بين فترة وأخرى يتفاجأ المجتمع والرأي العام المحلي بقيام وزارات ومؤسسات وجهات مختلفة بدعوة شخصيات سجلها مليء بـ “الإساءات” لقطر ورجالاتها، وهو أمر في غاية الاستفزاز لمشاعر المواطنين.
وحتى تكون الصورة واضحة، ليس لدينا في قطر إشكالية مع أصحاب النقد البناء لأي توجه أو سياسة أو منهج معين، فالنقد مرحب به في جميع المستويات، طالما كان نقدا بناء وموضوعيا ومحترما، لكن ما نرفضه هو “الإساءات” و”البذاءات” و”الإسفاف” التي تتبناها بعض الشخصيات بدعوى “الحريات” و”حرية التعبير”، وهي براء من ذلك.
فلطالما استقبلت قطر ضيوفا لديهم وجهات نظر تختلف معها، وتحاورت مع الجميع دون تحفظ، بل أصبحت قطر منصة للحوار بين جميع الفرقاء في أوطان عربية مختلفة، فما بالكم بمن يختلفون معها في وجهات النظر في إطار من الاحترام والموضوعية والنقاش الحضاري.
إلا أن ما يؤسفنا أن هناك “رعاع” يقذفون قطر وقيادتها وشعبها بكل ما هو سيئ، وبكل ما هو بذيء، وبكل ما لا يليق خلقا وعرفا.. حتى في “جاهلية ” قريش، ثم نجد بعض الدوائر والأطراف تدعو هؤلاء، وتستضيفهم في ندوات وفعاليات ومشاركات ومهرجانات، وهو أمر يستفز الرأي العام بشكل كبير، ويدعو للاستغراب من دعوة هذه الشريحة “الهابطة”، وكأن العالم العربي قد خلا من الشرفاء والفرسان عند الاختلاف.
نعم تمت دعوة شخصيات أساءت لقطر في عدد من القطاعات، ولا أريد هنا الإشارة إليها، وتصدى لهذه الدعوات الإعلام بكل فئاته، وهنا أوجه الشكر والتقدير تحديدا لزملائي الإعلاميين في عالم “تويتر” تحديدا، الذين كان لهم دور إيجابي وفاعل ومنصف بعيدا عن بعض الأطراف “الغوغائية” في الدفاع عن المجتمع وقيمه وأخلاقياته وعاداته وتقاليده..
وحتى نضع النقاط على الحروف، فإننا لا نطعن أبدا في الإخوة الأفاضل، سواء في الوزارات أو المؤسسات التي أقدمت على دعوة بعض الشخصيات، التي لها مواقف مسيئة لدولة قطر، ونحسن الظن بهم، ولكن ظني أن الدعوات لتلك الشخصيات توجه من شركات علاقات عامة أجنبية أوكلت لها مهمة اختيار أو تنظيم أو الإشراف على هذا المؤتمر أو الفعالية أو المهرجان، دون أن تكون لها متابعة أو مراجعة لما قامت به، أو للشخصيات التي قامت باختيارها، وللأسف فإن الاختيار يتم دون النظر إلى سجل ومواقف هؤلاء، وفي كثير من الأحيان يتم تناقل قوائم بأسماء تلك الشخصيات من شركة علاقات عامة إلى أخرى، وبالتالي يتم توجيه الدعوات لتلك الشخصيات، ثم يتفاجأ صانع القرار في الوزارة أو المؤسسة أو المسؤول بأن قوائم المدعوين تتضمن هذه الشخصية، بعدما يكون الإعلام بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي قد كشف ذلك.
الأمر الآخر الذي أرجح أن يكون سببا في دعوة شخصيات “مسيئة” للحضور إلى قطر، هو أن بعض الفعاليات أو المهرجانات تسند مسؤولية الإشراف عليها لأشخاص ليس لديهم الإلمام الكافي بالقطاع نفسه، ولا دراية لهم بمواقف الشخصيات التي ستتم دعوتها، وفي أحيان كثيرة يطلب من أطراف أخرى ترشيح شخصيات لدعوة، فتدخل العلاقات الشخصية والمعارف والصداقات في الدعوات، دون النظر إلى مدى الاستفادة من تلك الشخصية في مثل هذه الأحداث، وما يمكن أن تضيفه إلى هذه الفعاليات المدعوة لأجلها، أو مواقفها من قطر.
لذلك من المهم على مختلف الجهات، حكومية كانت أو في القطاع الخاص، التدقيق جيدا في الشخصيات التي تتم دعوتها إلى الأحداث التي تستضيفها الدولة، أو تقام باستضافة من أطراف أخرى في القطاع الخاص، فمن غير المعقول أن يأتوا إلى البلد وهم يحملون اضغانا واحقادا تجاهه، بل البعض منهم لا يتورع أن يسيء إلى قطر وهو فيها، كما شاهدنا ذلك من قبل شخصية أرادت بموقف ممجوج إضحاك الجمهور عبر عبارات ساقطة.
قطر مواقفها تجاه قضايا أمتها مشرفة وترفع الرأس ويفتخر بها المواطن وكل الشرفاء، وبالتالي لا نريد أن “نلوث” هذه المواقف بدعوة شخصيات لا تمثل إضافة، وفوق ذلك لها مواقف “سيئة” ليس فقط تجاه قطر، بل حتى مواقفها سلبية و”سيئة ” تجاه قضايا الأمة.
إن هذه القضية تكررت أكثر من مرة من قبل جهات رسمية، وليس فقط أطراف في القطاع الخاص أو مراكز تدريبية، وهو ما ينبغي الالتفات إليه، والتأكد من الشخصيات التي تتم دعوتها.
نعم أكررها لسنا ضد من يختلف معنا في وجهات النظر، أو يوجه انتقادا موضوعيا لسياسة، أو أسلوب، أو منهج معين..، لا نعمل حجرا على هؤلاء، على العكس، فمثل هؤلاء الصادقين في انتقادهم، والمحترمين في الاختلاف معهم، يمكن أن يشكلوا إضافة، لكن أولئك الذين “يغرفون” من “مستنقع” مليء بـ “القذارة” و”الإسفاف” و”الانحطاط”، لا يمكن القبول أو الترحيب بهم.
إنني أتمنى من كل الجهات الحرص على اختيار الشخصيات التي يمكن أن تشكل إضافة حقيقية، عند الرغبة في توجيه الدعوات لحضور فعاليات أو أحداث في قطر، وألا تكون سياسة “هذا ما وجدنا عليه آباءنا” هي السائرة والمعتمدة عند توجيه الدعوات، فهناك من المدعوين من يشكلون عبئا على الجهة الداعية، دون أن يشكلوا إضافة، بمن فيهم — بالمناسبة — شخصيات إعلامية، الذين يدعى الكثير منهم لأحداث تقام دون أن يكون لهم دور إيجابي، بل إن البعض منهم ربما لم يعد يعمل في مؤسسات إعلامية، إنما يدعى ضمن “قوائم” مضت عليها سنوات، وتتناقل من جهة لأخرى.
نختلف مع آخرين نعم.. نسامح ونتجاوز عمن أخطأ في حقنا الشخصي نعم.. لكن لا نقبل من يسيء إلى وطننا أو قيادتنا أو رجالات هذا البلد، ثم يدعى ويستضاف وتفتح له الأبواب.
ولنا كلمة