة دبي الشهر الماضي.. ليس بالأمر الجديد ذلك التعاون الأمني بين أجهزة السلطة ” الوطنية ” الفلسطينية وبين إسرائيل، فما شهدته الساحة الفلسطينية من اغتيالات للعديد من قادة المقاومة، كان للأسف عبر قيام أجهزة أمنية بالسلطة بإمداد اسرائيل بكافة المعلومات والبيانات، التي تمكِّن العدو من القيام بمهمته.. باغتيال قادة الفصائل بكل  سهولة ويسر.

لكن أن تتآمر شخصيات بالسلطة ـ ليس فقط على حماس ـ وتتعاون أمنياً مع إسرائيل من أجل تنفيذ مهام قذرة ضد أفراد من الشعب الفلسطيني، إنما في الوقت نفسه على سيادة دولة عربية، وهي دولة الإمارات العربية الشقيقة، التي طالما ساندت القضية الفلسطينية، ووقفت مع السلطة ودعمتها، فذاك هو الأمر المستغرب، فهل وصل الأمر بهذه العناصر إلى تفضيل إسرائيل على الدول العربية؟.

فضائح السلطة باتت تزكم لا أقول أنف الشعب الفلسطيني المقاوم والصابر بالداخل والخارج، إنما باتت تزكم أنوف كل الشعوب العربية، فلم يعد الأمر مقتصرا على جانب أو أفراد، أو حالة استثنائية، إنما بات الأمر يمارس علانية، وفي كل مرة بعد أن يطفح الكيل، يعلن ” الرئيس ” أنه سيجري تحقيقات ومساءلة كل من يشتبه بتورطهم في ملفات الفساد، وإذا بالأمر يمر دون حساب أو عقاب، بل يتم التكتم على كل ” فضيحة “، وكأن الشعب الفلسطيني ينقصه مثل هذه الفضائح، فالسلطة التي أتت لكي تحل مشاكل الشعب، باتت تنهب الشعب، وباتت تتآمر على الشعب، وباتت تسرق ما يمكن أن تسرقه، فماذا أبقت لإسرائيل ما دام من يسمون بحماة الشعب، هم من يقومون بهذه الأدوار القذرة؟.

المتعارف عليه أن حركات التحرر، والجهات التي تتولى العمل على تحرير شعبها، واستقلال بلادها، هي الأكثر حرصا على سيرتها، ونظافة يدها، ومصداقيتها.. وتوظيف إمكاناتها المادية والبشرية من أجل التحرير وبناء الدولة، إلا في حال السلطة الفلسطينية البعيدة كل البعد عن الوطنية، فإن الأمر مغاير تماماً، فغالبية مسؤولي هذه السلطة ـ إلا من رحم ربي ـ يحاول كل واحد منهم البحث عن أفضل طريقة للكسب غير المشروع، حتى وإن جاء ذلك على حساب الشعب المغلوب على أمره، والبحث عن كيفية ” حلب ” هذه السلطة، ولو كان ذلك عبر ” أجهزة ” إسرائيلية.

الفساد الذي ينخر اليوم في أركان السلطة الفلسطينية في كل مجال، وعلى كل صعيد، والفضائح التي تزكم الأنوف، والتآمر مع العدو لاستهداف قادة المقاومة، من مختلف الفصائل من الشعب الفلسطيني، يحمّل ليس فقط الشعب الفلسطيني مسؤولية اجتثاثه، إنما يحمل ـ قبل ذلك ـ الدول العربية..  بالعمل على محاسبة أركان السلطة، فالدعم الذي يلقاه أطراف في السلطة تحت مظلة دعم الشعب الفلسطيني، يجب أن يجد له رقابة، لأن الشعب الفلسطيني لا يصله الفتات، هذا إن وصله شيء أصلاً.

الدول العربية التي ترضى بما تصنعه السلطة الفلسطينية، وتغض الطرف عن الفساد الدائر فيها، والفضائح الخارجة منها، هي شريكة في الجريمة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، الذي لا يجد من يتوجه إليه، ولا من يشتكي له.

يا مسؤولي السلطة!! ابنوا دولتكم، وحرروا شعبكم، ثم اسرقوا ما شئتم، سيقبل الشعب ذلك، وسيتغاضى عن فسادكم، لكن قدموا ولو شيئاً بسيطاً للشعب الذي يعاني الأمرَّين، ويعاني من السلطتين، سلطة العدو المحتل، وقبلها سلطتكم.

ماذا قدمت السلطة للشعب الفلسطيني منذ مجيئها إلى الأراضي الفلسطينية، قبل نحو 20 عاماً سوى إعطاء شرعية رسمية لما يقوم به الاحتلال من تهويد، وتدمير، وتشريد، وسرقة الأراضي، وهدم للمنازل، ومزيد من الاستيطان؟.. يرافق ذلك حراسة رسمية للعدو!.

* مجرد وقفة:

من يتآمر مع اسرائيل على إبادة غزة وتدميرها، ويطلب من العدو أن يستمر في عدوانه ـ قبل أكثر من عام ـ على أهلنا في هذه المدينة الصامدة، وعدم إيقافه لحين استسلام المدافعين والمقاومين فيها، ليس مستغربً منه التآمر على قتل قائد هنا.. وقائد هناك.

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x